بوشرون...وقصص أحدث مجموعات دار المجوهرات الراقية المهداة إلى نساء المستقلات
يعود تاريخ "بوشرون"Boucheron إلى عام 1858، عندما اختار "فريديريك بوشرون" أن يكون مقرّه في غاليري دو فالوا القريبة من القصر الملكي في باريس، ليفوز من هناك بقلوب الطبقة الأرستقراطية للامبراطورية الثانية، مع تصاميمه المستوحاة من الطبيعة.
ازدادت شعبية الصائغ في عام 1867 مع تصميمه الميدالية الذهبية لمعرض باريس العالمي. وفي تلك الفترة نفسها، ابتدع لسيدة أمريكية من أسرة "ماكاي" عقدًا أصبح علامة فارقة في تاريخ المجوهرات الراقية بفضل هيكليته الماسية، التي دُمجت فيها بعض أنقى حبات الصفير على الإطلاق.
كان هذا الصائغ دائمًا في الطليعة، بفضل بحثه عن أشكال حديثة جديدة، وتخيل في عام 1879 عقد علامة الاستفهام الذي تم وضعه للمرة الأولى بشكل غير متماثل وبدون إبزيم. نظرًا لبنيتها الغريبة، لم تلتف الجوهرة حول العنق، بل جمّلته، لتجعل السيدة تشعر بحرية أكبر بكثير. وهكذا، سرعان ما أصبح "فريديريك بوشرون" الصائغ المفضل لدى النساء المستقلات والجريئات والشجاعات اللواتي يؤمنّ بأنفسهن إيمانًا قويًا.
عام 1893، صار "فريديريك بوشرون" أول الصائغين المعاصرين الكبار الذين يفتحون بوتيكًا في ساحة فاندوم. وأثبتت هذه الفكرة بمرور الوقت أهميتها في نجاح هذه الدار وتطورها المستقبلي. وقد رافق هذا الحدس الرائع نفسه الأجيال الأربعة من العقول المبدعة التي حذت حذو "فريديريك" في رئاسة الدار. على مدى 160 عامًا، تمكن خلفاء "فريديريك بوشرون" بالفعل من بناء أسلوب وسمعة وطريقة عمل فريدة. فينضح كل إبداع بتوازن مثالي بين البراعة التقنية والموهبة الفنية. واكتسب بريق الأحجار وجودتها قيمة وأهمية جديدتين في الشكل الجديد الذي قدّمه لها حرفيو الدار الفرنسية.
ظلت جميع السمات التي ميزت العلامة التجارية في بداياتها موجودة إلى يومنا هذا بعد أن صارت جزءًا من مجموعة "كيرينغ". وقد عبّرت "كلير شوان" التي تتولى الإدارة الإبداعية للدار منذ 2011، عن فكرة الحرية الثابتة دوما في هوية إبداعاتها. بالنسبة إلى "شوان"، إن هذه الحرية الجمالية والتقنية والتصورية هي أيضًا حرية في طريقة وضع المجوهرات، بغض النظر عن القواعد والأعراف؛ وتعتبر أن لكل إنسان حرية جمع المجوهرات العادية بالأزياء الراقية أو وضع المجوهرات الفاخرة مع تي-شيرت وبدون مكياج. فلا ينبغي أن تفرض مجوهرات المرأة أسلوبها وشخصيتها، بل يجب أن تساعدها في كشفهما. وتنعكس هذه المفاهيم على أحدث ابتكارات دار "بوشرون" وتعاوناتها التي أُعيد النظر من خلالها في قطع أيقونية من منظور مبتكر.
قررت "كلير شوان" عام 2020 إعادة تعديل عقد علامة الاستفهام من "بوشرون"، وكان العرض الباريسي لتصاميم المجوهرات الراقية في العام 2020 المناسبة التي أعادت إطلاق هذه الجوهرة وتقديمها كواحدة من قطع "بوشرون" الأكثر تميزًا. ووفقًا لما ذكرته "شوان"، إن توقيع "بوشرون" الأسلوبي مجسّد تمامًا في هذا التصميم الذي يعبّر عن فلسفة تصميم تولي اهتمامًا للعواطف والتعبير عن الذات وتمكين المرأة وتعتمد على مبادئ الابتكار. ويبدو أن حداثة هذا العقد الثابتة منذ عام 1879، قد تحدت الزمن. يجتمع الخط الدائري النقي الذي يلتف حول العنق بهيكل كبير الحجم يغطي منطقة أعلى الصدر؛ وتكمن فرادة الجوهرة في تفاصيلها، وتلاعبها بالنسب، والبساطة الظاهرة. إذا كان هذا التشوكر بنمطه اللامركزي يمثل انشقاقًا تامًا عن الأسلوب المتناغم الذي كان شائعًا في المجوهرات الطبيعية الإلهام خلال سبعينيات القرن التاسع عشر، فقد تم في هذه النسخة الجديدة تعزيز النهج نفسه بالارتكاز على اللاتماثل والوفرة والخطوط المقوسة في غياب أي شكل من أشكال الإغلاق، الأمر الذي يسمح للنساء بوضع هذه الجوهرة بدون طلب المساعدة من أي شخص آخر.
في السنة ذاتها، أطلقت "شوان" مجموعة "كونتيمبلايشن"Contemplation ، وهي أكثر مجموعة شخصية وعاطفية تبتكرها المديرة الإبداعية لدار "بوشرون". بين القطع ال67 في المجموعة، برزت تحفة استثنائية وهي عقد "غوت دو سييل" الذي يلتقط ما لا يمكن الإمساك به ويعطي فرصة ارتداء قطعة من السماء، مخبئًا عملًا بحثيًا معقدًا. كان الهدف إعادة ابتكار التدرجات اللازوردية للسماء وإيجاد إحساس بالخفة والعبور. وقد أرادت "شوان" تحديدًا التقاط ما هو عابر وإعادة تأليف شاعرية اللحظات الحاضرة وتلاعب الأضواء. وبعد عامين، اختارت هلامًا هوائيًا نادرًا تستخدمه "ناسا" لجمع غبار النجوم، وهو مكون بنسبة 99.8% من الهواء والسيليكا. تم تغليف هذه المادة بقشرة من الكريستال الصخري مزينة بالماس، ومتدلية من تشوكر مرصع بالماس والبلور الصخري.
في 2021، دفعها شغفها بالانعكاسات والدرجات المتقزحة النابعة من اللقاء بين اللون والضوء، إلى ابتكار 25 قطعة فريدة من مجموعة المجوهرات الراقية "كارت بلانش" بعنوان "هولوغرافيك" Holographique. ونُفذ العمل الرائع في مشاغل 26 ساحة فاندوم، حيث طُلب من فريق الحرفيين الخبراء التغلب على الحدود بين البحث والتراث، واستكشاف غنى التصوير الهولوغرافي. من خلال رش المعادن الثمينة على درجة حرارة عالية فوق السيراميك أو البلور الصخري، تمكنوا من تثبيت هذه اللحظة السريعة الزوال. كانت النتيجة بنية متغيرة تختلف بحسب السطوع وزاوية الرؤية والتباين مع الجلد، وتتطور تأثيراتها بمرور الوقت. وهو تحرر جذري في وجه الانضباط الدقيق الذي يحدد المجوهرات الفرنسية الراقية، باستثناء طبعًا عالم "بوشرون" الانتقائي.
فلنصل إلى عامنا الحالي، وتحديدًا إلى آخر أسبوع للموضة الراقية في باريس، كي نرى كيف قدّمت "بوشرون" تحية إلى أهم طلب تلقّته الدار في تاريخها، مع مجموعة "نيو مهراجاز" New Maharajahs. في 1928، انتظرت ساحة فاندوم وصول "بهوبيندار سينغ" مهراجا باتيالا الذي كانت بحوزته سابع أكبر ماسة في العالم وجاء إلى باريس مع 40 خادمًا لطلب مجوهرات مصنوعة من مجموعته الشخصية من الأحجار الكريمة. لم يكن أحد يعلم أي متجر مجوهرات سيذهب إليه بخزنته وبرفقة حراسه، عندما اختار خبرة دار "بوشرون". رحّب به ابن "فريديريك بوشرون" في مشغل الدار، وبناءً على اجتماعهما، صممت له 149 قطعة بما في ذلك عقود الزمرد والماس، وحبال متعددة من اللؤلؤ، وأحزمة مرصعة بالأحجار الكريمة. قد تبدو قصة هذا الطلب الخاص من مهراجا باتيالا قصة خرافية أو حلمًا، لكن الدار حافظت على التصاميم الأصلية للقطع ال149 بعناية كبيرة، واستمدت "شوان" الإلهام منها لتصميم مجموعة "نيو مهراجاز" الجديدة. مع هذه المجموعة، نقلت دار "بوشرون" هذه القطع إلى القرن الحالي، وأعادت ابتكارها لمهراجا ومهراني العصر