عمر الشريف.. كل هذه الأخطاء.. كل هذه المحبة
لعبة الوقار الزائف لاتليق بعمر الشريف، الرجل ذو هيبة مخيفة، لاتفارقه حتى وهو يبتسم وتظهر سنتاه المتباعدتان، لكن شتان مابين الهيبة والتمسح بها، شتان مابين الكبير الحقيقي، والمتكبر الضئيل من الداخل..عمر الشريف بكل تهوره وخطاياه هو الأكثر صدقا ورهافة وإنسانية وجمالا.. كان وسيظل هكذا، فتلك الأشياء لا تنمحي بالموت.. ذكرى الوفاة الثانية مجرد مناسبة لاستدعاء بعض من بريق الحضور الطاغي.
لو لم يكن عمر الشريف ممثلا، كان سيصبح نجما أيضا، أيا ما كان مجال عمله، سيكون مضيئا فيه، هو هكذا تتبعه علامات التفرد، حتى لو كان يصنع كل ما يصنعه الناس وبنفس طريقتهم، فلديه ذلك الطابع الفطري الذي يضفي على شخصيته هالة وتوهجا خاصا.
في جميع مراحل عمره كان لامعا، طفلا مشاغبا في المدرسة شابا متهورا، وشيخا عجوزا أشيب الشعر يخطف النور من كل من يسير بجواره.. سواء كان صامتا أو عصبيا يضرب رأسه بيده من شدة التوتر، أو هو يسب فيلما شارك فيه بملئ إرادته ثم لم يعجبه، أو هو يقول رأيه الصريح الجارح في أحد المشاهير، أو هو يقامر بكل ما لديه، أو وهو يكاد يبكي امتنانا لصديق أو رقيقا أو وهو يدلل كل كائن حي يراه أمامه ويعامله بلطف لا ينتهي.. عمر الشريف، فقط لم يكن يداري شيئا، لم يخطط لأن يكون نجما عالميا، ولم يكن لديه موهبة تمثيلية فذة، وخارقة، ولكنه كان يعرف كيف يجتهد أمام الشاشة، ثم في الكواليس يتصرف بطبيعته ويعيش حياته طولا وعرضا هنا وهناك، بقيمة أساسية هي ألا يخذع أحدا وأولهم الجمهور، خسر ما خسر ولكنه ظل كبيرا تماما تماما.
عمرو الشريف الذي من غير المنصف أن نسرد أهمية وجوده في تاريخ السينما المصرية والعالمية في سطور، عاني مرارا من حصره في مجرد زوج فاتن حمامة السابق، أو الرجل الذي لم يعترف إلا بفاتن حمامة كحب وحيد في دنيته برغم تعدد علاقاته النسائية، هذه الصفة كانت تعجب قطاعا من الجمهور وأيضا أهل الإعلام، تبدو مشوقة وحارة وتصلح دوما للعناوين الرنانة، لم يكن يراوغ كان يقول حقيقة ما يشعر به فعلا وبعفوية، هو هنا أيضا لم يخسر، بل الخاسرون هم من ضيعوا ساعات حوارية مع فنان مثل عمر الشريف ليختصروا مشواره في مجرد قصة حب حتى لو كانت بطلتها هي سيدة الشاشة العربية !