Erdem Moralioglu في حديث خاص لـ"هي": أردت الغوص في الانقسام الثنائي بين المرأة على المسرح وضعفها عندما لم يعد أمامها جمهور
حوار: Mai Badr
على مدى العقدين الماضيين، شاركنا مصمم الأزياء البريطاني "إردم موراليوغلو" Erdem Moralioglu قصصا كثيرة كتبها بلغة مرئية تتألف مفرداتها من ألوان وطبعات وأقمشة، وجعل بطلاتها نساء أيقونيات مؤثرات. لم يخشَ يوما تحريك مشاعرنا واحتضان أسلوب دراماتيكي ومعبّر وصادم، ملتزما دائما باستخدام مواد راقية يحوّلها بحرفية متفوقة إلى أزياء نابضة بالأنوثة. وصارت علامته "إردم" ERDEM التي أسسها في عام 2005، معروفة بنقوشها الحيوية، وزخرفاتها الجريئة، وأنسجتها الفاخرة، وتناقضات خلطاتها، عاكسة ربما ثقافته الشخصية الجامعة بين الشرق والغرب؛ فللمصمم المولود في كندا والعاشق للموضة منذ طفولته، جذور بريطانية من والدته وأصول تركية من والده، وهو لقاء كان قد جسّده بشكل خاص في مجموعته الخريفية لعام 2017. عبر السنين، فاز بجوائز مرموقة كثيرة من كندا والمملكة المتحدة، منها مصمم عام 2014 للأزياء النسائية من "مجلس الأزياء البريطانية"، ووسام "عضو في الإمبراطورية البريطانية" في عام 2020 لخدماته في قطاع الأزياء.
بينما يتهيّأ للاحتفال في العام المقبل بالذكرى العشرين لتأسيس دار "إردم"، قدّم مجموعته الجديدة من الملابس النسائية الجاهزة لموسم خريف وشتاء 2024، مكرّما السوبرانو الراحلة "ماريا كالاس" التي وصل صدى صوتها العظيم إلى كل أقطار العالم، وتحديدا أداءها الأوبرالي في عام 1953 لدور "ميديا" على مسرح "لا سكالا" في ميلانو، حيث اضمحلّت الحدود بين الفنانة والدور. وجد إلهامه في قصة "ميديا" الإغريقية الخرافية، وحياة "كالاس" المهنية والشخصية، والانصهار بين هاتين الشخصيتين، الأسطورية والحقيقية. مثل "ميديا"، ابتعدت "ماريا كالاس" اليونانية الأصل عن جذورها، وعاشت حياة ترحال بسبب موهبتها ومهنتها، متأثرة بغيابها عن وطنها وعاكسة في صوتها حنينا تراجيديا، إلى أن رحلت عن هذا العالم وحيدة في باريس.
بعد مشاهدة عرض "إردم" لمجموعة خريف وشتاء 2024 داخل غرفة في "المتحف البريطاني" محفوظة فيها آثار معمارية من معبد "بارثينون" الإغريقي الشهير، والانبهار بفساتينها ومعاطفها وستراتها اللافتة الأحجام والنسب والمزينة في أحيان كثيرة برقّة الريش وشاعرية الأزهار، كان لي هذا الحوار مع المصمم ورائد الأعمال "إردم موراليوغلو" عن هذه المجموعة التي في طياتها حنين قد يحاكي حنينه إلى جذور لم يعرفها يوما بالطريقة التي أرادها.
لــــماذا اخــــــــتـــرت أن تــــــــكـــون الــفــنـــانة "مـــاريـــــا كــــالاس" وأوبـــــرا "ميديا" مصدر إلهامك لمجموعة خريف وشتاء 2024-2025؟
ما استحوذ على اهتمامي تحديدا كان الأداء الذي قدّمته "ماريا كالاس" في عام 1953 لأوبرا "ميديا" على مسرح "لا سكالا". فكرتي كانت استكشاف شخصيتها على المسرح وفي كواليسه، فكانت امرأة في أوج قوتها، ولكن أيضا عرضة لمأساة شخصية. وأردت في المقام الأول الغوص في الانقسام الثنائي بين المرأة على المسرح وضعفها عندما لم يعد أمامها جمهور.
من أين انطلقتَ حتى تجمع الواقع بالخرافة في تصاميم المجموعة؟
لقد كنت مهتمّا جدا بالصور الخرافية والأسطورية الموجودة بشكل كبير في قصة "ميديا". في أدائها، جسّدت "كالاس" عاطفة، وألما، وانتقاما، وهي موضوعات كانت تتجلّى أيضا في حياتها خارج خشبة المسرح.
كيف كانت عملية دمج عناصر من إطلالة الشخصية التي أدّتها "ماريا كالاس" على المسرح، وأسلوبها الشخصي الحقيقي في مجموعة واحدة؟
أبهرني التفاعل بين هاتين الشخصيتين. كان هناك شيء مثير جدا للاهتمام في التناقض الحاد بين شخصيتها على المسرح وخارجه. تعمّقتُ في هذه الفكرة واستكشفتُها، مع قدر معين من عدم الاكتمال في العرض، فأحببتُ فكرة أن تكون قد عادت للتو من الكواليس.
ما كان دور موسيقى العرض، التي مزجت بين كلمات "ماريا كالاس" وبعض مداخلاتها العامة، في تعزيز عمقه السردي؟
لعبت موسيقى العرض، التي ألّفها "جيمس رايتون"، دورا حاسما في تشكيل الجو العام وتهيئة المشهد بالشكل المثالي للمجموعة. كما كان من المناسب في هذا الموسم أيضا إدخال عنصر الموسيقى الحية مع أداء مباشر لمغنية الأوبرا الرائعة "نادين بنجامين".
كيف أنشأتَ توازنا في هذه المجموعة بين العناصر المسرحية والأزياء التي تستطيع المرأة العصرية ارتداءها بسهولة؟
تتلاعب المجموعة بالنسب والأبعاد، مع معاطف الأوبرا الضخمة، والقطع المحبوكة والمزينة بالريش، والفساتين المنسدلة القبّات. ولكن القطع تبقى دائما مستقرّة في واقع معيّن.
أي جــــوانـــب في شــــــخــصـــيــة "ميـــديــــا" أردت أن تـــجــــسّـــــد في تصاميمك؟
أعتقد أن فكرتي لم تتعلق بتجسيد شخصية "ميديا"، بقدر ما ارتكزت على استكشاف كل جوانب ذلك الأداء المحدد لهذا الدور على المسرح. وقد أحببت الأزياء والديكورات الغرافيكية القوية التي صممها الفنان الإيطالي "سالفاتوري فيومي" لتلك الأوبرا، ولفتتني فيها بصورة خاصّة ضربات الفرشاة الكبيرة الحجم والمدهونة باليد على الملابس مباشرة.
هلّا وضّحتَ لنا سبب اختيار بعض العناصر الزخرفية، مثل التطريزات والبروشات الذهبية المصممة على شكل زهرة التوليب؟
البــــروشــــات إشــــارة إلى الـــزهـــــور الـــتي تُــــرمــــى على الــمـــســـــرح بعد العرض، بل في الواقع، إن كل تطريزات الزهور في المجموعة تـــلـــمّح إلى هــــذه الـــفـــكـــــرة. وشــــدّتـــــنــــــي هـــذه الـــفـــكــــرة بطـبـيــعــتـــها العرضية، وكأن الأزهار رُميت فتناثرت فوق الملابس بشكل عشوائي.
ما كانت التحديات الرئيسة التي واجهتك أثناء تصميم هذه المجموعة؟ وكيف تغلّبت عليها؟
أعتقد أن كل مجموعة تأتي مع تحدياتها، وهذه الأخيرة هي جزء من عملية صقل مفهومك الأساسي وأفكارك.
كيف ترتـــبط هذه المجموعة بعالم دار "إردم"؟ وكيف تــشبــــه قـــصــة "مــاريــــا كـــالاس" (جـــذورهـــا وتـــعدد ثــقافاتها) رحلتك الشخصية؟
هذا سؤال مثــــير جـــدا للاهتــمـام. إن المنحنى السردي أو القصة المترابطة شيء لطالما جذبني وكان مهمّا في السرد القصصي الكامن خلف مجموعاتي. وفيما يتعلق بتجربتي الخاصة، قد يكون هناك شيء متشابه في أن كلّا منّا (أنا و"ماريا كالاس") غادر وطنه، وأسّس حياته في مكان جديد.
على مدى عقدين، رسّخت دار "إردم" نفسها على خريطة الأزيــــاء الــفــاخــــرة، مــقــدّمــــة مـــزيــجــا مـــن العناصر التاريخية وطبعات الأزهار الأخّاذة والأنوثة الفائقة والترف الملوكي. ما أكثر حقبة تلهمك؟
الحـقبة المفضلة لدي هي ثلاثيــنيات القرن العشرين، ولا سيما طـــريــقـــة صنـــع الــمــلابـــس وقـــصّها في تلك الفترة، التي شهدت الكثير من الابتكار.
ستحتفل في العام المقبل بمرور 20 عاما على تأسيس "إردم". كيف ستحتفي العلامة بهذا الإنجاز المميز؟ وما الذي يعنيه لك شخصيا؟
أكاد لا أستــطــيـــع أن أصـــدق أنــنــــا بالفــعـــل اقتــــربــنــــا من الذكرى العــشـــريــــن لتـــأسيــــس الــعــلامــــة. مــــا زلت أتـــذكــــر جيدا العرض الأول، وأشعر اليوم بأنني ما زلــــت في بداية شيء سيحدث. إنه وقت مشوّق للغاية!