أهمية الإكتشاف المبكر لمرض التوحد عند الأطفال

أهمية الإكتشاف المبكر لمرض التوحد عند الأطفال

ريهام كامل
2 أبريل 2022

يُعاني طفل واحد من كل 160 طفلًا تقريبًاعلى مستوى العالم من اضطراب طيف التوحد، وهي نسبة تستدعي إنتباه الآباء والأمهات إلى أهمية وعيهم بالمرض، وبأهمية معرفة العلامات التي تشير إلى إصابة أطفالهم بالتوحد، ليتم الإنتباه له مبكراً وبدء اتخاذ اللازم حياله.

وبالتزامن مع اليوم العالمي للتوحد والموافق 2 ابريل من كل عام، وفي هذا الصدد قالت خبيرة نفسية من منظومة الرعاية الصحية العالمية كليفلاند كلينك، إن بوسع الآباء أن يلعبوا دورًا مهمًا في تحسين نتائج علاج الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحّد، بالحرص على الكشف والتدخل المبكرين، وعبر لعب دور مركزي في برنامج العلاج الشامل للطفل.

علامات مهمة

وقالت الدكتورة سينثيا جونسون مديرة مركز التوحّد في كليفلاند التابع لمستشفى كليفلاند كلينك للأطفال وأستاذة طب الأطفال، إن من المهم أن يكون الآباء على دراية بعلامات الإصابة باضطراب طيف التوحّد، مشيرة إلى أن من شأن التشخيص والتدخل المبكرين رفع مستوى الوصول إلى نتائج مثالية في العلاج. كما أكّدت أن بوسع الآباء أيضًا لعب دور مباشر في علاج أطفالهم.

توعية الآباء والأمهات

وأوضحت جونسون أن هناك برامج توعوية مفيدة للآباء تقدّم المعلومات والدعم، وبرامج تدريبية تعلّم استراتيجيات محدّدة ترمي للمساعدة في معالجة سمات الضعف الأساسية في التواصل الاجتماعي وتحسين السلوك المتداخل، مثل نوبات الغضب الشديدة واضطرابات النوم ومشاكل التغذية.

وقالت الدكتورة جونسون إن ثمّة سمتان رئيستان لاضطراب طيف التوحد يمكن تشخيصهما في العام الأول من عمر الطفل. أولهما وجود عجز في الاتصال أو عجز في استخدام الاتصال اجتماعيًا، كعدم القدرة على إجراء الاتصال البصري التقليدي بالعين وعدم استخدام الإشارات غير اللفظية مثل التأشير بالإصبع أو التلويح باليد، وثانيهما وجود سلوكيات تقييدية أو تكرارية. ويحدث التشخيص في العادة بعد إجراء مقابلات مع الآباء والمعلمين، وإجراء اختبارات خاصة بالتوحّد.

تأخر النطق

ودعت خبيرة الصحة النفسية الآباء الذين لديهم أطفال صغار وأطفال في سنّ ما قبل المدرسة إلى تحرّي التأخر في النطق وفي تطوّر التواصل عند أطفالهم، موضحة بأنّ الأعراض المحتملة يمكن أن تشمل عدم استخدام الإيماءات، والتكرار المتتابع للفظ العبارات والكلمات، والتقليد المحدود لأفعال الآخرين وعواطفهم، واللعب غير النمطي المتكرّر والمقيد، والانخراط في حركات متكررة مثل الخفقان باليد ونقر الأصابع، والحساسية المفرطة للصوت. وأضافت: "كلما تمكنّا من تحديد اضطراب طيف التوحد في وقت مبكر، زادت قدرتنا على معالجتها بسرعة والمساعدة في تجنّب تعرّض الأطفال إلى سلسلة من الاضطرابات أثناء نموهم وتطورهم في سنّ مبكرة".

برامج العلاج

وتتسم برامج العلاج بالطابع الشخصي وتبدأ بعلاجات تحليل السلوك التطبيقية التي يشار إليها غالبًا باسم "التدخل السلوكي المكثف المبكر"، بحسب مديرة مركز التوحّد في كليفلاند، التي أكّدت أن تركيز هذه العلاجات ينصبّ على السمات الأساسية لاضطراب طيف التوحّد، مثل الصعوبات الاجتماعية والتواصل، وعلى السلوكيات المتكررة والسلوكيات الأخرى التي تتعارض مع سلوكيات الطفل الطبيعية. وقد تكون العلاجات التكميلية كالعلاجات الوظيفية أو علاج النطق مناسبة أيضًا، في حين أن الأدوية غالبًا ما تستخدم لعلاج السلوكيات التخريبية بالإضافة إلى ضعف الانتباه وفرط النشاط.

كما حذّرت الدكتورة جونسون من أن مرضى التوحّد أكثر عرضة من غيرهم من الأطفال للإصابة بالتشنجات والصرع ومشاكل الجهاز الهضمي والتغذية واضطرابات النوم والاكتئاب والقلق، مؤكّدة أن البرنامج الشامل سيكون كفيلًا بعالج هذه المشكلات بجانب علاجه لسمات التوحّد الأساسية.

وتتضمّن الاعتبارات المهمة الأخرى في العلاج دمج توعية الآباء وتدريبهم في برنامج العلاج. وقالت الدكتورة جونسون في هذا الإطار: "رأينا دائمًا مدى فاعلية تدخّل الآباء لتحسين المهارات التنموية لأطفالهم وتطوير أدائهم العامّ، إذ إن برامج تدريب الآباء توجّههم إلى مبادئ تحليل السلوك التطبيقي وتقدّم لهم استراتيجيات دقيقة لحلّ مشكلات السلوك والتغذية والنوم، وغيرها من الأمور، ما قد يخفّف كثيرًا من تعب الآباء وتوتّرهم".

وأضافت: "يمكننا المساعدة في تحسين التفاعل بين الآباء والأطفال عبر سلسلة من الجلسات التعليمية والتدريبية للآباء وأطفالهم، كما يمكن مساعدة الآباء على وضع استراتيجيات تساعد الطفل اجتماعيًا وتحدد سبل التعامل مع التحدّيات التي تطرأ، مثلًا، أثناء خروج الأسرة في نزهة".

وبالرغم من أن القيود التي فرضتها الجائحة كانت صعبة جدًا على الأسر التي لديها طفل مصاب بالتوحد، فقد رأت الدكتورة جونسون أنها خلقت في المقابل فرصًا لتعزيز مشاركة الآباء بنجاح في التدخلات العلاجية، وانتهت إلى القول: "استطاع الآباء أن يلمسوا مدى فاعلية مشاركتهم في مساعدة أطفالهم على إتقان مهارات جديدة، فبإمكان الأسر أن تكون خير معين للأطفال على تعلّم المهارات المناسبة للنمو، وتعزيز استقلاليتهم، وتسخير قدراتهم الفريدة".