النجمة بيونسيه ظاهرة فنية وأيقونة موضة عالمية
اعداد: "هبة نعمان "Heba Nouman
"بيونسيه" هي على الأرجح الشخص الأقوى والأكثر تأثيرا ونفوذا في صناعة الموسيقى اليوم. من موقعها المرموق في مجال الغناء، صارت أيضا أيقونة موضة حقيقية وقدوة متمسكة بالقضايا التي ترغب في التحدث عنها والرسائل التي تريد إيصالها، على مدى سنوات مسيرتها المهنية التي اعتمدت خلالها إطلالات متجددة، وتعاونت فيها مع مصممين مختلفين. كثيرا ما تكون عناصر خزانة "بيونسيه" مصممة ومفصّلة خصيصا لها، وبما يتوافق مع حفلاتها الموسيقية وعروضها المباشرة، وقبل كل شيء مع رغبتها في نقل رسالة شمولية تحتضن الجميع.
حين وقعت "بيونسيه" في غرام تصاميم "تييري موغلر" بعد أن رأت ابتكاراته في معرض نيويوركي مخصص للأزياء الريادية والمستقبلية، طلبت من المصمم الفرنسي إعداد الإطلالات الـ58 التي أرادت ارتداءها في جولة ألبومها "أنا ساشا فيرس" I Am Sasha Fierce . جددت لاحقا تعاونها مع "موغلر" لجولة "هاربين" On the Run ، حيث تألّقت في إطلالة مكللة بقبّعة برّاقة حققت مكانة أيقونية، وصارت من أشهر إطلالات النجمة الراسخة في أرشيف عالم الموضة.
لدى تسلّمها جائزة "أيقونة الموضة" من "مجلس مصممي الأزياء في أمريكا" في عام 2016، كانت "بيونسيه" مرتدية بذلة "تكسيدو" مخططة ومتلألئة من "جيفنشي" ، في تحية ذكية إلى الجائزة التكريمية الخاصة التي ذهبت في ذلك العام إلى الأسطورة "ديفيد بوي" . اشتهر "بوي" بإطلالته الصارخة وأسلوب أزيائه المتأرجح بين الذكوري والأنثوي، وهو تماما ما عكسته ملابس "بيونسيه" في تلك الأمسية. فكانت في بذلة السروال من "جيفنشي" عناصر أنثوية وعصرية للغاية، لكنها كرّمت في الوقت نفسه قواعد اللباس الرجالي التقليدي بخياطتها المتقنة، لا بل المدهشة!
ومن إطلالات "بيونسيه" الأخرى التي لفتت أنظار العالم بأسره خلال السنوات الأخيرة، تلك التي ارتدتها في حفلها الموسيقي الضخم خلال مهرجان "كوتشيلا" الشهير في عام 2018. الرسالة الأساسية خلف الحفل كانت تكريم جامعات وكليات السود التاريخية التي تأسست بهدف توفير التعليم للأمريكيين الأفارقة، وقد وثّقت منصة "نتفليكس" هذا الحدث الموسيقي الاستثنائي في وثائقي باسم "العودة" Homecoming . على خشبة المسرح، ظهرت "بيونسيه" في بعض إطلالاتها الأكثر أيقونية، جامعة الفخامة المعاصرة بالملابس التي نربطها تقليديا بالطلّاب الجامعيين. كنزاتها الرياضية الجامعية وجزماتها المكسوة بالشراريب من تصميم "أوليفييه روستان" المدير الإبداعي لدار "بالمان" ، مثّلت لقاء بين التراث الأمريكي الثقافي والخياطة الراقية المثالية الموجودة في المشاغل الحرفية الباريسية.
في يوليو 2020، أدلت "بيونسيه" بتصريح آخر عبّرت عنه في أزيائها. في فيلم "الأسود هو الملك" Black is King المستوحى من فيلم "الأسد الملك" The Lion King الذي كانت موسيقاه وأغانيه من إنتاج "بيونسيه" ، ظهرت بما لا يقل عن 69 إطلالة. ركّزت منسقة الأزياء "زيرينا أكرز" نهجها الأساسي على النظر إلى الرموز القبائلية التقليدية بعدسة مستقبلية جديدة، حين ابتكرت إطلالات "بيونسيه" للألبوم المرئي بعنوان "الأسود هو الملك" ، الذي يحتفي بالجذور والجاليات الإفريقية. منسّقة إطلالات "بيونسيه" الشخصية "زيرينا أكرز" أعدّت تفاصيل كل إطلالة، مستعملة مجموعة كبيرة من التصاميم التي أرسلها إليها مصممون معروفون وآخرون صاعدون. وقد صممت أسماء ضخمة مثل "تييري موغلر" و" فالنتينو" و" بربري" قطعا مدهشة مخصصة لهذا الألبوم. أذكر مثلا الزي المطبّع بنقشة النمر الذي ترتديه "بيونسيه" وهي جالسة فوق سيارة "رولز رويس" مكسوة بنقشة النمر. هو تصميم تطلب تنفيذه أكثر من 1000 ساعة من العمل، ومثّل المرة الأولى التي تظهر فيها قطعة خياطة راقية من دار "فالنتينو" في فيديو موسيقي.
في 2021 أحدثت "بيونسيه" و" جاي-زي" ضجّة كبيرة على شبكات التواصل الرقمية لدى إطلاق الحملة الإعلانية لدار "تيفاني أند كو" والتي كانت أول حملة يشاركان فيها معا. في تحية إلى النجمة الراحلة "أودري هيبورن" التي كانت من أولى الرموز الأيقونية في تاريخ دار المجوهرات "تيفاني أند كو" ، لبست "بيونسيه" فستانين قصيرين باللون الأسود من "بالمان" و" جيفنشي" . مع إطلالتين ترجمتا أسلوبها بنمط كلاسيكي وأنيق، أثبتت هذه الحملة مرّة جديدة تعددية أوجه نظرة "بيونسيه" إلى الأزياء، وسحرها الطبيعي الذي يأسر كل الدور الكبرى في مجال الموضة.
يدا بيد، تستعمل "بيونسيه" ومنسّقة إطلالاتها "زيرينا أكرز" التي ترافقها منذ وقت طويل، نظرتيهما الجماليتين في خدمة الدفاع عن المساواة والشمولية في عالمَي موسيقى البوب والموضة. ولا شك في أن هذه الرؤية تسهم في إنقاذ الموضة اليوم، وتلهم الجميع في اغتنام قوتها ووقعها من أجل التغيير للأفضل. لحسن الحظ، استطعتُ تأمين بطاقات لحضور حفلة "بيونسيه" التي ستقام في لندن في الصيف الآتي ضمن جولتها العالمية لألبوم "نهضة" Renaissance ، وأعرف منذ الآن أنني سأكون مركّزة على إطلالاتها الرائعة، وسأحاول بكل تأكيد أن أحسب عدد تغييرات الملابس التي تخبئها لنا "ملكة البوب".