"زبيدة" من المغرب إلى العالم... علامة أزياء مستوحاة من كنوز التراث وبهجة الحياة المغربية التي لا تنضب
حوار: MASHAEL AL DAKHEEL
في سعيها لكسر قواعد الموضة السريعة، ابتكرت مصممة الأزياء المغربية الفرنسية صوفيا قاسمي علامة أزياء من وحي النوستالجيا احتفاء بإرث وحضارة صنعت الذكريات، وكانت شاهدة على تربية الأجيال بجمال وأصالة وإبداع. نشأت المصممة صوفيا قاسمي في فرنسا في تولوز، تخللت طفولتها رحلاتها في المغرب، من خنيفرة في منطقة الأطلس إلى الرباط والدار البيضاء، حيث تعيش عائلتها. تمزج علامة الأزياء "زبيدة" ZOUBIDA التي أطلقتها قاسمي بين الإلهام من جميع جوانب حياتها المهنية. ويشمل ذلك الوقت الذي قضته في دراسة إدارة الأعمال في باريس، وظهورها للمرة الأولى مع دار "جيفنشي" الفرنسية الفاخرة، و"لويس فويتون" و"شانيل"، تليها فترة عمل في نيويورك EDUN. في عام 2016، استقرت في لندن لمتابعة مسيرتها المهنية، وطوّرت إبداعها في خدمة ماركات الأزياء البريطانية الكبرى مثل "ألكسندر ماكوين" و"بربري"، لأكثر من 10 سنوات.
قررت صوفيا قاسمي في نهاية عام 2021 إطلاق علامتها التجارية الخاصة "زبيدة" ZOUBIDA حاملة في جعبتها خبرة اكتسبتها بعد العمل مع أسماء رائدة في صناعة الأزياء كانت قد ساعدتها على نحت هويتها الخاصة. تتميز علامتها التجارية بمزج المواد والألوان والأشكال لتصاميمها. متأثرة بجنسيتها المغربية المزدوجة، تمزج إبداعاتها بين تراثها المغربي التقليدي مع حدسها الفني الفطري وروحها الإبداعية الحرة.
تحكي كل قطعة من تصاميم علامة "زبيدة" قصتها الخاصة، وتمزج معا هوية قاسمي المغربية بلمسة معاصرة، وتجمع بين الثقافة وأسلوبها الفريد وغير التقليدي في التصميم.
هل تعطينا نظرة عامة عن العلامة وعن السبب وراء تسميتها "زبيدة"؟
نشأت علامة "زبيدة" من الإحباطات التي كنت أشعر بها أثناء العمل في صناعة الأزياء الفاخرة، من الإيقاع المستمر للمجموعات، والحاجة إلى شراء كميات ضخمة من المواد الخام قبل اختبار رد فعل السوق، وإلغاء تحديد مكان الإنتاج في آسيا لزيادة الهامش.
أنا فرنسية ومغربية، وقد اقتربت أكثر من جذوري المغربية. شعرت بالانفصال بين ثقافتي المغربية الغنية بالحرف اليدوية المذهلة التي شعرت بأنها أصبحت تختفي. أقيم حاليا في لندن، مدينة الضباب التي تسعى جاهدة يوما بعد يوم إلى إبطاء وتيرة الحياة. أردت أن أبني جسرا بين ثقافة البلدين واحتضان الحرفة اليدوية.
بدأت علامة "زبيدة" في البداية كمنتجع فني في المغرب، حيث كنا نحضر مجموعات صغيرة محدودة للإصدار نركز فيها على اكتشاف الجوانب الخفية من المغرب، والتعرف إلى الحرفيين وتعلم مهاراتهم. ثم تطورت بعد ذلك إلى علامة تجارية، تركز حاليا في الأغلب على إعطاء حياة جديدة للتالامت، وهو نسيج مغربي يستخدم تقليديا لتزيين المنازل، والذي نعيد تدويره إلى قطع واحدة من الملك، من خلال التعاون مع الحرفيين في جميع أنحاء البلاد.
في عالم مليء بالمطبوعات، ما الذي يلهمك أكثر الألوان أم الأنماط؟
أعتقد دائما أن هناك سببا لعدم رؤيتنا للعالم باللونين الأبيض والأسود. ولطالما كانت الألوان الجريئة نقطة البداية لإبداعاتي لعلامة ZOUBIDA. أريد أن يرتدي الناس نهجا معينا في الحياة عندما يرتدون ملابسنا. أريد أن تترجم إبداعاتنا المعنى الحقيقي لـ"بهجة الحياة". الأنماط، بالطبع، هي محور التركيز الثاني من حيث الأولوية في التصميم، وذلك باستخدام ألوان معينة بجانب بعضها البعض، لتروي الأنماط قصتها الفريدة بروح الألوان. وأحبذ جمع الأنماط المتضاربة معا، فهذه هي الطريقة التي أحب أن أرتدي بها الملابس.
كيف تعرفين بمفهوم الثقافة والتراث في عالم الموضة؟
بالنسبة لعلامة "زبيدة" ZOUBIDA، أسلوبي هو الإبداع بعناصر من ثقافتنا المغربية بالكامل. إدراكا لكوني أفكر في الاستدامة بصفتها نهجا رئيسا للعلامة، أبذل مجهودا إضافيا للحفاظ على كل شيء محليا. وأحاول أن أكون مبدعة من خلال اتباع أساليب وتقنيات تصميمية مثل لف العناصر مثل أقمشة "التلامت". تخاطب هذه الأقمشة ذكريات الطفولة والألفة في شمال إفريقيا. يتذكر كل من يلمس هذه التصاميم لحظات شرب الشاي مع خالاتهم متكئين بشكل مريح على جلسات مصنوعة من هذه الأقمشة والخامات التقليدية. نقول للعالم من خلال استخدامنا هذا القماش التقليدي: "انظروا كم نحن فخورون بتراثنا!". وهو تراث له صدى وله الكثير من الثقافات الأخرى، كان لدي عملاء من اليابان أو حتى باكستان لديهم ردود فعل مماثلة عندما اكتشفوا إبداعاتنا.
ما الأهمية الجمالية هذه الأيام لعلامات الأزياء المحلية؟
مع "زبيدة" ZOUBIDA، أبذل قصارى جهدي للحصول على التركيبة الخاصة بالعلامة BRAND DNA في كل ما نفعله: من محتوى على المنصات الاجتماعية الخاصة بالعلامة، إلى التعاونات مع الفنانين المختلفين الذين يمثلون قيم العلامة من ثقافة وتراث.
يستغرق الأمر وقتا لحين الملاحظة والالتفات نحو العلامات المحلية والاهتمام بها، لذا فإن الجزء الأصعب هو عدم الشعور بالإحباط بسبب عدم الحصول على نتائج فورية.
العناصر التراثية تلهم عالم الموضة دائما، ما أهم وأبرز اتجاهات الموضة في عام 2023؟
لا تعجبني فكرة الاتجاهات المحددة في كل موسم، لأنها في جوهرها تصبح قديمة بعد بضعة أشهر، ولكن أيضا لأنها متبعة من قبل الجميع. ينصب تركيزي على تصميم شيء مختلف وفريد، ومن يعجبه يتبنى فكرته!
نصيحة تمنيتِ أن يقدمها لك أحد من مجال صناعة الأزياء في بداية طريقك؟
أنا أؤمن بشدة بأن مفتاح النجاح هو أن تظلي مخلصة للقيم والجمالية التي حركت مشروعك من اليوم الأول، وانطلقت من أجله! كوني فخورة بها، لكن في الأغلب التزمي بها.