لطيفة تعود "فريش" في 2018.. الألبوم الأكثر جرأة وتنوعاً في مسيرتها؟!
بعد غياب 4 سنوات منذ طرح ألبومها "أحلى حاجة فيا"، تعود لطيفة لتعويض جمهورها عن فترة الغياب بألبوم "فريش" والذي يعتبر تقريباً أكثر ألبوم في مسيرتها عدداً في الأغاني وصلت إلى 14 أغنية وكذلك الأكثر تنوعاً وشمولاً لأذواق ولهجات مختلفة مثل اللهجة المصرية والتونسية والمغربية واللبنانية.
ألبوم "فريش".. من عنوان لألبوم لطيفة إلى شعار مرحلتها واختياراتها
وتعود لطيفة أيضاً بتغييرات جذرية كعادتها في إختياراتها الموسيقية ومنهجها الغنائي، وامتدت لتشمل جوانب أخرى كالجانب التسويقي الذي اهتمت به لطيفة هذه المرة خاصة التسويق الإلكتروني للألبوم، وهو ما تسبب في تأخر صدور الألبوم من صيف إلى 2017 إلى شتاء 2018، وهو ما أثر بالطبع في مستوى انتشار الألبوم المستحق بسبب اجواءه الصيفية سواء في الأغاني أو صور وبوسترات الألبوم "الفريش".
الملاحظ أيضاً في الأجواء المصاحبة لطرح ألبوم "فريش" للطيفة إنها اعتمدت إسمه ليكون عنوان مرحلتها الحالية تقريباً، بعد التغييرات الواضحة في مستوى الأغاني وجرأتها واستعادة شبابها وحيويتها كما في صور الألبوم واختيار الأزياء و طريقة تصوير فيديو كليب "فريش" للمخرج فادي حداد، الذي يظهر مستوى الجرأة والحداثة في اختيارات لطيفة الأخيرة.
الأغنية الرئيسية للألبوم تعتبر أكثر الجوانب حداثة وتجديداً ليس في اسلوب لطيفة الغنائي فقط ولكن على الساحة الفنية مؤخراً خاصة من ناحية التوزيع لـ"مونتي" والأصوات الموسيقية المبتكرة والمختلفة بالأغنية، وجاء فيديو الأغنية على نفس المنوال، فلم تقدم لطيفة مثل هذه الصورة المتطورة وتصميم الرقصات في كليب غنائي مثله بهذه الجرأة والإختلاف من قبل، لذلك تعتبر فريش صوتاً وصورة عملاً عصرياً ومتكاملاً في اختلافه عن أسلوبها المعتاد وفي جرأته وطزاجته وتعبيره عنها في هذه المرحلة.
وامتدت تغييرات لطيفة الجذرية في اختياراتها إلى بقية الألبوم أيضاً، وقدمت مجموعة من الأغاني التي ترضي مختلف الأذاوق لدى جمهورها، وربما هو الألبوم الأكثر تنوعاً من هذه الناحية في السنوات الأخيرة، واحتل الجانب الشعبي الذي يستهوي لطيفة مؤخراً جانب كبير من الألبوم بما يقارب 4 أغاني على رأسها "ياللي" التي طرحتها خارج الألبوم، في أول دويتو للمطرب الشعبي أحمد شيبه مع صوت نسائي، وشكل هذا الدويتو في حد ذاته المغامرة الأكبر للطيفة في الألبوم.
التوجه الشعبي للطيفة جاء برعاية الملحن عصام كاريكا، والذي تظهر بصمته بوضوح في الألحان وميلها إلى الفلكلور المصري وإضافة تفاصيل إلى التوزيع الموسيقي كالموال في بداية الأغاني والكورال النسائي وأصوات الزغاريد مثلاً، وهو ما أعطى لها شكلاً جديداً بخلاف كونها تميل إلى الشعبية كما في أغنيتي "بحر الغرام" و "تحلو الأيام".
حافظت لطيفة على بعض من ملامح أسلوبها المعروف في الألبوم أيضاُ كالأغاني الدرامية التي تجيدها على نهج "في الكام يوم اللي فاتو" و "يقول كرهني" ومن قبلها "كرهتك" مثلاً وهذه المرة في دراما أكثر جرأة وشجناً في أغنية "الهم كبره" خاصة في خيال الكلمات والأداء الصوتي ونقلهما إحساساً وصورة تخيلية لقصة الأغنية والتي لم نعهد مثلها من قبل أيضاً.
ونفس الحال أيضاُ في أغنية "اخونه لا" في جرأة الدراما غير المعهودة في الأغاني العربية، وتعتبر من أقوى أغاني الألبوم بأجواءها الكلاسيكية والتي تشعر كأنها كتبها بهاء الدين محمد في فترة صعود لطيفة في التسعينيات وقت أغاني "حبك هادي" و"واضح" وما سبق ذكرها، ولكن بتوزيع موسيقي حديث ومتطور لعصام الشرايطي في الأغنية.
الجانب الشعبي لم يقف عن الفلكلور المصري فقط، وتلامس مع أغاني لطيفة الجديدة باللهجتين التونسية والمغربية في "طبعك عنيد" و "لا يا عبدالله"، فالأولى تأتي مكلمة لتفوق لطيفة الواضح في الأغاني التونسية الحديثة، ورؤيتها الموسيقية المختلفة دائماُ في هذه النوعية سواء في التوزيع الموسيقي أو اختيار الكلمات والحفاظ على الروح الشعبية الأصلية في الموسيقى كالإيقاع مثلاً أو صوت آلة المزود التونسية الشهيرة، وتنضم هذه الأغنية إلى قائمة مميزة وشهيرة لدى لطيفة في هذه الفئة لا ينافسها فيها أحد مثل "بحة بحة" و "ان شالله" وغيرها.
مفاجآت لطيفة ومغامرتها في اختيار قوالب موسيقية متنوعة في الألبوم لم تقف عند هذا الحد بزيارة اللهجة المغربية لأول مرة أو تقديم وجهة نظر جديدة عن اللون الشعبي المصري والفلكلور، فهي لم تنس مع كل ذلك الغناء باللهجة اللبنانية بعد غياب طويل بأغنية "أول مرة يا حبيبي"، وهي أغنية طربية بامتياز للطيفة تعوض فيها هذا الجزء لدى جمهورها، وتكسر سيطرة الأغاني الإيقاعية في الألبوم، خاصة بحملها تفاصيل كلاسيكية في الأداء أو روح الأغنية، لذلك كان وجودها في الألبوم إضافة قوية وليست مجرد ترضية للهجة اللبنانية فقط.
وبالإضافة إلى ذلك ضم الألبوم أيضاُ نماذج متنوعة للأغاني العاطفية والرومانسية بأشكال متعددة بجانب ثورة لطيفة عليها في الأغاني السابق ذكرها، مثل أغاني "قلبي" و "ليلة" و "كل اللي حبو" و "ملحوقة" و "عشان حبيت".
ومن أساليب لطيفة التقليدية في ألبوماتها والمستمرة في ألبوم "فريش" هو تغير فريق العمل باستمرار، والاعتماد على أسماء جديدة وشابة في كل ألبوم، مثل عمرو المصري وسامر أبو طالب ومونتي ومحمد الجبالي وغيرهم، وأبرز الإكتشافات الشاعر سمير ذكي الذي قدم في الألبوم تجربة شعرية غير تقليدية في أغنيتي "بحر الغرام" وأخونه لا"، بالإضافة إلى إعادة اكتشاف بعض الأسماء المعروفة كالشاعر بهاء الدين محمد وإعادة عصام كاريكا إلى التلحين في عدة أغاني.
تثبت لطيفة بألبومها الجديد طريقتها الثابتة في تاريخها الطويل بالتجديد الدائم في الاختيارات الموسيقية والمغامرة والجرأة في تجربة موضوعات غنائية وأنماط موسيقية في كل ألبوم تضيف إلى الموسيقى العربية وتسهم في تطورها، بدون مبالغة، بتحول منطق الألبومات عندها إلى تجارب موسيقية أكثر منها إصدارات تعتمد على الرائج والمضمون فقط، ولذلك فإن "فريش" وألبوماتها السابقة يعتبروا نقاط انطلاق وتحول منفصلة في مسيرتها أكثر من كونها أرقاماً لعدد الألبومات أو روتين عمل.
و لا تتوقف أيضاً باختياراتها عند حدود جغرافية أو لهجات أو ثقافات محلية، كما قدمت في السابق مثلا أغاني بالعربية والخليجية وألحاناً عراقية مع كاظم الساهر وقبلها مع عمار الشريعي وتجربتها الفريدة مع زياد رحباني في "معلومات مش أكيدة" وبعدها إلى الموسيقى الإلكترونية والشبابية إلى الألبوم الأخير، وكذلك لا تستنسخ نجاحات قديمة مهما كان نجاحها يحتمل الاستخدام مرات أخرى، لذلك فإن "فريش" هو عنوان مثالي لموسيقى لطيفة في مشوارها أيضاً ككل.