11 ملاحظة على مسلسل "حلاوة الدنيا"..صناعة البهجة على سرير المرض!
من الأسبوع الأول لشهر رمضان 2017 حجز مسلسل "حلاوة الدنيا" لهند صبري وظافر العابدين موقعا متقدما في تفضيلات المشاهدة لدى الجمهور العربي، فنحن أمام توليفة مثالية "أبطال مرضى لديهم مأساة حقيقية، حدوتة رومانسية، وأيضا قفشات مرحة ومواقف كوميدية"، والحقيقة أن صناع العمل كانوا على قدر المسؤلية وقدموا بالفعل حلقات غير تقليدية، وإن كانت القصة الأساسية مأخذوة عن مسلسل مكسيكي لكن تم تمصيرها ببراعة على يد المؤلفتين إنجي القاسم وسماء عبد الخالص والإخراج لحسين المنباوي.. فهل استمر مستوى الدراما على نفي الوتيرة بين أمينة الشماع وسليم محجوب؟
1- المسلسل كانت بدايته قوية جدا، من خلال حوار واقعي بين الأبطال، ولم يعتمد تيمة المط والتطويل، أحداثه سريعة، والشخصيات في أغلبها مرسومة بعناية شديدة.
2- هند صبري للمرة الأولى تقريبا تحقق من خلال مسلسل تليفزيوني هذا التلامس مع الجمهور، وتقدم شخصية إنسانية جدا تحقق شعبية كبيرة، حيث أن تجاربها السابقة في التليفزيون لم تكن على هذا القدر من التكامل، وإن كانت ناجحة.
3- رغم أن المسلسل يتحدث بصفة أساسية عن مرض السرطان وتداعياته على حياة الأشخاص، ولكنه أبدا لم يغرق في ميلودرامية مزعجة وتقليدية، واعتمد على الجانب المبهج من القصة وكيفية تجاوز محنة المرض، مع بث الأمل في الشفاء عن طريق دعم المحبين، بخلاف الجرأة بالاقتراب من هذا العالم، خصوصا وأن الأمر كان مغامرة بالطبع فالجمهور يهرب من سيرة هذا المرض، ومع ذلك كان هناك شغفا بالمتابعة.
4- تعتبر شخصية رجاء الجداوي "الجدة" من أكثر الشخصيات التي تم الاعتناء بتفاصيلها بدقة، وهي فاكهة الحلقات ونشاهد رجاء الجداوي لمرة نادرة بدور طبيعي تماما وحقيقي وتلقائي، أضاف لها كثيرا برغم من باعها الطويل في التمثيل.
5- على العكس جاءت شخصية أحمد حاتم "حسن" فقيرة للغاية وغير مقنعة، وتاريخها غير مفهوم، وتطورات الشخصية غامضة، ففجأة يكون رومانسي وفجأة يصبح عصبيا ومستغلا لمشاكلات عائلة حبيبته "عاليا" وكل هذا دون أن أي تمهيد، ومن جهته أحمد حاتم أخفق أكثر من مرة في إيصال مغزى دوره للجمهور، ولم يضبط انفعالاته، فظهر الدور مشوشا، ورغم الانتقادات ليلمى أبو ظيف في دور عاليا إلا أنها بدت شخصيتها مفهومة بصورة أكبر.
6- أما حنان مطاوع فهي كالعادة تقدم أداءا متقنا من خلال دور سارة صديقة أمينة، ومشاهدها بالعمل ثرية للغاية، ونفس الأمر بالنسبة لظافر العابدين الذي جاء تسكينه في الدور ملائما جدا، وهو بدوره كان على قدر المسؤولية.
7- المشاهد الرومانسية بين البطلين في العمل جاءت مغايرة أيضا وغير مصطنعة فالبطلين لا يطيران فوق السحاب ولا يعيشان الوهم، ولكنهما واقعيين جدا، حتى حينما ينشأ خلاف بينهما لا تغرق أمينة في أحزانها وتنهار وهو أمر طبيعي حيث استأنفت حياتها سريعا، لأنها خاضت تجارب قاسية كثيرا.
8- المفاجأة أن كل إيجابيات المسلسل توقف معظمها عند الحلقة العشرين بينما يغرق الثلث الأخير من العمل الجماهيري في حوادث غير منطقية ومتسرعة، وكأن هناك من يجري وراء الممثلين، فقد تم "سلق" مشهد الزفاف سريعا، ولم يتم الاهتمام بأن يخرج مبهرا كما هو متوقع خصوصا بعد مشهد الاعتراف بالحب الذي ظل حديث الناس لوقت طويل.
9- نفس الشيئ بالنسبة لمشاهد اجراء سليم لعمليته الجراحية، ففجأة وجدناه يتعافي رغم أنها جراحة خطيرة جدا، ووجدنا رأسه أصلعا بدون أي أثار للجراحة الدقيقة التي تخلف ندوبا بالطبع، ثم سريعا تخلص من أثار المرض دون تعتعة في الكلام وأصبح يحرك ذراعه، كل هذا في إطار زمني ضيق جدا وغير متناسب مع طبيعة جراحته.. سليم أيضا كان أصلع الرأس بحكم العملية وفجأة استرد شعره كاملا، فيما لازالت أمينة تعتمد الباروكة منذ شهور، ولم ينبت حتى شعرها ولو قصيرا، وكان يمكن الاهتمام بتلك التفصيلة أو حتى الاشارة لها في الحوار كأنها مثلا تفضل الباروكة حتى يصبح شعرها أكثر طولا.
10- منذ الحلقة الـ20 والمشاهد أصبح وكأنه أمام عمل أخر، وهي سقطة كبيرة وقع فيها فريق كتابة النص، حيث تم التخلي بشكل شبه كامل عن الخط الرئيسي للدراما، وهو "المرض" والتعايش معه، وتأثيره على حياة أصحابه، وتغلبهم عليه، ودخلنا في قصة اجتماعية تقلديية حول زوجين محبين يسعيان للإنجاب وتفاجئ الزوجة بأن شريكها لديها ابن سري وينشأ صراع جديد تماما مغرق في تفاصيله، وبالطبع أزمة الإنجاب متعلقة بالأساس بمرض أمينة الأول، ولكن الربط هنا لم يعد قويا ولا متماكسا مثلما كان.
11- بشكل عام يعتبر مسلسل "حلاوة الدنيا" مسلسلا عائليا بامتياز، ومصنوع بضمير، وكان بحاجة بالفعل لأن يكون فريق كتابته نسائيا، فهذا أمر أفاد التفاصيل كثيرا، ويتميز العمل كذلك بنقطة أساسية هي أنه غير مفتعل بالمرة وحوادثه تشبه ما يجري حولنا وكذلك الحوار التلقائي الذي يعتبر من أكثر نقاط المسلسل قوة، وبالتالي ليس من السهل أبدا أن يمل المشاهد منه مهما تعددت مرات عرضه.