لهذا سوف نظل دائما ننتظر ألبومات عمرو دياب!
من غيره يفعلها؟!..يجعلهم مستقيظين طوال الليل، يعيدون تشغيل المقاطع المميزة، ويتبادلون الدردشة حول الجمل اللحنية التي تحمل شيئا خاصا، يختارون أغنية أو اثنتين يعطونهما وصفا يشبه حالتهم، ويتخذون عبارة ما كشعار لهم، وهكذا حتى لا يأتي الضوء إلا وقد حفظوا العشر أغنيات بالترتيب وبالمقدمة الموسيقية وبالقفلة أيضا، وبطريقة نطق عمرو دياب لبعض الكلمات.. أنت تعودت ألا تكترث حتى لو قالوا لك أن كل هذا يحدث فقط من باب التعود.. فشكرا لمن لم يقطع عاداته على مدار 35 عاما.
الحالة التي يصنعها عمرو دياب لا تتوقف من المؤكد عند "الفانز" أو من يسمون أنفسهم "الديابية" ولكن الأمر يتسع ويتسع حتى يشمل قطاعا كبيرا من جيل أو ربما جيلين، ينتظرون ألبومه من السنة للسنة، حتى لو لم يكونوا من "عشاقه"، وحتى لو لم يكن هو مطربهم الأول..قائمة المنتظرين طويلة ولا أحد يمكن أن ينكر أن عمرو دياب وحده من بين نجوم جيله هو الأكثر إخلاصا لفكرة عمله كمطرب، مهمته الغناء وطرح الألبومات بانتظام، قد يكون هو الرمز الغنائي الوحيد الصامد من حقبة الستعينيات بنفس القوة، والتسعينيات هي الحقبة الموسيقية ذات الملامح الأهم بالنسبة لقطاع كبير من المستمعين.
عمرو دياب الأكثر تكرارا والأكثر إمتاعا وتجددا أيضا، لا يتوقف عن تسمية أغنياته بكلمات متشابهة، ولا ترديد نفس الكلمات والتعبيرات "الليلة دي، والليلة أول كل حاجة، يا أحلى حاجة، وعيونه، وقلبي، وياحبيبي"، وفي نفس الوقت تجد نفسك تعرف كيف تفرق بين كل أغنية وأخرى برغم التشابه. قد يسميه البعض استهتارا بالجمهور، وقد يسميه البعض قمة النجاح وقمة التحدد.. هذا رجل لا يخاف، يثق في مستمعيه، ويثق في الأجواء التي يجيد حياكتها بذكاء وحنكة، ليبيت مستمعيه ليلة طرح كل ألبوم في كل صيف راضيين تماما، برغم عنف السخرية من البعض وبرغم قسوة النقد.
ملكة الاستمرار وحالة الصعود الدائمة التي يملكها عمرو دياب، أمر واضح مثل الشمس، وفكرة أن صوت عمرو دياب منذ أن استمع إليه الجمهور في بداية الثمانينيات من القرن الماضي لا زال كما هو لم يتغير ولم يخسر شيئا من عذوبته برغم كل هذا العمر أمر يقول لك أن عمرك لم يمر، أو على الأقل لازال هناك شيئا باقيا مثلما كان، حتى لو كان الشعور خادعا، لكن ساعة من الخداع لن تضر، فقط حتى ينتهي الألبوم، لتديره من جديد في رأسك وتدندنه مع نفسك.
"معدي الناس".. اسم ألبوم عمرو دياب الذي أربك الحسابات فقط بعد ساعات من طرحه، وجعل محبي الغناء وحتى من يحركهم الفضول فقط، يقتطعون وقتا من يومهم ليعيدوا نقاشهم السنوي بكل حماس وود وحنين.