من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2022 للأزياء الراقية 

رمزية الأرقام: إعادة إحياء إرث الأزياء الراقية عبر التفاصيل الجمالية المُكملة

نورا البشر
13 يناير 2025

في عالم الأزياء، تظل حِرفة الأزياء الراقية (Haute Couture) قمة الإبداع والفخامة، حيث تتلاقى الحِرفية المتقنة مع الفن الرفيع لتنتج قطعًا فريدة تتجاوز حدود الموضة لتصبح أعمالًا فنية نابضة بالحياة. تعود جذور هذه الحرفة إلى فرنسا في منتصف القرن التاسع عشر، حين أسّس المصمم البريطاني تشارلز فريدريك وورث أسس هذا المفهوم في باريس، واضعًا الأسس التي لا تزال تحكم عالم الأزياء الراقية حتى اليوم.

يخضع المصممون والمصممات المدرجون ضمن التقويم الرسمي للأزياء الراقية لشروط صارمة وضعتها دار الأزياء الفرنسية (Chambre Syndicale de la Haute Couture)، تتضمن تصميم قطع مخصصة للعملاء، باستخدام أرقى الخامات وتنفيذها يدويًا بإتقان استثنائي في مشاغلهم الخاصة، ما ساهم في الحفاظ على هذه التقاليد العريقة واستمرارها عبر العقود.

واليوم، لا يزال أسبوع الأزياء الراقية في باريس يتربع على عرش الإبداع والابتكار، جامعًا بين التخصيص والحصرية، وبين التقاليد العريقة والحِرفية المذهلة، ليقدّم أرقى صور الفخامة. تُشكّل عروضه محط أنظار عشاق الموضة، والإعلاميين، والمحررين، والكتّاب، إذ تستعرض أرقى دور الأزياء رؤاها الفنية التي لا تقتصر على صيحات الموسم، بل تُملي إيقاع الإبداع العالمي وتُلهم كل من يبحث عن التفرّد والجمال.

 

لوحة الأرقام: تقاليد الأزياء الراقية في التفاصيل الكمالية 

في الماضي، كانت عروض الأزياء الراقية Haute Couture تتميز بتفاصيل دقيقة تعكس فخامة هذه الصناعة وحِرفيتها العالية. من بين تلك التقاليد العريقة برز تقليد حمل العارضات لبطاقات تحمل أرقام الإطلالات التي يرتدونها وهو تفصيل أنيق كان يحمل بُعدًا عمليًا وفنيًا في آنٍ واحد.

ظهر هذا التقليد مع بدايات الأزياء الراقية في أوائل القرن العشرين، حين كانت دور الأزياء الباريسية مثل"شانيل" و "كريستيان ديور" و "كريستوبال بالنسياغا" تقدم مجموعاتها في عروض حصرية داخل صالونات راقية. كانت العروض تُقام في أجواء حميمة ومخصصة لنخبة العملاء، حيث تتجوّل العارضات بين الحضور بأزياء راقية مُبهرة.

كانت كل عارضة تحمل بطاقة صغيرة تحمل رقم الإطلالة التي ترتديها، ليتمكن الحضور من التعرف على التصميم بسهولة من خلال دليل العرض أو الكتالوج الخاص بالمجموعة. هذا النظام ساعد على إبراز الحِرفية العالية وتفاصيل التصاميم كما سمح للعملاء والصحفيين باختيار القطع أو الكتابة عنها دون تشتيت الانتباه عن جوهر العرض.

تراجع الحاجة لبطاقات الأرقام

في عصر السرعة والإعلام الرقمي أصبحت الكتالوجات التفصيلية والتقنيات الحديثة من المواقع الإلكترونية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة تغني عن الحاجة إلى بطاقات الأرقام حيث يمكن للجمهور والضيوف والمتابعين الوصول بسهولة إلى تفاصيل كل إطلالة عبر الوسائط الرقمية.

إحياء دِقة التقاليد في التفاصيل التي تحن إلى الماضي

رغم اختفاء هذا التقليد من عروض الأزياء الحديثة، إلا أن بعض المصممين أعادوا إحياءه كنوع من الحنين إلى الماضي وتقديرا لتاريخ الأزياء الراقية. على سبيل المثال، استعان "جان بول غوتييه" و "ديمنا" في Balenciaga و "ستيفان رولان" بهذا الحنين للماضي للاحتفاء بأصول الحِرفة، حيث يُمزج بين الإرث التاريخي والإبداع العصري.

من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2022 للأزياء الراقية
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2022 للأزياء الراقية 
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2022 للأزياء الراقية
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2022 للأزياء الراقية 
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2022 للأزياء الراقية
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2022 للأزياء الراقية 
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2023 للأزياء الراقية
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2023 للأزياء الراقية 
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2023 للأزياء الراقية
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2023 للأزياء الراقية 
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2024 للأزياء الراقية
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2024 للأزياء الراقية 
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2024 للأزياء الراقية
من مجموعة Balenciaga خريف و شتاء 2024 للأزياء الراقية 
من مجموعة Stephane Rolland ربيع و صيف 2016 للأزياء الراقية
من مجموعة Stephane Rolland ربيع و صيف 2016 للأزياء الراقية
من مجموعة Jean Paul Gaultier ربيع و صيف 2012 للملابس الجاهزة. الصورة من تصوير Dominique Charriau/WireImage بواسطة Getty images
من مجموعة Jean Paul Gaultier ربيع و صيف 2012 للملابس الجاهزة. الصورة من تصوير Dominique Charriau/WireImage بواسطة Getty images

 

السينما كمرآة بصرية للتاريخ.. إعادة إحياء العصر الذهبي للأزياء الراقية في Mrs. Harris Goes to Paris

لطالما كانت السينما بوابة بصرية آسرة تجسّد ملامح التاريخ وتنقل تفاصيله بحس فني ينبض بالحياة. وفي عالم الأزياء، استطاعت السينما أن تعيد إحياء العصور الذهبية بأسلوب واقعي يُقربنا من أجواء الفخامة التي لطالما تميزت بها دور الأزياء الراقية. يأتي فيلم Mrs. Harris Goes to Paris كتحفة سينمائية تنقلنا بسلاسة إلى خمسينيات القرن الماضي، لتقدم صورة دقيقة ومبهرة لعروض الأزياء الراقية في أوج تألقها.

تدور أحداث الفيلم حول السيدة "هاريس"، المرأة البريطانية البسيطة التي تنطلق في رحلة حالمة إلى باريس لتحقيق أمنيتها بالحصول على فستان أحلامها من دار الأزياء الأسطورية "كريستيان ديور". تأخذنا هذه الرحلة في تجربة ساحرة تفيض بسحر الموضة وأناقة الأزياء الراقية، حيث نجد أنفسنا وسط الأجواء الحصرية لصالة عرض Dior الفاخرة.

ما يميّز هذا العمل هو دقته في تصوير أدق تفاصيل عروض الأزياء في تلك الحقبة، لا سيما تقليد حمل العارضات لبطاقات الأرقام التي تشير إلى إطلالاتهن، وهو التقليد الأصيل الذي كان جزءًا من طقوس عروض الأزياء الراقية آنذاك. يعكس هذا المشهد أجواء الرقي والتنظيم التي كانت تحيط بعروض الأزياء، حيث تُعرض التصاميم على نخبة العملاء في إطار من الفخامة والخصوصية.

 

من خلال تصوير هذه اللحظات، لا يكتفي الفيلم بسرد قصة ملهمة عن السيدة "هاريس"، بل يقدم تحية بصرية ساحرة لإرث "ديور “وعصر الأزياء الراقية الذهبي، ليمنح المشاهدين فرصة فريدة للغوص في عالم كانت فيه الأزياء أكثر من مجرد ملابس، بل كانت انعكاسًا للفن والحلم والتفرد.