اللون الوردي... رمز الأمل في مواجهة سرطان الثدي

اللون الوردي... رمز الأمل في مواجهة سرطان الثدي

نادين منيّر
18 أكتوبر 2024

على مرّ العقود، أصبح اللون الوردي رمزًا قويًا للتوعية حول سرطان الثدي، حيث يمثل الأمل والصحة والوعي. وفي شهر أكتوبر، يتكاتف الأفراد والمجتمعات في جميع أنحاء العالم لرفع مستوى الوعي حول هذا المرض، ودعم المصابين به، وتعزيز الفحوصات المبكرة.

لكن من أين جاءت هذه الفكرة؟ وما هي دلالة ارتباط اللون الوردي بمكافحة سرطان الثدي؟ مع الإشارة إلى أن كل نوع من السرطان له شهر مخصص.

أشرطة اللون الوردي ظهرت لأول مرة في عام 1991
أشرطة اللون الوردي ظهرت لأول مرة في عام 1991 

الشرائط أصبحت شائعة كرمز للدعم في التسعينيات، وهي تعطي معنى التضامن مع قضية معينة ودعمها، ولعل الأكثر شهرة هو الشريط الأحمر الذي يرمز إلى دعم مرضى الإيدز. هناك أيضا الأرجواني للزهايمر، والأخضر للهوس الاكتئابي، والفضي لاضطراب الدماغ أو العجز.

وتاريخيا، فإن هذا النوع من الأشرطة ارتبط بالطقوس العسكرية، فالشرائط الصفراء كانت تستخدم في الولايات المتحدة لإظهار أن أحد أفراد العائلة في الخدمة العسكرية، أما في روسيا فهي ترمز للاتحاد السوفياتي السابق والاحتفال بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

وبالنسبة لمرض السرطان، فهناك العديد من الألوان كل منها يرمز لنوع معين من المرض، كما هناك ألوان لأمراض أخرى.

كيف ارتبط اللون الوردي بسرطان الثدي؟

بدأ حدث شهر التوعية بسرطان الثدي الوطني في الولايات المتحدة الأميركية في أكتوبر عام 1985. وكانت الحملة آنذاك هي شراكة بين الجمعية الأميركية للسرطان مع قسم الأدوية في شركة "إمبيريال كيميكال إنداستري" الطبية للترويج لتصوير الثدي بالأشعة السينية، باعتباره أكثر أداة فعالة لمكافحة سرطان الثدي. وبمساعدة السيدة الأولى السابقة وناجية سرطان الثدي، بيتي فورد، انطلقت مبادرة التوعية بسرطان الثدي التي استمرت أسبوعا كاملا من شهر أكتوبر.

يأتي ذلك بعد أن تم تشخيص إصابة بيتي فورد بسرطان الثدي بينما كان زوجها جيرالد فورد رئيسا للولايات المتحدة آنذاك، لذلك تمكنت بيتي من جذب المزيد من الانتباه إلى المرض.

شهر التوعية بسرطان الثدي انطلق في الولايات المتحدة الأميركية في أكتوبر عام 1985
شهر التوعية بسرطان الثدي انطلق في الولايات المتحدة الأميركية في أكتوبر عام 1985

في عام 1991، كانت "شارلوت هالي" ناشطة شعبية وناجية من سرطان الثدي، تحاول رفع مستوى الوعي بشأن نقص التمويل الفيدرالي للوقاية من السرطان. وزعت آلاف من الشرائط باللون الوردي الخوخي المائل للبرتقالي الزهري مع بطاقة مكتوب عليها "الميزانية السنوية للمعهد الوطني للسرطان 1.8 مليار دولار، 5% فقط منها يذهب للوقاية من السرطان. ساعدونا في إيقاظ المشرعين وأميركا من خلال ارتداء هذا الشريط للتضامن معنا".

وقد ظهرت أشرطة اللون الوردي لأول مرة في عام 1991 عندما قامت "مؤسسة سوزان كومان" بالولايات المتحدة بتوزيع أشرطة وردية على المشاركين في سباق بمدينة نيويورك للناجين من الإصابة بسرطان الثدي. لكن الاعتماد الرسمي للشريط الوردي لم يحصل إلا في العام الذي يليه في 1992 وقد اشتق من لون الأحمر المخصص للإيدز.

وبالنسبة لـ"مؤسسة سوزان كومان"، فهي الأشهر بالولايات المتحدة في مجال مكافحة سرطان الثدي، منذ إنشائها عام 1982 وقد انفقت من ذلك التاريخ إلى 2010 حوالي 1.5 مليار دولار لمكافحة المرض عبر التوعية والبحوث والخدمات الصحية وبرامج الدعم الاجتماعي، ومن خلال مشاركات في أكثر من 50 بلدا. واليوم لدى المؤسسة 100 ألف متطوع حول العالم يعملون في شبكة تضم 124 فرعا في جميع أنحاء العالم.

وبالتزامن مع اختيار شهر التوعية بسرطان الثدي في أكتوبر عام 1992، شاركت شركة مستحضرات التجميل العملاقة "إستي لودر" الشريط الوردي رمزا للأمل والقوة والدعم للسيدات اللاتي يواجهن سرطان الثدي، وأطلقت مجموعة من مستحضرات التجميل التي حملت نفس الفكرة والتصاميم لأول مرة، مما ساهم بشكل محوري في إشهار الحملة واعتمادها على نطاق واسع في الولايات المتحدة وخارجها.

برز عدد متنوع من الألوان ضمن شرائط سرطان الثدي
برز عدد متنوع من الألوان ضمن شرائط سرطان الثدي

درجات ألوان مختلفة لأنواع سرطان الثدي

إلى جانب الوردي الباستيل، برز أيضًا عدد متنوع من الألوان ضمن شرائط سرطان الثدي، مثل الوردي الداكن لسرطان الثدي الالتهابي، والوردي مع الأزرق المخضر لكل من السرطانات الوراثية والنسائية، والوردي والأزرق لسرطان الثدي عند الذكور، والأزرق المخضر والوردي والأخضر لسرطان الثدي النقيلي الذي ينتقل عبر الغدد الليمفاوية القريبة.

ومنذ العام 1992، انطلقت آلاف الحملات الرامية إلى زيادة الوعي بهذا المرض، وتثقيف الناس حول طرق الوقاية منه والكشف المبكر عنه، وجمع الأموال لدعم الأبحاث، ووصلت هذه التوعية لمختلف بلدان العالم. واليوم، تعمل المنظمات غير الربحية والهيئات الحكومية والجمعيات الطبية معا لتعزيز الوعي بسرطان الثدي.