المصممة الشابة اللبنانية نور تقي الدين تبتكر فناً قابلاً للارتداء وتبهر دوناتيلا فيرساتشي
استطاعت مصممة الازياء اللبنانية الشابة نور تقي الدين أن تترك بصمة مهمة في عالم الموضة وهي ما زالت في أول الطريق. بعد أن درست تصميم الازياء في الجامعة اللبنانية الاميركية في بيروت وتميزت بفوزها بجائزة المصمم إيلي صعب، تابعت بإبداعها نحو أوروبا. تم اختيارها من بين العديد من الطلاب لتكون الوحيدة من منطقة الشرق الاوسط لتقدم تصميماً لفيرساتشي مستوحى من أرشيف الدار الايطالية ومن ثقافة بلدها لبنان. قابلت دوناتيلا فيرساتشي وعبرت لها تلك الاخيرة عن اعجابها وانبهارها بالقطعة التي صممتها. نور تقي الدين متأثرة بتاريخ بلدها ومبدعيه، طفولتها في الشوف ومراقبتها للحرف التقليدية، الفن والطبيعة وكل الاحداث الآنية التي تدور حولها، فهي تعتبرها مصدر إلهامٍ لتصمم وتنقل عبر ما ستخلقه رسالةً مفيدة للمجتمع وقطعةً تعطي المرأة جرعة إضافية من القوة. أجرينا هذه المقابلة لنتعرف أكثر على المصممة الشابة نور تقي الدين.
كيف اكتشفت شغفك بالتصميم؟
أحب التعبير عن نفسي، وكان الفن دائمًا طريقتي المفضلة للقيام بذلك. عندما كبرت، سمعت أن الجامعة اللبنانية الأميركية تفتح لأول مرة في الشرق الأوسط برنامج تصميم أزياء مع دبلومة جامعية. وهكذا بدأت، تقدمت بطلب وتأكدت أن هذا ما أردت القيام به.
منذ البداية، ابتكرت أسلوبك وهويتك الخاصة في التصميم، أخبرينا أكثر عن ذلك.
اعتبر نفسي مصممة مفاهيمية، أي هناك دائمًا رسالة عميقة وراء عملي. سواء القمامة في لبنان، أو انفجار بيروت، أو الآن آخر أعمالي حول ذكريات لبنان في الستينيات خلال حقبته الذهبية. أحب العمل بألوان جريئة وخلط الأقمشة ومطابقتها وكذلك تطوير المطبوعات. بالنسبة لي، المصمم هو الشخص الذي لا يشتري قطعة قماش ويستخدمها كما هي، بل يغيرها، أو يحولها، أو يرسمها، أو يصبغها، أو يزينها. عندما جربت الكثير من تقنيات معالجة النسيج المختلفة، اكتشفت حبي لتزيين الأقمشة والتطريز بشكل أساسي.
لقد ربحت جائزة إيلي صعب في عام 2021، وتم اختيارك لمقابلة دوناتيلا فيرساتشي. حققت العديد من الإنجازات في سن مبكرة.
كيف أدخلت ثقافة بلدك في تصميم فيرساتشي؟
نعم بالفعل، أحيانا أنسى أنني أبلغ من العمر 23 عامًا فقط! أعتقد أن الأمر كله هو نتيجة عمل شاق وشغف. في كل مرة كنت أشعر فيها بالتعب ظللت أذكّر نفسي أنني بحاجة إلى ترجمة كل مشاعري في تصاميمي سواء كانت توتر أو خوف أو غضب. جاءت جائزة إيلي صعب بعد عام مليء بالتحديات والوباء والثورة اللبنانية وفوق كل ذلك انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020. شعرت أن الحياة كانت سخيفة ولا شيء يحدث هو منطقي، لذلك وضعت كل هذه المشاعر في رسوماتي، وبدأت في تطوير الأفكار. بالنسبة لي، تثبت الجائزة مرة أخرى أنه بغض النظر عن مدى صعوبة الحياة، هناك دائمًا نهاية سعيدة. أما بالنسبة لتعاون فيرساتشي، فأنا أعتبره إلى حد بعيد من أهم إنجاز في حياتي المهنية كمصممة. أنا الآن أتابع درجة الماجستير في فنون تصميم الأزياء في Parsons Paris، وهناك أتيحت لنا الفرصة للحصول على مشروع مع دار الأزياء الإيطالية VERSACE. تم تكليفي على تصميم جامبسوت من مجموعة أرشيف جياني ودوناتيلا. كان من المفترض أن أصنع تصميمًا مستوحى من الحمض النووي لفرساتشي وثقافتي كمصممة. قررت أن أبتكر مظهرًا يمثل الستينيات في لبنان. خلقت طبعة هي عبارة عن اندماج عناصر فيرساتشي وأطلال بعلبك من الإمبراطورية الرومانية. أردت أن تكون هذه الإطلالة تكريماً للحقبات الذهبية اللبنانية وتكريما لأيقونة الثقافة، المغنية فيروز. من بعدها، تم اختياري للذهاب وتقديم عملي شخصيًا إلى دوناتيلا في ميلان. كنت الشابة الوحيدة من الشرق الأوسط، وكان هذا شرفًا ومسؤولية في نفس الوقت. نسيت كل التعب عندما قالت دوناتيلا إن تصميمي كان مذهلاً وكيف أنها تقدر كل التفاصيل فيه.
السوق مكتظة بالمصممين، وخصوصا الموهوبين اللبنانيين - كيف تعتقدين أن المنافسة ستكون؟
المنافسة عالية بالتأكيد، لكن هذا يزيد من حماسي. لقد أسس المصممون اللبنانيون بالفعل اسمًا ومصداقية في السوق الدولية. ومع ذلك، أعتقد أن عملي مختلف. أنا محاطة بالعديد من الأسماء الكبيرة في الأزياء الراقية مثل إيلي صعب، الذي أتيحت لي الفرصة التدريب معه لمدة لثلاثة أشهر. الموضة اللبنانية تركز بشكل أساسي على الفساتين، وأسلوب الأميرات مثل الفساتين الأنثوية للغاية. أنا أصمم فنًا قابل للارتداء، قطعا تشبه المنحوتات. لا أعتقد أن العديد من المصممين في الشرق الأوسط يتبعون هذا النهج في أن تكون الموضة فنًا. وأنا متحمسة جدًا لتقديم المزيد من التصاميم التي ستكون مفاجئة.
تصميماتك أكثر ارتباطًا بالاستدامة، ماذا تعني الاستدامة لك وكيف يمكننا إنقاذ الكوكب من خلال تصميم ملابس مستدامة؟
الاستدامة هي كلمة كبيرة، ولا أعتقد أن أي شخص يمكن أن يكون مستدامًا بنسبة 100٪ ، ولكن محاولة اتخاذ خطوات صغيرة يمكن أن تساعد بالتأكيد. في تصاميمي، أستخدم دائمًا الملابس المستعملة والملابس القديمة من متاجر التوفير وحتى المواد القديمة من أسواق السلع المستعملة. كما قمت بتطوير تقنية مبتكرة لجمع الأكياس البلاستيكية والضغط عليها بالحرارة، ثم تطريزها لخلق اندماج بين الفخامة والامور التي تعتبر تافهة.
ما هو التحدي الأكبر بالنسبة لك؟
التحدي الأكبر بالنسبة لي هو الحفاظ على الابتكار والبقاء أصيلة. تقدم صناعة الأزياء العديد من التصاميم الجديدة كل يوم، ونحن غارقون في أسابيع الموضة التي تحدث عدة مرات في السنة. لكن بالنسبة لي، فإنني أعتبر ذلك دافعًا لي لمواصلة السعي وراء حلمي. ويجب على المرء أن يتذكر دائمًا أنه لا أحد يشبهك غير نفسك، لا يمكن لشخصين القيام بنفس التصميم فلكل منا نهج مختلف، فنحن جميعًا نأتي من خلفيات مختلفة، ولدينا تجارب مختلفة وهذا ما يجعل العمل فريدًا.
ما هي خططك المستقبلية؟
أعمل حاليًا على المجموعة الخاصة بأطروحاتي للتخرج مع ماجستير في تصميم الأزياء والفنون من بارسونز باريس. خطتي هي إطلاق علامتي التجارية الخاصة قريبًا جدًا. سيكون مقر الإنتاج بالتأكيد في لبنان، حيث أصر على دعم شعبي وتمكين المرأة. جميع التطريزات على تصاميمي تمت بحب من قبل نساء موهوبات في جبال الشوف، مسقط رأسي.
من تعتبرينه قدوة لك في الموضة ولماذا؟
هناك اثنان، John Galliano، وهو الآن المدير الإبداعي لدار Maison Margiela. أحب تصاميمه الفخمة وأحجامها الضخمة وفلسفته في العمل، حتى خلال السنوات التي كان فيها المدير الإبداعي لديور. في رأيي، كانت تلك السنوات الأفضل لدار ديور. إيلي صعب هو قدوة لي أيضاً لأنني أشعر أنني أستطيع أن أتواصل معه أكثر لأننا من نفس البلد لبنان، أشعر أنه رائد وسيظل دائمًا مصدر تشجيع لي.