"معدي الناس".. ألبوم تجديد نجومية عمرو دياب!
في موعده المفضل والمعتاد في موسم الصيف طرح عمرو دياب ألبومه الجديد "معدي الناس"، إنتاج شركته حديثة العهد "ناي"، ويضم 10 أغاني أحدثت بعضها ضجة كبيرة على مواقع التواصل توحي بعودة قوية للفنان الكبير الذي بدأ مسيرته الفنية منذ عام 1983، وتبشر بتحقيق الألبوم نجاحاً كبيراً في المبيعات ونسب الإستماع قد تفوق إصداراته الأخيرة لعدة أسباب بجانب ضجة السوشيال ميديا.
من الصعب عند جمهور عمرو دياب الإستماع إلى أغانيه بدون أحكام وعواطف مسبقة، والتي تؤثر بدرجة كبيرة على تقييمهم لمستوى الألبوم ورضاهم عليه لأسباب تعود إلى مسيرة عمرو دياب الطويلة والمليئة بالانجازات والأغاني الناجحة والتي شكلت ذكريات حقيقية لدى عدة أجيال من مستمعيه، وشكلت في النهاية حالة من الحنين جعلت الجمهور ينقسم في الفترة الأخيرة تقريباً إلى فريقين: الأول يتقبل كل ما ينتجه عمرو دياب، والثاني يرفضه بدافع أن القديم المرتبط بذكرياتنا أفضل من الجديد.
ألبوم جديد في الوقت الأكثر سخونة في حياة عمرو دياب
الأمر الجديد الذي تحقق في "معدي الناس" هو إختفاء الإنقسام الحاد مقابل الإهتمام الكبير بعمرو دياب نفسه وفكرة إستمراره كمطرب ناجح طوال هذه المدة، وساعد في ذلك الجدل المثار حول حياته الشخصية والزوجية والتي لم يشهدها عمرو دياب من قبل، على الأقل بهذه القوة، لذلك فالوقت الذي طرح فيه الهضبة ألبومه هو الوقت الأكثر سخونة في حياته، فهو مطارد من قبل الإعلام لمعرفة أسرار حياته وأبنائه، وأصبح الحديث عن علامات تقدمه في السن وعلاقاته أكثر من الحديث عن أعماله وهو أيضاً أمر جديد على الهضبة، ومع ذلك يبدو عمرو دياب في ألبومه أكثر تحرراً من الضغوط عن أي وقت مضى.
الأمر الثاني والأكثر إيجابية – خاصة عند جمهوره القديم- هو عودة الثقة بين عمرو دياب وجمهوره قبل أيام من طرح الألبوم، والتي بدأت بخروجه منتصراً بيد جمهوره بعد هجوم شيرين عليه والتي كانت بمثابة إعادة إكتشاف لحبهم له، وبعدها إختياره المناسب لصورة البوستر ومظهره بها والتاتو الجديد، وهي تفاصيل مهمة لدى عمرو دياب وجمهوره، و اعتمدت على وجود أشياء من الماضي، مع عودته لشركة المياة الغازية التي قدم معها حملات شهيرة في الماضي أيضاً، وحملت شعار:" من تاني أكيد راجعين"، وأخيراً عودة أصدقاءه القدامى ورفقاء آخر فترة ذهبية له: عمرو مصطفى وأيمن بهجت قمر، لذلك فإن ألبوم "معدي الناس" ليس كمثل الألبومات الأخيرة.
كل هذه المقدمات والأجواء التي يعيشها عمرو دياب وجمهوره تؤثر بالطبع على طريقة تلقي الألبوم وتوحي بإختلاف مضمونه، ولكن ماذا عن الألبوم؟
ألبوم "معدي الناس" يأتي مكملاً للإتجاه الذي يسير فيه عمرو دياب منذ ألبوم "أحلى وأحلى"، وهي فترة ما بعد شركة روتانا، والتي جعلته يغير إختياراته الموسيقية من أجل التحدي، ومن أبرز علامات هذا الإتجاه هو العودة إلى الروح الشرقية والطربية في الأغاني والابتعاد تدريجياً عن الموسيقى الإلكترونية والإيقاعات اللاتينية، وهو ما يبين سبب ابتعاد موزعين مثل حسن الشافعي وعادل حقي عنه وتواجد الموزع أسامة الهندي، والذي أثبت تفوقه في التوزيع بالاعتماد على الآلات الحية مع الحفاظ على الشكل العصري للأغنية، خاصة مع تفوقه في الهندسة الصوتية أيضاً.
قدم عمرو دياب عدة أغاني في هذا الإتجاه في ألبومه السابق وأبرزها "أمنتك" والتي كانت مفاجأة الألبوم، أما في الألبوم الجديد فقدم عدة أعمال تبرز ميله للأجواء الطربية والشرقية والشعبية أيضاً كأغاني "آه حبيبي"، "أحلى حاجة"، "نغمة الحرمان"، و "اول كل حاجة"، وتواجدت فيها أصوات موسيقية أكثر إختلافاُ وتميزاً عن آخر أعماله، وقدم عمرو دياب إيقاعات وآلات متنوعة وحية كوجود الساكس والناي و"الكولة" وهي آلة شعبية مصرية، بالإضافة الى الاكورديون والعود وهي آصوات موسيقية أصبحت تأخذ مساحة كبيرة في أغانيه مع اتجاهه الجديد والذي يعطي لأدائه الصوتي مساحة أكبر أيضاً عن السابق.
كلمات أكثر جرأة في قاموس عمرو دياب
بجانب هذا التغير، حافظ عمرو دياب على تقديم أسلوبه التقليدي في عدة أغاني مثل "معدي الناس"، "حبايب ايه"، و "جنب حبيبي"، ولكن الإتجاه الفني الثاني لعمرو دياب ظهر في تغير طريقة اختيار الكلمات، وهو سبب الضجة الكبيرة، مثلما حدث مع أغنية "أجمل عيون" التي اشتهرت بـ"برج الحوت" و"نغمة الحرمان"، فكان جديداً على جمهوره ان يسمع كلمات قريبة إلى الشارع والسوشيال ميديا مثل ذكر برج الحوت أو جملة مثل "ناقص تموتني.. ده انت توجع بلد"! وفي نفس الوقت حافظ عمرو دياب على جمهوره الأصلي بعودته إلى اختيار الكلمات المتماشية مع أسلوبه الغنائي الذي يفضل الجمل المألوفة ولكنها تجسد موقفاً او رداً عاطفياً، وتمثلت في أغاني مثل "انت أول كل حاجة"، "حبايب ايه"، و"نغمة الحرمان" أيضاً وأغنية "قال فاكرينك" رغم خروجها من الألبوم.
أصبح عمرو دياب أكثر جرأة في اختيار مفردات الأغاني، فبعد ان كانت أغانيه تحمل معاني عامة أو غير جدلية حتى في العبارات القاسية مثل أغاني "الملاك البريء" و "مش هضعف تاني"، أصبحت أكثر واقعية في "نغمة الحرمان"، وقد يكون مبرر إختيارها خاصة "أجمل عيون" يعود إلى جمهور السوشيال ميديا بالأساس ومحركي الرأي والذوق العام بشكله الحديث، وهي في النهاية خطوة من عمرو دياب أثبتت نجاحها في جذب اهتمام فئات جماهيرية جديدة خاصة المراهقين وهم الشريحة الأكثر تأثيراً في الفترة الحالية.