"أكروبات الموضة"... عندما يستعرض مصممو الأزياء عضلاتهم الافتراضية بدفع حدودهم الإبداعية
إعداد: NORA ALBESHER
صناعة الأزياء هي القوة الناعمة والوسط الفني القابل للتشكيل والتمثيل، فهي صناعة تحمل في موسوعتها مرونة عظيمة وتأرجحا في مدى واسع يمتد من الثقافة والتاريخ والهوية الفنية إلى الخيال والعلم والجرأة في دفع حدود الإبداع وتجسيدها في قطع ملبسية.
تتناغم صناعة الأزياء بنعومة مع مختلف الصناعات، بل وتتقاطع معها في معظم الأحيان، ومنها القطاع الرياضي والرياضة بحد ذاتها، فهما تتشابهان إلى حد كبير، فالرياضي يدفع بحدوده الجسدية إلى بُعد مثالي يتحدى به الجاذبية الأرضية كالبهلواني وقفزاته الضخمة، وحركاته المحسوبة، وشقلباته المتكررة، ومرونة عضلاته، كذلك مصمم الأزياء الذي يوظف موهبته الفطرية وحدسه الإبداعي في تجسيد مفهوم سلس، واعتماد الأزياء لسرد القصص، وتوصيل الرسائل، واستعراض المهارات التقنية والحِرفية في إحضارها إلى أرض الواقع، لتخدم وتُلهم.
يتميز الرياضي الاستثنائي بسيرة مهنية فريدة من نوعها، وموهبة مُتقدة اشتدت في لحظات محورية توّجت بميداليات الفوز، كما يتميز بعض مصممي الأزياء بقدرات فنية عظيمة استمرت في طور التميز، ولكنهم في لحظات معينة وتصاميم محددة دفعوا حدود إبداعاتهم الشخصية إلى مستويات منقطعة النظير، بعضها حُفِر في التاريخ، والآخر يخطها في صفحات الحاضر.
الطَيف الثلاثي الأبعاد الذي وَلج من وسط هرم زجاجي.. في عرض مجموعة خريف وشتاء 2006 لـ ALEXANDER MCQUEEN
"إذا غادرت دون أي شعور، فأنا لا أؤدي عملي بشكل صحيح، أريدك أن تشعر بالاشمئزاز أو البهجة طالما أنه شعور".. "لي ألكسندر ماكوين".
"ألكسندر ماكوين" المصمم الأسطوري وأحد أكثر المصممين تأثيرا في القرن الحادي والعشرين. لقد برع في خلق المجموعات المفاهيمية التي غالبا ما نبعت من مصدر إلهام عاطفي مستمد من حياته الشخصية والألم الفردي أو مخاطبة الأمور المجتمعية والسياسية والنسوية وتمكين المرأة. تميز "ماكوين" بأسلوبه الاستثنائي والشاعري الذي له القدرة على تحويل ظلمة الألم إلى تحفة فنية جميلة نابــــضة بالمــــــشاعر المتـــــــناقضة، وباهرة بخياطتها الرفيعة ولمسة تقنيات التصميم الخبيرة.
لم تكن مجموعاته وعروضه مجرد عروض تقديمية، بل كانت أرشيفا من التــجــــارب العــمــيـقـــــة التي جمـــعـــــت روعــــــة تصاميمه المبدعة وجاذبية المفهوم الشاعري الذي لطالما ما تأرجح بين موضوعات مثيرة للجدل وأخرى عاطفية دفعت بالتصاميم إلى أرض الواقع، وبين الأساليب المسرحية التي نقلتها إلى صرح التجارب الغامرة المشهودة.
في مجـــمــــوعـــــة خــــريـــــف 2006 دفع "ألكـســنـــــدر مـــاكــــويــــن" حــــــــدوده الإبداعية والاستعراضية إلى بُعد تقني باهر، حيث لم يكتفِ المصمم بعرض أزياء حي، بل أدخل عنصر التكنولوجيا الذي عزز من خلاله ردة الفعل الصادمة والمدهشة فعلا التي مَيزت مجموعاته وعروضه على حد سواء.
اتسمت مجموعة خريف وشتاء 2006 للملابس الجاهزة بالأناقة والصور الظلية الرومانــســيـــــة وطابـــــعها الفيــــــكتوري وإحيائه لإرثه الاسكتلــــــــندي الذي تجسد في تصاميم تزينت بنقشة الترتان، كما أشار بها إلى مجموعة من مجموعاته السابقة، ونسبيا المجموعة الأكثر جدلا في تاريخه هي مجموعة خريف وشتاء 1995.
توالت التصاميم العاجية الأنيقة من بدلات التنورة المكونة من التويد والفرو والموهير والمنسقة مع قبعات من تصميم صانع القبعات البريطاني الشهير "فيليب تريسي" والمـــصـمـــــمـــــة بريـــــــــش الطـــيــــــور التي لطالــــمــــــا كانت عنــــــصـــرا محوريا للمصمم البريطاني، وإشـــــارة إلى مصـــــدر الإلــــــهــــــام الــــــشخـــــــصي خلف المجموعة المهداة إلى ذكرى مُلهمته وصديقته الراحلة "إيزابيلا بلو".
في منتصف منصة العرض الخشبية توسط الهرم الزجاجي الذي شابه بصورة كبيرة الشكل الهندسي لمتحف اللوفر في باريس، وبعد مغادرة العارضة الأخـــــيرة أرض المدرج، أُطفئت الأضواء ليحل الظلام على القـــــــاعة المترقبة فقط ليتراءى ضوء خــــافت مــــزرق يبدأ تدريجيا بالتضخم والوضوح يطفو في وسط المثلث الزجاجي، اتضح الجسم الغريب ليكون صورة ثلاثية الأبعاد لعارضة الأزياء البريـــــطانية "كيت موس"، وهي ترتدي فستانا عاجيا من المجموعة نفسها بطبقات ساحرة من الشيــــفون الشاعري الذي أضفى على هذا العرض المليء بالتقنية والدهــــشة والعاطفة حركة تموج مذهـــلــــة من الـــقـــمــــاش الرقــــيـــــق، استــــمـــــــرت صورة العارضة الخيالية بالتراقص والدوران حتى ابتدأت تدريجيا بالتراجع بالحجم والسرعة، لتختفي مرة أخرى، تاركة جموع الحضور بحالة من الذهول، وحافرة انطباعها الدائم في عالم الموضة.
خولة العيبان وتصميم من العيار الثقيل.."مُوَرَّد" الرداء الإبداعي الذي يمزج الثقافة والطبيعة والحِرفة
من الطبيعة الأم إلى طبيعة الأنثى، تتراوح تصاميم المصممة السعودية خولة العيبان بين انسيابية الخطوط وتعقيد النسيج والهيكلة الواضحة التي تحدد بانحناءاتها القوام الأنثوي.
بإبداعاتها الرائعة من الأزياء الراقية تسعى العيبان لابتكار قطع راقية خالدة تُرضي ذوق المرأة الاستثنائية، وتكمل خزانتها الحصرية، فهي تعمل من مبدأ الفن الذي يُحركه الإلهام العفوي والمعنوي لتصنع قطعا جمالية، جريئة وكلاسيكية في جودتها وحضورها، من رمال الصحراء والإرث السعودي إلى زُرقة المحيط وإشراقة ألوان الزهور.
تنظر المصممة الصاعدة إلى العملية الإبداعية بمنظور خالي الحدود، فتتجاوز بأحجام تصاميمها النِسب الطبيعية لتصنع صورا ظلية دراماتيكية كفستان أسود بأكتاف غير متناظرة وطول حاشية مبالغ به.
في كأس الخيل لعام 2024 قدمت خولة العيبان تصميما دفعت به حدودها الإبداعية ومهاراتها الفنية، وجمعت به عُمق الثقافة السعودية وجمال الطبيعة ورؤيتها الفنية المتطورة والأنثوية، ليصبح التصميم التجسيد الفعلي لفكرة خيالية أصبحت واقعا.
على الرغم من مجازية الوصف الذي يتطرق إلى استعراض العضلات الحِرفية فإن تصميم "مُوَرَّد" من خولة العيبان تطلب عضلات بشرية حقيقية، حيث يزن أكثر من 25 كيلوغراما، ويحتوي على أكثر من 836 وردة ثلاثية الأبعاد، واستغرق 184 ساعة عمل.
"مُوَرَّد" بصورته الظلية التي تشبه رداء ينسدل على الرأس، ويغطي الأكتاف بانحناءة دائرية، يتميز بلونه الأخضر الصريح المتموج ما بين الدرجة الجذابة إلى الأسود ليعطي الورود الثلاثية الأبعاد عمقا وتعقيدا أكبر.
تقول المصممة السعودية لـ"هي" حصريا: "وُلِد "مُوَرَّد" من استــــلـــــهـــــــامي للـــــــمــــجــــمـــــوعــــــة الســــابــــقــــة DESERT FLOWER 2023 التي تُجسد أوج ازدهار المملكة العربية السعودية والجمال البري والقوة الصامتة التي تتجلى في جمال الصحراء وزهورها".
بينما تَصف "مُوَرَّد" كتصميم بأنه مستمد "من طموح الرياض الخضراء، ينطلق مُوَرَّد ليجسد أوج ازدهار المملكة العربية السعودية، ويقف على امتداد المساحات الخضراء، حيث يمثل التصميم صورة حية تدمج ما بين الفن والثقافة والطبيعة في آن واحــــد. يأخذ "مُوَرَّد" ملامـــــحه من "البخنق" الذي ترتديه الصغيرات في نجد، وهو ما يمثل بداية الازدهار في القطعة وارتباطه بالجيل الواعد، ثم تدريجيا، تنمو وتتفتح الورود لترتقي بالتصميم إلى لحظة النهضة. تأتي معظم أسماء الأزياء التقليدية من جذور الصنعة أو الفعل مثل العِقال من عقل الإبل، ومن هذا الأصل، استوحت مُوَرَّد اسمها".
أجد في مُوَرَّد معاني عميقة تمتد بشاعريتها إلى عُمق الثقافة والرمزية، كما يمتلك التصميم حِسّا عاليا من دفع الحدود الإبداعية والتنفيذية التي تتطلب جهدا مضاعفا تستعرض به المصممة قدرات علامتها الصاعدة، كما يستعرض الرياضي مهاراته منقطعة النظير. وتقول لـ"هي" عن العلاقة المـــتــــوازيــــــة ما بين الريــــاضـــــة والـــــموضـــــــــة: "للعلاقة الموازية بين الريــــاضـــــة والـــمـــوضـــــة وجــــــهات نظر مختلفة. بوجه عام، يمــــكــــن أن تـــــكون الريـــــاضة مرتبطة بالــــمـــــــوضة من خـلال ملابــــــس ومـــــــــعـــــــــــــدات الريـــــــــــاضـــــــــة التي تـــــصمم بأســـــــــلـــوب عصري. كــــمــــا أن الرياضيـــــين الشهـــــــيــــــرين والـــفــــرق الرياضية من وجهة نظـري قد يكون لديهم تأثير كبير في الموضة وأساليب اللباس.
ويمكن أن تؤثر الرياضة بشكل إيجابي في الموضة من خلال تعزيز الصحة البدنية والشعور بالثقة بالنفس، وهو ما يؤدي إلى ارتداء الملابس بثقة وأناقة أكبر".
تستـــمـــــر العـــيــــبـــــان بالتـــــطور والتــــــصاعد اللامتناهي في عالـــــم الــــمــــوضة وطَور الأزياء وتحدي مهاراتها الإبداعــــيــــــة والحِــــــرفيــــــة، وتُـخــــبــــــرنـــــا بمــشــــاريـــعـــهــــا ومجموعاتها القادمة، قائلة: "أعمل على مجموعــة جديدة باهرة، وقد تكون نقلة لعلامتنا التجارية KHAWLA ALAIBAN."
"كوبرني" والقفزة الفضائية في عالم الحقائب والإكسسوارات
العلامة الفرنسية COPERNI التي ارتبط اسمها في السنوات الأخيرة بروح الابتكار والتقنية، وأيضا بلا شك اللحظات الصانعة للضجيج الإلكتروني وخطف الاهتمام وغزو عناوين أخبار الموضة والأزياء، ولكنها فعليا تشغل حيزا محوريا، وتشكل مثالا نشِطا لعلامة رائدة تلتقي تحت مظلتها وتتخلل في بنيتها الفخامة والعلم والابتكار من أجل التقدم الحِرفي والتطور الصناعي.
لا يمكن أن نتحدث عن "كوبرني" من دون رؤية شريط صور من الذكريات الحديثة لعارضة الأزياء الأمريكية "بيلا حديد"، وهي تقف في منتصف صالة العرض رافعة ذراعيها، ليتم رشها بمادة بيضاء تحولت مباشرة إلى نسيج يُغطي جسدها في مجموعة ربيع وصيف 2023، المادة عبارة عن قماش رش حاصل على براءة اختراع طورته شركة "فابريكان" البريطانية، حيث بدت المادة كأنها ألياف رقيقة في البداية، حتى أصبحت سميكة عندما جَفت على الفور في نسيج أبيض منحوت على قوام "بيلا" قبل ظهور "شارلوت ريموند"، رئيسة تصميم العلامة التجارية، على خشبة المسرح، والتي تلاعبت بلطف بخط العنق، بينما كانت لا تزال المادة قيد الجفاف، وقطعت شقا دراماتيكيا عبر الساق.
استــكــشــفــــت الــعـــلامـــــة العلاقة ما بين الإنـــســــان والتـــكـــنولوجيــــا في عرض أزياء مجموعة خريف وشتاء 2023 عندما ظهرت كلاب آلية تساعد عارضات الأزياء في لفتات تعاونية لطيفة كحمل الحقيبة وخَلع المعطف.
تقفز علامة "كوبرني" مسافات عالية، وتقطع أمتارا باهرة دافعة حدود الإبداع لمدى مختلف في الموضة من الأزياء إلى الإكسسوارات، حيث تشتهر العلامة الفرنسية بحقيبة SWIPE الشهيرة التي تعمل كَوَسط مثالي لتجسيد التطور التقني والإبداع التجريبي وفي عام 2023 عرضوا الحقيبة المميزة بنسختها المصنوعة من صخرة القمر، سقطت على الأرض منذ 55000 سنة، وجدت في عام 1968 في جنوب فرنسا، ومنحوتة في عام 2023 بعنوان حقيبة النيزك.
كما قـدمتـــهــــا العلامة في مجموعة خريف وشتاء 2024 مصـنوعة من مادة السيليكا الهوائية النانوية التابعة لـ"ناسا"، وهي أخف مادة صلبة على كوكب الأرض، حقـــيـــبـــة AIR SWIPE مصنــــوعـــــة من 99 في الــمــئـــــة من نـــقـــــاء اللا شيء، و1 في المـــئـــــة من زجاج المستقبل. استــخــدمـــت وكالة "ناسا" هذه المادة النانوية الدقيقة للغاية، وغير الهشة لالتقاط غبار النجوم: لأنها قادرة على تحمل الحرارة الشديدة (1200 درجـــــة مئويــــــة)، وضـــغـــــط يصل إلى 4000 مرة ضعف وزنــــها. تـعـتــــــبر حقيبة AIR SWIPE هذه أكبر جـــســــم مصنــــــــــوع من هذه الــــمـــــادة النــــانــــويــــــة لتــــكنــــولوجيـــــا الــفـــضــــاء. وتـــم تطـــويــــرهـــــا بـــــواســــطــــــة البروفيسور "لونيس ميكالوديس".
خُزَام" من ريما البواردي التصميم المَلَكي المدعم بالتكنولوجيا
عندما تُقدم ريما البواردي مجموعات الملابس الجاهزة، فهي تتميز بالأناقة المطلقة والبساطة الأنثوية، وعندما تتطرق للأزياء الراقية، فهي غنية وعميقة وفاخرة. يُشكل تصميم "خُزَام" وسطا تعبيريا يجمع بين الطرفين في الهوية الفنية، ويمتد بجرأته الإبداعية إلى عالم الإلكترونيات والمسرحية والأداء.
ومع القيمة التراثية خلفه، أظهر التصميم أقصى ســـعــــة، ووسّـــــع قــــدراتـــــه واستـــعــــرض ما في جعــبـــــة المصــمــمــــة الصـــاعدة من موهبة وذكاء ومهارات.
في مــــعــــرض "100 بـــرانـــــد سعودي" في النـــســـخـــــــة الخامسة من كأس الــــســعوديـــــة لسـبــاقـــــات الخيـــــل 2024 قـــدمــــت المصممة السعودية الصاعدة تصميما بِطَلة ملكية لا يحمل فقط لون الخزامى، وروحها الثقافية، ورمزيتها الوطنـــيـــة، بل حـــركتــــها الرقيـــقـــــة عنــد مواجهــتـــها للرياح، فهو مُدعم بالتكنولوجيا التي تسمح لحُزَم الخزامى التي تزين الفستـــــان بالتحرك الخفيف، مضيـــفــــة قــــوة ابـتـــكاريـــــة ومتــــطورة لتــصميــــم فاخر، وطَلة عصرية حديثة بروح متعمقة في تراث المملكة العربية السعودية.
"خُزَام" ينسج حكاية تمتزج فيها الحداثة بتراث المملكة العربية السعودية. صنع الفستان من أوراق النخيل بلون اللافندر، مكرسا تحية لنباتات اللافندر السعودية وأشجار النخيل، مع أزرار من بذور التمر التي تُعبر عن التقاليد. إضافة إلى ذلك، يدمج الفستان تقنية الروبوت، محققا انسجاما بين التقليد والابتكار، مع انعكاس جمال نباتات اللافندر السعودية الخالدة. القَصَّة المعاصرة تعكس روح المملكة المتطلعة إلى المستقبل، مُعزّزة الحوار بين الماضي والمستقبل. "خُزام" يرمز إلى الهوية السعودية، حيث ينسج التاريخ في قطعة ملابس تحتضن كلا من التراث والتقدم".
تُخبرنا المصممة ريما البواردي في حوار خاص عن الإلهام خلف تصميم "خُزام"، فتقول: "كان الإلهام وراء "خزام" هو إنشاء قطعة تكرم تراثنا الثقافي الغني مع دمج العناصر الحديثة بسلاسة، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030. كنت أهدف إلى مزج العناصر الثقافية المألوفة مع التقنيات المبتكرة لدفع الحدود الإبداعية. باستخدام المواد الطبيعية مثل سعف النخيل، ونواة التمر، والخزامى، صُممت هذه العناصر لدمجها بمهارة، وهو ما يدعو إلى استكشاف أعمق مع كل مشاهدة للتصميم. وكان دمج التكنولوجيا جانبا حاسما في هذا المشروع، فلطالما أثار اهتمامي التقاطع بين الموضة والتكنولوجيا، حيث تصبح الإمكانيات بلا حدود، وتتجاوز النتائج الموضة التقليدية لتصبح فنا. في السابق، كنت مع تصميم "النور" أستكشف نسيج الألياف الضوئية لإلقاء الضوء على نمط السدو. وبالنسبة لـ "خزام"، بحثت عن تحدٍّ جديد، وهو التقاط الحركة الطبيعية للخزامى في نسيم الصباح. ولتحقيق ذلك، دمجت محركات تعمل بالبطارية ومبرمجة لتقليد هذه الحركة الدقيقة، وهو ما يضفي جودة ديناميكية ونابضة بالحياة على القطعة".
تناظر الرياضة والموضة يشكل موازاة مثيرة للاهتمام، فهما يعتمدان بشكل كبير على الموهبة والإرادة ودَفع الحدود ومضاعفة الإمكانيات، فتركز الرياضة على ديناميكية الحركة والدقة، كما تركز الأزياء على الحِرفة وديناميكية الإبداع واتساعه وتوصيله كرسالة نابغة.
تؤكد البواردي على تناظر الرياضة والموضة وتقول: "العلاقة بين الرياضة والموضة هي تقاطع رائع تطور بشكل ملحوظ على مر السنين.
يركز كلا المجالين على الأداء والابتكار والتعبير، وهو ما يخلق تآزرا ديناميكيا. في الرياضة تعد العملية والراحة أمرا بالغ الأهمية، وهذا يؤدي إلى تطوير مواد عالية الأداء وتقنيات التصميم المتطورة. من ناحية أخرى غالبا ما تستمد الموضة الإلهام من هذا الابتكار لإنشاء ملابس أنيقة وعملية.
وفي عملي، أسعى جاهدة لدمج هذا التآزر من خلال مزج الوظيفية والعملية مع التعبير الثقافي، لضمان ألا تكون كل قطعة آسرة بصريا فحسب، بل أيضا عملية ومبتكرة. يعكس هذا الاندماج اتجاها أوسع في الموضة، حيث أصبحت الخطوط الفاصلة بين المجالات المختلفة غير واضحة بشكل متزايد، وهو ما يخلق فرصا جديدة للإبداع والتعبير".
تَطور رؤية المصممة الرائعة هو مثال عملي لتوازن الحداثة والابتكار بالأصالة وانعكاس الهوية الوطنية، كما تُنفذ الهوية الفنية، فهي تخوض تحديا إبداعيا تجتازه كل مرة بتفوقها على ذاتها. تقول البواردي في هذا الحوار الخاص: "السماء هي الحدود، أسعى دائما إلى التفكير خارج الصندوق، وأدفع باستمرار حدودي الإبداعية. يمثل كل مشروع فرصة لوضع معيار جديد لنفسي، حيث إنني أشد المنافسين لنـــفــــــسي. أنا أزدهر بتـــحــــدي نـفــــسي، وأتطــــلع إلى استكشاف طرق جديـــــدة ومبتكرة لمزج الثقافة والـــتـــــراث والتكــنــولوجيـــــا في الموضة، وخلق الفن وليس الموضة فقط".