رامي قاضي لـ"هي": فن التطريز في مجموعة LES MIROIRS مستوحى من العجائب المعمارية في العلا
حوار: MASHAEL AL DAKHEEL
مفتونا بطبيعة العلا والإبداع المثير لأكبر قاعة مصنوعة من المرايا في العالم، يحط المصمم العربي العالمي رامي قاضي رحاله في أرض العلا، أرض الفنون والثقافة والحضارات، ليأتي لنا بعرض أزياء كوتور حالم يقام بين جبال العلا الصخرية بدفئها وهيبتها الطاغية، والتي شكلت خلفية ساحرة لأهم العروض والفعاليات لا يمكنك أن تمل منها أبدا.
استعرض المصمم رامي قاضي في حدث خاص أُقيم في قلب العلا مجموعة الكوتور الجديدة لربيع وصيف 2024 تحت عنوان LES MIROIRS التي شكلت لحظة فارقة في تاريخ عروض الأزياء التي أقيمت في العلا، إذ أصبح رامي قاضي أول مصمم أزياء عربي يتعاون مع لحظات العلا، ليقدم مشهدا عالميا التقت فيه ثقافة العلا وتاريخها ومجتمعها الثقافي مع عالم الكوتور بطابع عالمي.
في حوار خاص بـ "هي" تحدث المصمم رامي قاضي عن تفاصيل المجموعة التي ضمت 40 قطعة استثنائية، شملت 10 تصاميم حصرية أُعدت خصيصا لهذه المناسبة. واسترسل في حديثه معنا عن تصاميم المجموعة التي عكست جوهر العلا من خلال المناظر الطبيعية الفاتنة والمعالم المعمارية، مع التركيز على الابتكار في استخدام تقنيات الخياطة والمواد مثل العناصر الهولوغرافية، والبلاستيك المعاد تدويره، وقطع الزجاج المكسور.
تطرق رامي قاضي إلى الحديث عما قد يكون من أهم العناصر التي عززت الهوية السعودية في المجموعة، وهو الإكسسوارات التي كانت من ضمن عرض الأزياء المصنوعة من الفضة والذهب، لتعكس صلابة وجمال نباتات صحراء العلا. وأتت هذه المجموعة بالتعاون الفريد مع مدرسة الديرة، وهو مركز العلا الإبداعي للفنون، إذ يعلم النساء الحرف اليــــدويــــــة بهــــــدف الحــفــــاظ على التـقــاليـــــد المحلية، والمشاركة في التصنيع المحلي. وقد صرح المصمم رامي قـــــاضي عـــن الـــعـــــرض قـــائلا: "كان تقديم مجموعة "المرايا" في العلا رحلة عميقة، تمزج بين سرد الحضارات القديمة وصيحات التصميم الحديث". إليك تفاصيل الحوار الخاص بـ"هي"..
لـماذا اخــــتـــرت أن تــســتـــوحي مجــمـــوعـة كاملة من العلا؟ وكيف تبلورت هذه الفكرة؟
استوحيت مجموعة LES MIROIRS بالكامل من جوهر الــعلا الخالد، واستلهمت الفكرة منها نظرا لأن فيها مزيج لا مثيل له من أهميتها التاريخية وجمالها الطبيعي وثرائها الثقافي. كانت المناظر الطبيعية الغـــامــضـة في العلا بمنزلة مــــصدر إلـــهــــــــامي الأســـــــــاسي للمـــــــــــجــمــــــــوعــــة، من القـــــصات والتطريزات إلى الأنماط والألوان.
ما هي رمـــــوز الطبــيــعــــة والـتـــــراث الــتي ألهــمــتـــــك في هـــــذه المجـــمــوعة؟ وما التحدي الذي واجهته فيها؟
في هذه المجموعة، تضمنت رموز الطبيعة والتراث التي ألهمتني، بما في ذلك النقوش الصخرية القديمة، والتكوينات الصخرية المذهلة، والنباتات الصحراوية النابضة بالحياة، وواحات العلا الخضراء. قدم كل عنصر تحديا فريدا من نوعه، ولا سيما في ترجمة التفاصيل والأنسجة المعقدة إلى تصميمات الأزياء الراقية والتطريزات مع الحفاظ على جوهرها وأهميتها الثقافية. ومع ذلك، فقد غذى هذا التحدي أيضا إبداعي، ودفعني إلى الابتكار وتجربة المواد والتقنيات لإضفاء الحيوية على جوهر العلا في كل قطعة صممتها.
كيف استوحيت فنّ الشك والتطريز من مرايا العلا؟
فن التطريز في مجموعة LES MIROIRS مستوحى من العجائب المعمارية في العلا، ولا سيما قاعة مرايا، أكبر قاعة مرايا في العالم. وكانت الأسطح العاكسة والأشكال الهندسية للمرايا بمنزلة مصدر إلهام للتطريزات المعقدة، حيث استحوذت على تلاعب الضوء والظل الموجود في المناظر الطبيعية في العلا. ومن خلال ترجمة هذه العناصر إلى تصاميم الأزياء الراقية، كنت أهدف إلى استحضار جمال العلا الساحر وجاذبيتها الغامضة. إضافة إلى ذلك، فإن أحد العناصر الرئيسية الموجودة في الشك والتطريز هي زهرة العلا، رمز الحياة في وسط الصحراء، والتي تمت ترجمتها بأشكال متعددة على فساتيني الراقية.
إن تلاعبك بالألوان أمر مذهل، وهو بلا شك ما جذبك بشكل خاص إلى المرايا لتستلهم منها لوحة الألوان التي تتناقض مع ألوان الطبيعة في العلا. حدثنا عن مرحلة اختيار ألوان التصاميم.
كانت مرحلة اختيار الألوان للتصاميم في مجموعة LES MIROIRS عملية دقيقة ومستوحاة من لوحة الألوان المتباينة في قاعة مرايا وألوان المناظر الطبيعية في العلا. لقد سعيت إلى التقاط الطاقة النابضة بالحياة والتباينات الديناميكية الموجودة في كليهما، ومزج الألوان الجريئة ذات الألوان الجوهرية مع الألوان المحايدة الترابية لخلق توازن متناغم. واختير كل لون بعناية لاستحضار جوهر العلا، بدءا من الألوان الزرقاء والخضراء الغنية للواحة إلى الألوان الذهبية الدافئة لرمال الصحراء.
استعـــنــــت في هـــذه المجموعة ببعض من العناصر مثل الزجــــاج المــكــســـور والبـــلاستــيـــــك التي يفترض أنه أُعيد تدويرها، هل قصدت أن تستوحي تفـــــاصيل التصاميم من العناصر المستدامة؟
نعم، في هذه المجموعة، دمجت عناصر مستدامة مثل البلاستيك المعاد تدويره والزجاج المكسور، لترمز إلى أهمية الحفاظ على البيئة. ولم أختر هذه المواد لجاذبيتها الجمالية فحسب، بل أيضا لقيمتها الرمزية، التي تمثل هشاشة ومرونة النظم البيئية في العلا. ومن خلال دمج العناصر المستدامة في التصاميم، كنت أهدف إلى رفع مستوى الوعي حول أهمية حماية الموارد الطبيعية لكوكبنا والحفاظ على جمال أماكن مثل العلا للأجيال القادمة. إضافة إلى ذلك، ومن أجل حماية النمر العربي الذي سعت العلا منذ فترة طويلة للحفاظ عليه، فقد خصصنا جزءا من عائدات المبيعات لدعم الحفاظ عليه.
هل قدمت من خلال تقنيات صناعة المجموعة ابتكارا جديدا يحاكي مفاهيم الاستدامة في عالم الأزياء؟
أعتقد أن مجموعة LES MIROIRS تمثل نهجا مبتكرا للأزياء المستدامة. من خلال دمج المواد المعاد تدويرها والممارسات المستدامة في التصاميم، كنت أهدف إلى رفع مستوى الوعي حول أهمية الحفاظ على البيئة في صناعة الأزياء، إضافة إلى الحفاظ على بعض الأنواع المعرضة للانقراض، بما يتماشى مع إجراءات المحافظة على العلا تجاه النمر العربي. على الرغم من أن الاستدامة كانت دائما التزاما أساسيا في فلسفتي في التصميم، إلا أن هذه المجموعة سمحت لي بدفع حدود ما يمكن عمله من حيث إنشاء قطع أزياء جميلة مع مراعاة الحد الأدنى من التأثير البيئي.
ماذا تـــعـــني لك الشـمـــوليــــة كمـصـــمم؟ وهل تصمد هذه المجموعة كمجموعة تمثل المرأة الشرقية؟
الشمولية بالنسبة لي تعني الاحتفال بالتنوع واحتضان التفرد بجميع أشكاله. وعلى الرغم من أن هذه المجموعة مستوحاة من العلا وتراثها الثقافي، فإن جمالها وأناقتها عالميان، ويتجاوزان الحدود الثقافية، ويتردد صداهما لدى النساء من جميع نواحي الحياة. ومن خلال الاحتفال بجاذبية العلا الخالدة في سياق معاصر، تجسد هذه المجموعة الشمولية، وتمكن المرأة من احتضان هوياتها الفريدة بثقة ورشاقة.
الفن والحرفية هما الركائز الأساسية في مجموعتك، كيف ترجمت ذلك من خلال مجموعة LES MIROIRS الخاصة بك؟
سعيت من خلال مجموعة LES MIROIRS إلى إبراز البراعة الفنية والحرفية التي ترتبط بعلامة MAISON RAMI KADI التجـــاريـــــة مع دمــــج الجــــاذبــيــــــة الثـقـــافيــــــة للعلا. من التطريزات المــــعـــقـــــدة إلى تقنــيـــــات التـــصــــميم المبتـــــكرة، تعكس كل قطعة التفاني في التميز والاهـــتـــــــمـــــام بالتـــفــــاصيـــــل. من خلال استلهام التراث الغني للعلا وترجمته إلى تصميــمـــــات الأزياء الراقية، كنت أهـــــدف إلى ابــتـــــكار مــلابـــــس لـيست مذهلة بصريا فحسب، بل تحكي أيضا قصة وتثير المشاعر. تعتبر هذه المجموعة بمنزلة شهادة على الإرث الدائم للـــــــفن والحرفية في مجال الموضة، حيث تحتفي بجمال التقاليد وتحتضن روح الابتكار.
كيف توازن بين التأثير الأنثوي والطليعي في تصميمك؟
تحقيق التوازن بين التأثيرات الأنثوية والطليعية في تصميماتي يدور حول إيجاد الانسجام والتباين. أستمد الإلهام من مجــــمــــوعـــــة واسعـــــة من الــمـــصـــــادر، من الطبيـــــعـــــة والفن إلى الهندسة المعمارية والتكنولوجيا، وأمزج العناصر التقليدية مع الابتـــــكار الحـــــديث لتــصـــمــــــــيم قطع أزياء راقية وخالدة ومتطورة. سواء كان ذلك من خلال التطريزات الدقيقة، أو الصور الظلية المنحوتة، أو مجموعات الألوان غير المتوقعة، فإنني أهدف إلى تحقيق التوازن بين الأنوثة والذوق الطليعي، وتصميم أزياء تمكن المرأة من التعبير عن نفسها بجرأة وثقة.
باعتبارك مصمما عربيا عالميا، ما رأيك: هل يوجد اهتمام وتقدير ملموس من مجتمع الموضة العالمي؟ وما مكانة السعودية اليوم على الخريطة؟
أعتــــقــــد أن هنـــــاك بــالــفــعــــل اهتــمــامــــا وتقــديــــرا ملموسين من مجـــتـــمــــع الأزيــــاء العــــــالمي. تعززت مكانة الـــسعودية في عالم الــــمـــوضـــــة بشـــكل ملـــــحـــــوظ في السنـــــوات الأخيرة، وذلك مع مشهد الأزياء النابض بالحياة وصعود المصممين الموهوبين الذين اكتـــسبــــوا شهرة عالمية. فضلا عن ذلك، لعبت المرأة السعودية، بأسلوبها الفريد ومشاركتها المتزايدة في فعاليات الموضة، دورا محـــــوريا في تــــشكيل مـــــشهد الموضة وجذب الاهتمام الدولي.
كيف ينجح المصمم العربي في ترجمة الثقافة والحضارة العربية بأسلوب معاصر يندمج مع المعايير العالمية؟
ينجح المصممون العرب في ترجمة الثقافة والحضارة العربية وخلق أنماط معاصرة من خلال احتضان تراثهم الثقافي، وإضفاء التفسيرات الحديثة عليه. يتضمن ذلك استلهام الزخارف والأقمشة والحرفية التقليدية مع دمج التقنيات والتصاميم المبتكرة. في حالتنا، على سبيل المثال، تمكنا من دمج الأهمية الثقافية للعلا في تصميماتنا الحديثة للأزياء الراقية من خلال ترجمة النقوش الأثرية إلى رسومات ذات معنى تم تنفيذها من خلال التقنيات الجديدة للتطريز، وكذلك في القصات والأشكال المختلفة التي ميزت أعمالنا.