أسبوع الأزياء في الرياض 2024... تحليل شامل لآراء الخبراء وتأثيره في مستقبل الأزياء في المنطقة
اعداد: Mashael Al Dakheel
مع الإعلان عن أسبوع الأزياء في الرياض، ظهرت العديد من التساؤلات التي لا يمكن إيجاد إجابات دقيقة لها إلا من خلال متابعة العروض على أرض الواقع. ومثل كل موسم، تتجدد الحماسة لاستكشاف أبرز صيحات الأزياء، والاتجاهات السائدة التي تتصدر العروض وتشكل هوية الموسم القادم. فكيف يُقيّم المجتمع العالمي أداء مصممي الأزياء السعوديين في أسبوع الرياض للأزياء؟
الانتماء الذي عشناه في أسبوع الأزياء في الرياض كان له وقع وتأثير عميق في تصورنا لما سيقدمه المصمم السعودي، وردة فعل مجتمع الموضة العالمي، فما هو موقع أسبوع الأزياء في الرياض من الإعراب؟ الاهتمام من مجتمع الموضة العالمي كان أكبر في النسخة الثانية، وكان الفضول يدفعهم ليس فقط لاكتشاف المجموعات والمواهب المحلية المؤثرة في عالم صناعة الأزياء، أيضا للغوص في خبايا الهوية سعودية دعمتها هيئة الأزياء هذه المرة بجولة ثقافية وتاريخية حول معالم أيقونية في المملكة، إذ ينقسم تقويم الموضة وفقا لثلاث فئات رئيسة تشكل ركيزة توجه الأزياء في المملكة، من ضمنها برنامج 100 براند سعودي.
هذه القسمة التي كانت واضحة حسب الفئة والموقع تعدنا بتطور عروض الأزياء والإعلان عن تقويمات مختلفة ومنفصلة ذات هوية واضحة لكل من هذه الفئات العصرية المتنوعة. وجهة النظر تختلف بين صحافة محلية وصحافة عالمية، فقد تغلب علينا المشاعر التي تربطنا بمجتمع الموضة في المملكة، فنحن في "هي" كنا وما زلنا المنصة الداعمة والصديقة المخلصة التي توجه وتنصح. وفي هذه المرة، استعنا بخبراء في مجال صناعة الأزياء في العالم، للإطلاع على رأيهم بالموضوع من منظور تقني بحت، بعيدًا عن الجوانب العاطفية.
تسعى "هي" إلى تسليط الضوء على آراء الخبراء وتقديمها كدروس تعليمية في مجالات متنوعة، تشمل اختيار المصممين وأدائهم، الهوية الثقافية، اندماج الموضة، وتحقيق المعايير العالمية مثل الجودة، تنسيق العروض، اختيار الأقمشة، والالتزام بمواسم الموضة.
بحسب "أليكسيس بونهوم"، الذي يملك خبرة واسعة في السوق في المملكة والمنطقة ككل: "استعرض أسبوع الأزياء في الرياض مجموعة مختارة بعناية وتوازن بين التقليد والابتكار". ويرى بونهوم أن تواجد العلامات السعودية ذات الطابع الشبابي مهمة من حيث الصورة التي تمثلها، حيث قال: "أضافت علامات مثل 1886 لمسة عصرية على التصاميم المستوحاة من الثقافة السعودية، بطابع يمزج بين الموضة العالمية والملاءمة الثقافية المحلية". وتأكيدا على أهمية الوصول إلى هذه الوصفة السحرية، أضاف: "استطاع المصممون دمج الهوية الثقافية السعودية بسلاسة في الموضة الحديثة. على سبيل المثال، جسدت مجوهرات "شارمالينا" التراث من خلال التصميم المعاصر، وهو ما يخلق جاذبية ثقافية تتناغم مع السوق العالمي". يذكر أن علامة "شارمالينا" للمجوهرات كانت من ضمن العلامات السعودية التي سجلت حضورا بارزا خارج تقويم أسبوع الأزياء، وهذا دليل على أهمية هذا الحدث، وإدراك المصممين وتفاعلهم في استضافة مجتمع الأزياء من إعلام ومسؤولين عن المشتريات، وشخصيات مؤثرة.
يعتقد "بونهوم" أن علامات الأزياء السعودية حققت معايير الجودة العالمية المطلوبة. وقد أثنى على عملية اختيار الأقمشة، والتكيف مع المواسم، وهو ما يضعها في موقع تنافسي على المستوى الدولي. واستدل في تصريحه بعلامة Atelier Hekayat، قائلا: "علامة أتيلييه حكايات تشكل مثالا رائعا من حيث تطبيق المعايير العالية للجودة في اختيار الأقمشة وتنوع التصاميم المترابطة".
وعبرت "كو فنج" مؤسسة ومديرة شركة Y+O للاستشارات الفاخرة. عن تجربتها الأولى في الرياض، قائلة: "لم يكن لدى معظمنا أي فكرة عما يمكن توقعه في أسبوع الأزياء في الرياض، لم يكن هناك توقعات، بل فضول، وكنا نتطلع إلى معرفة المزيد عن الأزياء والثقافة في السعودية. لذلك كان من الصعب التعليق على اختيار المصممين هنا". وأضافت: "كانت تجربة أسبوع الأزياء في الرياض بشكل عام تجربة حقيقية لفن وصوت كل مصمم. في الأيام الأولى التي كانت استعراضا لمجموعات أزياء الكوتور، شعرنا بقوة التراث في السعودية من خلال الثقافة الغنية والفن الذي أثر بشكل كبير في المصممين".
وأثنت "كو فنج" على عروض أزياء مجموعة مختارة من المصممين، حيث قالت: "كانت تيما عابد المصممة الأولى التي لفتت انتباهي خلال عروض الكوتور. حرفيتها الرائعة وعرضها الدرامي جعلانا مندمجين ومنغمسين في تفاصيل المجموعة". وعلقت على مجموعة هنيدة قائلة: "أداء جذاب وألوان زاهية من إكسسوارات الرأس التي بالتأكيد تركت بصمة، وختمت مراجعاتها لعروض الكوتور بعلامة Atelier Hekayat، قائلة: "اعتقدنا أن تنسيق عرض الأزياء على المدرج كان على مستوى المعايير الدولية".
كانت العروض في المدينة الرقمية بشكل عام مقبولة جدا للمشترين من منطقة آسيا والمحيط الهادئ. تذكرت زيارتي إلى "سعودي 100" العام الماضي في باريس (2023)، وكانت منى الشبيل مميزة جدا بالنسبة لي، لذا كنت أتطلع إلى عرضها في الـ19 من الشهر في المدينة الرقمية. ولم يخيب ظني، كانت المجموعة منسقة بشكل جميل، وأقول إن مجموعة منى الشبل تتماشى مع المعايير الدولية، وخلال العرض تحدثت معها لفترة قصيرة، شعرت بتناسق التصميم وإصرارها على دفع علامتها التجارية، أحببت أنها مثلت علامتها التجارية هناك في صالة العرض وتحدثت معنا. منى بالتأكيد تفهم عميلاتها واحتياجاتهن بالفعل، تصميمها يتحدث عن هويتها ونقاط الأسعار تتناسب مع المصممين الصاعدين في العالم.
كان عرض أزياء علامة KAF by KAF واحدا من أهم اللحظات في أسبوع الأزياء في الرياض. استخدمت العلامة ممثلة في المصممة كوثر الهريش بذكاء سارة أول روبوت سعودي للعب مع مفهوم الجمال الاصطناعي، جميع القطع مصنوعة بتطريز انتقالي وتصميمات تشبه السجاد، كانت قطع التصميم مثيرة للاهتمام، واستمتعنا بالتأكيد بالعرض.
كما لفتت تصاميم أباديا الأنظار، من الشكل إلى استخدام الأقمشة، كانت القطع السهلة المتدفقة سهلة الفهم، وأرى أن العلامة التجارية ستدخل الأسواق خارج منطقة الشرق الأوسط قريبا جدا.
وبالنسبة لعروض الأزياء الرجالية وفئة streetwear، تقول "فنج": كان اختيار المصممين لتمثيل الملابس الجاهزة - الملابس الشارعية ونمط الحياة رائعا، ليس فقط لأنه يظهر مدى تفاعل السوق السعودية مع أزياء Streetwear فحسب، بل يؤكد أيضا مدى شعبية هذه الفئة وتأثيرها". وأشادت "فنج" ببعض المصممين من هذه الفئة قائلة: "تبرز العلامات RBA وKML وMarzood بشكل واضح، كما زرنا متجر Marzood، لذا ساعدنا ذلك حقا في فهم قصة علامته التجارية". وأضافت: "رأينا معظم العلامات التجارية في متجر Personage في JAX، وكان لدى RBA رسالة قوية وتصميم قوي جدا، من السهل على المشترين الدوليين Fashion Buyers والصحافة فهم القصة وفهم هوية العلامة التجارية".
وختمت قائلة: "كنت حزينة لعدم تمكني من حضور عروض Qormuz وJubb و1886، لقد سمعنا أشياء رائعة، ونتطلع إلى المواسم القادمة".
من جهته، يرى "جيوفاني فرانسيوزي"، مستشار وناقد أزياء أن الوقت قد حان لأخذ قفزات أكبر في المنطقة. وعلق بصراحة عن اختيار المصممين، قائلا: "اختيار المصممين استدعى إلى حد كبير مصممين من النسخة الأولى من أسبوع الأزياء في الرياض، وقد شهد تطورا مستمرا وتحسينا مثل دعوة علامات جديدة: سمر نصرالدين، KML ،JUBB". وأضاف: "شهد أسبوع الأزياء في الرياض أسماء مكررة مثل نورا سليمان، مزرود، وقرمز. في حين أظهرت علامات الكوتور مهارات حرفية معروفة وإمكانات غير مستغلة، ومن المؤكد أن ذلك سيتعزز من خلال المزيد من التدريب وتوفير الخامات والأقمشة. سيكون The Lab في منطقة Jax حاسما في تحقيق ذلك".
بعيدا عن بعض الملاحظات التي قد لا نتفق عليها، فهي وجهة نظر من واقع آخر، وكيفية تفاعلنا مع الهوية الثقافية، وطرق دمجها مع الموضة، قد تكون بكل بساطة ليست جاذبة لأذواق عالمية. هوية التراث السعودي واضحة وبصرية جدا، والذكاء هو في طريقة توظيفها بقالب عصري. يقول "جيوفاني": "أعتقد أنه بعد نسختين، حان الوقت لاتخاذ خطوة كبيرة نحو رؤية أكبر في الخليج. وعلى المستوى العالمي، والعمل على كيفية الحصول على الرضى التجاري والثقافي العالمي مع الحفاظ على الأساس".
وعلق على التعاون العالمي بين KAF By Kaf وAdidas، لافتا الى أن: "هو طريق جيد، على الرغم من أنه في سيناريو يتضمن أزياء الشارع، أنصح بالتركيز أكثر على الأساسيات مثل العباءات والأوشحة كعناصر رئيسة ومطلوبة من عالم الأزياء السعودية إلى السوق العالمية. هذه المسألة المطروحة مهمة جدا، ومتداولة كنقاش كبير في مجتمع الموضة، إلى أي مدى نطور العباءة ونتخذ منها لوحة نتلاعب في قصتها وهويتها الرئيسة، أو يتحرر المصمم من فكرة إعادة تركيب هذه القطعة، ويركز على مواجهة السوق العالمي بتصاميم حديثة مطعمة بالتفاصيل الثقافية السعودية؟".
فيما يخص جودة المجموعات المعروضة، يمتلك "جيوفاني" وجهة نظر أخرى تتحدى معايير الجودة المقدمة من المصممين هذه السنة، ويشدد على أن: "جودة العروض قابلة للتحسين بالتأكيد، المشترون الدوليون والصحافة يحتاجون إلى مزيد من التناسق على الرغم من أن الوضع أفضل بالفعل من أسبوع الموضة في المناطق الأخرى في المنطقة في رأيي". كما علق أيضا على تحريك العروض في السعودية قائلا: "اختيار العارضات غير كافٍ، وأحيانا تكون الموسيقى الخلفية غير متوازنة أو باهتة.
من الجيد التمييز بين المواقع حسب النوع مجموعات الكوتور في قصر طويق، أزياء الستريت وير في حي جاكس الدرعية، وعرض أكثر حميمية واهتماما بالتفاصيل في فندق Mandarin Oriental، الذي عمل شكل واجهة ومنصة جيدة للعلامات الناشئة والمبتدئة التي تتطلب توجيها أكبر لإدارة إطلاق مجموعات أزياء على مستوى ذي معايير عالمية. برزت من بين هذه الأسماء علامات أزياء مثل سمر نصرالدين". واختتم حديثه قائلا: "الالتزام بالموسم يتطلب المزيد من الجمهور، فلم تكن نقطة قوية، حيث إن العرض في أكتوبر مرة واحدة في السنة يجعله بلا موسم".
العديد من الأسئلة تُطرح هنا: لماذا يعتبر الاطلاع على آراء المجتمع الدولي في مجال الموضة ضرورة ملحّة؟ وكيف يمكن الاستفادة من خبرات المتخصصين العالميين في صناعة الأزياء؟ وكيف يمكن للمصمم تقييم ذاته أولاً قبل أن يتفاعل مع هذا النقد؟ دعينا نترك الإجابة للمصممين.