GUCCI COSMOS... معرض يكتب أنشودة لإبداع دار "غوتشي"
يرتحل معرض "غوتشي كوزموس" GUCCI COSMOS بزواره إلى عالم الموضة، ويأخذهم في رحلة غامرة إلى عالم الإبداع والأناقة. رحلة تذهب بهم عبر الزمن، وتستكشف تاريخ دار "غوتشي" وجذورها الفلورنسية، وتكتب أنشودة لإبداعها الدائم. انطلق هذا المعرض في شنغهاي، الصين في إبريل الماضي، ثم انتقل، في شهر أكتوبر، ليحط رحاله في لندن، حيث يقيم حتى نهاية الشهر الجاري. وهو ينسج بمحتواه الجديد تاريخ الدار وإبداعها وعلاقتها الجوهرية بالعاصمة البريطانية التي شهدت بدايات قصة الدار منذ 102 عام.
على بعد بضعة أمتار من فندق "سافوي"، تحول استــــوديــــــو "180 ذا ســـتــــراند" بـمــعـــــرض "غوتشي كوزمـــــوس" GUCCI COSMOS إلى سلـســلــــة من "الـعــــــوالم" الآســـــرة، التي يكشف كل منها جانبا مـــمـــيـــــزا مـن رحـــلـــــة "غـــوتــــــشي". وبدلا من السرد التاريخي، جاء المعرض بمنزلة تجربة غامرة تتزاوج فيه حكايات الماضي وتخيلات المستقبل بشكل متواصل.
يؤكد المعرض على أصول الدار الفلورنسية، فيــــستــــقـــبل الزائر مجـــسما ضــــخما لكاتــــــــــدرائية "دوومو" على واجــــــــهة مـــــــبنى "180 ذا ستراند" الذي يستضيــــفه. أما في الداخــــــل فيـــبـــــــــــــــــدأ سرد الحكاية في "الغرفة الصاعدة" ASCENDING ROOM ذات اللون الأحمر، وبأسطورة تخيلتها الفنانة البريطانية "إز دفلين" عن مؤسس الدار "غوتـــــشيو غوتــــــــشي". ذلك الـــــــــشاب الذي بدأت قصته في لندن عام 1897 حمّال أمتعة، وصبي مصعد في فندق "سافوي". آنذاك كان "غوتشيو" يرافق عملاء الفندق، ويحمل أمتعتهم في المصعد الكهربائي، علما بأنه كان الأول من نوعه في لندن وكان يعرف باسم "الغرفة الصاعدة". كانت تلك الرحلة بطيئة جدا، تستغرق نحو 7 دقائق، وكثيرا ما كان الــناس يشعرون بالضيق والتوتر خلالها. تخيلت "دفلين" ما جال في ذهن "غوتشيو" خلال هذه الرحلات التي كان ينفذها مرارا عديدة في اليوم الواحد. تخيلته يتأمل حقائبهم وأمتعتهم وأزيائهم، ويتعلم عن عالم الفروسية ورحلاتهم. وتخيلت أن هذا الفضول وهذه الملاحظات كانا ما حمله معه عندما عاد إلى فلورنسا عام 1921، ليفتتح مشغلا لصناعة أمتعة مستلهمة من تلك الملاحظات والحوارات.
تمتزج العناصر الصوتية والمرئية والحركية في كل نواحي المعرض، لتعزز موضوع كل غرفة من غرفه، وتثير مشاعر الزوار. فيشعر الزائر مثلا وهو في "الغرفة الصاعدة" كأنه فعلا في مصعد متحرك، بفضل الفيديو المعروض خلف مرايا مزدوجة، وبفضل التسجيل الصوتي الذي يصف تاريخ هذا المصعد وحكاية "غوتشيو غوتشي" معها.
عند الترجل من "المصعد" يصل الزائر إلى غرف "بورتالز" PORTALS، أي البوابات، فيدخلها عبر أبواب دوارة هي نسخ عن أبواب فندق "سافوي" في القرن التاسع عشرة. تفتح "البوابات" لتستكشف عالم الأمتعة والأسفار. فتربط المساحة بين الماضي والحاضر من خلال الأبواب الدوارة وغرف دائرية بيضاء تستعرض فيها أحزمة ناقلة متحركة تصاميم حقائب من تاريخ الدار وحاضرها. وتستعرض بمحتوياتها تبادل المعرفة التصميمية والأفكار ومصادر الإلهام بين مصممي "غوتشي" المختلفين. ولا تقتصر المعروضات على أمتعة السفر فقط، بل تشمل أيضا تصاميم مميزة منها حاملات الغيتار، وأدوات النزهة البرية، وعصي الغولف وغيرها. وتتضمن حقائب صممها "غوتشيو" في عشرينيات القرن الماضي، وحقائب أيقونية صممها من خلفه من المديرون الإبداعيون عبر السنين.
ارتباط "غوتشي" العميق بعالم الفروسية هو موضوع غرفة "زويتروب" ZOETROPE التي تقدم قطعا تاريخية تظهر تطور تأثيراته المختلفة في تصاميم الدار. وتتناغم المساحة الدائرية للغرفة ومعروضاتها مع الأصوات الإيقاعية لحوافر الأحصنة التي نراها تعدو في فيديو يعرض على مدار حوائط الغرفة.
رمز الطبيعة المهم لدى "غوتشي"، ومصدر إلهام جميع مصمميها، هو موضوع غرفة "إيدن" EDEN، أي جنة عدن. هنا ندخل عالما أبيض تسكنه مجسمات ضخمة للأزهار والحيوانات والعصافير التي تعكس زينة الأوشحة والفساتين المعروضة. يتوسط الغرفة وشاح حرير يعود إلى عام 1966، قدمه "رودولفو غوتشي" لـ"غرايس" أميرة موناكو، وهو من ابتكار الفنان والرسام الإيطالي "فيتوريو أكورنيرو دي تستا". وقد كان هذا الوشاح خاصة، والطبيعة عموما، منبع إلهام لـ"رودولفو" في مجموعة أزياء قدمها عام 1981، ورمزا يغرف منه مصممو الدار حتى اليوم.
كانت الدار رائدة وسبّاقة في تقديمها أزياء تخاطب الجنسين، وهي في غرفة "تو" TWO تسلط الضوء على بعض تلك التصاميم. يطوف في هذه الغرفة تمثالان ضخمان، طول كل منهما عشرة أمتار، تتلون وتتغير ملابسهما بفضل التكنولوجيا الحديثة. وعلى وقع شعر خطته "إز دفلين"، نراهما يطلان ببذلات شهيرة، منها البذلة المخملية الحمراء التي قدمها "توم فورد" عام 1996.
ننتقل إلى أرشيف الدار في غرفة "أركيفيو" ARCHIVIO التي تشبه متاهة تذكرنا بأرشيف الدار في قصر "سيتيماني" التاريخي في فلورنسا، والتي تضم حقائب أيقونية وأدراجا تحتوي على رسومات وصور حملات إعلانية. هدفت مصممة المعرض، الفنانة "إز دفلين"، من خلال هذه المساحة، إلى لفت انتباه زوار المعرض إلى الحب والعناية التي دخلت في إنشاء كل رسم وتصميم ابتكرته الدار، وأن تنقل الشعور بالبهجة الذي غمرها عندما زارت أرشيفها.
تتوسط غرفة "خزانة العجائب" CABINET OF WONDERS الدائرية خزانة دوارة ضخمة مطلية باللون الأحمر الداكن. تدور الخزانة، وتتفتح أدراجها وحجيراتها لتكـشف قطعا ثمينة من أزياء وإكسسوارات الدار، بما فيها حقيبة من تصميم "ســابـــــــاتو دي ســــارنو" لعام 2023، وزي ارتداه "هاري سـتــــــايلز" عام 2022. موســــيقى تــصويــــــرية لآلات الخياطة وضوضاء المشغل ترافق عرض الأزيــــــاء في غـــــــرفة "كاروسيل" CAROUSEL التي يدور فيها 25 تمثالا يعرض إطلالات مختلفة من تصاميم تعود إلى السبعينيات وحتى يومنا هذا. نسقت الإطلالات حسب اللون ومصدر الإلهام، بدلا من التسلسل الزمني، لتسلط الضوء على الحوار الإبداعي المستمر للدار مع قيمها وتراثها.
وتنتهي الــجــــــــولة في غــــرفــــــــة "أنــــــكورا" ANCORA المستــــــــوحاة مـــن مجـــمــــوعــــــة "ساباتو دي سارنو" الأولى للــدار، والمكـــسيـــــــــة بـــــظل الـــلـــــــــون الأحــــــــمر ROSSO ANCORA. فـــــيها نـــســتــــــمع إلى حوار فني وفلسفي وأدبي بين المصمم والفنانة "إز دفلين"، ونـــشـــــاهــــد فيـــديـــــو يـــرتـــبــــــط بالذكـــــريات والأماكن الخاصة به.
وأخيرا يصل بنا المـعرض إلى قـــــهوة مصممة على شـكل ردهــــــة فـنــــدق "ســـــافوي" في فـتـــــــرة أواخر تسعينيات القرن التاسع عشرة، بأرضيتها الرخامية الشهيرة باللونين الأبـيــــــض والأســــــود وتـجهــيــــزات الإضاءة والأثاث الأنيقة. تستحضر القهوة ردهة الفندق خلال الفـتـــــــرة التي عمل فيها "غوتشيو غوتشي"، وتوفر للزائر فرصة الاستراحة والتمتع بمشروبات ووجبات خفيفة بنكهة "غوتشي".
