الكوميديا الرمضانية تترنح و"الكبير أوي" يُحاول استعادة جمهوره الكبير!
تعاني الاعمال الكوميدية في رمضان من فقر في النص وإرتباك في بناء الحبكة الدرامية، وآفة الدراما الكوميدية مع إختلاف النجوم والكتاب والمخرجين هى إعلاء قيمة النكتة على الحبكة، والإكتفاء بالافيه المضحك والكاراكتر الهزلي، على أساس أن المُشاهد لا يحتاج إلا للضحك والدراما وتفاصيلها مُجرد شكليات، وهذه الجريمة يرتكبها بعض صُناع الكوميديا الذين لا يتعظون من قصر عُمر التجارب الكوميدية الضحلة السابقة، ولهم في فشل أغلب الأعمال التليفزيونية التي قدمها نجوم مسرح مصر على مدار السنوات السابقة؛ وغيابهم هذا العام دليل على أنهم كانوا ظاهرة لم تسعى للتجديد والتطوير فلم تعد مطلوبة.
اجتهادات كوميدية!
هناك عدد من الأعمال التي تُحاول تقديم كوميديا لطيفة دون صخب، وربما ظلمها كثافة المسلسلات المعروضة في رمضان، ومنها مسلسل "مكتوب عليا" تأليف "إيهاب بليبل" واخراج "خالد الحلفاوي"، وبطولة "أكرم حسني" و"آيتن عامر" و"هنادي مهنا"، والعمل فانتازيا كوميدية عن مدرس موسيقي يتصف بالسذاجة، ويستيقظ كل يوم ليجد كلمات مكتوبة على يده، وهى إشارات لأُمور تحدث في نفس اليوم، ويتسبب هذا في كثير من المفارقات المُضحكة، ورغم تكرار المواقف الملتبسة التي يقع فيها البطل، لكن المسلسل بدأ يسير في طريق حبكة واضحة بعد عدد من الحلقات المرتبكة التي تشبه بعضها، ويبرز في المسلسل أداء "إسماعيل فرغلي" خفيف الظل في دور الأب الذي يُعامل ابنه بتنمر غير مبرر، وأيضاً "أكرم حسني" الذي خفف كثيراً من المبالغة في الأداء والقاء الافيهات.
من مفاجآت الكوميديا هذا العام مسلسل "عودة الأب الضال"، وهو مفاجأة مؤسفة؛ لأنه عمل كوميدي متواضع في كل شىء، على مستوى الكتابة والاخراج، والعمل عن أب على وشك الافلاس يبحث عن أبنائه الذين هجرهم وعاش كل منهم في بيئة مختلفة، ورغم جاذبية الفكرة لكن المواقف والحبكة لم تكن جذابة، ولم ينجح في إنقاذ العمل بطله الممثل "بيومي فؤاد"، ومن المفارقات أن "بيومي فؤاد" يقدم دور متميز للغاية في مسلسل "المشوار"، وكانت مشاهده في مسلسل "الكبير أوي" أكثر مرحاً وإضحاكاً من حلقات مسلسل "عودة الاب الضال" حتى الآن.
عودة الكبير أوي!
بعد خمسة مواسم من المسلسل الكوميدي "الكبير أوي" بدا أن المسلسل استنفذ كل أفكار وحكايات قرية المزاريطة الخيالية، وعُمدتها "الكبير" وباقي الشخصيات الكاريكاتورية المُحيطة به، وتوقف المسلسل عن إنتاج مواسم جديدة عام 2015، ومع مرور السنوات وظهور أبطال جدد للكوميديا ظن البعض أن "الكبير أوي" أصبح ذكري عمل كوميدي ناجح ترك بصمة في تاريخ الكوميديا التليفزيونية، ولكنه عاد هذا العام بموسم جديد، وحقق نجاحاً فاق ربما توقعات فريق العمل نفسه.
مؤكد أن تاريخ المسلسل وقدرته على تجديد الكوميديا ساهم في تسهيل مهمة عودة المسلسل والإقبال على مُشاهدته، ولكن الأمر الأهم هو أن العمل عاد لصوابه بعد مواسمه الأخيرة التي كانت مُخيبة للأمال، وعاد للحكايات الطريفة داخل دوار العمدة، بإستثناء حلقات لعبة السبيط التي كانت مُحاكاة لمسلسل كوري شهير، والفكرة على المستوى الكوميدي لا بأس بها، ولكن توقيتها كسر حالة المسلسل الذي كان يُعيد بناء عالم "الكبير أوي" منذ حلقاته الأولى، وأسس لتطورات جديدة داخل عائلة العمدة؛ وأهمها علاقته بولديه، وظهور عمته المخيفة الكبيرة فحت "سماء إبراهيم" لتُعيد تنظيم حياته العملية، وزيجته الثانية من القروية الصاخبة مُتعددة المهام مربوحة "رحمة أحمد"، وهذه الخيوط الدرامية الثلاثة كانت طازجة وتحتمل كثير من الحلقات كى تتعمق في تطوير علاقات الشخصيات، ولكن ما حدث أن الشخصيات الجديدة كانت تتصدر المشهد ثم تتراجع سريعاً لتترك مكانها لشخصية أخرى وهكذا، وكأن المسلسل في سباق لتقديم الشخصيات الجديدة: "العترة" و"جوني الصغير" و"الكبيرة فحت" و"مربوحة" و"نفادي" وغيرهم من الشخصيات التي أضافت حالة من المرح والحيوية الدرامية، أحياناً بمجرد ظهورها وترديد لزماتها المُضحكة، وأحياناً بتحريكها للأحداث.
هل يحافظ أحمد مكي على النجاح؟
هناك خوف درامي مشروع من إصابة الجمهور بالملل، أو فشل شخصية من الشخصيات في تحقيق الكوميديا، ولهذا لا يتوقف مسلسل "الكبير أوي" كثيراً عند تاريخ الشخصيات الجديدة والذى يصلح كل منها لحكاية مُنفصلة كما يحدث في حالة "حزلقوم" مثلاً، حيث خصص المسلسل خط درامي للبحث عن أم ولده المجهولة وما يُصاحب ذلك من مواقف طريفة تروي ماضي الشخصية خلال السنوات التى غاب فيها عن الأحداث، وهناك أيضاً علاقة الكبير بعمته، وهى لم تأخذ مساحة كبيرة، وربما كان ذلك مقبولاُ في إطار أنها شخصية جائت لتصدم الكبير وتعيده إلي الإهتمام بعمله كعمدة، وربما يعود المسلسل لهذا الخط لاحقاً.
اختصار مرحلة علاقة الكبير بزوجته الجديدة من ناحية التمهيد لم يكن موفقاً تماماً؛ فقد جعل حدث هام مثل زواج الكبير سريعاً، رغم أنه وأبنائه لا يطيقونها، وبدلاً من إستخدام وسائل أكثر واقعية لجعل عائلة الكبير تتقبل زوجة الأب تم إستخدام فكرة المسابقة المُميتة في لعبة الحبار لتظهر معادن الشخصيات الحقيقية، وحلقات اللعبة رغم ما بها من مساحات لإلقاء النكات والافيهات، لكنها أضعفت كثيراً المسار الدرامي للبداية الناجحة للعمل، ولنتخيل فقط حذف كل حلقات لعبة الحبار، وسنجد أن العمل لن يفتقد الكثير درامياً، وسيفسح مجالاً أكبر لتطور علاقة "مربوحة" بعائلة الكبير بخيوط درامية من تفاصيل واقع الحياة في قرية المزاريطة.
دخول "أحمد مكي" وفريق كتابة وتنفيذ "الكبير أوي" نجح في تجديد دماء الكوميديا، وحتى الآن نجح العمل في جذب المُشاهد لمتابعته، وهو يتقدم كثيراً على باقي الأعمال الكوميدية التى تُحاول اللهاث للحفاظ على لياقتها الكوميدية بعد أن انتصف شهر رمضان، ولا زال الطريق الدرمي طويل أمامها.
الصور من الحسابات الرسمية للنجوم والفيديوهات المرفقة