"قصتي".. 50 عاما من اللمحات الإنسانية في حياة الشيخ محمد بن راشد
نجح كتاب "قصتي" لصاحب السمو شيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله في تصدر مبيعات الكتب في مكتبات دولة الإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى المنصات الالكترونية المعنية ببيع الكتب المختلفة.
50 عام من العطاء
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" قد أصدر كتابا جديدا بعنوان " قصتي .. 50 قصة في خمسين عاما ".
كتاب "قصتي" يتناول السيرة الذاتية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وهو كتاب ذو طابع تاريخي وإنساني، يشاطر سموه فيه ملايين القراء في الإمارات وفي الوطن العربي والعالم إضاءات ومحطات من رحلة خمسين عاما في حياته وعمله ومسؤولياته
أصغر وزير في العالم
الكتاب رحلة يتداخل فيها الشخصي بالعام، كما تتقاطع فيها فصول بناء الذات مع بناء الدولة، منذ أن أسندت إلى سموه أول "وظيفة" في خدمة وطنه، حين تولى قيادة الشرطة والأمن العام في دبي في العام 1968، وحتى توليه منصب نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي في العام 2006؛ مرورا بتأسيس قوة دفاع دبي، كأحد أنوية ودعائم الجيش الموحد لدولة الاتحاد القادمة، التي كانت في طور المخاض.
ومن ثم تولي سموه منصب وزير دفاع في أول تشكيل وزاري لدولة الإمارات العربية المتحدة عشية قيامها في ديسمبر من العام 1971، ليكون أصغر وزير دفاع في العالم، وليعمل على توحيد القوات المسلحة خلال خمس سنوات من قيام دولة الإمارات، قبل أن يقود سموه مسيرة التنمية المتسارعة في دبي، كولي عهد لدبي، ثم كحاكم لها، لتتحول دبي بفضل رؤيته السابقة لعصرها إلى بيئة عالمية للعمل والحياة تشكل نموذجا للتقدم والإنجاز والابتكار. كما تمثل تجسيدا للأمل الإنساني والإصرار على العمل والبناء ضمن منطقة الشرق الأوسط التي تعرضت للعنف والحروب والدمار، وذلك بموازاة النهضة الشاملة التي شهدتها الإمارات ككل وبالتكامل معها.
إرسال رواد فضاء إماراتيين للفضاء
ويستهل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الفصل الأول من "قصتي"، الذي يحمل عنوان "من هناك بدأنا وهنا وصلنا"، بالتوقف عند حدث مهم في تاريخ دولة الإمارات المعاصر، يتمثل في مشروع إرسال رواد فضاء إماراتيين للفضاء، وهو المشروع الذي أعلن عنه سموه في ديسمبر في العام 2017 عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بالتزامن مع الاحتفالات باليوم الوطني الـ 46 لدولة الإمارات، ضمن مشاريع منظومة الفضاء الإماراتية المتكاملة، وذلك كمدخل يؤكد فيه سموه رؤيته الساعية دوما إلى أن تكون الإمارات "الأولى" ورفع سقف الطموحات والتوقعات وتكريس ثقافة الإنجاز، لافتا بقوله : " أعشق تحطيم حواجز جديدة أمام شعبي، أحب الوصول إلى قمم غير متوقعة، وأؤمن بأن ما يقود الشعوب نحو التطور ليس الوفرة المادية فقط بل الطموح .. الطموح العظيم".
بدايات الحلم الإماراتي
ويعود سموه إلى الماضي - من هذا المدخل، الذي يجسد الحلم الإماراتي بالريادة - مستذكرا "البدايات المتواضعة"، في بيت جده الشيخ سعيد في الشندغة .. فمن ذاك البيت العالقة تفاصيله في عقله وقلبه، البيت الذي رعاه وجهزه إنسانيا وعاطفيا لمسؤوليات المستقبل العظام، من دبي في خمسينات القرن الماضي التي تصخب بالحراك الاجتماعي والاقتصادي، بدأ سموه رحلة العمل الذي لن يتوقف، ووصول الإمارات إلى الفضاء لم يكن ليحدث لولا تلك البيئة التي غرست فيه ثقافة الانتماء للأرض، وزرعت فيه الرغبة بالعمل والإنجاز والتفوق.
سنوات الحب الأول
ومن هذا الفصل الاستهلالي، يخط سموه في " قصتي " فصولا وصفحات من حياته وحياة وطنه، متوقفا عند محطات مفصلية في تاريخ دولته كان شاهدا عليها وطرفا فاعلا فيها لعل أكثرها مصيرية في مخاض قيام اتحاد الإمارات الذي يكشف فيه سموه جانبا من كواليس تلك الحقبة، ودوره في ولادة الدولة الفتية على يد المؤسسين الحكيمين الشيخ زايد والشيخ راشد، طيب الله ثراهما، ومضيئا فصولا من حياته في الطفولة والصبا، سني النشأة الأولى التي التصق بها في بيئته، فتعلم من الصحراء والبحر، وتعلم من جده وأبيه وأمه، قبل أن يتعلم من العالم الأكبر؛ هي سنوات الحب الأول في كل شيء، حب الأم وحب الخيل وحب الصحراء وحب دبي وحب الإمارات.
الشيخ راشد بن سعيد "باني دبي الحديثة"
ويشكل "قصتي" في قسم كبير من فصوله سردية ممتعة تحتفي بقصة بناء دبي والإمارات، من خلال قصص مثل "185 عاما من البحث عن دبي" يستعرض فيها تاريخ دبي من خلال عائلة آل مكتوم التي وضعت اللبنات الأولى منذ العام 1833 وجمعت حولها شعبها، لتصبح دبي ما هي عليه اليوم، كما يفرد سموه عدة فصول للحديث عن والده الشيخ راشد بن سعيد، باني دبي الحديثة، والدروس التي تعلمها منه في الإدارة والقيادة، ولعل ما يميز تجربة الشيخ راشد الحاكم كأحد الاستثناءات القليلة في المنطقة ما يشير له سموه في الكتاب بالقول: " كان الشيخ راشد يفضل دائما الابتعاد عن ضوضاء السياسة وتشابكاتها ومعاركها الصفرية، ويقول إنها لم تصنع لنا نحن العرب شيئا".
أطيب رجل في حياة الشيخ محمد بن راشد
كذلك، يستعيد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في "قصتي" بعض المواقف المؤلمة من بينها رحيل من يصفه بـ" أطيب رجل عرفته في حياتي"، وهو جده الشيخ سعيد، الذي يحسب له بأنه زرع البذور الأولى للتنوع الثقافي والإنساني الكبير الذي تتمتع به دبي اليوم، واصفا إياه بالقول: "لم يكن يرضى بالظلم أبدا، وكان مع الحق حتى وإن كان ذلك على حساب أقرب الناس إليه".
ويفرد فصلا أيضا للحديث عن رحيل الشيخ زايد، مستذكرا سموه لمحات من مسيرته الطويلة في إدارة الاتحاد قائلا: " الناس نوعان : زائد على الحياة وزائد فيها، وزايد بن سلطان من النوع الثاني؛ زاد إلى حياته حياة شعب، وأضاف لمسيرته إحياء أمة، ونفع بحكمته وحنكته ملايين البشر، هذا هو الخلود الحقيقي"، ويضيف: "علمنا زايد كيف يمكن أن يبقى الإنسان حيا في القلوب والعقول، علمنا زايد كيف يمكن أن يبقى الإنسان عاليا في الحياة والممات".
أنجح نموذج اقتصادي في الشرق الأوسط
كما أفرد سموه فصولا عدة حول تجربة دبي الاستثنائية والملهمة، التي جعلتها أنجح نموذج اقتصادي وتنموي في المنطقة، مستعيدا حكاية المدينة من خلال منجزاتها التي جعلتها تتصدر عناوين الصحف العربية والعالمية مثل تحويلها إلى وجهة سياحية رائدة، تنافس مدن العالم المكرسة تاريخيا في هذا المجال، بالإضافة إلى بناء مشاريع عملاقة، ذات صدى عالمي، مثل بناء ميناء جبل علي، والمنطقة الحرة في ميناء جبل علي، وتأسيس شركة "طيران الإمارات"، وشركة موانئ دبي العالمية التي تدير أكثر من 80 ميناء حول العالم، و"دبي ويرلد سنترال"، كمدينة لوجستية متكاملة بمثابة خط حرير إماراتي، يربط بين الخطوط الجوية والخطوط البحرية في الدولة، حيث يضم المشروع مطار آل مكتوم الدولي الأكبر عالميا، كل ذلك ضمن رؤية تؤمن بأن دبي لا تعرف المستحيل، حيث يقول سموه: "يمكن أن تلتف على قوانين المنطق أحيانا لتحقيق ما يعجز غيرك عن تحقيقه".
السن اليافع
من القصص الجميلة والمؤثرة التي يضمها "قصتي" تلك التي يتحدث فيها سموه عن جوانب من حياته الشخصية في سنه اليافع بلغة تفيض عذوبة ودفئا، خاصة علاقته مع أمه الشيخة لطيفة بنت حمدان بن زايد آل نهيان، رفيقة درب الشيخ راشد بن سعيد على مدى أكثر من أربعين عاما؛ أم دبي، التي أحبها الجميع، وبكى رحيلها الجميع.
أمي أجمل الملكات
تحتل الشيخة لطيفة ثلاثة فصول في الكتاب، يكشف فيها سموه جوانب من علاقته بأمه، هو الذي كان أقرب الأبناء إليها، كما يصفها بكلمات جميلة، يستعيرها بوحي من قصيدة الشاعر نزار قباني في وصف بلقيس: " كانت أمي أميرة وجميلة .. كانت أمي أجمل الملكات .. كانت أمي أطول النخلات ..كانت إذا تمشي يرافقها غزال، وتتبعها عناية الرحمن ".
عشق الخيل
كما يشارك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قراءه علاقة العشق الأزلية التي تربطه بالخيل منذ صغره، وهو عشق رافقه في شبابه، ولازال يلازمه حتى اليوم، ولعل قصة الحب الأولى مع خيله، بدأت من خلال علاقته بفرس تدعى " أم حلج "، التي منحها الحب والرعاية وعالجها من إصابة في ساقها، فأعطته بدورها الشعور بالإنجاز، وهو درس يطبقه سموه في كل شيء في حياته وعمله، فأن تحب شيئا يعني أن تخلص له حتى النهاية، وكلما أعطيته أعطاك، حيث يقول سموه: "تعلمت من خيلي أنه عندما تحب شيئا واصل فيه حتى النهاية ..عندما تريد إنجازا أعطه كلك، لا تعطه بعضك، إلا إذا كنت تريد نصف إنجاز، أو نصف انتصار".
وصايا الشيخ محمد بن راشد
من الوصايا الأخرى التي يؤكد عليها سموه ضرورة التخطيط ومراقبة الأداء والتواصل مع الجمهور وتبني ثقافة الابتكار وتشكيل فريق عمل يترجم رؤية القائد وينفذها، قائلا في هذا الخصوص: "لا تحلق وحيدا، لا تغرد وحيدا، لا تصفق وحيدا.. اصنع فريقا يحملون أهدافك لآفاق جديدة".
لا مستحيل أمام الإمارات
أخيرا، " قصتي " .. سردية تحتفي بالعطاء والإنجاز والبناء، وتحتفي برجل صانع الرجال والبنيان، وتحتفي بشعب وقف خلف قيادته، قصة عنوانها دولة الإمارات .. وفي كل القصص والمحطات، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هو الفتى التواق للتعلم واختبار تجارب جديدة في الحياة، وهو محمد عاشق الخيل والصحراء وعاشق دبي والإمارات، وهو محمد بن راشد الإنسان، وهو محمد بن راشد القائد الذي يؤمن بأنه " لا مستحيل أمام دولة الإمارات، ولا قوة يمكن أن تقف أمام إرادة شعبها"، وبأن " المستحيل وجهة نظر، والعالم يفتح الأبواب لمن يعرف ماذا يريد".