مسلسل "5 The Crown".. موسم ثري دراميا وتألق خاص لإليزابيث ديبيكي في دور الليدي ديانا
حياة الأميرة ديانا في الواقع كانت حدوتة رومانسية خيالية حالمة نهايتها حزينة، وصارت أزمات زواجها من الأمير تشارلز وصولاً إلى الإنفصال ثم الطلاق حديث الصحافة في بريطانيا والعالم، وكانت شخصيتها الساحرة محل إهتمام العالم خلال حقبة التسعينيات، وانعكس ذلك على الموسم الخامس من مسلسل "The Crown" (التاج)؛ فحضور الممثلة الأسترالية "إليزابيث ديبيكي" في شخصية "ديانا" كان طاغياً؛ وقد منحها سيناريو "بيتر مورجان" الكثير من الخيوط الدرامية التي ترسم ملامح شخصية إمرأة تشعر بالإقصاء من زوجها والعائلة المالكة. لقد فشلت في التأقلم مع روتين القصر، وشعرت أنها دخيلة على عالم رصين وبارد المشاعر.
الملكة تُواجه إخفاقها!
في إحدى الحلقات تتعرض قلعة وندسور لحريق كبير، وتشعر الملكة أن هناك رابط ما بين تضرر جدران القلعة وتضرر صورة الملكية كثيراً خلال عام 1992 الذي وصفته الملكة بأنه أسوأ عام مر عليها. ترهلت حكايات المسلسل الذي يتناول حياة العائلة المالكة خلال الموسم الرابع، وفي الموسم الخامس الذي بدأت شبكة نتفليكس عرضه لازال السيناريو يعيد ويزيد في تفاصيل مُكررة عن ملكة تضع واجباتها والبروتوكولات الملكية فوق كل الإعتبارات.
رغم تمرد تشارلز وشقيقته مرجريت على قمع الملكة نزواتهما العاطفية، لكنهما في النهاية لا يُخرجان مشاعرهما إلى العلن؛ فهذا ذنب لا يُغتفر، وخيانة لملكة يُقدرونها رغم كل شىء؛ وكان تمرد "ديانا" مقبولاً حينما كان في إطار الإحتجاج داخل جدران القصور، وكان مرفوضاً حينما خرج للعلن، ورغم تعاطف بعض أفراد العائلة الملكة معها، لكنهم انقلبوا عليها؛ فهى لا تشاركهم نفس الدواء؛ وهو تجرع الألم والمرارة في صمت.
تراجعت قصة الملكة اليزابيث للخلف في هذا الموسم، وساهم أداء الممثلة "اميلدا ستانتون" لشخصية الملكة اليزابيث الثانية في جعل الشخصية فاترة مقارنة بأداء "كلير فوى" العاطفي، وأداء "أوليفيا كولمان" الحاد، ولكن أداء اميلدا هو الأقرب لصورة الملكة بشكل عام؛ فهى شخصية أجادت طوال فترة حكمها الظهور علناً بمظهر هادىء وفاتر، وفي مرحلة الشيخوخة كانت أقرب لشخصية الجدة الكلاسيسكية اللطيفة. الشيء الجيد في أداء "اميلدا ستانتون" الفاتر هو أنها على عكس "كلير فوى" و"أوليفيا كولمان" تُظهر مشاعر شحيحة مهما كان الموقف الذي تتعرض له عصيباً، وتبدو بالفعل بملامحها المُحايدة مُنفصلة عن الواقع.
سرد "بيتر مورجان" للحكاية الملكية من زوايا مختلفة به كثير من البراعة، والحكايات الجانبية عن الشخصيات الثانوية أكثر روعة وجاذبية من حكايات شخصيات العائلة الملكية الهامة، ويُمكن أن نقول أن الموسم الخامس يُركز بشكل خاص عن علاقة العائلة الملكية بالدُخلاء، وهم شخصيات سعت لتكون جزء من العائلة المُنغلقة على نفسها.
صراعات داخل القصر!
حاول المسلسل من خلال الرسم المتوازن للشخصيات ألا يقع في فخ التنميط؛ فهو يتحاشى شيطنة شخصيات العائلة المالكة رغم أن العمل لا يُخفي تعاطفه مع شخصية "ديانا"، وهو في الوقت نفسه يُسرف في سرد التبريرات والتقاط زوايا أخرى في الحكاية؛ يصور من ناحية هجوم الأخرين على الملكة لأنها تتعالى على عواطفها البشرية وتضع نفسها في مكانه مُقدسة؛ ونراها في مشاهد أخرى تبذل مجهوداً كبيراً لتكتم دموعها أو تمتص صدمات هجوم أقرب الناس إليها.
نرى شقيقة الملكة الأميرة "مرجريت" تلومها على تدخلها قبل عقود لإنهاء قصة حبها لضابط في القصر الملكي، وإبنتها "آن" تُعيد حكاية خالتها مع موظف أخر وتُصر بعناد أن تتزوجه، وعلى جانب أخر يجد "تشارلز" عدم تنازل أمه عن العرش لصالحه أمر مُخيب للآمال، وتُطارد إبنها الصغير "أندرو" فضائح غراميات زوجته.
الأكثر قسوة أن الملكة تعيش وحيدة رغم كل شىء؛ فهى زوجة المنصب، وأم واجباتها اليومية، وشقيقة البروتوكول الرسمي والنظام، وهى تظن دائماُ أن عائلتها تتفهم ذلك وتُقدره.
تمرد "ديانا" على الجمود الملكي والصمت على خيانة تشارلز لزوجته كان الشرخ الذي رآه العامة في كيان الملكية المهيب، ورغم أنه لم يكن الشرخ الوحيد، لكنه كان الشرخ الذي حظى بالأضواء وكان مصدر الدراما الأهم في الموسم الخامس.
الفايد وحكاية الدُخلاء!
من الحكايات المؤثرة بالمسلسل حكاية الملياردير المصري "محمد الفايد"، ورغم أن حكايته جائت كجزء ثانوي من حكاية "ديانا"، لكنها ربطت بشكل ما بين رجل أعمال مصري شديد الثراء يسعى ليكون واحد من النبلاء وبين سيدة نبيلة تُحاول الهروب من نفس الحياة، وجاء الخيط الدرامي الأكثر جاذبية في تلك القصة حكاية الفايد وسيدني خادم الملك السابق ادوارد الرابع، الذي أصبح خادم الفايد الشخصي بعد وفاة الملك في منفاه، وهى علاقة ترسم صورة الدخيل الضعيف الذي يستطيع أن يتعايش مع السادة وأن يُصبح واحد منهم.
محمد الفايد بائع المياه الغازية المتجول بالأسكندرية كما جسده "أمير المصري" بصورة جيدة كان طموحه عظيماً وأكبر من إمكانياته، ونجح في الإقتراب كثيراً من الملكة ولكنه لم يقف أمامها وجهاً لوجه، ترسل له سكرتيرها الشخصي أو حتى "ديانا" لكنها تتهرب من مُقابلة شخص كان يوماً ما أحد رعايا مُستعمرة من مستعمرات الإمبراطورية القديمة.
الأداء التمثيلي مميز للغاية، ومن أكثر الممثلين الذين تركوا تأثير على الشاشة الممثل "دومينيك برايس" في دور الأمير فيليب، الرجل الذي نجح في العيش في ظل زوجته الملكة، والممثل "دومينيك ويست" في دور الأمير تشارلز، ولكنه قدم نسخة صلبة وواثقة تختلف عن صورة الأمير المتردد المُهتز التي قدمها "جوش أوكونور" في الأجزاء السابقة، وقدم الممثل الفلسطيني "سليم ضو" أيضاً لمحات ذكية لشخصية "محمد الفايد" الثري الذي يُجاري وسط النُبلاء، لكنه يحتفظ بسلوكيات الشخصية المصرية الشعبية في الطموح والقدرة على التفاوض، ورغم بعض مظاهر الغطرسة والعنصرية التي صورها العمل لكن هناك ملامح أخرى يُظهر فيها الوفاء والتعاطف مع خادمه الشخصي العجوز سيدني.
الصور من التريلر وصفحة المسلسل على تويتر