الدكتورة ليلى البسام... أجندة الأزياء الثقافية من أجل عالم مستدام، توثيق الأزياء والتراث لأجيال المستقبل
الاستدامة الثقافية موروث الأجيال وركيزة كل مجتمع محافظ على هوية وطنية أو عرقية. والأزياء التقليدية السعودية تتربع على عرش الأزياء المعاصرة في السعودية، فهي مصدر إلهام كبير لكل المصممين، حيث تنعكس إبداعاتهم الأصيلة في تصاميم استلهمت أدق تفاصيلها من الموروث التراثي السعودي.
الدكتورة ليلى البسام الخبيرة في التراث وأستاذة الأزياء والمنسوجات التقليدية امرأة في قامة وطن، موسوعة في عالم الأزياء السعودية التراثية، جمعني حوار معها، قبيل موعد تدشين كتاب "الأزياء التقليدية السعودية" الذي يوثق الثراء الثقافي والتراثي للمنطقة الوسطى، فحدثتني عن كون الأزياء واجهة ورمزا للوطن في المحافل العالمية، وارتباط الأزياء التراثية بمفهوم الاستدامة.
كيف تصبح الأزياء رمزا للهوية الوطنية في المحافل العالمية؟
لكل شعب من الشعوب أزياؤه التقليدية. وهي فعلا تلعب دور الهوية حيث أنها غالبا ما تدل إلى المنطقة التي ينتمي إليها صاحبها. وتتميز الأزياء التقليدية في المملكة بالتنوع الذي يعكس المنطقة بل وحتى القبيلة التي ينتمي إليها الشخص. أما بالنسبة للمحافل الدولية، فمن الواضح أن الزي التقليدي للرجال معروف وواضح عند سفرهم للخارج.
ما علاقة الأزياء التراثية وارتباطها بمفهوم الاستدامة؟
تميزت الأزياء التقليدية في المملكة بكثير من الخصائص التي جعلتها مستدامة، لا سيّما وأنها تبقى مع الشخص مدة طويلة. ومثال على ذلك البشت الرجالي وغيره من المكملات الرجالية، وزي العروس الذي تعتمده المرأة كزي للمناسبات في أغلب مناطق المملكة، علما بأنه كان يؤجر في المنطقة الغربية، وذلك بسبب تكاليفه الباهظة وصعوبة تنفيذه. علاوة على ذلك فإن نقل القطع المطرزة من الثوب القديم إلى ثوب جديد.
ما دور المناسبات الوطنية في تعزيز هوية الأزياء؟ وكيف يمكن للمصممين التفاعل معها دون المساس بالـتركيبة الوراثية لهذه الأزياء؟
لقد أدى الاهتمام بارتداء الأزياء التقليدية في تلك المناسبات وفرضها كزي للحضور من الجهات الرسمية إلى اهتمام المواطن بالتعرف إليها واقتنائها بالإضافة إلى انتشار روح المنافسة والرغبة في الظهور في أفضل تمثيل لها. ومن الضروري المحافظة على طابعها وخطوطها الأساسية مع التطوير المناسب للعصر حتى تكون مستدامة.
ما أهمية توثيق الأزياء التراثية السعودية وتصديرها للعالم؟
يمكن قياس تقدم الشعوب بمدى محافظتها على تراثها وفنونها التقليدية، وبلادنا تتصف بتاريخ عريق يمتد إلى آلاف السنين، تتشعب معه حضارتنا وتتعدد مجالات فنوننا التقليدية، فتزخر بالعناصر المختلفة التي تعبر عن مذاقنا الخاص في ممارسة أساليب الحياة، كما تعبر عما يتلاءَم مع بيئتنا وينبع من عاداتنا وتقاليدنا. ولعل الأزياء من أهم هذه العناصر، فنستوحي ما تركه لنا أجدادنا من تراث ملبسي يميزه ثراء ألوانه وبساطة خطوطه واحتشامه وروعة الجمال الفني الذي يصل إلى درجة عالية من الإتقان والدقة في العمل. فلنستمد من هذا الكنز ما يغنينا ويجعل لنا شخصيتنا المميزة وطابعنا الخاص، بحيث يتماشى مع متطلبات الحياة في هذا العصر، وهذا من شأنه أن يحقق الأصالة والانسجام مع أساليب المعيشة في مجتمع متطور يهمه أن يحافظ على تقاليده الإسلامية العريقة.