الملابس الذكورية هل تأتي في إطار إثبات النفس أم هي فقط صيحة مريحة وعصرية؟
الملابس تشكل جزءاً أساسياً من هوياتنا كما أنه تعكس شخصياتنا بشكل أو بآخر، ولهذا لها أهمية خاصة تتعدى الموضوع الوظيفي، وكما نعلم فإن دور الأزياء تعمل جاهدة في كل موسم على تقديم أجمل تصاميم الأزياء المبتكرة لنختار منها ما يعجبنا وما يناسبنا كلاً وفق حاجته وذوقه، لكن في الكثير من الأحيان نختار الملابس وفق حاجة معينة أو ظرف خاص كما الحال مع الكثيرات من النساء اللواتي يتعمدن ارتداء ملابس ذات طابع ذكوري ليثتبن أنفسهن في بعض المجالات والمهن، فهل هذا الأمر هو خيار شخصي أم ضرورة؟ اليك كل ما عليك معرفته عن هذا الموضوع.
الملابس مفهوم واسع يتعدى الموضة
وجدت الملابس قديماً لحاجتها الوظيفية البحتة حيث ابتكرها الانسان القديم ليحمي نفسه من البرد ومن عوامل الجو، ومن ثم أصبحت تعتبر نوع من السترة وتطورت مع تطور الوقت، وتنوع مفاهيمها ودلالتها حيث في فترة من الفترات كانت تدل على مكانة الشخص في المجتمع أو انتمائه الجغرافي، حيث وكما نعلم أن لكل منطقة أسلوبها الخاص في اللباس الذي يعتمد على عوامل الجو، والبيئة والعادات والتقاليد… وتطور اللباس عبر الزمن أدى إلى بروز أنماط خاصة حسب الأجناس فللرجال كان هنالك نوع معين من اللباس يخدم الوظائف التي يقومون بها من زراعة أو صناعة أو بناء والأمر مماثل للنساء اللواتي كن يقضين معظم وقتهن في المنزل.
ومن هنا تم تصميم البنطلون على أنه قطعة مريحة وعملية للرجل وتمحورت ملابس النساء حول الفساتين والتنانير، واستمر هذا التميز لسنوات طويلة، لكن مجدداً مع مرور الوقت والتغيرات التي طرأت على نمط الحياة وانخراط النساء في مجال العمل تماهت الخطوط بشكل أو بآخر بين الملابس النسائية والملابس الرجالية وأصبحنا نرى الكثير من القطع في خزانة النساء التي تم استعارتها من الملابس الرجالية بما في ذلك البنطلون وجاكيت البليزر والبدلة الرسمية، والملابس الواسعة والفضفاضة، واليوم هذه القطع تعتبر من أبرز صيحات الموضة لكلا الجنسين.
انتقال الملابس الرجالية الى خزانة النساء
تميّزت قديماً بعض القطع بأنها خاصة بالرجل مثل البنطلون والقميص الواسع والبليزر والبدلة الرسمية، وكما ذكرنا مع الوقت تماهت التصاميم الرجالية مع النسائية وتجانست مع بعضها البعض للعديد من الأسباب، لكن وفيما يتعلق بمجال الموضة كانت مصممة الأزياء الفرنسية كوكو شانيل Coco Chanel من أوائل المصممين الذين روجوا الملابس الرجالية للنساء في أوائل القرن العشرين وقد قدمت تصاميم مستوحاة من الملابس الرجالية مثل البدلات والسراويل والقمصان والتي تحدّت الأدوار التقليدية للجنسين وأحدثت ثورة في عالم الموضة، وقد تميزت بتصاميها البسيطة والمريحة والعملية.
ومن ثم ابتكر ايف سان لوران Yves Saint Laurent عام 1966 البدلة التوكسيدو للنساء وأطلق عليها اسم Le Smoking وصممها بأسلوب رسمي للسهرات وقد استوحاها طبعاً من البدلة الرجالية لكن بتفاصيل أكثر أنثوية حيث كان الياقة أنعم والجاكيت محدد الخصر والبنطلون بقصة أرجل مستقيمة، ومجدداً أحدث هذا التصميم ثورة في عالم الموضة ولاسيما أن الكثيرات من النساء ذوات الشخصيات القوية في ذلك الوقت تبنوا واعتمدوا هذا التصميم في مناسبات مختلفة.
مثل الممثلة الشهيرة مارلين ديتريش Marlene Dietrich التي كانت من السباقات في اعتماد البدلة الرجالية في مختلف المناسبات عوضاَ عن الاطلالات التقليدية في فساتين السهرة، وقد تميزت في هذا الأسلوب الجريء الذي جعل منها أحد أبرز أيقونات الموضة.
واليوم الكثيرات من النساء والنجمات يعتمدن البدلات الرسمية في المناسبات الرسمية وعلى السجادة الحمراء كدليل على الجرأة والأسلوب العصري المختلف.
الملابس الرجالية أكثر راحة وعملية
صممت الملابس الرجالية لتكون أكثر راحة وعملية من البناطيل ذات القصّات الواسعة والتيشرتات القطنية والقمصان الفضفاضة وغيرها واليوم أصبحت النساء كما الرجال يبحثن عن التصاميم المريحة للمشاوير والوظائف اليومية، وهذا ما دفع العديد من دور الأزياء العالمية لتقديم تصاميم مستوحاة من خزانة الرجل في كل موسم، وأصبح من الطبيعي مشاهدة النساء في بنطلون جينز واسع مع تيشرت فضافضة وحذاء رياضي وحتى أن هذا النوع من البناطيل أطلق عليه اسم boyfriend أو dad وكأنها مستعارة من خزانة الشريك أو الأب…
والكثير من نجمات الجيل الجديد يعشقن هذا الأسلوب ويطبقنه في اطلالاتهن اليومية الكاجوال مثل هايلي بيبر Hailey Bieber التي كثيراً ما نراها في ملابس ذات أسلوب شبابي.
نساء يعتمدن الملابس الرجالية ليثبتن أنفسهن في بعض المجالات والمهن
بالاضافة الى أن الأزياء ذات النمط الرجالي تعبتر من صيحات الموضة الأكثر رواجاً ولاسيما في مجموعات هذا العام، غير أنه في الكثير من الحالات تعتمد هذه الملابس لتأدية وظائف معينة.
والكثيرات من النساء يخترنها حتى يُأخذنا على محمل الجد في بعض المجالات المهنية مثل مجال المحاماة على سبيل المثال حيث أن الكثيرات من المحاميات يعتمدن البدلات الرسمية أو البنطلون والقميص ليشعرن بالندية مع زملائهم من الرجال في العمل.
وكذلك نشاهد الكثيرات من الأميرات أو السيدات الأوائل يخترن هذا النمط من الملابس لبعض الزيارات الرسمية الخاصة حيث يفرضن نوع من الجدية والثقة بالنفس من خلالها.
اضافة الى أن هذه الملابس تتميز بالحشمة وتتسم بالأناقة والأسلوب الجدي وبالتالي فهي تكون مثالية للكثير من الحالات والمواقف الخاصة.
والمرأة تسعى لنيل حقوقهاً منذة مدة طويلة جداً وتحارب من أجل تساويها في الكثير من المجالات المهنية مع الرجل ولاسيما أنها أصبحت تشغل الكثير من المناصب التي يشغلها الرجال وفي كافة المجالات واعتمادها لنمط أزياء معين فيه لمسات ذكورية يعكس قوة شخصيتها وثقتها بنفسها وايمانها بتساويها مع الرجل.
تصاميم دمجت بين الأزياء النسائية والرجالية وأصبحت أبرز صيحات الموضة
منذ أن دخلت النساء سوق العمل بدأت الملابس الرجالية تتسلل الى خزانة المرأة وقد عمل مصمموا الأزياء على الترويج لهذه التصاميم وتعميمها لسنوات طويلة، وقد شاهدنا الكثير من التصاميم المميزة عبر السنوات التي استخدمت فيها عناصر رجالية في الأزياء النسائية لكن مع لمسات أكثر أنوثة ونعومة.
ويوماً بعد يوم تعمل دور الأزياء العالمية على تقليص الفجوة بين الملابس النسائية والملابس الرجالية، وأصبحنا نرى الكثير من التصاميم على منصات العروض من دون هوية معينة وتصلح لكلا الجنسين، وحتى أن هذه التصاميم شكلت جزءاً من أبرز صيحات الموضة لموسم ربيع وصيف 2023 وقد شاهدناها بشكل واضح لدى الكثير من الدور العالمية سواءاً على البدلات الرسمية أو على السراويل الواسعة أو بناطيل الجينز الفضافضة أو القمصان الاوفر سايز وغيرها، وحتى طريقة تنسيق الملابس بدت أكثر عملية وأكثر بساطة.
الأزياء جزء أساسي من هويتنا وشخصيتنا واختيارنا لها يعتمد على المناسبة أما طريقة تنسيقها فتعود لذوقنا الشخصي، اختاري ما منها ما يحلو لك من التصاميم الأنثوية أو تلك ذات الطابع الذكوري ونسقيها بالطريقة التي تحلو لك.