مصممات عربيات يرفعن الصوت عبر هي حول تداعيات فيروس "كورونا" على عالم الموضة
دبي : "سينتيا قطار" Cynthia Kattar
لا شكّ في أن قطاع الموضة كان من القطاعات الأساسية التي تأثرت بتداعيات تفشي فيروس كورونا الذي أجبر جميع الدور العالمية على إقفال أبواب متاجرها، والاعتماد على المبيعات على المواقع الإلكترونية. لكن ماذا عن الدور المحلية في الشرق الأوسط؟ وكيف تمضي المصممات أوقاتهن في هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم أجمع؟ وما خططهنّ المستقبلية لتخطّي الأزمة والصمود في ظل تحديات مختلفة؟ "هي" التقت مجموعة من المصممات من مختلف أنحاء الدول العربية في هذا التقرير.
صاحبة دار Semsem عبير العطيبة لـ"هي" : صناعتنا ستستمر وتزدهر مع مرور الوقت
نبدأ مع صاحبة دار Semsem عبير العطيبة التي تقول في هذا السياق: "في اعتقادي لا توجد صناعة أو قطاع واحد لن يتأثر بهذه الأزمة العالمية، وآمل أن نعمل جميعا بعد انجلائها بمزيد من الاهتمام وبحماس أكبر. ففي نهاية المطاف كلنا مرتبطون ببعضنا البعض. وأرى أن صناعتنا ستستمر وتزدهر مع مرور الوقت، لأن الموضة تظل شكلا من أشكال التعبير القوي عن النفس وعن القوة الكامنة فينا. حاليا أؤدي واجبي بالبقاء في المنزل للحفاظ على سلامتي وسلامة الآخرين، وقد وجدت ذلك ممتعا، حيث أتاح لي وقتا أطول لم أكن أتوقعه لقضائه مع أطفالي بصفة خاصة، وهم في غاية الفرح، ويشعرون بمزيد من الأمان، كما أنني أستمتع معهم بلحظات العناق وحل الألغاز وأحاديث التسلية، إضافة إلى الاستمتاع بالنزهات الخارجية".
وعن الخطة التي تعتمدها لتخطي هذه الأزمة بأمان تقول: "نحن نعلم أن السعادة، حتى في غير مجال عملنا، لا يمكن أن تتحقق في غياب مشاعر الشغف والحماس. نحن نتعامل مع هذه الأزمة يوما بيوم، ونظل ملتزمين بمشاركة الفرح والطاقة الكامنة في عملنا الفني وإبداعاتنا".
وردا على سؤال حول طريقة تكيفها مع نمط الحياة الجديد الذي تعيشه، قالت العطيبة: "أحاول التكيف مع هذا الواقع الجديد كما هو شأن الناس في كل أرجاء العالم، إلا أنني لا أشعر بالعزلة، حيث أظل أذكّر نفسي دائما بأن هذا الوضع مؤقت. أشعر بأنني محظوظة بالعمل من المنزل بشكل منتظم، وقد خصصت بالفعل مساحة تتيح لي التصميم وإدارة عملي، وأنا أستمتع بالجو المريح داخل منزلي. الشرفة المغلقة خارج غرفة نومي الرئيسة تحوي قليلا من الأشياء المفضلة لدي مثل كراسي صالة كبيرة الحجم، وطاولة رسم كبيرة وأدوات لممارسة الرياضة. وهذه الغرفة بنوافذها الممتدة من أرضيتها إلى سقفها، والتي توفر إضاءة طبيعية رائعة هي من المساحات المحببة لي، فأنا أحب الطاقة الإيجابية التي استمدها منها، وكذلك الإلهام والشعور بالأمن والهدوء، وأنا أعمل من هنا".
المصممة أروى البنوي لـ"هي" : نركّز حالياً على البيع الإلكتروني
بدورها اعتبرت المصممة السعودية أروى البنوي التي تشتهر بتصاميمها العصرية وببدلاتها المريحة أنّ تغيرات كثيرة قد تطرأ على عالم الموضة بعد أن يتخطى العالم أزمة كورونا، أبرزها مدى أهمية أسبوع الموضة. هل سيكون موجوداً أم لا؟ هل سيبقى في الوتيرة نفسها أم لا؟ أما بالنسبة للاستراتيجية التي تتبعها لتعوّض عن أي خسائر ناتجة جراء أزمة كورونا، أشارت البنوي إلى أنها تركّز حالياً على البيع الإلكتروني. وكشفت البنوي أنها تحرص خلال هذه الفترة على البقاء منشغلة من خلال رسم تصاميم جديدة وممارسة الرياضة والطبخ مع والدتها و القراءة والعمل مع فريق عملها عبر السكايب. وكشفت البنوي أنها تحب العمل بعد كل منزل سواء في المنزل في جدة أو في أوروبا منعزلة، لتفكر بأفكار جديدة، كما تحب أحياناً العمل في مقهى واحتساء القهوة.
صاحبة دار Bambah المصممة مها عبد الرشيد: أعطتني هذه العزلة الوقت للتخطيط وتطوير عملي في بيئة أكثر هدوءا
أما مها عبد الرشيد، صاحبة دار "بامبا" Bambah ، فاعتبرت أنّ الآن هو الوقت المناسب لنبطئ فيه جميعنا وتيرة العمل، ونحاول تركيز جهودنا على طرق أكثر استدامة لصناعة الموضة. وعن مدى تأثرها بالوضع الحالي، قالت مها: "عادة ما يلهمني ما
يحيط بي. أحب أن أكون في الشارع وأراقب الناس والسلوكيات المختلفة. أستلهم أيضا عندما أسافر وأراقب الثقافات والتقاليد الجديدة، وأتعرّف إلى التصاميم المحلية. ومع ذلك، أعطتني هذه العزلة أيضا الكثير من الوقت للتخطيط وتطوير عملي في بيئة أكثر هدوءا. وهذا أمر لا أملك الوقت الكافي لأفعله عادة”. وردا على سؤال حول كيفية تمضية وقتها في الحجر المنزلي، أجابت: "حاليا أتبع نصيحة السلطات الصحية، وأبقى في المنزل، وأغسل يدي بقدر ما أستطيع، وأنفّذ التباعد الاجتماعي. أمضي الكثير من وقتي في الحجر الصحي في المنزل مع عائلتي. إنها فرصة رائعة لإبطاء جداول أعمالنا المزدحمة، وتمضية وقت مميز ومثمر معا وفق إيقاع أبطأ. نطبخ كثيرا، ونمارس تمارين رياضية جماعية لنستثمر أوقاتنا في ما هو مفيد وممتع. كذلك نتبادل الأفكار حول خطط عملنا الخاصة، ونستخدم هذا الوقت للتفكير في ما حققناه من تقدّم، ووضع خطط جديدة للمضيّ قدما".
المصممة ريما البنا صاحبة دار Reemami : آمل أن يبطئ الوباء سباق الأزياء الذي يتضمن 4 إلى 6 مواسم
كشفت المصممة ريما البنا أنها تمضي وقتها حاليا في محاولة وضع جدول يومي، والالتزام بروتين، كما تحاول أن تكون مبدعة، والتواصل مع عائلتها قدر الإمكان وعن مدى تغيرّ روتينها في التصميم، كشفت ريما أنه عندما كان العالم على ما يرام وكل شيء يسير بشكل طبيعي، كانت تحب العمل صباح يوم الجمعة عندما يكون الجميع نياما. كان ما يحفزها أن كل شيء متوقف مؤقتا فيما هي تعمل وتنتج. وهي ترى أنه في هذه الأيام، يجب أن تدفع نفسها أكثر لتكون مبدعة، لأنها عادة ما تستلهم في الهواء الطلق ومن الحياة نفسها. لكنها مع ذلك تحاول الاستفادة القصوى من الوضع، والاستمتاع بهذا التباطؤ الذي يبطئ أيضا عالم الموضة!
وعن الاستراتيجية التي تتبعها للصمود في وجه أزمة كورونا، تقول: "بصراحة، لم أضع استراتيجية عمل جديدة حتى الآن، فأنا أتابع ما كان قيد الإعداد. لكن حان الوقت لإعادة التفكير وإعادة الاكتشاف، وإعادة تحديد العلامة التجارية وأهدافنا، وللعمل في سبيل إبراز ما نمثله مجددا. آمل أن يبطئ الوباء سباق الأزياء الذي يتضمن 4 إلى 6 مواسم. وآمل أن يجعل هذه الصناعة أكثر دعما للمواهب المحلية. الفيروس سيجعل الاستدامة لدى مصممي الأزياء ضرورة لا خيارا، فقد أظهر لنا هذا الفيروس أن العالم كله متصل، ويمكننا جميعا إحداث فرق عندما ننتج ونستهلك. كما أن الوباء سيجعل الناس يدركون أن النوعية أهم من الكمية، الأمر الذي قد يُبطئ الاستهلاك. وهو ما سيؤدي بدوره إلى إبطاء سباق الموضة".
المصممة بزة الزومان: أجبرت الأزمة القطاعات على العمل إلكترونيا وقد يستمر هذا الأمر دائما في حال نجاح التجربة
بدورها، رأت المصممة الكويتية بزة الزومان أنه حتى قبل أزمة فيروس كورونا، كان هنالك الكثير من الأفراد في مجال الموضة والكثير من العلامات التجارية التي تتحدث عن الاستهلاك الواعي والبصمة الكربونية للأفراد والقطاع. فهي كانت مصدر قلق متزايد وستؤثر بالتأكيد في المجال بصفة عامة، وفي العالم بطريقة إيجابية أكثر، وخاصة عندما يتعلّق الأمر بأسابيع الموضة، وكافّة رحلات السفر والتنقلات المتعلّقة بها. لقد أجبر فيروس (كوفيد - 19) العالم والقطاعات على التحوّل إلى العمل الإلكتروني، مؤقتا على الأقل، وقد يستمر هذا الأمر دائما في حال نجحت التجربة، وأثبتت فاعليتها بشكلٍ عام. أما عن استراتيجيتها لمواجهة الأزمة فقالت: "أفعل حاليا ما أستطيع فعله، وأنتظر أن ينتهي هذا الوضع. أعتقد أن الأوان قد فات ربما لمحاولة وضع استراتيجية لهذه المرحلة تحديدا، لكن من الجيد أن أدرك كيف يمكنني تحسين الممارسات التجارية أو تنويعها من أجل تجنب أي حالة تعطيل في المستقبل. ولكوني أمتلك شركة ناشئة ما زالت في مرحلة النمو، لم أفكر مسبقا في استمرارية العمل التجاري، لكنّ هذا بالتأكيد سيكون جزءا من خطتي المستقبلية. ربما مع مرور الوقت ووضوح ما سيحدث ومتى، يمكنني أن أبدأ بفهم الخيارات المتوفرة لدي. لكن الأمر يحتاج إلى الصبر في هذه المرحلة الحرجة، ويجب إعطاء الأولوية لصحة العالم على المصالح التجارية".
وعن كيفية تمضية وقتها في الحجر المنزلي تقول: "أحاول أن أستغل وقتي على أفضل نحو ممكن، وأنفذ الأعمال التي يمكن إنجازها عن بُعد. كما أنفذ قائمة مهام لمجموعة تحسينات خاصة بالمنزل. فضلا عن ذلك، أقضي الوقت مع ابنتيّ اللتين تبلغان من العمر 3 سنوات و 5 سنوات، إضافة إلى التأمل وإعداد المخبوزات، وأعطي أولوية للعناية بنفسي. كما أحاول أن أبقى على تواصل مع أحبائي".
المصممة دارين هاشم: آمالي كبيرة لصناعة الأزياء بعد الأزمة
تعتمد المصممة اللبنانية دارين هاشم مبادئ التنمية المستدامة. وعن الأزمة تقول: "آمالي كبيرة لصناعة الأزياء بعد الأزمة. لقد كانت بالفعل بحاجة إلى تغيير جذري، ومع هذه الأزمة، اضطرت الصناعة إلى الإغلاق ومواجهة مشكلاتها الخاصة. كان كل شيء يسير بسرعة كبيرة وبكميات هائلة، وهو ما وضع ضغطا على نظام الأزياء بأكمله. ستتطور الموضة بشكل بطيء وأخلاقي ومستدام؛ على الأقل أتمنى أن نتعلم جميعا من هذه التجربة لتحقيق ذلك. أعتقد فعلا أنه يجب إعادة النظر في شكل "شهر الموضة" مع كل عروض الأزياء هذه، في إطار زمني من شأنه أن يضع ضغطا أقل على المصممين".
وعن كيفية تمضية وقتها خلال الحجر الصحي، تقول: "أود بشدة أن أقول إن لدي تخطيطا صارما للغاية لكيفية سير يومي، ولكن الواقع مختلف للأسف. ومع ذلك، للحفاظ على نوع من "روتين صحي"، فإن همي الرئيسي هو العمل، والقيام ببعض النشاط البدني، وبعض الترفيه. أحتاج إلى التواصل مع فريقي، لأننا منقسمون بين إيطاليا وفرنسا وميلانو. أحتاج إلى التواصل مع أصدقائي في البلدان الأخرى للاطمئنان عليهم ومعرفة كيف تسير الأمور بالنسبة إليهم؛ لذلك لدينا محادثات فيديو طويلة. كما أعتقد أنني مثل أي شخص آخر، أفرط في مشاهدة الأفلام والأفلام الوثائقية. إضافة إلى ذلك، إنني في صدد التعرف إلى نفسي أكثر واكتشاف ما يمكن أن أعرّف عنه على أنه رعاية ذاتية سأتمكّن من تكرارها باستمرار، إنها أشبه بلعبة تجربة وخطأ.
وردا على سؤال حول تأثّر إلهامها وعملها في الحجر الصحي، رأت هاشم أنه "على المستوى الإنساني بشكلٍ عام، نحن نتعامل مع مجموعة من المشاعر في أوقات مختلفة من اليوم في ظل أزمة فيروس كورونا، وهذا لا يساعدني شخصيا في العملية الإبداعية. أما على المستوى الشخصي، فأحتاج إلى الخروج لأجد الإلهام، وأريد أن أشعر ببيئتي حتى أتمكن من الابتكار، لذا أقول: إن هذه ليست ظروفا مثالية بالنسبة لي حتى إذا كنت عادة شخصا يفضّل البقاء في المنزل، ويميل إلى العزلة في الأوقات العادية. ومع ذلك، هناك فرق بين العزلة المفروضة والعزلة المختارة، وهناك تراكم عام للطاقات السلبية هذه الأيام التي تؤثر فينا على مستويات مختلفة".
وعن خطتها لتخطي أزمة "كورونا" تقول: "العالم كله يواجه في الواقع أزمة غير مسبوقة لم يختبرها أحد من قبل، ولا أحد يعرف الإرشادات الصحيحة التي يجب اتباعها. فنحن ندير الأمور بالاعتماد على مفهوم كل حالة على حدة، اعتمادا على المكان الذي نعيش فيه ومكان تواجدنا؛ فإن الوظيفة الفعلية للإنسان هي استيعاب ما يجري وإيجاد حلول تتكيف مع الأزمة بأفضل طريقة ممكنة. وأنا لا أستطيع القول: إن كل شيء تحت السيطرة؛ الحقيقة أننا جميعا نكافح على مستوى شخصي أولا واقتصادي ثانيا. نحن اضطررنا أن نتوقّف مؤقتا عن العمل، وبعبارة "نحن" أعني العالم كله. إنه أمر مرهق للغاية، ولكن عندما نفكر في الأمر على أنه مسألة حياة أو موت، نعلم جميعا أن حياة الإنسان أكثر أهمية من أي شيء آخر. أما في حالتنا، بسبب الظروف الحرجة في إيطاليا، أوقفت الحكومة جميع الأنشطة "غير الضرورية"، لذا من الواضح أن شحن كل ما يتعلّق بالموضة ليس بأولوية. الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله هو التوقعات ودراسات متعلقة بفترة ما بعد (كورونا)، والبحث والتصميم وإعداد مجموعات جديدة مع قصص جديدة لنرويها. كما أننا نتابع موضوع المسابقات كذلك".
وعن الإجراءات التي تتبعها لتعويض خسارتها، تجيب بكل صراحة: "الهدف الرئيس هو خفض التكاليف قدر الإمكان، والحفاظ على سلامة الموظفين من حيث الحفاظ على وظائفهم. لذا، نعم، لقد انتقلنا من مكتب إلى منزل حتى نتمكن من تجنب دفع إيجار المكاتب على سبيل المثال، حيث إن الأزمة بدأت في وقت مبكر جدا في إيطاليا مقارنة بلبنان. ولكن، كشركة إيطالية، نحن محظوظون جدا من ناحية اتخاذ الدولة لبعض الإجراءات من أجل مساعدة الاقتصاد الإيطالي. وهو ما يعني بشكل حرفي تقديم بعض الدعم المالي المطلوب بشدة في هذه الأوقات الصعبة".
المصممة ياسمين صالح: تمنحنا هذه الأزمة الفرصة لرفع مستوى الوعي حول التأثير الضار للصناعة في العالم
لا تخفي المصممة اللبنانية ياسمين صالح أنّ "البقاء في المكان نفسه ضد إرادتك يمكن أن يكون مرهقا عقليا وجسديا. ومع ذلك، فقد منحنا هذا الحجر الصحي الفرصة للتوقف والتفكير في أسلوب حياتنا. إذ يُستخدم هذا الوقت لتحقيق الرغبات التي لا يمكن أن يوفرها نمط الحياة المزدحم. فأنا أقرأ الكتب المدرجة في قائمتي، وأرسم وأطهو، كما أبحث عن الموضة وتأثيرها في البيئة. قد يكون الحجر الصحي تحديا كبيرا، لكننا جميعا نستحق استراحة، والآن حان الوقت لتحديد إجراءات جديدة للمستقبل؛ علينا أن نخصص الوقت الكافي لرعاية ذاتنا وتعليم أنفسنا. كان وقت الاستراحة يعد نوعا من أنواع الترف، ولكن الآن لدينا جميعا وفرة منه، لذلك دعونا نستخدمه بحكمة”. وعن الاستراتيجية التي تتبعها للاستمرار على الرغم من أزمة فيروس "كورونا" تقول: "نحن نستخدم هذا الوقت فرصة لنكون شفافين تماما مع جمهورنا، ونسمح لهم بالدخول إلى عالمنا الصغير، من خلال إظهار عملية (ما وراء الكواليس). قد نعرض فيلما قصيرا عن كيفية إعادة تدوير المواد غير المستخدمة، أو كيفية ابتكار الأقمشة الخاصة بنا، أو الأوقات الممتعة التي نقضيها في دار ياسمين صالح. أختي فرح (العقل المدبر ومسؤولة العمليات لعلامتنا التجارية) وأنا، قررنا في هذه العزلة التركيز على المهام الإدارية التي لطالما وضعناها ضمن قائمة (عدم المماطلة). كما أتاح لنا هذا الحجر الصحي المنزلي الفرصة لإعادة صياغة استراتيجيتنا عبر الإنترنت، والتركيز على متجرنا عبر الإنترنت، والذي ما زلنا نتلقى عبره الطلبات مع اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة. نحن ننظر إلى الوضع على أنه مكسب من خلال التعرف إلى جمهورنا بشكل أفضل، والتركيز على جودة منتجاتنا، والحصول على مواد مستدامة".
وتضيف: "إن الوضع المؤسف هذا يؤثر فينا جميعا، من وجهة نظر تجارية وشخصية. وإن ذلك يؤثر بشكل كبير في العلامات التجارية الناشئة، مثل علامتنا التجارية. ومع ذلك، نؤمن ب (إن مع العسر يسرا)، ونحن نعتقد أنه في الوقت المناسب سوف نعوض بشكل طبيعي أي خسارة".
وعن الموضة خلال مرحلة ما بعد أزمة فيروس "كورونا" تقول: "أعتقد أن صناعة الأزياء تستنفد مواردها منذ فترة، لكونها واحدة من أكثر الصناعات تلويثا على مستوى العالم. لذا يمكن النظر إلى أزمة فيروس كورونا على أنّها إما النصف الممتلئ من الكوب أو النصف الفارغ منه. من ناحية، سوف تمنحنا هذه الأزمة الفرصة لرفع مستوى الوعي حول التأثير الضار للصناعة في العالم. وهنا يجب أن نجد جميعا طرقا للقتال من أجل التغيير، وأن نظهر للعالم أنه لا يزال بإمكانك امتلاك قطعة ملابس جميلة، بينما تكون مستداما وأخلاقيا. ومن ناحية أخرى، ومن منظور اقتصادي، ستجبر أزمة فيروس كورونا العديد من العلامات التجارية، وخاصة العلامات التجارية الناشئة، على إغلاق أبوابها، وهو بالتأكيد أمر مؤسف".
المصممة فدوى باروني: العالم لن يكون هو نفسه ما بعد كورونا وهناك نتيجة إيجابية لهذه الأزمة
تشتهر المصممة الليبية فدوى باروني صاحبة دار "باروني" Baruni بتصاميمها المحتشمة، وهي كغيرها من الدور المحلية والعالمية، لديها استراتيجية خاصة بها لمواجهة أزمة "كورونا"، وتقول في هذ الصدد: "الشيء الرئيس هو تلافي الذعر، ومحاولة التركيز على ما يمكنني السيطرة عليه. علينا الحفاظ على عملنا المحوري قدر الإمكان. من الواضح أن هناك بعدا بشريا عميقا لما نعيشه، ونحن نبذل قصارى جهدنا لدعم موظفينا ومساندتهم خلال هذه الفترة. ونعتمد نهجا مختلطا بحسب الظروف مع بقاء بعض الموظفين بأجر كامل، في حين أن بعضهم خُفضت رواتبهم، والبعض الآخر في إجازة غير مدفوعة الأجر. الفرق بينهم يعتمد بشكل أساسي على ظروفهم الشخصية. أشعر بأنه من المهم حقا إظهار الولاء لموظفينا في ظروف صعبة مثل تلك التي نمر بها الآن". وعن تأثير فيروس "كورونا" في مستقبل صناعة الأزياء، تجيب باروني: "أعتقد أنه من الصعب دائما التكهّن بطريقة تغير القطاعات الاقتصادية بعد صدمة عميقة إلى هذا الحد، فهناك الكثير من الأفكار، لكنك تحتاج دائما إلى مراعاة (قانون) العواقب غير المتوقعة. أي أن هناك تغيّرات ستحدث لا يمكننا توقعها. سيكون من الجيد أن نرى نهاية لحسومات حرق الأسعار التي يلجأ إليها العديد من تجار التجزئة في محاولة لتصريف المخزون المتكدّس، في ظل ظروف نشهد فيها فائض مخزون وعددا كبيرا جدا من البائعين الذين يلاحقون عددا قليلا جدا من المشترين. أعتقد أنه سيكون هناك بلا شك تحرك نحو منتجات وعمليات أكثر صداقة للبيئة، كما من المرجح أن تتبنى صناعة الأزياء هذه المقاربة إلى حد كبير في السنوات المقبلة. وسوف يُنظر على نحو متزايد إلى الأصالة على أنها القيمة الرئيسة التي يبحث عنها العملاء. أعتقد وآمل أن يبدأ المستهلكون تقدير الجودة أكثر من الكمية. هل لا يزال من المنطقي أن يسافر مئات الأشخاص من دولة إلى أخرى لحضور عروض الأزياء؟ ستسلك الفعاليات الرقمية طريق التطور، والتفكير في إنقاذ الأرض سيكون موضوعا على جدول أعمال الكثير من العلامات التجارية. مهما حدث، من الواضح أن العالم لن يكون هو نفسه. ولكن بشكل عام، أعتقد أنه ستكون هناك نتيجة إيجابية لهذه الأزمة".
عليا بن حيدر إحدى مصممات Illustrella Moda: أركّز على نقاط الضعف للرجوع بشكل أقوى من السابق بعد أزمة "كورونا"
ترى عليا بن حيدر إحدى مصممات دار Illustrella Moda أن إحدى أهم المراحل الانتقالية التي مرت بها في حياتها هي مرحلة الحجر الصحي، حيث تعدها رحلة جديدة لاكتشاف الذات، لاحتواء العائلة أكثر، لتقدير الوقت، لتطوير الشخصية، وإبراز المواهب الكامنة. وهي تؤكد أنها من خلال هذه التجربة تمكنت من تقسيم الوقت بشكل مثمر، وخاصة للنشاطات التي تمارسها مثل الرياضة، والتي أصبحت جزءا لا يتجزأ من يومياتها، كهواية الطبخ والتي من خلالها استطاعت أن تقدم لعائلتها أطباقا لم تتخيل سابقا أن يكون لديها الوقت الكافي لتنفيذها، وكذلك ممارسة هواية الرسم مع أطفالها، والتي تمكنت من خلالها من إعطاء كل واحد منهم مساحة جدارية لتسليط الضوء على إبداعهم، أيضا تطوير مهاراتها في عزف مقطوعات جديدة على البيانو، وأخيرا أصبح لديها الوقت الكافي لقراءة كتبها المفضلة، ومشاهدة البرامج الوثائقية والتي تضيف لمعلوماتها، وتساعد في صقل شخصيتها أكثر فأكثر. وعن رأيها في تغيّر قطاع الموضة في زمن "كورونا"، تقول: "كما ذكرت سابقا اتجه العالم وأغلب دور الأزياء العالميه لترويج قطعهم إلكترونيا، حيث أصبح شراء القطع سهلا جدا، والإقناع صار أسهل من خلال الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ففي ظل الحجر المنزلي العالمي استطاعت تلك الشركات أن تثبت جدارتها من خلال الاستمرار وعدم التوقف، لأنها تواكب فكرة التباعد الاجتماعي، وهو ما جعل تلك الشركات في المقدمة في الوقت الحالي، كما أن هناك مواقع تقدم خدمة تجربة القطعة وإرجاعها في حال عدم الرغبة في اقتنائها، ومواقع أخرى تضمن استرجاع المبلغ بالكامل، وهو ما زاد من ثقة الناس بالتسوق عبر تلك المواقع الإلكترونية. أتوقع أن الأزمة غيّرت الكثير، ففي المستقبل القريب وفي ظل انشغالات الأشخاص وعدم ايجاد الوقت الكافي لزيارة مراكز التسوق سوف تتغير الفكرة، وسوف نرى الضغط على مواقع دور الأزياء أكثر من زيارة البوتيك شخصيا".