مسلسل "كوفيد 25" أو كيف تساهم الدراما في انتشار فيروس كورونا !
مسلسل كوفيد 25 الحلقة 4 حيث بدأ تصوير مسلسلات رمضان قبل شهور قليلة من بداية شهر رمضان، وكنت أفترض أن الاستديوهات تعلمت درس رمضان الماضي، وأصبحت أكثر وعياً، واتخذت الإجراءات الإحترازية التي تضمن أمان فريق العمل، ولكن أخبار إصابة بعض النجوم بفيروس كورونا هدمت افتراضي، وخبر إصابة الفنان "سمير غانم" وزوجته الفنانة "دلال عبد العزيز" خلال الأيام الأخيرة لم يكن الأول بين الفنانين والمشاهير مؤخراً، وتدهور صحتهما أمر مؤسف ومُحزن، ويؤكد أن الفوضى والإهمال تسود صناعة الدراما، خاصة في ظل عمليات التصوير المُستمرة المُكثفة للمسلسلات والإعلانات والبرامج الرمضانية.
وقت غير مناسب للعرض!
في وقت الكوارث والحوادث الكُبرى تتوقف شركات الإنتاج الدرامي عن عرض الأفلام والمسلسلات التي تتعامل مع نفس الموضوعات، يحدث هذا في هوليوود مثلاً رغم أنها كيان إقتصادي كبير ويخسر كثيراً بسبب تلك القرارات، ولكن هذا أقل شيء تفعله مراعاة لجمهورها بشكل عام، وأهالي الضحايا بشكل خاص؛ وقد أجلت هوليوود إنتاج أفلام الكوارث بعد أحداث سبتمبر، وبعد الكارثة التي تسبب فيها إعصار كاترينا قبل 16 عاماً كما سنجد فى مسلسل كوفيد 25 الحلقة 5، وفي مناسبات أخرى مثل حوادث إطلاق النار داخل المدارس، وفي العام الماضي هاجم كثيرون صُناع فيلم أمريكي بعنوان "أغنية الطائر" Songbird، وهو دراما مغامرات ورومانسية، وتدور أحداثه في المستقبل القريب، وفي أجواء تتخيل استمرار وباء كورونا، وظهور نسخة متحورة من الفيروس تُسمى "كوفيد 24"، وإنصب الهجوم على أمرين؛ الأول كان مُطالبة الاتحاد النقابي الأمريكي لفناني الإذاعة والتليفزيون SAG-AFTRA أعضاءها بالإمتناع عن المشاركة في الفيلم؛ بسبب عدم توفر الإجراءات الإحترازية الكافية التي تحمي طاقم العمل من الإصابة بالفيروس، والأمر الثاني تمثل في الإستياء من صناعة دراما ترفيهية متشائمة عن الوباء في ذروة معاناة البشر في العالم من نفس الوباء.
سادية درامية!
اختيار الموضوعات التي تتناولها الدراما في وقت الأزمات والكوارث أمر تفرضه الكياسة واللياقة، وهذا لم يتوفر في مسلسل "كوفيد 25" بطولة "يوسف الشريف" وتأليف "إنجي علاء" وإخراج "أحمد نادر جلال"، وعرض المسلسل تزامن مع موجة جديدة شرسة لفيروس كورونا، والمسلسل تعرضه قنوات التلفزيون لجمهور مذعور من للفيروس، ويشاهده كثيرون فقدوا أفرادا من عائلاتهم وأحبائهم بسبب هذا الفيروس، والمسلسل يتناول في إطار خيالي ظهور نسخة متطورة من فيروس ينتقل للإنسان عن طريق النظر عام 2025، ويتسبب في تلف بعض خلايا المخ، ويدفع المُصاب إلى الانتحار! هل هناك تشاؤم وسادية درامية أكثر من هذا؟!
أوقفت شركة "سينرجي" تصوير مسلسل "الملك أحمس" لمراجعة تفاصيله التاريخية والفنية، وكان أولى بها تأجيل تصوير عرض مسلسل "كوفيد 25" إلى وقت ملائم، وكان التأجيل فرصة لصناع المسلسل لمراجعة الهُراء العِلمي الذي يًقدمه المسلسل في حلقاته الأولى، ومنحه قدر أكبر من المصداقية الدرامية والفنية.
كما هى عادة "يوسف الشريف" في السنوات الأخيرة تكون فكرة العمل التي يتم الترويج لها جذابة من الظاهر، ولكنه لا يُخلص للفكرة ويستخف بها، ويتمتع بأريحية شديدة للوقوف أمام الكامير بملامح جامدة وسرد معلومات جادة وخطيرة (يُفترض أنها علمية) على المشاهد، وتكون النتيجة عملا دراميا ضعيفا وساذجا مليئا بالتفاصيل غير المنطقية، ولا يعتمد على أى أسس علمية متماسكة، ولا يتذكره أحد بعد إنتهاء حلقاته، لأنه يخلو من عوامل البقاء والإستمرارية، وهو لا يقل رداءة عن كثير من الأعمال الإستهلاكية الأخرى حتى لو روج العمل لنفسه على أساس الإختلاف عن السائد.
مسلسل ضد اللقاح!
ولأن أعمال "يوسف الشريف" بها هوس بنظرية المؤامرة، وهو يعرضها بصورة ساذجة وبلا أي أدلة درامية، وصل الأمر حد تشكيك أحد شخصيات العمل في فكرة اللقاح الذي يتلقاه الناس الآن، ووصفه الممثل الأجنبي الذي يجسد دور مسؤول في منظمة أجنبية بالخدعة التي تقف وراءها شركات أدوية ترغب في الربح، وأن الأمر لم يكن يحتاج أكثر من غسل اليدين وإرتداء الكمامة على حد قوله، وهو يتحدث بصيغة الماضي على ما يحدث الآن، ولنا أن نتخيل تأثير مثل هذا الكلام على الجمهور الذي يتردد بعضه في تلقي اللقاح، ولا أدري كيف تم تمرير عمل درامي يًشجع الناس على عدم التطعيم؛ لأن اللقاح مؤامرة صنعتها شركات الأدوية، وأن هذه الشركات مستمرة في صنع لقاحات لأغراض مشبوهة، وفي مشهد تتحدث شخصية عن إختراع لقاح لفيروس لم يوجد بعد، وهو أمر يساهم في ترسيخ فكرة قيام مؤسسات عالمية بنشر فيروس من أجل بيع لقاح، وهو كلام لا يليق إلا بصفحات السوشيال ميديا التي تُروج لنظريات المؤامرة الساذجة، وبلا منطق أو دليل يؤيد إدعاءاتهم، والتشكيك في المؤسسات الطبية سواء المحلية أو العالمية في ظل وباء عالمي أمر لا يجب السكوت عليه، خاصة أنه يحكي ما حدث على أساس أنها وقائع.
يحرص "رامز جلال" وفريق برنامج "رامز عقله طار" للمقالب على ارتداء الضيف سترة أمان منذ اللحظة الأولى لوصوله إلى الملاهي التي تدور فيها أحداث المقلب، ولكن لا أحد يحرص على ارتداء كمامة، ونفس الأمر يحدث في المسلسلات التي تضم مشاهد يتلاحم فيها الممثلون، وتتزاحم مجاميع التصوير، ولا نعرف في الحقيقة ما هى إجراءات الأمان الإحترازية التي تحمي فرق التصوير والتمثيل والمقالب من الفيروس، ولا نعرف وسائل الوقاية من دراما الخيال العلمي والرسائل السلبية والتشاؤم التي يُقدمها "يوسف الشريف".