الدلّة قيمة جمالية وثقافية تصون القهوة السعودية
استقرّت دلّة القهوة في أفئدة السعوديين منذ عقود طويلة، حتى أضحت رمزاً معروفاً عند جميع فئات المجتمع، وإحدى صور موروثهم المادي، إذ تتأنق أرفف المجالس و"مشبّات" بيوت الشعر، بالدلال،الأمر الذي يفاخر به المضيّف؛ باعتبارها الدلالة المعبّرة عن الكرم والتقاليد الحميدة.
ويأتي أصل تسمية الدلّة كما يجري على ألسنة العامة مشتقّاً من الدلو الذي يستخدم لنقل الماء، وارتبطت ببعض القواعد العرفية أثناء استخدامها، إذ يمسكها الساقي بيده اليسرى فيما تمتلئ يده اليمنى بالفناجيل، ويصدر البعض جرساً مميزاً أثناء سكبها، حيث يضرب الفنجال بطرف المصبّ، في إشعار منه للضيف بأخذ القهوة.
أمّا قديماً فكانت "الركوة" تستخدم قبل الدلّة، حتى سُخّر النحاس كمادة أساسية لصناعة الدلال التي تختلف ألوانها باختلاف لون المادة ما بين الأبيض والأصفر والأحمر، وتشتهر منطقة حائل في شمال المملكة، بهذه الصناعة العريقة الضاربة في جذور الثقافة السعودية، واشتهرت دلال أبناء حائل بمسمى "القريشيات" التي يبلغ عمرها ما يقارب القرن ونيّف، وتتميز بالمصبّ القصير والغطاء المختلف عن الدِلال الأخرى، بالإضافة لمظهرها المميز ونقوشها المتفردة. وتعتبر حائل المركز الحيوي لصناعة الدلال؛ نتيجة للمصانع والأسواق المختصة، والتي تنتج أيضاً بعض الأنواع الأخرى مثل "الرسلان" و "البغدادية".
ورغم استقلالية وتفرّد الدلّة الجمالية عن غيرها من حاملات الطعام، إلا أن قيمتها الفعلية تتجاوز مظهرها؛ حيث تحولت إلى أيقونة في التراث السعودي، تمثل الكرم وحسن الضيافة؛ لتصبح الدلة شريكة في المناسبات الفرائحية والمآتم، والجلسات العامة والخاصة، وركيزة أساسية في حياة العائلة السعودية لا يمكن التخلي عنها.
وتحتفي وزارة الثقافة بالقهوة السعودية، بتسليط الضوء على أدواتها ومكوناتها، وطرق تحضيرها المتنوعة من منطقة لأخرى، بالإضافة إلى أساليب تقديمها، ليتم تسمية عام 2022م بـ"عام القهوة السعودية"، احتفاءً بالقهوة وملحقاتها كموروث سعودي أصيل.