خاص لـ"هي": بين الأساطير والإرث والمحيطات تستكشف المصممة فرح المسباح عمق التاريخ في مجموعة خريف وشتاء 2024 للأزياء الراقية "الكنوز"
قدمت المصممة الكويتية فرح المسباح مجموعة خريف وشتاء 2024 للأزياء الراقية خلال أسبوع باريس للموضة، حيث أصبحت أجواء فندق "لو بريستول" الفاخرة وتفاصيلها الكلاسيكية المنصة المثالية لاحتواء وعرض مجموعة المسباح الجديدة.
تتصف دار فرح المسباح بتوجهها الحاد نحو تنمية قطاع الأزياء الراقية في المنطقة وتطبيقها لتقنيات الحرفة التقليدية التي تتحلى بأعلى مستويات الدقة والجودة و الاهتمام من الأقمشة الرائعة و التطريز المعقد الى الشك و الخرز الفاخر، بينما تكمن قوة المصممة الشابة بحِسها العالي و قدرتها الجبارة على نقل عملاءها و الأعين الناظرة الى حُقب زمنية مختلفة تتأرجح ما بين جمال العناصر التاريخية و خلود الأناقة و حداثة التصميم.
تميل المصممة الواعدة وخريجة كلية لندن للأزياء لإعادة تفسير الصور الظلية التي تنتمي الى قرونٍ مضت وتقبل التحدي الذي لطالما ما كَسبته في سحبها من الماضي الى طور الحداثة والأناقة المعاصرة على الرغم من تفاصيلها التاريخية وطابعها العتيق، كأزياء ملكة البذخ والمبالغة "ماري انطوانيت" من القرن الثامن عشر.
في مجموعة فرح المسباح لـخريف وشتاء 2024 للكوتـور تتخذ المصممة الإرث والمِهن التراثية مصدراً للإلهام تستمد منه مفهوم مجموعتها الجديدة التي أطلقت عليها عنوان "الكنوز" وتُخبرنا في حوار خاص عن مصدر الإلهام: "مجموعة الكنوز لخريف وشتاء مستوحاة من تجارة اللؤلؤ في الخليج العربي حيث أبحر أسلافنا وغاصوا في البحار لجمع المحار. وأَخذتُ الحرية في تخيل التجارب والقصص التي مر بها البحارة والحياة البحرية التي رأوها تحت الماء وحَولتُها إلى فساتين راقية."
عند النظر الى مجموعة الكنوز يتضح إلهام البحر ومخلوقاته المتلألئة بصورة رقيقة وغير مباشرة تنعكس من الأقمشة المضيئة التي تَشع بألوان مختلفة عندما تخترقها مستويات مختلفة من الإضاءة أو أشعة الشمس الذهبية، أما لوحة الألوان فكانت المؤشر البصري الآخر حيث تزينت الفساتين الراقية وقصاتها الأنثوية بدرجات من الأزرق الفاتح والوردي المرجاني بينما تناقضت الظلال الحيوية مع بقية المجموعة التي اتخذت المنحى الكلاسيكي في توليفة الألوان من الأسود والأبيض والبيج الدافئ.
الطبيعة كانت و مازالت أكبر مصدر للإلهام البشري في كافة وسائل الفن و الموضة و تستلهم المسباح من جمال الطبيعة البحرية و روعة المحيط و جاذبية الشواطئ الناعمة، كما تتلاعب بين الخطوط الفاصلة ما بين الواقعية و القصص الأسطورية التي تجمعها البِحار في عمق واحد، فنرى زبد البحر مترجم بقماش التل وشرائحه المقطوعة في حاشية الفستان الذي يغطي سطح صخور الشاطئ الداكنة عند اقترانها بزرقة الماء المنعشة بينما يتشكل الجزء العلوي منه بحدود الخطوط المنحنية للأصداف الجميلة، لمعان قناديل البحر و قوامهم الهلامي الى الصورة الظلية لحورية البحر الأسطورية و أسطورة "فينوس"، تقول لنا المسباح عن المجموعة و الاستلهام من الطبيعة: "الطبيعة ومخلوقاتها تلهمني كثيرًا وأحب مراقبة الطبيعة وجمالها الفائق. لقد مزجتها مع مخيلتي ومشاعري الشخصية تجاه الحياة البحرية التي بقدر ما أعشق جمالها فإن طبيعتها الغامضة تخيفني أيضًا، مع العلم أن رحلة البحارة لم تكن سهلة وأي خطأ يمكن أن يكون قاتلاً. هكذا صببت مخيلتي حول كيف ستبدو هذه المخلوقات على هيئة فساتين وفي شكل بشري. هيئة حورية البحر في رؤيتي. استخدمت تشكيلة واسعة من الكائنات البحرية من محار وأسماك ونباتات بما في ذلك الماء وزبده."
مجموعة "الكنوز" ثرية بالجماليات البصرية ودليل جسيم على حرفة المصممة العالية، ولكنها أيضاً متجذرة في الثقافة بشكل رائع وليس فقط بالعناصر البصرية، بل المهن العملية والقديمة التي جعلت منطقة الخليج والكويت ثرية ثقافياً وحرفياً كتجارة اللؤلؤ، تؤكد فرح المسباح قائلةً:"أبحر الغواصون باستخدام أبسط الأدوات، وغاصوا وسط الكثير من الأخطار والمخاطر من أجل العثور على لآلئ رائعة. وحتى لو نجوا فقد فَقَدَ الكثير منهم بصرهم بسبب ملوحة الماء. وفي نهاية المطاف، كانت اللآلئ التي تمكنوا من العثور عليها هي الأكثر طلبًا، وكانت الملكة "إليزابيث “تقول دائمًا أن أقراطها المفضلة هي اللآلئ البحرينية، وكان السيد "كارتييه" يستورد لآلئه من البحرين والكويت. إنه كنزنا قبل صناعة النفط وما زال مصدر فخرنا. ولكن إذا كنت سأترجم هذا إلى موضوع الأزياء الراقية، فهو يعود بشكل كبير إلى الحياة البحرية، والمحار مخلوقات بحرية تنتج لآلئ مذهلة باهظة الثمن. وهنا قررت التركيز بشدة على وجهة نظر تجارب الغواصين في وسط البحر بعيدًا عن منازلهم."
اللمعان والشك باللؤلؤ الطبيعي والخرز الكريستالي والتطريز المعقد، تُخبرنا المصممة عن التقنيات التي تُحدد جوهر مجموعة الأزياء الراقية هذه و التصميم الذي شكل أكبر تحدي في خلال العملية الإبداعية و التنفيذية: "ركزنا على استخدام المواد المضيئة التي تعكس تأثير الماء والمواد شبه الشفافة مثل الأورجانزا التي تشبه ذيول الأسماك وزعانفها. الجزء الصعب هو عكس الحركات لأن الأسماك والمخلوقات تتحرك داخل الماء لذا يجب أن تعكس الفساتين أيضًا الحركات، لذلك استخدمنا كمية كبيرة من المواد واستخدمنا تقنية القَطْع المتدفق لإنشاء حركات عفوية تترجم كل ذلك إلى فستان يمكن ارتداؤه، مع تحقيق التوازن بين التفاصيل والنِسَب. وكانت النسب التحدي الرئيسي. واحدة من أكثر هذه التصاميم تحديًا هي "الأمفيتريت" حيث كان علينا قطع المئات من التول المتتالي وصَفها على مسافات محسوبة تبلغ 2 سم مع إنشاء تأثير متدرج وتصميم تنظيم الشك على الصدر بحيث تشبه حواف ذيل البحر المتدفق من الوسط الخلفي إلى الوسط الأمامي في منحنى يشبه حركة السمكة التي تُمَيل ذيلها، كل ذلك مع التأكد من عدم ذهاب الرؤية عندما يخترق الرسم خطوط التماس حيث إن لدينا منحنيات وهو فستان منخفض الخصر. استغرق الأمر ما لا يقل عن 700 ساعة من العمل. أما التحدي الثاني فهو فستان "الجيلي"، الذي يبدو بسيطًا جدًا وتنفيذه أخذني في حيرة. كنت أتعامل مع الأورجانزا المطوي، وحقيقة أنه شفاف لم يكن متسامحًا وكل شيء يظهر لذلك لا يمكنك استخدام أي مادة تحته للدعم، لأنه لن يظهر فقط، بل سيفسد جماله الشفاف. وكان لدي طرق محدودة لقص النمط لتحديد الشكل الذي أردته. لقد كان الفستان الذي تعرض لأكبر عدد من المحاولات والأخطاء. انتهى بها الأمر في النهاية كواحد من أكثر الفساتين الحالمة."
كل علامة تجارية لها تصميمها المميز ولكل دار أزياء فستان بمثابة ختم الهوية الفنية في كل مجموعة، وجوده حتمي وتأثيره عميق و جاذبيته أبدية لدى عملاء العلامة، في علامة فرح المسباح هذا الفستان والتصميم المتكرر هو فستان أطلقت عليه المصممة "ليلى" وتقول عنه في هذا الحوار الخاص: "هذا الفستان هو علاقة حب من النظرة الأولى. عندما صممت هذا الفستان في ربيع-صيف 2022 وجربت النموذج الأولي بنفسي، أذاب الفستان قلبي وشعرت أنه سيحقق نجاحًا كبيرًا. بسبب الشعور الذي يتملكُكِ عند ارتدائه، فهو يجعلك تشعرين بأنوثة فائقة. تم حساب الطريقة التي صممت بها الفستان، حيث إن مواقع البلورات والأحجام وحدها مع القطع تعطي وهمًا بصريًا بأن جسمك يشبه الساعة الرملية. لقد كان محبوبًا جدًا في أول ظهور له. وعندما ارتدته الممثلة ليلى عبد الله (وهذا عندما قمنا بإعادة تسميته الى "ليلى") أحبه الجميع أيضًا بما في ذلك ليلى نفسها. ابتكرنا أشكالًا مختلفة من الفستان، وقالت ليلى: "لا ينبغي لأحد غيري أن يعرض هذه الإطلالة، إنه فستاني!" ويستمر الطلب على الفستان. لذلك واصلنا ابتكار إصدارات مختلفة من الفستان مع الحفاظ على سحره وفكرة الوهم البصري."
بكونها علامة تحتفي بحرفة الأزياء الراقية والطلبات الخاصة بما في ذلك أزياء وفساتين الزفاف تخبرنا المصممة بالطلب المتزايد على تصميمها لِقطع أساسية ومحورية: "نحن نركز على الأزياء الراقية وحفلات الزفاف، وقد تلقينا مؤخرًا الكثير من الطلبات على الملابس الأساسية لخزانة الملابس ونخطط لتوسيع خطوط الملابس الجاهزة. لدينا رؤية لتوسيع خطوطنا لتقديم مجموعة واسعة من الإكسسوارات وإلباس العميلات من الرأس الى القدم."
"الكنوز" مجموعة خلابة بمصدر إلهام عميق مستمد من الطبيعة والإرث، المهنة والواقعية بجوانبها المنطقية والغامضة وأفكارها الأسطورية، تكللت في جلسة تصوير في موقع متميز وعارضة أزياء استثنائية، تقول فرح: "لقد قمنا بتصوير المجموعة في جزيرة "لانزاروت" وعارضتنا هي المؤثرة الكندية الصينية "ميشيل سونغ". في الآونة الأخيرة، تم عرض جميع مجموعات الأزياء الخاصة بنا من قبل أشخاص ذوي وظائف مختلفة، مثل ليلى ممثلة، و "جولدي" مغنية، و "ميشيل" مؤثرة. كانت هؤلاء النساء مصدر إلهامي عندما صممت الإطلالات والتصاميم أيضًا."