
أسبوع الموضة في ميلانو... احتفالات تاريخية وعروض استثنائية ترسم موسم خريف 2025
المحطة ما قبل الاخيرة في شهر الموضة لم تكن مخيّبة للأمال أبدًا، فقد شهد أسبوع الموضة في ميلانو لحظات بارزة وعروض أزياء احتفالية إضافة إلى تقديم مجموعات رسمت ملامح موسم لخريف وشتاء 2025.
بعد أسبوع هادئ في لندن، وصلت فعاليات أسبوع الموضة في ميلانو وسط حالة من الترقب، حيث تجد بعض دور الأزياء الكبرى نفسها في مرحلة انتقالية، مع غياب المديرين الإبداعيين لكل من "غوتشي" Gucci و"فندي" Fendi. لكن رغم ذلك، لم يخلُ الأسبوع من لحظات بارزة، غوتشي، افتتحت الأسبوع بعرض أزياء مشترك على منصة ضخمة تعكس شعار الدار الشهير الذي صممه "ألدو غوتشي"، في إشارة إلى إرث العلامة الفاخر. أما دار Fendi فقد احتفلت بمرور 100 عام على تأسيسها بعرض أزياء مشترك جمع بين الأزياء الرجالية والنسائية، في حين احتفلت علامة Dsquared2 بثلاثين عامًا من الابداع في عرض احتفالي رائع.
وعلى مدار الأيام التالية، قدّمت الدور الكبرى، من دولتشي آند غابانا إلى برادا، أحدث مجموعاتها، حيث استعرضت الأخيرة، بإبداع ميوتشيا برادا وراف سيمونز، مفهوم "البريق الخام" وسط ديكور مستوحى من منصات البناء والسجاد. وفي ختام الأسبوع، استعدت دار ميسوني لبداية حقبة جديدة مع "ألبيرتو كالييري"، الذي تولى منصب المدير الإبداعي ليقود العلامة إلى مستقبل جديد.
إليكم أبرز لحظات أسبوع الموضة في ميلانو لخريف وشتاء 2025، والعروض التي رسمت ملامح الموسم المقبل.
عودة إلى القيم "الأساسية" لـGucci
منذ 50 عامًا صمم "ألدو غوتشي"، نجل المؤسس غوتشيو غوتشي، شعار الدار المتشابك G، استنادًا إلى الأحرف الأولى من اسم والده. لموسم خريف 2025، تحوّل هذا الشعار إلى مدرج ضخم لعرض المجموعة الموحّدة للدار التي جمعت ملابس الرجال والنساء في آن معًا.
كان هذا أول عرض منذ رحيل المدير الإبداعي "ساباتو دي سارنو" في وقت سابق من هذا العام، مما يعني أن المجموعة تم تصورها من قبل "مكتب التصميم" الداخلي. من هنا، كانت العودة إلى الرمز حيث تحدثت ملاحظات المجموعة عن العودة إلى القيم "الأساسية" لغوتشي. وهي مزاج من الأناقة الإيطالية غير المبالية والفخامة المنمّقة. حملت المجموعة عنوان "Continuum"، لتكون تحية للأناقة، وجسرًا يصل بين إرث الدار ومستقبلها اللامحدود. وكما وصفتها "غوتشي" بنفسها، فهي "تناغم بين الماضي، الحاضر، والمستقبل، حركة مستمرة، وحوار دائم التطور".
طغى على المجموعة أسلوب ستوحى من السبعينيات: معاطف من الفرو الصناعي فوق فساتين الدانتيل، والجوارب الضيقة الملونة المرصعة بالجواهر، الزخارف الأنثوية، من الأوشحة إلى القفازات الجلدية.


Dsquared2 تحتفل بالذكرى السنوية الثلاثين
بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين، حوّلت Dsquared2 المشهد في ميلانو إلى أشبه بوسط مدينة نيويورك، مع شبكات مترو الأنفاق، ومخارج الطوارئ على المباني الحجرية البنية، وحشود من الناس في زوايا "الشوارع". افتتحت النجمة Doechii العرض واختتمته، حيث أدت أغنيتها Alter Ego مع زميلها مغني الراب JT، بينما رقص مؤسسا العلامة Dean و Dan Catenبجانبها. أطلت عارضات الأزياء بما في ذلك أليكس كونساني وأميليا غراي وناعومي كامبل إلى المدرج في الجزء الخلفي من سيارات كاديلاك والشاحنات المدرعة وسيارات G-Wagons. وتم نقل المصممين أنفسهم إلى المدرج في سيارة شرطة، وتم اعتقالهم، ثم أطلق سراحهم وقدّموا التحية للجمهور.
شاهدنا العديد من رموز الدار الشهيرة في عرض الأزياء من روح الروك أند رول إلى النمط الرياضي العصري إلى اللمسات الأنثوية الجذابة، فتحوّلت الأحزمة الجلدية إلى توبات مبتكرة، والمعاطف الفرو الكبيرة والفساتين اللامعة ذكرتنا ببريق استوديو 54، والتيشرتات القطنية مع سراويل الجينز الممزقة بأسلوب الكاوبوي.


Fendi تحتفل بمئة عام من الإبداع والفخامة
في أواخر العام الماضي، غادر "كيم جونز" منصبه كمدير إبداعي لمجموعات الأزياء النسائية والأزياء الراقية في Fendi، وحتى الساعة، لم يتم الإعلان عن بديله. لكن على الرغم من ذلك، لم تتوقف الاحتفالات التي تنظّمها الدار بالذكرى المئوية لتأسيسها (عام 1925 على يد إدواردو وأديل فندي في روما).
وفي المقر الرئيسي للدار الذي تم تجديده حديثًا في شارع فيا سولاري، وقّعت "سيلفيا فينتوريني فندي"، حفيدة مؤسسي الدار، مجموعة هذا الموسم المختلطة. بدأ العرض بحفيديها التوأمين اللذين فتحا بابًا كبيرًا خرجت منه العارضات بأزياء بمثابة إشارة إلى العودة إلى البريق الذي طالما كان مرادفًا للعلامة.
كانت المعاطف والأوشحة المصنوعة من "الفراء" متناثرة في جميع أنحاء المجموعة، في حين استحضرت الصور الظلية على شكل الساعة الرملية أناقة الحنين إلى الماضي. وفي الوقت نفسه، عكست الزخرفة، من الكريستال والتطريز بالترتر إلى دانتيل شانتيلي والتفتا المطوي، المزاج الاحتفالي في المساء.


مجموعة Prada تعيد تعريف الأنوثة
"ميوتشيا برادا" و"راف سيمونز "قدّما كالعادة في أسبوع الموضة في ميلانو أحدث مجموعاتهما من الأزياء النسائية، والتي حملت هذا الموسم عنوان "سحر خام". وقالت برادا: "لقد كان السحر شيئًا انجذبنا إليه غريزيًا، وارتبط بالأنوثة. لقد سألنا أنفسنا - ما هي الأنوثة؟ ما هو الجمال الأنثوي؟ ما هي الأنوثة اليوم؟ إنه تساؤل مستمر، وفحص للأنوثة - ماذا تعني؟". تشكل هذه الأسئلة الأساس لبرادا، وهي دار استجوبت منذ فترة طويلة مفاهيم الجمال التقليدي. وأضافت برادا خلف الكواليس بعد العرض "إن وظيفتنا هي التفكير في الملابس التي يمكن للمرأة أن ترتديها، وفي أي نوع من الأنوثة يكون منطقيًا في هذه اللحظة".
هنا، لا تلتصقُ الأقمشةُ بالجسد، بل تتحركُ حولهُ في جدليّةٍ مستمرة بين الاحتواء والتحرُّر. تتكسّرُ الصورة النمطيّة للجمال في الحواف الخام، في الفساتين التي تبدو كأنها عاشت عمرًا قبل أن تصلَ إلى المنصّة، في تلك الأزرار المغطّاة، والفيونكات الصغيرة التي لا تهمسُ بالحنين، بل تتحدّى سطحيّته. هذا ليس نوستالجيا، بل إعادة قراءة، تأمُّلٌ يضفي على الماضي بعدًا جديدًا.
امرأة "برادا" لا تبحثُ عن الكمال، بل عن الحقيقة، حتى لو جاءت غير مكتملة، متشظّية، محمّلة بأثر الزمن. هناك في هذه المجموعة تمرُّدٌ على كلّ ما يبدو متناسقًا أكثر من اللازم، حيث تأتي الأحجامُ مختلّة عن عمد، والخطوطُ غير مستوية، كأن التصميم في حالة حركة مستمرّة، غير مستقرّ، كأنه يسألُ ذاته قبل أن يسألنا: ماذا يعني أن تكون أنيقًا اليوم؟


Dolce & Gabbana تحوّل شوارع ميلانو إلى منصة عرض أزياء
ذكّرنا دومينيكو دولتشي وستيفانو غابانا بالمؤثرين الأصليين من خلال عرضهما المستوحى من cool girl (عنوان المجموعة) لخريف وشتاء 2025. خرجت العارضات من مكان العرض إلى ممشى في الشارع، وسط حشود صاخبة، بينما كانت فيكتوريا دي أنجيليس من فرقة مانيسكين الإيطالية تعزف موسيقى تكنو. بدأت المجموعة بإطلالات غير رسمية، مع الجينز الممزق، القبعات، سراويل فضفاضة، معاطف جلدية، قمصان جيرسي كبيرة الحجم، وأحذية طويلة فوق الركبة. لكن لم تخلو بالطبع من لمسة صقلية، مع الدانتيل الأسود، وطبعات الفهد، وزخارف مولتو.
ولكن مثل مجموعة خريف وشتاء 2025 للرجال، سرعان ما تحولت إلى ملابس سهرة مرصعة بالجواهر، مليئة بالكريستال والشراشيب. وهو ما أثبت أن إحياء عشرينيات القرن العشرين مستمر على قدم وساق.


Versace تعيد ابتكار الماضي بإبداع متجدد
من الماضي تنطلق دوناتيلا فيرساتشي نحو المستقبل، في مجموعة "فيرساتشي" لخريف وشتاء 2025 للرجال والنساء، مشددة على القيم الخالدة للعلامة: الحرية، الفردية، والنزاهة. كاستعارة لما هو كامن في الداخل، استوحت تفاصيل التشكيلة من تصاميم "فيرساتشي هوم"- إحدى أولى مجموعات الأثاث التي أطلقتها دار الأزياء- لتعاد صياغتها في إطلالات تحمل طاقة متجددة. يشير هذا التحوّل إلى التناغم المتأصل في هوية الدار، حيث تتلاشى الحدود بين ارتداء قطعة فنية والتحوّل إلى عمل فنيّ بحد ذاته.
تميّزت مجموعة النساء بلمسة درامية، حيث تتخذ أشكالًا منحوتة تتخللها هياكل تفكيكية على طراز البانك. وبفضل الروح غير التقليدية للدار، يتم تقطيع الذكريات الأرشيفية- من تصاميم وأقمشة ونقوش- وإعادة استخدامها في أشكال ذات إبداعات مبتكرة.
إعيدت صياغة الخطوط الكلاسيكية برؤية معاصرة. تستوحي مجموعة النساء إطلالاتها من أزياء الباليه التي صممها "جياني فيرساتشي"، في فساتين من Atelier Versace مزودة بكورسيه بتنانير منفوخة مصنوعة من الكرينولين، ومزيّنة بطبعات مميّزة. يمتد هذا الإحساس إلى التنانير الواسعة المطبوعة التي تناسب الإطلالات النهارية والتي تُرتدى بأسلوب غير رسمي مع سترات "سبنسر" الأنيقة أو معاطف محبوكة ذات حجم كبير، بالإضافة إلى المعاطف المصممة خصيصًا وفساتين السهرة المنفوخة.


Giorgio Armani يعود إلى الجذور
بالنسبة لجورجيو أرماني Giorgio Armani، تُعتبر كل مجموعة بمثابة عودة إلى الجذور، وتأكيداً على الاصالة الأسلوب الذي هو تطور دائم راسماً طريقه بنفسه، بينما تبقى جذوره راسخة في عالم الواقع. لهذا الموسم، جاءت الملابس مقدمة في ألوانٍ بركانية وتوهجاتٍ معدنية مستوحاة من توهجات أرض قبلتها الشمس وغمرتها بألوانها المذهلة، في إعادة تأكيد لنقائها العريق: تدرجات ألوان البيج من الرملي الذهبي، وتدرجات ألوان بنية داكنة تتلاشى رويداً رويداً لتعانق اللون الأخضر، وانعكاسات ألوان من الكوارتز الأزرق، وتدرجات لا متناهية من الغريج. قصة تتراقص في طياتها الخطوط النقية مع الدقة في اختيار الاقمشة من مواد ناعمة وكثيفة الملمس، مثل المخمل، الكشمير، والجاكار الحريري.
البدلات بسراويلها الحريرية انسابت بسلاسة، المعاطف مفككة إنما قيّمة، بينما حافظت السترات على توازن قصاتها المثالية. في المساء، يحلق الإبداع متجسداً في تطريزات معقدة تزين الفساتين الراقية بجمالها والخفيفة بوزنها. حقائب ناعمة وأحذية مسطحة صمّمت خصيصاً للقيام بخطوات رشيقة، تعزز إحساسًا فطريًا ملؤه الثقة.

