بوابة الدرعية تطلق مبادرة التاريخ الشفوي للعرضة السعودية
أطلقت هيئة تطوير بوابة الدرعية مبادرة "التاريخ الشفوي للعرضة السعودية"، ضمن جهودها الهادفة إلى الحفاظ على الإرث التاريخي، وضمن مبادرات توثيق التاريخ الشفوي. وإعادة إحياء قصائد العرضة والتعريف بشعرائها، وتوعية المجتمع بهذا الفن التراثي العريق. وتعد العرضة السعودية فنًّا وموروثًا عريقًا عرفت به الدرعية "جوهرة المملكة"، كما تعدّ رمزاً وطنيًّا مهمًّا يجسّد تراث المملكة وثقافتها بأداء واحد.
تعد العرضة صورة من صور التلاحم الخالدة بين القيادة والشعب يؤديها الرجال، فتبعث فيهم روح الحماس مستعرضين أمام القائد لإظهار حبّ الأرض والوفاء للقائد. كانت تؤدى في السابق استعداداً للحرب قبل مواجهة العدو في ساحة المعركة، حيث كانت رقصة السيف وسيلة لاستعراض الرجال أسلحتهم وروحهم القتالية، وأصبحت العرضة اليوم تؤدى ضمن فنون الفولكلور الشعبي للمملكة.
وحول إنطلاقة المبادرة ذكر الدكتور بدران الحنيحن مدير إدارة الأبحاث والدراسات التاريخية في هيئة تطوير بوابة الدرعية أن العرضة "تعد رمزًا للثقافة السعودية التقليدية المستمدة من البطولات التي خاضها المؤسس طيب الله ثراه، في سبيل توحيد هذا الكيان العظيم، حيث كانت تمثل مصدر الحماس قبل خوض المعارك، واليوم باتت تؤدى في المناسبات الخاصة، كالمهرجانات والاحتفالات الوطنية، وهو ما يؤكد الحرص على أهمية الحفاظ على هذا التراث الأصيل ونقله إلى الأجيال".
وأكد الدكتور الحنيحن التزام الهيئة بالمحافـظة على تراث المملكة وثقافتها وتقاليدها وإرثها التاريخي، من خلال الحرص على توثيق التاريخ الشفوي لجميع التراثيات عبر إطلاق مبادرات متخصصة عن كل فن من فنون التراث الشعبي في المملكة، وذلك بإجراء حوارات شفهية مصورة ومسموعة وتفريغ المقابلات كتابيًّا. وأضاف: "تجمع العرضة ما بين الشعر وموسيقى الطبول والرقص الإيقاعي، وتمتاز بالهيبة والوقار حيث الراية والسيوف، كما تعطي مشهداً بصريًّا جميلاً يتمثل في وحدة الزي مع الأداء الرفيع والمنظم، في صفوف متقابلة قد يصل العدد فيها إلى خمسين مؤدياً في الصف الواحد. وتعدّ الصفوف من أهم ركائز العرضة، وأن أي اختلال في تنظيم الصفوف يخل بالعرضة، لكونها من الفنون الكورالية".
وتعتمد العرضة على التعبير الحركي الجماعي المهيب المشحون بإثارة الحماس قبل خوض الحرب في السابق، حيث يحاكي صور المعارك قديماً، وبخاصة وسط المعركة حيث "المحورب" والفرسان والطبول والأعلام والسيوف والشعر الحماسي، التي تمثل جميعها الأركان الرئيسة للعرضة. وقد شهد هذا الفن الذي يمثل أحد ألوان الفنون الشعبية الرجولية تطوراً كبيراً يعكس مدى أهمية هذا الفلكلور الشعبي والمحافظة عليه، من خلال إحياء القصائد الحماسية التي وثقت لهذا التراث، والتعريف بأبرز الشعراء الذين برعوا في نظمها.
وتسعى الهيئة من خلال إطلاقها المبادرات التوثيقية إلى إبراز ثقافة المملكة المتأصلة في الدرعية لتحكي قصــص الفخر والعزة المتجذرة في تاريخ المملكة عموماً وفي الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى، وأن تبني منها تجربة ثقافيـة غنية باهرة بعراقتهـا، لتصبـح مقصداً للعالم وفخراً للســعوديين.
والجدير بالذكر أن مشروع التاريخ الشفوي للعرضة السعودية يعدّ استكمالا لبرامج عدة تندرج تحت مشروع ضخم لتوثيق التاريخ الشفوي للدرعية، ومنها برنامج التاريخ الشفوي للمرأة في الدرعية الذي أطلق هذا العام ولأول مرة في المملكة العربية السعودية بهدف توثيق الحياة الاجتماعية للنساء في الدرعية، وإبراز دور المرأة وإسهاماتها في المجتمع المحلي، وبرنامج التاريخ الشفوي لتوثيق الدرعية الذي أطلق عام 2020 متضمنًا مقابلات مع كبار السن من أهل الدرعية، إضافةً إلى التاريخ الشفوي لتوثيق الأحياء التاريخية في الدرعية من الناحيتين الاجتماعية والعمرانية من خلال إجراء مقابلات مع المهتمين بهذا المجال، وغيرها من البرامج التوثيقية الشفوية التي سيُعلن عنها في المستقبل القريب، فقد أكملت هيئة تطوير بوابة الدرعية تسجيل أكثر من 200 ساعة مرئية ومسموعة اعتمدت فيها على أساليب ومنهجية علمية تستند إلى الترابط والتسلسل الزمني للأحداث والروايات لتوثيق قصص الدرعية التاريخية، أرض الملوك والأبطال وعاصمة الدولة السعودية الأولى، لتحفظ تاريخها، وتروي أجمل قصصها.