ارتفاع نسب إصابة الأطفال بقصر النظر أحد المضاعفات الجانبية الخطيرة لكورونا
افتتح معهد العيون، بمستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، عيادة علاج الأطفال من قِصَر النظر، وذلك استجابةً للزيادة الحادة في عدد الحالات المصابة بهذا المرض بين الأطفال، بسبب ازدياد الوقت الذي استغرقه الأطفال في النظر إلى شاشات الأجهزة الإليكترونية داخل المنزل في عام 2020، وهذا أمرٌ قد تترتب عليه مضاعفاتٌ محتملةٌ ربما تؤدي إلى إصابة هؤلاء الأطفال بالعمى، في مراحل لاحقةٍ من حياتهم.
ما هي العلاقة بين قصر النظر وفيروس كورونا؟
مع الاتجاهات السائدة حالياً، فإن قِصَر النظر سيؤثر على نصف سكان العالم، بحلول عام 2050. ومع استمرار ازدياد نسب قصر النظر، ربطت الدراسات العلمية التي أجريتبهذا الشأن،ازدياد تلك النسبة بازدياد المدة التي يقضيها هؤلاء الأطفالداخل منازلهم، هذا من بين عوامل أخرى. والآن يشعر الأطباء بالقلق من أن جائحةفيروس كوفيد-19، وازدياد عدد الساعات التي يقضيها الأطفال، في الدراسة بالمنزل، بدلاً من المدرسة، كلا الأمرين معاً قد أَدَّيَا إلى زيادة هائلة في عدد الحالات، حيث سجلت إحدى الدراسات التي أجريتفي الصين نمواً حادَّاً، في عدد المصابين بقِصَر النظر، عام 2020 من الأطفال الصغار في سن المدرسة.
يشرح الدكتور عارف خان، استشاري طب عيون الأطفال في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، جزء من مبادلة للرعاية الصحية، هذا الأمر قائلاً: "عدد حالات الإصابةبِقِصَر النظر في ازدياد منذ وقت طويل، لكن الأحداث التي شهدها عام 2020، مع بقاء كثير من الأطفال لوقت طويلفي منازلهم، ونظرهم إلى شاشاتالأجهزة الإليكترونيةلفترات طويلة، قد زاد الوضع سوءاً. وهذا الأمر يعد "جائحة ضمن الجائحة"، وستكون له مضاعفات خطيرة إذا لم يلق الرعاية المناسبة".
وتحدث الإصابة بمرض قصَر النظر، وهو أكثر أمراض العيون انتشاراً في العالم، عندما يتغير شكل العين، ويصبح طويلاً جداً، بحيث تصير غير قادرة تركيز الرؤية، وهذا ينتج عنه عدم وضوح الرؤية، في المدى المتوسط والبعيد. إذا تُرك الأطفال المصابونبقِصَر النظر دون علاج، فربما تتفاقم حالتهم تدريجياً، في سن طفولتهم، وهذا ربما يؤثر على تحصيلهم الدراسي، وجودة الحياة التي يعيشونها، إضافةً إلى ازدياد خطر إصابتهم بالمياه الزرقاء على العين (الجلوكوما)، والإصابة بالتنكس البُقَعِي الناتج عن قِصَر النظر، وانفصال الشبكية، وهذه كلها أسبابربما تؤدي إلى العمى.
فبعد فحص شامل للعين في معهد العيون، بمستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، يُحال الأطفال إلى العيادة المتخصصة في علاح قِصَر النظر، إذا ما رأى الأطباء أن هؤلاء الأطفال قد يستفيدون من الرعاية الطبية الخاصة التي تقدم لكل شخص بحسب حالته، وذلك لمساعدتهم في الحيلولة دون تدهور حالتهم الصحية إلى ما هو أسوأ.
"كلما كان المصابُ شديد قِصَر النظر، زاد خطر إصابته بأمراض العين، مثل المياه الزرقاء، أو انفصال الشبكية، في وقت لاحق من حياته. ومع إصابة الأطفال بِقِصَر النظر، وهم ما يزالون في سن أصغر، يزداد خطر إصابتهم بِقِصَر النظر، بشكل كبير. تقول الدكتورة كريستين داكيو، أخصائية طب العيون في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، إن هدفنا هو الحيلولة دون إصابة الأطفال بهذا المرض أو إبطاء وتيرة تفاقمهونموه في حالة إصابة الطفل به، وهذا، بالتالي، يقلل بشكل كبير من مخاطر تعرض هؤلاء الأطفال لأمراض تهدد بصرهم، في وقت لاحق من حياتهم.
تتبع عيادة علاج الأطفال من قِصَر النظر نهجاً متعدد التخصصات، ويقدم رعاية طبية مخصصة لكل شخص بحسب حالته، سعياً لمنع تفتقم حالة الإصابة بقصر النظر. يستخدم العلاج الأساسي نوعاً مخصصاً من قطرة العين، جرى تحضيره وتركيبه في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي". إضافةً إلى ذلك، توجد النظارات متعددة البؤر والعدسات اللاصقة، وهذه من ضمن الخيارات التي قد تكون مناسبة.
ويختم الدكتور خان حديثه قائلاً: "نشهد بالفعل عدداً متزايداً من الأطفال المصابين بِقِصَر النظرفي ممارستنا الطبية، ولكن هذه الحالات ليست إلا الجزء الظاهر لنا منقمة الموجة القادمة. وبدون رعاية وقائية، فسيكون لدينا، في غضون 10 أو 20 عاماً، الكثير من الشباب في جميع أنحاء العالم، مصابين بأحد أمراض العين التي قد تنتهي بهم إلى الإصابة بالعمى."
وكثراً ما أوصى الأطباء بأن يجري جميع الأطفال فحصاً مبدئياً للعين في سن الرابعة تقريبًا. يتيح الفحص الفعال معالجة الأسباب التي يؤدي إلى الإصابة بالعمى، وهذا أمرٌ ممكنٌ في سن الطفولة، حيث يكون أكثر قَبُولاً للتصحيح، لأن الجهاز البصري يكون ما يزال في مرحلة التطور والنمو. ومع ذلك، إذا ما اشتبه الآباء في أن طفلهم يعاني من مشكلة في العين، فيجب عليهم المسارعة بفحص الطفل، في أقرب وقت، أياً ما كان عمر الطفل. يُجري أطباء عيون الأطفال في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، فحوصات شاملة لعيون الأطفال في أي عمر، ويقدمون علاجات ناجحة بناءً على تلك الفحوصات، وإجراء الجراحة التصحيحية عند الضرورة، حتى للأمراض الخِلقِيَّة النادرة التي يُصاب بها الأطفالُ حديثو الولادة.