
خاص هي - هيمنة “آشي”: الحضور السعودي على أرقى سجادة حمراء
في حفل توزيع جوائز الأوسكار السابع والتسعين، حيث يجتمع صناع السينما وألمع النجوم تحت وهج المجد السينمائي، تتحول السجادة الحمراء إلى مسرح للموضة، حيث تُجسَّد العظمة في أدق تفاصيل القصات، وتُصاغ الأزياء لتتحدى الزمن. هنا، في هذا العالم الذي تُصاغ فيه كل إطلالة لتصبح جزءًا من التاريخ، وحيث يتحول النسيج إلى لغة خالدة، برز المصمم السعودي محمد آشي كمهندس للحظات الأيقونية في عالم الأناقة.
لم يكن الحضور السعودي على السجادة الحمراء لهذا العام عابراً، بل كان انتصاراً مكتمل الأركان، حيث اختارت ثلاث نجمات تصاميم آشي ستوديو ليس فقط على سجادة الأوسكار، بل أيضاً في حفل Vanity Fair المرموق، ليؤكد محمد آشي هيمنته على مشهد الموضة الهوليوودي. كأول مصمم من منطقة الخليج يُدعى رسميًا إلى جدول أسبوع الأزياء الراقية في باريس، يعتبر آشي قوة إبداعية ثابتة، يعيد تشكيل معاني الأناقة المعاصرة، محوّلاً الأزياء إلى منحوتات خالدة.

وفي لقاء حصري مع مجلة هيَ، يفتح آشي أبواب عالمه الإبداعي، متحدثًا عن هذه اللحظة التاريخية، عن التزاوج بين السينما والأزياء، وعن فلسفته التي تجعل تصاميمه تتجاوز الزمن، وتتحول من مجرد أزياء إلى تُحف خالدة على السجادة الحمراء.
من مشغل الكوتور إلى أضواء الأوسكار
بالنسبة لآشي، السجادة الحمراء ليست مجرد منصة عرض، بل هي فصل جديد في قصة بدأت في ورشة عمله، حيث تُنحت الأقمشة بصمت، وتُصقل التفاصيل بحرفية نادرة. رؤية تصاميمه في الأوسكار كان شعوراً مزيجًا بين التواضع والانتصار.
“السينما والموضة مرتبطتان في رقصة أزلية،” يقول آشي. “إنهما يشكلان الثقافة والهوية، يؤثر كل منهما على الآخر. الموضة هي أكثر من مجرد فستان جميل، إنها أداة قوية لتعزيز الحضور، سواء على الشاشة أو على السجادة الحمراء. أن تختار النجمات تصاميمي لهذه اللحظات الفريدة هو أمر يجعلني فخورًا للغاية.”
لكن كيف يمكن لمصمم أن يخلق لحظة خالدة في عالم تتحكم فيه الفورية والسرعة؟ بالنسبة لآشي، الأمر لا يتعلق بمحاربة الزمن، بل بفهمه، بتحويل اللحظة العابرة إلى إرث بصري يبقى محفورًا في الذاكرة.
“الأناقة الحقيقية تتجاوز الزمن،” يؤكد. “الكوتور هو نحت للمشاعر، صياغة للحضور، رسم لصورة تُحفر في الأذهان حتى بعد أن تنطفئ الأضواء. أتعامل مع التصميم بروح المعماري، حيث يُخلق التوازن بين البنية والحركة، بين القوة والهشاشة. السر ليس في الزخرفة، بل في النقاء، في الخطوط الواضحة، في الطريقة التي يتفاعل بها الضوء مع القماش.”
"كايلي جينر": نَحت أيقونة معاصرة
من بين اللحظات التي صنعت هيمنة آشي على الأوسكار هذا العام، كانت إطلالة "كايلي جينر" في حفل Vanity Fair أكثرها جرأةً وسحرًا، رؤية ليلية فاخرة، حيث التصميم الهندسي الصارم التقى بالنعومة الحالمة، وحيث الإيحاء أقوى من التصريح.
“الكوتور هو خلق أثر لا يُمحى—إطلالة تتجاوز الزمن، ولكنها في ذات الوقت تنبض بروح اللحظة،” يقول آشي. “في فستان "كايلي"، أردت أن أنحت شكلاً يشعر بالقوة والراحة في آن واحد، حيث تتلاقى الهندسة مع الجاذبية، وحيث البساطة تعزز حضور التصميم بدلاً من أن تطغى عليه.”

غالبًا ما يُنظر إلى "كايلي جينر" على أنها حرباء عصرية، تتلون مع إيقاع الثقافة وتتقن فن التحول، ولكن في تصميم آشي، تحوّلت إلى تمثال خالد، رمز أبدي يتجاوز الاتجاهات والموضات العابرة.
“كايلي تتغير مع كل ظهور، تعيد اختراع نفسها مع كل نظرة، ولكن هذا الفستان لم يكن عن التغيير، بل عن الكشف—كشف جانب منها أكثر سكينةً، أكثر تجريدًا، أقرب إلى الخلود.”


"ميغ رايان": عودة سينمائية مكللة بالشعرية
إذا كانت إطلالة "كايلي" تمثل الأيقونة العصرية، فإن عودة "ميغ رايان" إلى الأوسكار كانت استعادة لفصل من تاريخ السينما، لحظة أعادت إلى الأذهان رومانسية عصر هوليوود الذهبي، ولكن بلمسة حداثية خالدة.

“تصميم فستان "ميغ رايان" للأوسكار كان يتعلق بتكريم الإرث،” يوضح آشي. “هي ليست مجرد ممثلة، إنها حقبة، ملامحها تحمل ذاكرة عقود من السرد السينمائي. لهذا، أردت أن يكون التصميم امتدادًا لقصتها—راقٍ، خالد، لكن محمّل بلمحة حداثية ناعمة.”
النتيجة كانت إطلالة تنضح بالأناقة بلا تكلف، مشحونة بالحضور بلا استعراض، فستان صُمم ليُبرز نجومية "رايان" دون أن يسرق منها الضوء.
“المفتاح كان النقاء—لا شيء مبالغ فيه، لا شيء صاخب، فقط تصميم يحتفي بعودتها بأرقى صورة ممكنة.”
لطالما كانت "ميغ رايان" رمزًا للرومانسية البسيطة، للحضور الآسر غير المتكلف. وهذا التوازن بين العفوية والرقي، بين الهيكلية والانسيابية، يتناغم تمامًا مع فلسفة آشي في الكوتور.
“ميغ رايان تمثل الأنوثة الصافية، الطبيعية، وهذا بالضبط هو جوهر الكوتور بالنسبة لي. الأناقة الحقيقية لا تحتاج إلى إثبات، بل تشعر وكأنها تنتمي إلى صاحبتها ببساطة.”
"آنا كندريك": غموض مترف منحوت في التفاصيل
في ليلة تألقت فيها الأزياء الفخمة والتصاميم المنحوتة على السجادة الحمراء، حملت إطلالة "آنا كندريك" في حفل Vanity Fair لمسة مختلفة، لمسة من الغموض الراقي، حيث تروي التفاصيل حكاية مترفة لا تُقرأ إلا عن قرب.
اختارت الممثلة فستاناً قصيراً بصورة ظلية مشابهة للجرس، باللون الأسود، مرصعاً بعناقيد العنب المتساقطة، من إطلالة رقم 6 في مجموعة الأزياء الراقية لخريف وشتاء 2024-2025 من Ashi Studio.



رؤية سعودية تهيمن على مشهد الموضة العالمي
مع ثلاث لحظات سينمائية على السجادة الحمراء، أثبت محمد آشي أنه ليس مجرد مصمم يُلاحَظ، بل اسمٌ يُخلّد. لم يعد ذلك المصمم الخليجي الأول الذي يدخل رسميًا إلى أسبوع الهوت كوتور في باريس، بل أصبح قوة محورية في معادلة الأزياء الراقية، يصيغ لغة جديدة للأناقة العالمية.
ومع انتهاء ليلة الأوسكار، ومع مغادرة النجوم السجادة الحمراء إلى ذاكرة الأرشيف البصري، تظل إبداعات آشي منقوشة في تاريخ الموضة—همسة من النحت على القماش، رؤية حديثة للأناقة الخالدة، حضور سعودي يثبت أن الفخامة ليست مجرد صخب، بل هي في بعض الأحيان، مجرد همسة تبقى للأبد.