ما الفرق بين الموضة السريعة والموضة المستدامة.. مصطلحات في الموضة تعرفي عليها
في الموضة مصطلحات كثيرة ومتنوعة، ومع مرور الوقت، والتطور التكنولوجي، والإختلافات التي نشهدها في عالمنا، نحن دائماً على موعد جديد مع مصطلحات ومفاهيم حديثة وطارئة. اليوم في هذا النص، سوف نسلط الضوء على مفهوم الموضة السريعة Fast fashion، تأثيرها الإيجابي والسلبي، وبالمقابل سنطلع على مفهوم الموضة المستدامة Sustainable Fashion، المواجه لهذه الموضة. اليوم الصراع في عالم الموضة والأزياء هو بين إختيار الإنسان لتصاميم مع الطبيعة، أو لتصاميم تشكل خطر على الطبيعة. كيف؟ ولماذا اليوم؟! أسئلة نطرحها على أنفسنا، ولربما اليوم في هذا النص، سنجد بعض الأجوبة على أسئلة كثيرة تخطر في بالنا، لذا قوموا معنا بهذه الجولة السريعة، لنتعرف سوياً على هذه المفاهيم، سيئاتها، حسناتها، ولكم الخيار، هل ستعتمدون في المستقبل تصاميم تتبع خط الموضة السريعة، أم الموضة المستدامة؟!
الموضة الأكثر إنتشاراً.. الموضة السريعة
من إسم المصطلح يمكننا أن تخيل ماذا يعني، الموضة السريعة هي الموضة التي تلبي السوق بسرعة كبيرة وبكميات كبيرة وشاسعة. هذه الأزياء، منها قطع كثيرة يكون مثواها الهدر طبعاً. لهذه الموضة المنتشرة في كل العالم، حسنات وسيئات، طبعاً هذا الإنتشار الكبير لم يأتي من فراغ، فهذه الصناعة تعتمد على الإنتاج السريع، بتكاليف أقل، مما يعني أنها بمتناول الجميع. صيحات الموضة العالمية، وأبرز التصاميم والقصات، التي نراها على خشبات ومنصات عروض الأزياء العالمية، هي بمتناول كل الناس، بألوان ومقاسات مختلفة ومتنوعة. نعم، إنتاج ضخم للملابس العصرية الحديثة المواكبة للموضة، بأسعار ممكنة ومعقولة. أمر مغري طبعاً، لذا اليوم تعتبر هذه الصناعة الأكثر إنتشاراً وإعتماداً في العالم.
لهذه الموضة مخلفات وسيئات أيضاً، هذه الموضة السريعة لم تكن وليدة الصدفة، فكل تصميم يستهلك يد عاملة، مصادر طبيعية، لا تعد ولا تحصى، بالإضافة إلى كل ذلك مخلفات هذه الصناعة، وما تسببه من إنبعاثات للغازات السامة في الهواء، قد يدمر البيئة فعلاً. الأرقام والإحصائيات العالمية، تثبت أن الموضة السريعة اليوم تعد ثاني أكبر مسبب للتلوث البيئي في العالم، وهذا يعد فعلاً أمراً خطيراً. مغريات هذه الموضة كبيرة، ومن الصعب الإستغناء عنها، ولكن الوعي والإدراك سبيل وطريق يمكننا سلوكه للتخلص نسبياً من الأثار السلبية التي قد تخلفها هذه الموضة. نفايات سنوية للملابس بأرقام مخيفة، إنبعاثات الكربون، تلوث المياه، كلها اليوم إحصائيات في متناول الأيدي، تثير الذعر في نفوس مناصري الأرض والطبيعة، لذا أتت الموضة المستدامة كحل أو كبديل، يمكننا إعتماده للحد من هذه المخاطر.
التلوث البيئي الضرر الأبرز في هذه الموضة، وللأيدي العاملة أيضاً حق مهدور، فمعظم المصانع الكبرى التي تنتج أزياء تتبع خط الموضة السريعة، تعتمد على العمالة وتهدر حقها. اليد العاملة في هذه المصانع، تعمل بجهد وتعب، في ظروف غير إنسانية، بساعات عمل طويلة، وبمردود مادي لا يُذكر. إذاً لهذه الموضة السريعة حسنات وسيئات، حسناتها شخصية ومغرية، وسيئاتها قد تكون عمومية وبطيئة من حيث الإنعكاس مبنية على شعارات غير ملموسة لكثير من الناس.
الموضة المستدامة.. والمواجهة الشرسة
البعض يقول أنه حان وقت التغيير، والبديل هو الموضة المستدامة، الموضة الصديقة للبيئة. اليوم سوف نبسط هذا المصطلح، لنقول أن هذه الموضة هي ليست موضة بطيئة وحسب، بل إنها موضة تراعي الأرض ومن يعيش عليها. هي أسلوب مناهض لكل ما يضر بالبيئة الطبيعية، الإنسانية، والحيوانية. تراعي الطبيعة جداً، تبتعد عن كل السموم والغازات السامة التي قد تخلف من جراء صناعة الأزياء، كما أنها لا تستخدم الجلود الحيوانية، التي تسبب في أذية الحيوانات حول العالم وهنا نقصد الجلود الطبيعية والفرو الطبيعي، بالإضافة إلى مراعاة حقوق اليد العاملة من مردود مالي إلى بيئة آمنة. حسناتها كثيرة، قد تكون شعارات كبيرة، مغرية، ولكنها اليوم حالة نعيشها وربما مستقبل قريب سنعيشه بإنتشارٍ أكبر وأوسع.
حسناتها كثيرة، ولكن اليوم السؤال الأبرز هو هل هذه الموضة ستكون بمتداول جميع الناس؟! ربما نعم، من خلال إعادة إستهلاك الملابس المستعملة، ولكن هل الجميع يوافق على إعتماد ملابس ملبوسة مسبقاً! وربما لا، كون هذه الصناعة، تكلفتها باهظة، من أيدي عاملة، وموارد طبيعية غير مضرة للبيئة، وتصاميم بأعداد قليلة، مما يفرض أن تكون هذه الأزياء باهظة الثمن وبالتالي لا تناسب الجميع، ولا يمكن أن تحقق إنتشاراً واسعاً كالموضة السريعة، وبالتالي لا يمكن أن تكون بديل فعلي.
البعض يقول أن الحل أو البديل هو فردي، أي في البداية إذا إقتنعت بخطورة الموضة السريعة عليك أن تبدأ من نفسك، أن تختار ملابس أقل، تنظر إلى النوعية لا إلى الكمية، تقاطع الملابس المصنوعة من جلود الحيوانات، وأن تتجنب التخلص من الملابس التي لم تعد تريدها، عبر إعطائها أو وهبها لأشخاص بحاجة إليها. هذه الموضة المستدامة، تُسمى أيضاً الموضة المسؤولة، والتي تحث الناس على إعادة التدوير، وإعادة إستخدام التصميم لأكثر من مرة، عبر زيادة بعض اللّمسات الجديدة والمميّزة.
صراع من أجل الأرض.. للموضة دور أساسي فيه
تلعب الموضة دور أساسي في الإقتصاد العالمي، فمعظم الدول قائمة على هذا المجال الصناعي الواسع. اليوم التغييرات المناخية، والتلوث الكبير للكرة الأرضية من يابسة، مياه، وإنقراض للحيوانات، شكل حالة من الوعي العام للرأي العام. ربما تكون الموضة السريعة الأنسب لكِ، أو ربما تكون الموضة المستدامة، في كلا الحالتين، لا يمكننا أن ننكر دور الموضة الأساسي في العالم، إن كان تأثيرها على البيئة، الإقتصاد، الناس وحتى على السلوك الفردي والجماعي.
من أجل الأرض، تنشأ اليوم صناعات جديدة في عالم الموضة، ربما تكون هي الحل، وربما مع مرور الوقت تسقط، ليظهر بديلاً جديداً أكثر بساطة ومرونة. وفي هذا السياق، يبقى للناس حرية الإختيار، ما هي الصناعة التي تناسبهم اليوم أكثر وفي كلا الحالتين، يكون القرار قد إتُخِذ على حق، فمن يختار الموضة السريعة هو من الناس التي تهوى التغيير، التنويع، بأسعار مغرية، ومن يختار الموضة المستدامة هو من الناس التي لها نظرة مستقبلية وخوف باطني على باطن هذه الأرض وسطحها.
دور أزياء كثيرة تعتمد اليوم نهج الموضة المستدامة، وبعضها الآخر يشجع، يتضامن، أو يعتمدها بمناسبات زمنية معينة كنوع من التضامن الرمزي، Stella McCartney، Gabriela Heasrt من الدور السباقة في الإلتزام في هذا النمط الأيكولوجي، بالإضافة إلى دور أزياء عالمية أخرى تعهدت بحماية البيئة بشكلٍ عام أبرزها Gucci، وLouis Vuitton، ,وطبعاً بين الإلتزام والدعم تختلف الأمور كثيراً، ولكن الكل يتفق اليوم على أنه يجب أن يكون هنالك حل في المستقبل وبديل جذري مهم يلفت إنتباه كل الناس، ويكون بمتداول الجميع، محققاً إنتشاراً واسعاً، كبديلاً أساسياً للموضة السريعة.
نختم هذا النص اليوم بمقولة لافتة لماركو بيزاري، الرئيس والمدير التنفيذي لGucci " بالالتزام معاً بالثقافة الهادفة، وتحمل المسؤولية، والحث على الاحترام والشمولية والتمكين، نسعى إلى تهيئة الظروف الّلازمة لتطبيق نهج ينحو تدريجياً نحو الاستدامة".