قصة القبعة القطعة الأيقونية التي حملت على مرِّ القرون معانٍ كثيرة
مزخرفة كانت أم بسيطة، كلاسيكية كانت أم زاهية الألوان، تشكّل القبعة إكسسوارا أساسيا في تاريخ الموضة الطويل، والذي ما زال يخطّ صفحات حكاياته. فلنتذكّر معا القبعة الدائرية الأيقونية التي اشتهر بها "تشارلي تشابلن"، أو القبعة الأسطورية المصممة على شكل حذاء من "إلسا سكياباريلي"، أو قبعة الكركند الرائعة التي صممها "فيليب تريسي" من بلورات "سواروفسكي" للفنانة "ليدي غاغا". القبعة أكثر من مجرد قطعة إكسسوارات بسيطة في عالم الموضة، بل حملت على مرِّ القرون معانٍ كثيرة ومتنوعة.
لكن، من أين أتت القبعات؟ يبدأ تاريخها في الواقع قبل وقت بعيد. ففي رسم موجود داخل مدفن قديم، رجل مصري يعتمر قبعة مخروطية قشّية، وهو عمل فني يعتبر أول لمحة عن هذا الإكسسوار في التاريخ. في عصور لاحقة، كانت القبعات من الإكسسوارات الرئيسة التي يضعها الناس مؤشرا للمكانة الاجتماعية. قبعة "بيليوس" الشبيهة بالجمجمة ظهرت للمرة الأولى في الحضارة الإغريقية، حيث أشارت إلى انتماء الشخص إلى طبقة اجتماعية دنيا، وارتبطت بالعمّال مثل البحارة وصيادي السمك. وصلت "بيليوس" لاحقا إلى روما القديمة، حيث اتخذت معنى جديدا، فصارت رمزا للحرية وضعه من ناضلوا من أجل التحرر من العبودية. وهو أمر تجلّى مرة لاحقة في التاريخ، حين صارت هذه القبعة معروفة في الولايات المتحدة خلال حرب الاستقلال وأيضا في الثورة الفرنسية، لتكون رمزا للمقاومة في وجه الحكّام القامعين.
لم يمر وقت طويل قبل أن تصبح القبعة سلعة تجارية. أول متاجر القبعات فتحت أبوابها في إيطاليا وفرنسا خلال القرن الثالث عشر. ومن بين القبعات الأولى التي اكتسبت رواجا، كانت قبعة "هينين" المصممة على شكل كوز طويل يتدلى من رأسه وشاح طويل، والتي اعتمدتها نساء الطبقة العليا في منتصف القرن الخامس عشر.
وفي الأعوام اللاحقة من القرن الخامس عشر، استُخدمت أنواع مختلفة من المواد مثل الريش والأحجار النفيسة لتقديم فئة جديدة من القبعات إلى أولى أسواق الموضة. خلال الثورة الفرنسية، استُبدلت قبعة القرون الثلاثة التي كانت تعبّر عن مكانة اجتماعية أو رتبة عسكرية، بالقبعة ذات القرنين التي اشتهر "نابليون بونابارت" بوضعها جانبيا. وهكذا تحوّلت القبعة ذات القرنين من إكسسوار بسيط للأزياء إلى رمز تاريخي أساسي وأداة تميّزه على ميدان القتال.
حوالي القرن الثامن عشر، ظهرت للمرة الأولى تسمية "صانع قبعات"، وذلك في مدينة ميلانو الإيطالية. ابتكر محترفو هذا المجال قبعات وقلنسوات وتصاميم جديدة باستعمال مجموعة متنوعة من المواد العالية الجودة. وعلى غير العادة في ذلك الوقت، كان معظم صانعي القبعات نساء. في النصف الأول من القرن التاسع عشر، بدأت النساء باعتمار البونيهات أو القلنسوات التي صارت مع الوقت أكبر حجما وأكثر زخرفة مع شرائط وأزهار وأرياش وزخرفات خارجية شبكية. وبحلول نهاية القرن، انبثقت موديلات كثيرة أخرى مثل القبعات العريضة الحواف.
من أشهر صانعي القبعات التاريخيين، "كارولين روبو" التي ولدت في مشغلها الباريسي عام ١٩٠٨ قبعة الجرس أو "كلوش" الأيقونية. قبعة "كلوش" التي استمدت تصميمها من شكل الجرس واسمها من الكلمة الفرنسية التي تعنيه، لاقت نجاحا سريعا في صفوف الأرستقراطيات والنجمات في تلك الحقبة. ولاحقا، ازدادت رواجا في العشرينيات والثلاثينيات مع الشابات المتألقات المتحررات اللواتي عرفن باسم "فلابرز"، وتجرّأن على قص شعرهن ليكون قصيرا للغاية.
قرابة القرن العشرين، صارت القبعات الإيطالية الصنع رمزا للأناقة في كل أنحاء العالم. وذلك كان بفضل الشركة الإيطالية "بورسالينو" التي أُسست عام ١٨٥٧ وما زالت تعمل في هذا المجال حتى يومنا هذا. في الفترة نفسها، ولدت في لندن القبعة الدائرية المعروفة باسم قبعة الرامي أو البرنيطة أو قبعة "بولر" بالإنجليزية. قبعة "بولر" التي ابتكرها "توماس" و"ويليام بولر" صارت قطعة أيقونية اشتهرت على يدي "تشارلي تشابلن" في أوائل القرن العشرين. وقد خلّد تأثيرها الثقافي أيضا الفنان "رينيه ماغريت" في لوحته الشهيرة "رجل في قبعـــة بولـــر".
على مر السنين، صار بعض القبعات من القطع الأروع والأفخم في تاريخ عالم الموضة. نذكر مثلا القبعة المصممة على شكل حذاء من المبدعة الراحلة "إلسا سكياباريلي" التي ابتكرتها لمجموعة خريف ١٩٣٧ ومثّلت فيها جوهر الموضة السريالية. أما المحفز خلف تصميم هذه القبعة الأيقونية، فكان صديقها المقرّب "سلفادور دالي"، ومصدر الإلهام صورة فوتوغرافية التقطتها زوجة "دالي" له وهو يضع حذاء على رأسه. وقد نُسّقت القبعة المدهشة مع فستان أسود وسترة مطرزة بشفاه حمراء مستلهمة من الشفاه الحمراء الأسطورية للممثلة الشهيرة "ماي ويست" التي كانت بدورها صديقة عزيزة على قلب "سكياباريلي".
على عرش مملكة القبعات اليوم، أسماء مثل "ستيفن جونز" الذي صمم قبعات لعظماء عالم الموضة مثل "جون غاليانو" و"جان بول غوتييه" و"فيفيين ويستوود". وقد ابتدع "جونز" حديثا مجموعة من إكسسوارات الرأس المدهشة لمعرض "ديور: مصمم الأحلام" في متحف "فيكتوريا وألبرت" في لندن.
ولا يمكننا سوى أن نذكر "ويليام تشيمبرز" و"بيرس أتكنسون"، و"ريتشل تريفور مورغان"، و"فيليب تريسي" الذي لقّب بأعظم صانع قبعات على قيد الحياة اليوم. وخلال مسيرته المهنية، صمم "تريسي" قبعات لأفراد الأسرة البريطانية المالكة، ولمشاهير مثل "غريس جونز" و"ليدي غاغا" و"مادونا". وحين كان في الـ٢٣ من عمره، طلب منه "كارل لاغرفيلد" التعاون مع دار "شانيل"، والنتيجة كانت القبعة الأيقونية المستوحاة من أقفاص الطيور والتي اعتمرتها العارضة النجمة "ليندا إفانجيليستا" على غلاف مجلة "فوغ" البريطانية في أكتوبر ١٩٩١. وكيف ننسى القطع الضخمة التي صممها لعرض الهوت كوتور من دار "فالنتينو" لموسم خريف وشتاء ٢٠٢١، واكتست بأرياش النعام التي تحركت على وقع خطوات العارضات مثل قناديل بحر متدفقة.
القبعة أكثر من مجرد قطعة إكسسوارات بسيطة في عالم الموضة
لكن، من أين أتت القبعات؟ يبدأ تاريخها في الواقع قبل وقت بعيد. ففي رسم موجود داخل مدفن قديم، رجل مصري يعتمر قبعة مخروطية قشّية، وهو عمل فني يعتبر أول لمحة عن هذا الإكسسوار في التاريخ. في عصور لاحقة، كانت القبعات من الإكسسوارات الرئيسة التي يضعها الناس مؤشرا للمكانة الاجتماعية. قبعة "بيليوس" الشبيهة بالجمجمة ظهرت للمرة الأولى في الحضارة الإغريقية، حيث أشارت إلى انتماء الشخص إلى طبقة اجتماعية دنيا، وارتبطت بالعمّال مثل البحارة وصيادي السمك. وصلت "بيليوس" لاحقا إلى روما القديمة، حيث اتخذت معنى جديدا، فصارت رمزا للحرية وضعه من ناضلوا من أجل التحرر من العبودية. وهو أمر تجلّى مرة لاحقة في التاريخ، حين صارت هذه القبعة معروفة في الولايات المتحدة خلال حرب الاستقلال وأيضا في الثورة الفرنسية، لتكون رمزا للمقاومة في وجه الحكّام القامعين.
لم يمر وقت طويل قبل أن تصبح القبعة سلعة تجارية. أول متاجر القبعات فتحت أبوابها في إيطاليا وفرنسا خلال القرن الثالث عشر. ومن بين القبعات الأولى التي اكتسبت رواجا، كانت قبعة "هينين" المصممة على شكل كوز طويل يتدلى من رأسه وشاح طويل، والتي اعتمدتها نساء الطبقة العليا في منتصف القرن الخامس عشر.
وفي الأعوام اللاحقة من القرن الخامس عشر، استُخدمت أنواع مختلفة من المواد مثل الريش والأحجار النفيسة لتقديم فئة جديدة من القبعات إلى أولى أسواق الموضة. خلال الثورة الفرنسية، استُبدلت قبعة القرون الثلاثة التي كانت تعبّر عن مكانة اجتماعية أو رتبة عسكرية، بالقبعة ذات القرنين التي اشتهر "نابليون بونابارت" بوضعها جانبيا. وهكذا تحوّلت القبعة ذات القرنين من إكسسوار بسيط للأزياء إلى رمز تاريخي أساسي وأداة تميّزه على ميدان القتال.
حوالي القرن الثامن عشر، ظهرت للمرة الأولى تسمية "صانع قبعات"، وذلك في مدينة ميلانو الإيطالية. ابتكر محترفو هذا المجال قبعات وقلنسوات وتصاميم جديدة باستعمال مجموعة متنوعة من المواد العالية الجودة. وعلى غير العادة في ذلك الوقت، كان معظم صانعي القبعات نساء. في النصف الأول من القرن التاسع عشر، بدأت النساء باعتمار البونيهات أو القلنسوات التي صارت مع الوقت أكبر حجما وأكثر زخرفة مع شرائط وأزهار وأرياش وزخرفات خارجية شبكية. وبحلول نهاية القرن، انبثقت موديلات كثيرة أخرى مثل القبعات العريضة الحواف.
من أشهر صانعي القبعات التاريخيين، "كارولين روبو" التي ولدت في مشغلها الباريسي عام ١٩٠٨ قبعة الجرس أو "كلوش" الأيقونية. قبعة "كلوش" التي استمدت تصميمها من شكل الجرس واسمها من الكلمة الفرنسية التي تعنيه، لاقت نجاحا سريعا في صفوف الأرستقراطيات والنجمات في تلك الحقبة. ولاحقا، ازدادت رواجا في العشرينيات والثلاثينيات مع الشابات المتألقات المتحررات اللواتي عرفن باسم "فلابرز"، وتجرّأن على قص شعرهن ليكون قصيرا للغاية.
قرابة القرن العشرين، صارت القبعات الإيطالية الصنع رمزا للأناقة في كل أنحاء العالم. وذلك كان بفضل الشركة الإيطالية "بورسالينو" التي أُسست عام ١٨٥٧ وما زالت تعمل في هذا المجال حتى يومنا هذا. في الفترة نفسها، ولدت في لندن القبعة الدائرية المعروفة باسم قبعة الرامي أو البرنيطة أو قبعة "بولر" بالإنجليزية. قبعة "بولر" التي ابتكرها "توماس" و"ويليام بولر" صارت قطعة أيقونية اشتهرت على يدي "تشارلي تشابلن" في أوائل القرن العشرين. وقد خلّد تأثيرها الثقافي أيضا الفنان "رينيه ماغريت" في لوحته الشهيرة "رجل في قبعـــة بولـــر".
على مر السنين، صار بعض القبعات من القطع الأروع والأفخم في تاريخ عالم الموضة. نذكر مثلا القبعة المصممة على شكل حذاء من المبدعة الراحلة "إلسا سكياباريلي" التي ابتكرتها لمجموعة خريف ١٩٣٧ ومثّلت فيها جوهر الموضة السريالية. أما المحفز خلف تصميم هذه القبعة الأيقونية، فكان صديقها المقرّب "سلفادور دالي"، ومصدر الإلهام صورة فوتوغرافية التقطتها زوجة "دالي" له وهو يضع حذاء على رأسه. وقد نُسّقت القبعة المدهشة مع فستان أسود وسترة مطرزة بشفاه حمراء مستلهمة من الشفاه الحمراء الأسطورية للممثلة الشهيرة "ماي ويست" التي كانت بدورها صديقة عزيزة على قلب "سكياباريلي".
على عرش مملكة القبعات اليوم، أسماء مثل "ستيفن جونز" الذي صمم قبعات لعظماء عالم الموضة مثل "جون غاليانو" و"جان بول غوتييه" و"فيفيين ويستوود". وقد ابتدع "جونز" حديثا مجموعة من إكسسوارات الرأس المدهشة لمعرض "ديور: مصمم الأحلام" في متحف "فيكتوريا وألبرت" في لندن.
ولا يمكننا سوى أن نذكر "ويليام تشيمبرز" و"بيرس أتكنسون"، و"ريتشل تريفور مورغان"، و"فيليب تريسي" الذي لقّب بأعظم صانع قبعات على قيد الحياة اليوم. وخلال مسيرته المهنية، صمم "تريسي" قبعات لأفراد الأسرة البريطانية المالكة، ولمشاهير مثل "غريس جونز" و"ليدي غاغا" و"مادونا". وحين كان في الـ٢٣ من عمره، طلب منه "كارل لاغرفيلد" التعاون مع دار "شانيل"، والنتيجة كانت القبعة الأيقونية المستوحاة من أقفاص الطيور والتي اعتمرتها العارضة النجمة "ليندا إفانجيليستا" على غلاف مجلة "فوغ" البريطانية في أكتوبر ١٩٩١. وكيف ننسى القطع الضخمة التي صممها لعرض الهوت كوتور من دار "فالنتينو" لموسم خريف وشتاء ٢٠٢١، واكتست بأرياش النعام التي تحركت على وقع خطوات العارضات مثل قناديل بحر متدفقة.