شيرين عبد الوهاب 2018.. هل نجحت في تعويض فترة الغياب والأزمات بألبوم "نساي"؟
شهد عام 2018 أحداث وأزمات كثيرة في حياة شيرين عبد الوهاب والتي استمرت معها منذ عامين، كزواجها من حسام حبيب وأزمتها مع نقابة الموسيقيين والقضاء في واقعة أغنية "مشربتش من نيلها"، وتصدرت خلال تلك الفترة الطويلة عناوين الصحف والمواقع بسبب أزماتها، وشهد أيضاُ عودتها لطرح ألبومات جديدة بعد غياب 4 سنوات بألبوم "نساي" بعد ألبوم "أنا كتير"، فهل شفع لها الألبوم فترة الغياب وفترة الأزمات المتعددة؟!
ألبوم نساي.. هل تلائم اختيارات حسام حبيب صوت وأسلوب شيرين؟
طرحت شيرين عبد الوهاب ألبومها "نساي" في نهاية موسم الصيف هذا العام في أول إنتاج لها مع شركة "all about art" ومكون من 12 أغنية، ومع حلول موسم الشتاء أصبح الألبوم في طي النسيان أيضاُ، ولم تترك به شيرين آثراً قوياً يتناسب مع فترة الغياب والانتظار ولم يتغلب على تصدر أخبار أزماتها، بعد أن جاء باختيارات مرتبكة وغير ملائمة لها على عكس ألبوماتها السابقة وخاصة في فترة البدايات.
جاء ألبوم شيرين عبد الوهاب بتوقيع واضح لزوجها المطرب حسام حبيب على اختياراتها، وهي الملاحظة الأولى على التغيرات الفنية في أسلوب شيرين والذي يبدو انها لم تختره بإرادتها الكاملة أو بعد دراسة وعمل طويل لمدة 4 سنوات، وتجاهلت تماماً أهم أسلحتها الفنية بصوتها الطربي والمميز وروحها الشعبية في الأغاني وانتقلت إلى مساحة حسام حبيب الضيقة سواء في اختيار الموسيقى الإلكترونية أو في الطبقات الصوتية واختيار الكلمات، وبالمبالغة في تصدير الحالة المؤثرة في الكلمات أو الصوت وهو ما أفقدها مصداقيتها وروحها.
فأغنية "نساي" على سبيل المثال، الأغنية الرئيسية للألبوم، هي الأضعف فنياً به، فالأغنية التي رفض غناءها عدد من المطربين كعمرو دياب ومحمد حماقي وآخيراً حسام حبيب، قدمتها شيرين عبدالوهاب بصورة باهتة وبقالب موسيقي مكرر وتقليدي، تشبه كثيراً أغاني حسام حبيب الإيقاعية والسريعة والتي ليست بالضرورة ستلائم طريقة وصوت شيرين.
واجهت شيرين عبد الوهاب في الألبوم عدة أزمات فنية تكاسلت في حلها وأولها ضياع هويتها الفنية وأهم ما يمزيها منذ ظهورها كصاحبة صوت قوي ومميز في تقديم القالب الشعبي بطريقة مختلفة، وهي الصورة التي تصمم شيرين ان تمحيها مقابل تعزيز صورتها كصاحبة إحساس عال فقط، لذلك غلبت الأغاني الدرامية على الألبوم مثل "ضعفي" و "تاج راسك"، "كدابين"، "ياريتها جات"، وفقد صوتها في معظم الأختيارات حيويته وصدقه، فخسرت الجانين معاً.
غرقت شيرين في وهم الإحساس واختيار الكلمات والموضوعات المؤثرة بدلاً من التركيز على اختيار الألوان الموسيقية التي تلائمها أولاً، لذلك غلب ذلك الطابع على صوتها وألحانها، حتى أن الأغاني الرومانسية أو الإيقاعية جاءت أيضاُ بأداء صوتي محدود منها وبأجواء مزيفة من الشجن والدراما كأغنية "حبه جنة" و "بحبك من زمان"، فرغم الحالة الرومانسية والمبهجة لكلمات الأغنيتين إلا ان شيرين لم تفرق بينها وبين الأغاني الدرامية السابقة!
لم تفلت من حالة الجمود التي فرضتها شيرين على اختياراتها سوى أعمال قليلة كأغنية "بياعين الصبر"، والتي تعتبر أقرب الأغاني إلى الأسلوب الذي يلائم شيرين بروح مصرية وشعبية وكلمات تتقارب مع الفلكور المصري لأمير طعيمة وتوزيع يبتعد عن الاستعراض غير اللازم للموزع نابلسي، بالإضافة إلى أغنية "كدابين" أقوى أغاني الألبوم، للشاعر أيمن بهجت قمر والملحن خالد عز والموزع توما، وكان من الأولى ان تكون الأغنية الدرامية الوحيدة بالألبوم بدلاً من ظلمها بجانب الاختيارات المشابهة الأخرى، وكان لترك مساحة لصوتها في الأغنية بجانب كلماتها السبب الرئيسي في تفوقها فنياً.
وظهر كذلك في الألبوم، انغلاق شيرين على نفسها وعلى دائرة ضيقة في اختيارات الأغاني، كمحاولة تقديم أغاني تتحدث بها عن نفسها وعن حالتها الشخصية في الوقت الحالي كأغنية "طيبة وجدعة" والتي يبدو انها تتحدث بها عن أزماتها بسبب زلات لسانها رغم انها طيبة وجدعة، كما تقول كلمات الأغنية، بجانب تأثرها بمنافسة إليسا وسميرة سعيد في موضوعات الأغاني في أهم ما يميز المطربتين بالأغاني الدرامية أو التي تبرز شخصية السيدة القوية، وكأن الموضوعات والألوان الموسيقية انحصرت على الجانبين فقط.
ولعل من أبرز دلائل عدم معرفة شيرين إلى الآن اللون الموسيقي الذي يشبهها واعتمادها كلياً على آخرين في اختيار الأغاني هو استبعادها أغنية "لواني" من الألبوم، والتي كانت ستصبح أبرز مفاجأة لها وأحدث فكرة موسيقية بتقديمها أغنية مختلفة تماماً عن السائد وعن ما قدمته في مسيرتها بموسيقى شعبية مصرية وكلمات تتشابه مع الفلكور الفلاحي لأيمن بهجت قمر أيضاُ، وفضلت عليها مثلا أغاني متشابهة في جميع العناصر كـ"ضعفي" و "تاج راسك"، كوجهان لأغنية واحدة تسيطر بها وقع الكلمات الدرامية عن الألحان والموسيقى وصوت شيرين.
عاشت شيرين في الألبوم حالة فقدان لشخصيتها الفنية وارتباك في الاختيارات التي أظهرت بعض المحاولات للاختلاف غير مكتملة، مثل أغنية "الوتر الحساس" التي يفترض انها ممثلة للأغاني الخفيفة والفكاهية في الألبوم، إلا انها تنجح في تحقيق ذلك الهدف، بتأثرها بطريقة الملحن محمد رحيم في الأداء الصوتي، ونطقها الغريب للكلمات كجمل "بيسري في دمي والأنفاس".
الميل للموسيقى الألكترونية أيضاُ كانت من نقاط ضعف شيرين عبد الوهاب في الألبوم مثل أغنية "نساي" و "زمان"، خاصة مع عدم رغبة شيرين في بذل مجهود لتغيير أداءها الصوتي كما كانت تفعل في السابق في ألبومات "جرح تاني" و "لازم اعيش"، ورهانها الوحيد على إحساسها والذي سيفقد بريقه أيضاُ في حال استمرارها في العمل بطريقة حسام حبيب، وبالشعور بالحرج من تقديم أغاني تميل للشعبية رغم انها السبب الرئيسي في شهرتها وجماهيريتها حتى الآن وقدمت في تلك المرحلة أغاني لا تزال عالقة بآذان الجمهور.