
أسبوع الأزياء الراقية في باريس: نافذة هروب من الواقع.. وحنين يعيدنا لعظمة العصر الذهبي للكوتور
في عالم تسوده السرعة والتحولات المتلاحقة، يأتي أسبوع باريس للأزياء الراقية لموسم ربيع وصيف 2025 كملاذ ساحر، يفتح أبوابه على مشهد درامي من الفخامة والأحلام. كان هذا الموسم استعراض للحرفة الرفيعة، وأشبه برحلة عبر الزمن، حيث امتزجت رموز الماضي بجاذبية الحاضر، واستُحضرت عظمة العصر الذهبي للكوتور بأسلوب خاطف للأنفاس.
هنا، على مدرجات باريس، تحوّلت الأقمشة إلى لوحات ناطقة تحكي قصص الحنين، وزُخرفت التصاميم برموز من أربعينيات، خمسينيات، وستينيات الأناقة الراقية. وكأن المصممين قرروا أن يبتكروا واقعًا موازيًا، يتجاوز الحداثة القاسية ويغرق في سحر الرومانسية الماضية. الأكتاف البارزة، الكورسيهات المنحوتة، والتطريزات اللامعة لم تكن مجرد تفاصيل، بل شيفرات تستدعي إرث الكوتور عندما كان فنًا يتجاوز كونه مجرد موضة.
اكتظ تقويم الأسبوع بأسماء لامعة، قدمت عروضًا أعادت تعريف الفخامة بأسلوب سردي يخاطب المشاعر. من الرؤية السريالية لـ"سكياباريلي" إلى استعادة زهير مراد لسحر الخمسينيات، وصولًا إلى أليساندرو ميكيلي" في "فالنتينو" الذي أحيا بريق السبعينيات، جاء كل عرض وكأنه فصل جديد في كتاب الحلم الباريسي.
هذا الأسبوع لم يكن مجرد احتفاء بالحرفة، بل دعوة للانغماس في عالم مترف، حيث الأزياء ليست مجرد قطع تُرتدى، بل نوافذ مفتوحة نحو زمن كانت فيه الأناقة مرادفًا للفن، والحلم حقيقة مجسّدة بخيوط الحرير والذهب.
Schiaparelli ربيع 2025 للأزياء الراقية.. تحليق أبعد من الخيال مع “إيكاروس”
في أسبوع باريس للأزياء الراقية، قدم دانيال روزبيري مجموعة “إيكاروس” لدار "سكياباريلي"، مستوحاة من الأسطورة اليونانية التي تحتفي بالطموح والمجازفة. لم يكن العرض مجرد استعراض للأزياء، بل بيانًا بصريًا عن الحلم والجرأة في مواجهة المخاطر.
ابتدأ "روزبيري" العرض بتصاميم مشبعة بأشعة الشمس الذهبية، حيث برزت الكورسيهات المنحوتة، والتفاصيل المذهبة، والريش المعالج، ليحاكي هشاشة أجنحة إيكاروس في تباين درامي بين القوة والضعف. في دمج مبتكر بين العشرينيات والخمسينيات، أعاد المصمم إحياء الأرشيف العريق للدار، مع تكريم خاص للسريالية الأيقونية التي لطالما ميزت "سكياباريلي".
تألقت "كيندال جينر" في إطلالة منحوتة بزخارف زهرية ملكية، تعكس تمازج الفخامة بالحداثة الطليعية. كل تفصيل في المجموعة، من الخرز إلى المعادن المصقولة، تجسد ببراعة حِرفية لا تعرف الحدود، حيث لم يكن الفريق مجرد صانعي أزياء، بل مهندسي إبداع استثنائي.
“إيكاروس” لم تكن مجرد مجموعة، بل رسالة جريئة بأن "سكياباريلي" لا تزال تحلق نحو آفاق جديدة، حيث لا حدود للخيال، ولا خوف من التحليق حتى وإن كان السقوط قدر المجازفين.




مجموعة George Hobeika لربيع وصيف 2025..تكريم مؤثر واحتفاء بالحياة
قدّمت دار جورج حبيقة مجموعة استثنائية ضمن أسبوع باريس للأزياء الراقية، تكريمًا لوالدته الراحلة ماري حبيقة، التي كانت الملهمة الأولى في مسيرته. جسدت التصاميم رحلة من الحداد إلى الأمل، حيث بدأت بالألوان الداكنة رمزًا للفقد، ثم انتقلت إلى لوحة من الألوان المشرقة، تعبيرًا عن استمرار الحياة بعد الفراق.

تنوّعت الفساتين بين الأقمشة الشفافة والفاخرة، مع تطريزات راقية تعكس الحرفية المتوارثة في عائلة حبيقة. امتزج الدانتيل، التول، الترتر، والريش في إبداعات حملت بصمة من الفخامة والرقي. المجموعة لم تكن مجرد عرض أزياء، بل رسالة حب وامتنان، احتفاءً بإرث لا يموت.



من الفن وحنين الطفولة.. مجموعة "كريستيان ديور "للأزياء الراقية 2025
في أسبوع باريس للأزياء الراقية، قدمت "ماريا غراتزيا كيوري" مجموعة "كريستيان ديور" لموسم ربيع وصيف 2025، مستوحاة من الفن السريالي وذكريات الطفولة. استلهمت تصاميمها من لوحة دورثيا تانينج “بعض الموسيقى الليلية” (1943)، التي تعكس مزيجًا من البراءة والغموض، حيث يتشابك الفضول بالخيال في استدعاء لحلم الطفولة.


أعادت "كيوري" إحياء خط Trapeze الذي صممه "إيف سان لوران" خلال عمله في "ديور"، وقدمت صورة ظلية أكثر هيكلية وعصرية، مستلهمة من ملابس الأطفال بأسلوب مختلف تمامًا. تميزت الفساتين بتفاصيل مثل الأقفاص المعدنية، الكشاكش، الشرائط، الريش، والتطريزات الفاخرة، مما منح المجموعة إحساسًا يجمع بين الأناقة والحرية والفن.
تنوعت لوحة الألوان بين الأبيض والأسود، والدرجات الحيادية، مع لمسات من الأزرق الشاحب، الفضي، والذهبي. فيما أضاف متحف رودان خلفية مميزة للعرض، حيث زُينت منصته بلوحات ضخمة للفنانة ريثيكا ميرشانت، ما عزز أجواء الخيال وعجائب الطفولة.
مجموعة ديور 2025 هي شهادة على قدرة "كيوري" على الدمج بين الفن والتاريخ والموضة، في تصاميم تجمع بين الإبداع والحنين والرؤية المستقبلية.

Giambattista Valli يكرّم المغرب بفخامة نابضة في أسبوع الهوت كوتور
استوحت Giambattista Valli مجموعتها لربيع وصيف 2025 من سحر الثقافة المغربية، مقدمةً تصاميم تحمل اسم “حدائق المنارة”. برزت الفساتين الفاخرة بألوان زاهية وجريئة مثل الأحمر القرمزي، الوردي الباهت، والتفتا الحريرية، مستلهمةً انسيابية الجلابيات المغربية وممزوجة بتطريزات الورود وطبقات الشيفون لإضفاء لمسة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية.

تألقت المجموعة بفساتين بقصات هندسية ضخمة ومبتكرة، مع عقد مزخرفة تنسدل على التصاميم، لتضيف طابعًا استثنائيًا إلى الصيحات الجديدة. كما برزت التوبات المطرزة، الجاكيتات البراقة، والتنانير البيضاء الطويلة ذات الكسرات العريضة، مما منح الإطلالات توازنًا بين الفخامة والجرأة.

ولم تغب أقمشة الستارة المتدفقة عن العرض، حيث زادت من عمق التصاميم وأناقتها، إلى جانب تفاصيل الريش النافر، الذي أضاف حيوية وطاقة ساحرة للمجموعة، لتؤكد الدار مجددًا أنها عنوان التجدد والرقي المطلق في عالم الهوت كوتور.

نقاء الأبيض وتناغم الألوان في مجموعة Chanel ربيع وصيف 2025
تحت قبة قصر جراند باليه، كشفت شانيل عن مجموعتها للأزياء الراقية لربيع 2025، في عرض يجمع بين الفخامة والحداثة. جلس الضيوف داخل هيكل أبيض ضخم على شكل شعار الدار، وسط توقعات بأن تكون هذه المجموعة الأخيرة قبل تغييرات إبداعية مرتقبة.
اختارت شانيل ألوان الباستيل الحالمة بدلًا من الأسود الأيقوني، حيث تألقت درجات الوردي، الأخضر، والأزرق بتناغم مفعم بالحيوية، بينما هيمن الأبيض العاجي ليضفي على المجموعة نقاءً خالدًا ورُقيًا عصريًا.
ظهر التويد الأيقوني بلمسات متجددة عبر بدلات بتنورات قصيرة وواسعة، تعكس انطلاقة شبابية مختلفة عن القصات التقليدية. أما الفساتين المتدفقة، فكانت تنساب بسلاسة، مع تطريزات دقيقة أضافت بريقًا فنيًا يرفع الحرفية إلى مستوى استثنائي.



المجموعة جسدت أنوثة بلا قيود، حيث التقت الألوان النابضة بالخياطة الراقية، في إشادة بجوهر شانيل الذي يوازن بين تقاليد الماضي ورؤية المستقبل. ومع اختتام العرض، ظل الإبداع والابتكار هو العنوان الدائم لهذه الدار العريقة.
مجموعة Stephane Rolland للأزياء الراقية 2025.. تكريم فني بلمسة نحتية
قدّم ستيفان رولاند مجموعة ربيع 2025 خلال أسبوع باريس للأزياء الراقية، مستوحاة من جوزفين بيكر ونقاء الأشكال النحتية لـبرانكوزي. أقيم العرض في Salle Pleyel، وكان له بعد خيري، حيث خصص نصف عائداته لدعم المراهقين المعرضين للخطر.
تألقت التصاميم بقصات هندسية ودرامية، مع أكتاف جريئة وتباينات بين الأسود، الأبيض، البني، والفضي. برزت الفساتين المنحوتة، إلى جانب سترات مخملية، جاكيتات مزخرفة بالكريستال والعود، وفساتين شيفون شفافة تعكس روح بيكر الحرة وأناقتها المتحررة.



اللعب بالشفافية والملمس كان جوهر المجموعة، حيث امتزجت الأورجانزا المطوية، الجلد المخدوش، والريش المحترق، في ازدواجية تجمع بين القوة والانسيابية. أما الألوان الكلاسيكية، فقد تعززت بتألق الذهب والفضة والكريستال، مما أضفى على المجموعة طابعًا فنيًا جريئًا يمزج بين الموضة والتعبير عن الذات بلا قيود.
أرماني بريفيه 2025.. رحلة مُضيئة عبر الحضارات
في أسبوع باريس للأزياء الراقية، قدم جيورجيو أرماني مجموعة Armani Privé لربيع وصيف 2025، حيث جعل الضوءعنصرًا أساسيًا في تصاميمه، ليخلق رؤية تنبض بالسحر والتألق.


تميزت القطع بالانسيابية والاتزان، من السترات الأنيقة إلى الفساتين الطويلة المنسدلة، وسط لوحة ألوان تتدرج بسلاسة بين الذهبي، البرونزي، الزهري، الأزرق الداكن، والفضي، في تناغم يحاكي شروق الشمس وغروبها.

جاءت التطريزات الناعمة وحبات الكريستال لتعكس الضوء بطريقة مثالية، ما منح التصاميم بريقًا يشبه النجوم المتلألئة. أما الطبعات، فقد استلهمت المناظر الطبيعية في بولينزيا، الهندسة اليابانية، وعظمة شمال إفريقيا، لتروي قصة تلاقٍ حضاري بأسلوب شاعري.
مجموعة أرماني بريفيه 2025 كانت ساحرة ومُتقنة، بلغت أعلى درجات الإبداع والجمال، لتحبس الأنفاس من أول إطلالة حتى اللحظة الأخيرة.
إيلي صعب يحيي الجينز في عالم الهوت كوتور.. مجموعة استثنائية وفاخرة
في ربيع وصيف 2025، قدّم إيلي صعب مجموعة تجمع بين الفخامة والحداثة، حيث أبدع في إضفاء لمسة كاجوال راقيةعلى الأزياء الراقية.
بدأ العرض بفساتين نيود حريرية وتول منسدلة مع أكمام كلوش وجيوب جانبية، تلتها تصاميم براقة بتطريزات لامعة وترتر هندسي متدرج. كما برزت الفساتين المطرزة بثنيات أنيقة، إلى جانب فساتين الشراريب الهندسية والأكتاف المكشوفة.


اهتمت المجموعة بالتطريزات الملونة بالزهري، الأخضر، الأصفر، والنيلي، مع سترات ساتانية ضخمة أضافت لمسة درامية. كما خطف الكاب المزين بالورود الأنظار، بينما تألقت تفاصيل الكروشيه والسلاسل البراقة في فساتين تعكس جرأة التصميم.


المفاجأة الكبرى كانت دخول الجينز إلى الهوت كوتور، حيث أبدع صعب في دمج حبيبات الخرز السوداء وطبعات الورودعلى الأكمام والأرجل، في خطوة جريئة تعيد تعريف الأناقة العصرية.
فالنتينو.. عصر جديد من الأزياء الراقية بجرأة “أليساندرو ميكيلي”
في بلاس فاندوم، افتتح أليساندرو ميكيلي فصلاً جديدًا في فالنتينو من خلال مجموعة Vertigineux لربيع وصيف 2025، حيث امتزج الحنين بالتجدد في إعادة صياغة رموز الدار بأسلوب درامي غير تقليدي.


حملت المجموعة زخارف زهرية نحتية، تنانير ضخمة، وذيول ممتدة، بينما أضافت الياقات المكشكشة، قفازات الأوبرا المرصعة، والكورسيهات التاريخية طابعًا مستوحى من عصر النهضة. التناقضات صنعت الإيقاع، حيث التقت القصات الحادة بالأقمشة المتآكلة، والكمال بالجمال غير المكتمل، ليخلق ميكيلي عالماً يمزج بين الرومانسية والغرابة.
كانت المجموعة حلمًا مشبعًا بالترف والتمرد، حيث أعلن ميكيلي عن فالنتينو جديد يعيد تعريف الجمال بكل تناقضاته الساحرة.

Le Naufrage.. تحية إبداعية من لودفيك دو سان سيرنين لإرث جان بول غوتييه
في أسبوع باريس للأزياء الراقية، قدّم لودفيك دو سان سيرنين مجموعة Le Naufrage لدار جان بول غوتييه، مستوحاة من العالم البحري في عرض مسرحي درامي يعكس جوهر الدار.
تمحورت المجموعة حول الكورسيه الأيقوني، الذي أُعيد تصوره بأسلوب أكثر أنوثة وجاذبية، حيث بدت التصاميم وكأنها منحوتة على الجسم بدقة فنية. كما أبدع سان سيرنين في استخدام مواد مبتكرة، فابتكر قماش لاتكس يحاكي جلد التمساح، في إشارة إلى إرث غوتييه مع هيرمس في العمل مع الجلود الفاخرة.
ضمت التشكيلة فساتين كورسيه جريئة، بدلات قبطان، وسترات محاكة بعناية، لتعكس الدمج المثالي بين الفن، الابتكار، والجمال. كانت هذه المجموعة تحية إبداعية لإرث غوتييه، وتذكيرًا بسحر الموضة كفن يتجاوز الزمن والحدود.



أشي ستوديو ربيع 2025.. قصيدة من المخمل والضوء الخافت
في أجواء مهيبة داخل فندق سالمون دي روتشيلد، قدّم محمد أشي مجموعة “ڤيلفيت أندرجراوند”، حيث لم يكن العرض مجرد استعراض للأزياء، بل نافذة إلى عالم سري مترف مستوحى من ترف الستينيات والسبعينيات.
المجموعة تجسدت في تناقضات ساحرة، حيث التقت الرقة بالإغراء، والقوة بالانسيابية. افتُتح العرض بفستان كورسيه من الدانتيل الشانتلي، تتخلله أشواك نحتت منحنياته، في تلاعب مدروس بين التوتر والاستسلام. أما المخمل الفاخر، فقد أصبح المحور الأساسي، بانسيابيته الداكنة من المارون العميق والأسود الحالك، بينما أضافت الشراريب، الفرو، والتطريز المعقد بُعدًا من الحسية الراقية.



استُلهمت الزخارف من الفن الصيني، حيث تحولت تفاصيل أثاث الماركتري إلى تطريزات دقيقة على الكورسيهات، في حوار بين الثقافات والجمال الزمني. أما المفاجأة، فكانت الكلاب الصغيرة التي حملتها العارضات، رمزًا لعالم الترف المغلق، بينما أضافت السجائر المتلألئة بالكريستال لمسة سينمائية فانتازية.
لم يكن “ڤيلفيت أندرجراوند” مجرد عرض، بل تجربة حسية، حيث يتحول الضوء والظل إلى شعر يُكتب بالأزياء، ليؤكد أشي مرة أخرى أنه شاعر الهوت كوتور بلا منازع.