قصة ساحرة: مجوهرات أودري هيبورن على الشاشة
بفضل الأناقة الأبدية والجمال الفريد اللذين تميّزت بهما دوماً، ما زالت النجمة السينمائية والملهمة أودري هيبورن إحدى أكثر الأيقونات المحبوبة في العالم ومصدر إلهام ثابتاً. إن صنادلها المسطحة الملونة، ومعاطفها الطويلة الناعمة، وقميصها المعقود عند الخصر، وتنانيرها الدائرية، ومعاطف الترانشكوت التي كانت تختارها من "بربري"، وقبعاتها الهندسية هي فقط بعض العناصر الأساسية في خزانتها. لكن ما نريد فتحه هنا ليس خزانة ملابسها، بل علبة مجوهراتها.
في عام 1966، أدت أودري هيبورن وهي مرتدية بذلة بيضاء رائعة، أحد أشهر مشاهد السينما الأمريكية في سيارة بسقف قابل للطي ولون أحمر ناري. هذا المقطع من فيلم "كيف تسرق مليوناً" للمخرج ويليام وايلر هو بالتأكيد أحد المشاهد الأسطورية من هذا الفيلم الذي حُفر في ذاكراتنا أيضاً بسبب المجوهرات الرائعة التي تزيّنت بها شخصياته. نذكر منها زوج أقراط ذهبية معقدة التصميم، وخاتم خطوبة ضخماً مع ماسة زمردية القطع، وزوج أقراط متدلية متلألئة، وهي ليست إلا بعض أفخم قطع المجوهرات الراقية الموجودة في الفيلم.
في دور "نيكول بونيه" ابنة مزوّر يخطط للسرقة قبل أن تقع هي في غرام المحقق المسؤول عن التحقيق في الأعمال المشبوهة لوالدها، تباهت الممثلة بمجموعة مجوهرات كل قطعة فيها أروع من الأخرى. بعد أن اجتمعت بفساتين كلاسيكية سوداء، وفساتين بيضاء أنثوية، وبذلات باللون الأخضر الحمضي، وملابس من الدانتيل، ما زالت المجوهرات الفاخرة التي وضعتها أودري هيبورن في فيلم "كيف تسرق مليوناً" تبهر مشاهديه حتى بعد مرور خمسين عاماً تقريباً. على سبيل المثال، في المشهد الذي كانت تواجه فيه عملية سرقة داخل أجواء باريس الرومانسية، كانت متزينة بأقراط الفراشة من "كارتييه" المصممة بألماس كبير مع نمط الأرابيسك الزخرفي.
غير أنها ليست المناسبة الوحيدة التي اعتمدت فيها الممثلة الأمريكية قطعاً ساحرة من دور المجوهرات التاريخية. فكانت مسيرة أودري هيبورن المهنية مرصعة بالجواهر النفيسة. ولا ننسى طبعاً المجوهرات الأيقونية التي وضعتها في فيلم "الفطور عند تيفاني"، إضافة إلى جملتها الشهيرة "أنا مفتونة بدار تيفاني". وبفضلها، صار لدار المجوهرات الراقية الأمريكية مكاناً رسمياً في تاريخ السينما، وفي مخيلاتنا أيضاً. ومع ذلك، لا يعلم الجميع أنه بالنسبة لفيلم عام 1961 الذي أخرجه بليك إدواردز، تزيّنت أودري هيبورن بعقدين شهيرين. العقد الأول أي الذي جمعته مع فستان أسود كان من تصميم الفرنسي روجيه شيماما. أما العقد الآخر أي الذي استُعمل في الحملة الترويجية للفيلم فقط، فكان العقد الأثمن بكثير "ريبون روزيت" من ابتكار المصمم جان شلمبرجيه لدار "تيفاني أند كو". وهذا الأخير تحفة نفيسة من الماس الأصفر بعيار 128.54 قيراط يمكن رؤيتها اليوم في بوتيك الدار الأمريكية على جادة "فيفث أفنيو" في نيويورك.
هناك قطعة قد تكون أقل شهرة بعد ولكنها تستحق الذكر، وهي التاج الناعم في الفيلم الموسيقي "الوجه المضحك" الذي أخرجه ستانلي دونين في عام 1957. لعبت فيه أودري دور "جو ستوكتون" أمينة مكتبة شابة من نيويورك لاحظها أحد المصورين وطلب منها الذهاب إلى باريس لتقديم أحدث إبداعات مصمم أزياء شهير باسم "بول دوفال" (لعب الدور روبرت فليمينغ). في العديد من مشاهد الفيلم، كانت الممثلة مكللة بسلسلة ماسية حول رأسها ومتزينة بأقراط ماسية بقصة إجاصية.
في الفيلم الموسيقي "سيدتي الجميلة" (1964) من إخراج جورج كيوكور، لعبت أودري هيبورن دور إلايزا دوليتل بائعة زهور تحوّلت لتصبح سيدة مجتمع بعد لقاء غير متوقع مع بروفيسور متخصص في الصوتيات. مشاهد الحفلة الساهرة في السفارة شهدت أهم ظهور للمجوهرات في هذا الفيلم، بحيث وضعت "إلايزا" لظهورها الرسمي الأول في المجتمع الراقي، تاجاً ماسياً من "شوميه" وطقماً من عقد فخم متعدد السلاسل وزوج أقراط مطابقاً.
كما لم تفوت أودري هيبورن فرصة وضع طقم مجوهرات ماسيّ أيضاً في فيلم "عطلة رومانية" الذي أخرجه ويليام وايلر عام 1953. وفي هذا الفيلم، تُسرد قصة "آنا" الأميرة التي قررت الهروب من البروتوكول الصارم إلى روما، حيث تلتقي بصحفي يقوم باستضافتها وهو "جو برادلي" الذي لعب دوره غريغوري بيك. ونرى أودري في مبعض المشاهد معتمدة تاجاً من الألماس غنياً بتفاصيل الأزهار وزوج أقراط مرصعة بألماس إجاصي القطع وقلادة نفيسة.
وأخيراً، في فيلم "سابرينا" عام 1954 للمخرج بيلي وايلر أدّت هيبورن دور "سابرينا فيرتشايلد" ابنة السائق الخاص بالعائلة الثرية "لارابي"، التي كان ابنها الثاني ديفيد (تمثيل همفري بوغارت) هو موضوع اهتمامها العاطفي غير المتبادل. وبعد عامين في باريس، تعود الفتاة إلى الولايات المتحدة بمظهر جديد تماماً. وفي هذه المرحلة يتم عكس الأدوار بين ديفيد وسابرينا. وكانت الجوهرة التي يجب أن نتذكرها من هذا الفيلم هي زوج من الأقراط الذهبية المصممة بالأسلوب المينيمالي الذي كان رائجًا في الخمسينيات.
في هذه الجولة السريعة المتأرجحة بين عالمي السينما والمجوهرات، نفهم أن هناك عدداً قليلاً جداً من نجمات الشاشة الأخريات اللواتي كان لهن ارتباط ثقافي كما كان لدى أودري هيبورن في قطاع المجوهرات. فاستطاعت هذه الأيقونة الحقيقية بين الخمسينيات والستينيات أن تنشئ نموذجاً طموحاً قادراً على مزج التألق بنمط العيش المستقل، والخفة بالفكر، والكلاسيكية الخالدة بالتجدد الخارج عن المألوف. ونجحت خزانة أودري هيبورن إلى جانب إكسسواراتها المتسمة بالبساطة الراقية، ليس فقط في جعلها مثالاً أعلى للممثلات الصاعدات بل أيضاً في تتويجها نجمة أبدية السطوع في سماء عالم الأناقة.