أهم المحطات الفنية في حياة محمود عبد العزيز
لم يكن لقب "الساحر" الذي أطلقه الجمهور على الفنان الراحل محمود عبد العزيز، لقبًا مستوحى من فيلم قدمه عام 2001 بتوقيع رضوان الكاشف، لكنه كان وصفًا للحالة التي يصنعها "عبد العزيز" في جمهوره مع كل مشاهدة لأفلامه، "يسحرهم" بأدائه المتفرد، الجاد الممزوج بالسخرية والكوميديا.. وبمجرد انتهاء العمل لم تجد في ذاكرتهم سوى "إيفيهات" أو حوارات كاملة على لسان محمود عبد العزيز، أو أغنيات نظل نرددها بنفس طريقته التي تميز بها في أعماله.
الذكرى الثانية لوفاة محمود عبد العزيز "الحاضر الغائب"
"الحاضر الغائب" محمود عبد العزيز رغم مرور عامين على وفاته في 12 نوفمبر 2016، إلا أنه لازال موجودًا بيننا، في كل تفاصيل حياتنا، تمثل بعض مشاهد أعماله ردودًا مناسبة لمواقف حياتنا التي نشاركها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيصبح فيلم "الكيف" مثلًا، من أبرز "الكوميكس" التي نستخدمها، والحال نفسه مع أفلام "العار والكيت كات وجري الوحوش وإبراهيم الأبيض"، فتكفي صورة واحدة من أحد المشاهد للتعبير عن الحالة التي يمر بها الشخص حاليًا.
الفنان الراحل محمود عبد العزيز لم يدرس الفن بشكل أكاديمي، لكنه كان أستاذًا فيه بكل ما تمثله الكلمة من معنى، فحصل محمود على بكالوريوس الزراعة من جامعة الإسكندرية عام 1966، ثم على درجة الماجستير في العلوم الزراعية، لكنه اختار أن يكون التمثيل هو مهنته، التي نجح في التفوق فيها سريعًا، فبدأ حياته الفنية في التلفزيون، حيث اشترك مع محمود ياسين ونيللي في مسلسل "الدوامة" من إخراج نور الدمرداش، ثم بدأت علاقته بالسينما عام 1974 في فيلم "الحفيد"، لينطلق بعدها ويقدم العديد من الأفلام الرومانسية، لكنه لم يحصر نفسه في أدوار الشاب الرومانسي طويلًا، فقدم بعد ذلك مجموعة من الأفلام الأكشن والكوميدي، سواء بطولة جماعية أو مطلقة.
علامات مضيئة في مشواره الفني
من أبرز هذه الأفلام "كفاني يا قلب" و"عيب يا لولو.. يا لولو عيب" و"الدرب الأحمر" و"لا يزال التحقيق مستمرًا" و"البنات عايزة إيه" وغيرها، إلى أن وصل لواحد من أكثر الأفلام شهرة في تاريخه وهو "العار" مجسدًا شخصية الطبيب والأخ الأصغر "عادل"، والذي امتاز دوره بالحس الكوميدي وسط صديقيه حسين فهمي ونور الشريف، وتنوعت أعماله وقدم العديد من الأفلام المهمة التي تركت أثرًا كبيرًا في ذاكرة مشاهديه.
فلن ننسى أيضًا شخصية سمير في "الشقة من حق الزوجة" والمناورات التي كانت تحدث بينه وبين زوجته التي قامت بدوها معالي زايد، وحماته التي قدمتها نعيمة الصغير، كذلك دوره في فيلم "تزوير في أوراق رسمية" الذي لازال يحير المشاهدين فيه حتى الآن، فلم يستطعوا معرفة من ابن الفنانة ميرفت أمين في الفيلم، بسبب إخفاء "كامل أبو المجد" الحقيقة حتى النهاية.
أما فيلم "الكيف" فبالرغم من أنه كُتب ليكون أحد أفلام المقاولات المصنوعة للتسلية فقط، إلا أنه حقق نجاحًا كبيرًا خاصة بشخصية "مزاجنجي" التي جسدها الفنان الراحل، والتي تعكس واقع الحالة الفنية الحالية، فلازالت أغنيات الفيلم يرددها المشاهدين حتى الآن، مثل "الكيمي كيمي كاه".
المرحلة الأقوى.. رأفت الهجان والشيخ حسني
محمود عبد العزيز يمكن اعتباره من أجرأ فناني جيله، حيث قرر خوض تجربة مختلفة بأفلام الفانتازيا مع المخرج رأفت الميهي، تلك التجربة التي لم يجرؤ عليها عدد كبير من زملائه، فقدم 3 أفلام مع الميهي هم "سمك لبن تمر هندي" و"السادة الرجال" و"آنساتي سادتي".
المرحلة الأكثر قوة وتأثيرًا في حياة محمود عبد العزيز كانت عند تقديمه مسلسل "رأفت الهجان" الذي يعد من أشهر مسلسلاته على الإطلاق، وارتبط اسم الهجان باسمه لفترة طويلة ربما تكون مستمرة حتى هذه اللحظة، لكن المفارقة أن محمود لم يكن المرشح لها في البداية، بل كان الفنان عادل إمام لكن أسند الدور في النهاية لمحمود عبد العزيز، وبالتزامن مع تقديمه الأجزاء الثلاثة للمسلسل، قدم "عبد العزيز" أحد أرق وأجمل وأنجح أفلامه، والذي وضع ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري، وهو "الكيت كات" عام 1991، مجسدًا شخصية الشيخ حسني، فاقد البصر لكن قوي البصيرة، لتصبح تلك الشخصية أحد الأيقونات المميزة في مشواره الفني الطويل.
الساحر الساخر
واستمرت محطاته الفنية المبهجة إلى أن قدم فيلمه الذي تسبب في إطلاق لقب "الساحر" عليه، مع رضوان الكاشف عام 2001، وكان بالفعل ساحرًا للجمهور بأدائه وخفة ظله وسخريته.. شخصية "بهجت" التي قدمها وصنعت "بهجة" من وسط بعض الأزمات التي يتعرض لها البطل، بمشاركة ابنته في الفيلم التي جسدتها منة شلبي، وجارته التي جسدتها سلوى خطاب.
في عام 2009 لم يخشَ "الساحر" تقديم دورًا ثانيًا في فيلم "إبراهيم الأبيض" مع الفنان أحمد السقا الذي صُنف بطل الفيلم الأول وقتها، حيث جسد محمود عبد العزيز شخصية عبد الملك زرزور، لكن شخصية زرزور هي الأبرز بالعمل، فبمجرد ذكر اسم الفيلم نسترجع أبرز مقولاته "حد ليه شوق في حاجة" وطريقته وهو ينظف أسنانه بالمسواك، ونظرات عينينه مليئة بالقوة والشراسة والغضب.
وبعد مشوار فني طويل مليء بالأعمال الفنية الخالدة رحل الفنان الكبير محمود عبد العزيز يوم 12 نوفمبر 2016 بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 70 عامًا، حيث تدهورت حالته الصحية في الأيام الأخيرة.