"مافيا" محمد رمضان.. أكثر من مجرد أغنية في وقت الفراغ!
بدأ محمد رمضان عام 2019 بضجة وجدل ونجاح كبير صاحب أغنيته الجديدة "مافيا"، والتي في طريقها لتصبح الأغنية الأكثر شعبية من بين أغانيه، والأكثر انتشاراً ونجاحاً في العام الجديد، ونقلت الممثل الشاب إلى مرحلة جديدة من مسيرته الفنية بإثبات تفوقه في الغناء مثل التمثيل، رغم تجربته القصيرة والمثيرة للإعجاب في هذا المجال.
هل يستحق محمد رمضان لقب نجم الأغنية الشعبية الجديد؟
حقق محمد رمضان في أغنيته الجديدة "مافيا" عدة انتصارات بجانب نجاحها الكبير على مواقع التواصل ويوتيوب في الأيام الأخيرة، ومنها ظهور رد فعل جديد على أعمال الفنان الشاب لم يكن متواجداً في السابق، بتلقي إشادات علنية من أعدائه وكارهيه بسبب الأغنية الجديدة، والتي أوحت للبعض إلى أنها اعترافاً أخيراً بموهبة محمد رمضان الغنائية وبتفوق أغانيه وتفرده في المنافسة في هذا النوع من الغناء في مصر، بعد أن كانت أغانيه تحقق نجاحاً على كل المستويات ماعدا مواقع التواصل ووسائل الإعلام التي تعلو بها نبرة الهجوم وإنكار تفوقه طوال العام الماضي بالأخص.
لا أحد يعرف السبب الحقيقي وراء الصوت العالي للانتقادات والهجوم على محمد رمضان، والمحاولات المستمرة للتقليل من نجوميته أو موهبته منذ صعوده كنجم سينمائي في فيلم "الألماني" عام 2012 إلى الوقت الحالي، تغيرت أشكال حملات الهجوم مع تغيرات محمد رمضان الفنية وتجاربه الجديدة وزيادة شعبيته، حتى أصبح الرأي المعجب به جريئاً ومعاكساً للتيار- خاصة آراء زملائه- رغم انه من الطبيعي ان يكون الرأي الذي لا يرى محمد رمضان النجم الأبرز والأكثر شعبية في مصر حالياً هو الرأي المخالف للتيار والجمهور وللواقع الذي يشير إلى عكس ذلك بأكثر من دليل.
فعلى مستوى الأرقام، تحقق أغاني محمد رمضان أرقام مشاهدة ضخمة على يوتيوب تتفوق على معظم أغاني نجوم الغناء في الفترة الأخيرة، ولا يزال النجم الشاب يحتل مراتب متقدمة في قوائم الأكثر بحثاٌ على جوجل في الأعوام الأخيرة، بالإضافة إلى تواجد مسلسله "نسر الصعيد" في أكثر من قائمة في 2018، وكذلك على مستوى النجاح في الشارع المصري أو في وسائل الاستماع الشعبية الأخرى كالانتشار في الأفراح والحفلات ونوادي الموسيقى ووسائل التنقل وغيرها.
لم تترك قنبلة "مافيا" مجالاً للتقليل من نجومية محمد رمضان المتزايدة في الغناء، وربما لم يعد اعتراف زملاءه أو الإعلاميين بنجاحه أو إنكاره مفيداً بعد هذه الأغنية بالتحديد، التي فرض بها أسلوبه الفني بطريقة جديدة، كانت سبباً في اتهامه بالجنون والغرور في أغانيه السابقه كـ"نمبر وان" و "الملك"، ولم يتخل رمضان عن استعراضاته والتفاخر بقدراته الخارقة وبألقابه.. ولكن الإختلاف هذه المرة ان منتقديه لم يجدوا رابطاً مقنعاً بين جملة "انا مافيا" وبين شخصية محمد رمضان الحقيقية، لذلك اعتبرها البعض أول أغنية له لا تتحدث عنه شخصياً كونها تحمل صورة خيالية و مبالغة وطرافة.. ولكن في الحقيقة فالأغنية لا تختلف في نمطها عن بقية أعماله في شيء سوى أنها الأغنية السابعة له على التوالي في فترة زمنية قصيرة وانها تأكيداً لقبول ذلك التوجه منه وفهمه بعد ان كان صادماً في بدايته.
يعتمد محمد رمضان في أغانيه على معادلة صعبة للغاية- يتمنى أي مطرب تحقيقها- تتمثل ببساطة في تنفيذ أغنية ناجحة تتفاعل معها جميع الطبقات، وتتحول كلماتها إلى شعارات وجمل حوارية وإيفيهات لدى الجمهور، ويحفظ مستمعيها استعراضاتها ورقصاتها الخاصة تلقائياً مع إيقاعها، والأصعب من ذلك انتاج مجموعة من الأغاني في وقت واحد تتوافر بها كل هذه العناصر وتحقق نفس النجاح والشهرة، وفوق كل ذلك تحافظ على ذلك التوجه المميز والمثير للجدل والمتسق مع شخصية مقدمه.
لا يوجد مبرر منطقي للتفكير في كلمات هذه الأغاني بمحمل شخصي وجدي أو بتحليل نفسي لمغنيها، فهذه الطريقة هي المبالغة نفسها، فاعتبار نجاح أغنية "مافيا" يرجع لأنها كوميدية وغير ذاتية ويسخر بها رمضان من نفسه غير صحيح لأن رمضان قدم قبلها أغاني مثل "أقوى كارت في مصر" و "الملك" وهي أعمال ترفيهية وساخرة أيضاُ وتحمل قدراً من المبالغة والخيال الشعبي وعبارات لا معنى لها في واقع حياة محمد رمضان الفنية و الشخصية، فهو بالفعل لا يعيش في نادي ملوك ولا يطارد أعدائه بالسلاح ولا سرعته تصل لألف حصان ولا هو زعيم مافيا كما تقول أغنيته الأخيرة، وبالطبع هو ليس "الألماني" أو "عبده موتة" ولا "الاسطورة" ولا أي من الشخصيات التي قدمها من قبل وواجه بها نفس الاتهامات، وحرمته من تلقي الإشادة أو النقد الذي يستحقه كممثل و مغني.
يغفل هذا النقد الموجه إلى محمد رمضان، خلفية صناع هذه النوعية من الأغاني وأساليبهم الفنية، مثل أغاني المهرجانات التي تتغنى 90% منها بنفس المعاني والطريقة خاصة في انتاجات عام 2018 كأغنية "حد كبير أكلمه" لفريق "المدفعجبة" الذين يتعاون معهم رمضان في معظم أغانيه، وربما أصحاب هذه الأغاني هم الأحق بمهاجمة محمد رمضان كونه أصبح المنافس المباشر و الأبرز لهم في ذلك المجال، ويقدم شكلاً متطوراً ومختلفاً من أغاني الطبقة الشعبية ونقله إلى مستويات جماهيرية أخرى وبمستويات فنية أكثر جودة عن آخر مرحلة وصلت إليها موسيقى المهرجانات والراب في مصر.
يقول محمد رمضان أنه في الأساس ممثل وينفذ هذه الأغاني في وقت فراغه، ولكن ذلك لا يمنع القول انه يبذل بها جهداً واضحاً في تصميم الرقصات واختيار الكلمات بجانب التوزيع الموسيقي والحفاظ على جودتها وتصويرها والدعاية لها أيضاُ، ولا يمنع أيضاُ الإدعاء ان رمضان حقق نجاحاً وتأثيراً بها ربما يعادل ما فعله في أعمال تمثيلية قدمها من قبل، ومن الواضح كذلك اهتمام رمضان بالغناء والموسيقى منذ بدايته الفنية، فقدم في فيلمه مثلاً "قلب الأسد" مهرجان "أنا أصلا جن" و "قلب الأسد" ولكن بمشاركة فريق "المدفعجية" في الأداء، وكرر تعاونه معهم في مهرجان فيلم "واحد صعيدي" والذي قدم به نفس التوجه بطريقة ساخرة وبلكنة صعيدية كوميدية وباستعراضات خاصة.
لم تشكل تجارب محمد رمضان في تلك الفترة أهمية كبيرة لكونه مجرد مشارك بصوته في مهرجانات شعبية تروج للأفلام فقط، رغم تحقيقها للنجاح والجدل وقتها، ولكن كانت الانطلاقة الكبيرة في أغنيتي "أهو اها" و "أقوى كارت في مصر" فالأولى تعاون بها مع أيمن بهجت قمر وعمرو مصطفى وكانت أغنية دعائية بالكامل لإحدى الشركات، والثانية دعائية ولكن بطريقة واختيارات محمد رمضان الفنية فحققت نجاحاً مفاجئاً دفعته للاستمرار في طريقه القديم والخاص في الغناء في أغانيه المتتالية "نمبر وان"، "الملك"، "مية مسا"، "هتولع"، "جيشنا صعب" وأخيراً "مافيا".
قدم عدد من نجوم السينما ممن لا يمتلكون أصواتاً طربية تجارب غنائية ناجحة جماهيرياً كأحمد زكي ومحمود عبد العزيز ومحمد هنيدي مثلاً، ولكن ما يميز محمد رمضان انه يقدم مع أغانيه جهداً في الاستعراض واختيار الكلمات والعناوين وتصوير الكليبات والعناصر التجارية، وهو المجال الذي اقترب من الانقراض في صناعة الموسيقى وساد اعتقاد انه أصبح غير مجدِ في زمن يوتيوب وأنغامي، ويحسب لرمضان إعادة الاهتمام بالمحتوى البصري وابتكار الشخصيات داخل الأغاني وصناعتها خاصة في كليب "مافيا" للمخرج ياسر سامي، الذي استعاد نجوميته أيضاُ في ذلك المجال برفقة محمد رمضان وكان لطريقة تصوير الكليب دوراً كبيراً في إحداث كل هذه الضجة.
يواجه محمد رمضان اتهاماً مستمراً بالغرور والاعتزاز الزائد بنفسه، ولكن الأقرب للواقع ان محمد رمضان فنان ناجح تجارياً يفرض شخصيته وأسلوبه بكافة الطرق الفنية والدعائية المتاحة، يقدم مواهبه المتعددة بطاقة فنية كبيرة، ويقدم نموذجاً غير مألوف في الدعاية لإسمه وموقعه في المنافسة والسوق وهو هدف وحق مشروع يسعى إليه كل زملائه، وكل بطريقته حتى ولو بمحاولة جذب الاهتمام بالسخرية من أغاني محمد رمضان واستغلال رواجها كما فعلت بشرى التي اختارت العودة للغناء من هذا المنطلق، أو إدوارد الذي عاد أيضاُ إلى الغناء على طريقة محمد رمضان في أغنيته "مفيش مني".. وكلها في النهاية أشكالاً من تأثير ظاهرة محمد رمضان في الساحة الفنية في السنوات الأخيرة.