حينما تفوق أطفال دراما رمضان 2021 على بعض أبطال المسلسلات !
لا تمنح الدراما العربية مساحة كبيرة للأطفال، وعلى الأغلب لا يتذكر أحد أدوار ومشاهد للأطفال الذين ظهروا في أعمال درامية خلال السنوات الماضية، ووسائل إختيار الطفل الممثل لا تخرج عن أمورة بعيدة عن الموهبة الحقيقية، كأن يكون الطفل قريبًا للمخرج أو البطل، أو لأنه لطيف وجريء وقادر على مواجهة الكاميرا؛ ولهذا يكبر الممثل الطفل ولا تكبر موهبته، ومثال هذا الطفلة "منة عرفة" التي لم تتطور بعد نجاحها في مسلسل "السندريلا" وفيلم "مطب صناعي" ومسلسل "راجل و6 ستات"؛ فظهورها بدأ كطفلة لا تمثل تقريباً، وعدم تنمية موهبتها وقدراتها التمثيلية جعل رد فعل الجمهور سلبياً على إعلان أخير قدمته في رمضان؛ فهى في الإعلان تفتقد الكاريزما والأداء ومزعجة تماما!
هل تكفي العفوية والتلقائية؟
حقق إعلان "شريهان" نجاحاً كبيراً وكانت عودة لها بعد غياب طويل، وتواكباً مع هذا الإعلان إنتشر على اليوتيوب ومقاطع التواصل الإجتماعي مقاطع من مسلسل نادر بعنوان "المعجزة"، وقد عُرض في عام 1973، كان بطولة "شريهان" وهى في سن التاسعة، وشاركها البطولة "عمر الحريري" و"صلاح السعدني" و"يونس شلبي"، وبالإضافة لجرأتها أمام الكاميرا وتلقائيتها الطفولية أمام كبار الممثلين هناك لمحات واضحة من الموهبة والقدرة على الأداء شكلت شخصيتها الفنية لاحقاً.
دراما رمضان هذا العام قدمت العديد من الأطفال في المسلسلات، منهم الطفلة "ريم عبد القادر" في شخصية "تيتو" وهى طفلة تعاني من مرض (ADHD) ومن أعراضه نقص الانتباه مع فرط النشاط، وتمكن المخرج "كريم الشناوي" من إدارة الطفلة بنجاح في مشاهد عاطفية صعبة تتطلب التعبير عن التشتت والغضب والحزن والجدل العنيف مع الكبار، خاصة مع والديها، ومع زميلتها المتنمرة في الفصل "ساندي-ريما مصطفى"، وهى ممثلة طفلة أخرى أدت بصورة متوازنة شخصية طفلة عدائية ومستفزة، وعبرت عن صورة لإنعكاس طباع وسلوكيات الأهل على الطفل.
موهبة "تيتو" وزملائها!
شخصية "تيتو" في المسلسل تسير في خط متواز مع شخصية "زيزي" التي تُجسدها "أمينة خليل"؛ فكل منهما يُعاني من نفس المرض، وقيام "زيزي" بمساعدة الطفلة داخل الفصل على التركيز خلق بينهما نوع من الصداقة والتفاهم، وخلال مرحلة العبور من منطقة التشتت إلى التركيز حدثت مواجهات بين كل منهما وبين من حولها، وهنا يبرز مشهد مواجهة الطفلة مع والديها؛ والتي عبرت فيه عن إستيائها من عدم الإنصات لها، وعدم السعى لتحقيق رغباتها.
قدمت "ريم عبد القادر" عدد من الأدوار الصغيرة والإعلانات، وكان أبرزها دور الطفلة الشبح "شيراز" في مسلسل "ما وراء الطبيعة" الذي عرضته شبكة "نتفليكس" في نوفمبر العام الماضي، وتُقدم "ريما مصطفى" دور طفلة فلاحة في مسلسل "كل ما نفترق" الذي تقوم ببطولته "ريهام حجاج"، وهى مفارقة درامية؛ لأنها في مسلسل "خلي بالك من زيزي" كانت تتنمر بزميلتها وتصفها بالـ"الفلاحة".
الأداء المُلفت والقوي لبعض الممثلين الأطفال يحتاج الدعم والصقل للإنتقال من مرحلة التعبيرات التلقائية والكاريزما الشخصية للوصول إلى مرحلة الإحتراف، وربما أكثر ما لفت النظر هذا العام في أداء بعض الممثلين الصغار تفوقهم في بعض المشاهد على نجوم احتلوا بطولة بعض المسلسلات، وافتقدوا القدرة على التعبير المُقنع عن المشاعر والإنفعالات.
أحسن ابن وأحسن أب!
هناك نموذج أخر لتفوق الممثل الطفل، وجسدها الممثل "كريم حسين" في مسلسل "أحسن أب"، وقدم فيه دور "زيكا" وهو طفل متسول يعمل لدى "الكوتش-أحمد فتحي" وهو زعيم عصابة من الأطفال المتسولين، وتنشأ علاقة بين "زيكا" واللص "مختار-على ربيع" أثناء إدعائهما أن أب وإبنه داخل مسابقة تليفزيونية، ويبرز أداء الطفل وإجتهاده في تقمص شخصية الطفل المتشرد سليط اللسان في مقابل إستخفاف "على ربيع" المُعتاد في تجسيد شخصياته؛ فهو لا يخرج عن إطار كوميديا الهزار اللفظية بدون إضافات في الأداء للشخصية التي تظهر سطحية للعاية، وهذا منح شخصية الطفل المتسول مساحة أكبر للظهور والتعبير المتنوع والمتناقض؛ خاصة أنه يقدم شخصية المتسول المسكين الذي يثير تعاطف المارة في الشوارع، وعلى العكس نرى شخصيته بعيداً عن ممارسة التسول تُعبر عن طفل متمرد وعدائي عاش حياته في الشوارع، وتشرب لغة السوقة وردود أفعالهم.
نماذج أُخرى مُبشرة!
هناك نماذج أخرى للظهور المميز للأطفال في الدراما الرمضانية؛ بعضهم أصبح تريند على السوشيال ميديا بسبب مشهد أو مشهدين، ومنهم الطفلة "كارما موسى" في مسلسل "ملوك الجدعنة"، وهى إبنة المخرج "أحمد خالد موسى" وقدمت مشهد صعب ومؤلم وهو عملية تغسيلها وتكفينها بعد وفاة شخصيتها بالمسلسل، ومنهم من قدم أداء مُعبر عن شخصيات صعبة مثل "معتز هشام" في "القاهرة كابول"، ويُجسد دور "عبد الله" إبن "الشيخ رمزي-طارق لطفي"، وسبق لمعتز تقديم تقديم أدوار صغيرة ملفتة في مسلسلى "ممالك النار" و"أبو عمر المصري"، والطفل "منذر مهران" الذي جسد شخصية "محمد رمضان" طفلاً في مسلسل "موسى"، ، و"هنا زهران" في مسلسلى "قصر النيل" و"أحسن أب"، وهناك أيضاً الطفلة "تالين ابو رجيلي" التي جسدت دور طفلة متسولة في المسلسل اللبناني "للموت"، وبالاضافة إلى اللوك الذي غير ملامحها البريئة برعت في أداء الشخصية السوقية التي تعيش في الشارع.
هناك نماذج مبشرة أخرى ظهرت في أعمال أخرى، وأتمنى أن يكونوا إضافة حقيقية للسينما والتليفزيون خلال السنوات القادمة ولا نتمنى أن تكون طلتهم مزعجة وهم شباب.