من الحب نستمد الحياة.. هند صبري تتألق على غلاف "هي"
حوار: عدنان الكاتب
تشاركنا النجمة العربية هند صبري في العدد الخاص عن الحب، عدد فبراير من مجلة "هي" الاحتفاء بهذا الشعور الأجمل والأشمل، ونناقش معها موضوعات مختلفة عن أوجه الحب المتنوعة، من حب الذات إلى حب الأبناء، كما نتطرق معها أيضا إلى مسلسها "البحث عن علا" الذي حقق نجاحا كبيرا، وخاصة أنها منهمكة حاليا في العمل على تصوير الجزء الثاني منه، وتطرقنا أيضا خلال الحوار إلى الصحة النفسية وقضية تمكين المرأة التي ترافقها في مسيرتها الفنية على الشاشتين الكبيرة والصغيرة، وارتدت هذه الممثلة والمنتجة وسفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة خلال التصوير مجوهرات من دار "كارتييه" العريقة التي أعلنتها أحد أصدقائها العالميين.
لنبدأ من أعمالكِ التي أبدعتِ فيها ونلتِ بسببها محبة الجماهير العربية في كل مكان.. أيها الأحب إلى قلبك؟ ولماذا؟
ما من عمل هو الأحب إلى قلبي، لأنني عملت وتعبت وبذلت جهدي لكل منها، من الأعمال التي لم أنجح فيها إلى تلك التي لاقيت فيها نجاحا كبيرا. غير أن هناك شخصيات أحببتها، لأنها أثّرت في الناس، ومنها طبعا "علا عبد الصبور" من "عايزة أتجوز"، و"البحث عن علا"، و"أسماء" في فيلم "أسماء"، و"لوليا" في "الفيل الأزرق 2"، و"نورة" في الفيلم التونسي "نورة تحلم".
حقق الجزء الأول من مسلسلك "البحث عن علا" نجاحا كبيرا، ويتشوق جمهورك إلى الجزء الثاني الذي أعلنتِ عنه سابقا على حسابك في إنستغرام: "هنكمل، علا قصتها لسه مخلصتش، حصريا على نتفليكس.. استنونا".. هل يمكن أن تتكرمي بأن تخصّينا بأي شيء عن الجزء الثاني؟
ما يمكنني قوله هو أننا انتهينا من الكتابة، ونحن الآن في صدد بدء التصوير الذي ينطلق في الأسابيع الآتية. كل متابعي "علا" سيستطيعون مشاهدة الجزء الثاني قريبا إن شاء الله. لا يمكنني أن أتحدث عن أحداث المسلسل، لكنني أعتقد أن الجزء الثاني سيُفرح محبّي "علا".
كيف كانت تجربتكِ في المسلسل كمنتج منفذ لأول مرة عبر شركتك SALAM PROD؟
تجربتي كمنتج منفذ للمرة الأولى علّمتني الكثير، أولا لأن العمل مع منصة مثل "نتفليكس" يكون في منتهى الجدّية والاحترافية. تعلّمت كل ما لم تعلّمني إياه مهنة التمثيل بسبب بعدها عن عملية الإنتاج والكتابة والتطوير، وهي أمور أكون مسؤولة عنها كلها، لكوني منتجة منفذة لمسلسل "البحث عن علا"، وذلك إلى جانب الإشراف على الموسيقى والمونتاج وهندسة الصوت، وكل ما يتعلق بجودة الصوت والصورة لكل حلقة.
لذلك أعطتني تجربتي في الإنتاج نظرة شمولية أكثر لهذه المهنة، واكتشفت بفضلها أنه ما من مرحلة منفصلة تماما عن المرحلة التي تسبقها أو تليها. أعتقد أن الممثلين عموما ينجحون لدى القيام بنقلة مهنية نحو الإنتاج أو الإخراج، بفضل الساعات الطويلة التي يمضونها في موقع التصوير وهم يراقبون كل ما حولهم من الصوت إلى الصورة ومن الإنتاج إلى الإخراج. وهكذا ظهرت أخيرا كل خبراتي المتراكمة من خلال "البحث عن علا".
هذا اللقاء والتصوير الخاص بمجلتنا سينشر في عدد فبراير شهر الحب، ما مفهومكِ للحبّ؟ وكيف تعبرين عن مشاعركِ لمن حولكِ؟
مفهوم الحب بالنسبة لي هو الطاقة الأم التي نستمد منها كلّنا الحياة. أعتقد أن الله، سبحانه وتعالى، هو حب، هو طاقة حب وسلام ودفء. وكل التصرفات السيئة التي قد نقترفها بها تنبع من مكان بعيد عن الطاقة الأم، وتأتي نتيجة تأثرنا بطاقات سلبية أقل قوة، مثل البغض أو الكره أو الغيرة أو المقارنة. ويجب ألا ننسى أن طاقة الحب موجودة في كل شيء، وليس فقط في العلاقة بين شخصين. إنها موجودة حتى في الطبيعة والأرض والثمار. فالأرض تعطينا طعاما يروينا ويشبعنا، أوليس هذا حبا؟
هذه الطاقة تولّد قوة كبيرة، وكل ما علينا فعله هو معرفة كيف نقترب منها ونستعملها. أنا أحاول دوما، وقدر المستطاع، لأنني لست ملاكا، أن أطبق ذلك في حياتي اليومية. وكلما أتيحت لي الفرصة لذلك، أنشر القليل من الحب أو السلام ولو بابتسامة. أشعر بأن الطاقة الكونية كلها تنعكس من خلال ابتسامة لغريب في الشارع، أو من خلال الامتناع عن شتم سائق ارتكب خطأ لدى قيادة سيارته أمامنا، أو من خلال القيام بأفعال إيجابية للآخرين وليس فقط لأنفسنا.
الاهتمام بصحتكِ النفسية نوع من حبّ الذات، بأي طريقة تعززين ذلك؟
الاهتمام بالصحة النفسية من أهم معاني حب الذات. إن لم نحب أنفسنا، فلن نعرف كيف نحب الآخر، وإن لم نهتم بأنفسنا، فلن نستطيع الاهتمام بالآخر. لكوني أما وامرأة عاملة، أواجه دائما هذا الصراع بين تخصيص وقت للاعتناء بنفسي، والامتناع عن ذلك. في أغلب الأحيان، لا أعطي نفسي وقتا، ولا آخذ استراحة شخصية؛ لكن ذلك يؤدي إلى إرهاق يمنعني من أن أكون حاضرة وفعالة مع ابنتيّ وفي عملي. علّمتني الحياة والتجارب أن الصحة النفسية أهم من أي علاقة أخرى، لأنها أحد أوجه علاقتك بنفسك، وهي العلاقة الوحيدة الدائمة. اهتمامك بنفسك أهم من العمل ومن المادّيات وأي شيء آخر، بل هو ما يدفعك للقيام بكل عمل.
أعزز صحتي النفسية من خلال الصلاة، والتأمل اليومي، والصمت لساعات بعيدا عن الضجة والضوضاء. للأسف، أنني أُعتبر "مدمنة عمل"، وأحاول جاهدة أن أتحسن من هذه الناحية، وأن آخذ استراحات وأعتاد على تمضية ساعات لا أفعل فيها أي شيء. لكن الأمر صعب بالنسبة إلي، بصراحة.
بعد نهار عمل طويل كيف تُكافئين نفسكِ، من خلال هواية أو عمل تدللين به نفسكِ؟
بعد نهار عمل طويل، أكافئ نفسي بالنوم، لأن يوم عملنا يمتد عادة إلى 16 أو 17 ساعة، الأمر الذي لا يسمح لي بممارسة هواية معينة. ولكن في زمن جائحة "كورونا" مثلا، كانت أوقات الفراغ أطول، واكتشفت خلالها أنني أحب الطبخ وأعتبره هواية جميلة وعلاجا. وتعلّمت في تلك الفترة الحياكة بالكروشيه الذي يمنحني نوعا من الصفاء الذهني. وأحب طبعا أن أرى أصدقائي وأضحك معهم من قلبي.
مّن الأشخاص الذين تحيطين نفسكِ بهم؟ ومن الذين تبتعدين عنهم؟
أحيط نفسي بكل الناس الذين يمدّونني بالطاقة ويشحنون طاقتي ولا ينقصون منها. وأبتعد عن أولئك الذين لو جلسنا معهم لخمس دقائق نشعر بثقل وحمل وقع على أكتافنا، لما يأخذونه من طاقة إيجابية وما يعكسونه من طاقة سلبية. أبتعد عن هذا النوع من الناس الذين أسميهم "مصاصي الطاقة"، أيا كانوا. وأحاول أن أحيط نفسي بمن يشاركونني القيم ذاتها والنظرة نفسها للحياة. عموما، إن دائرة أحبائي صغيرة.
خلال مسيرتكِ المهنية، ما العمل الأقرب الى قلبكِ؟ ولماذا؟
كل أعمالي قريبة إلى قلبي، لكن هناك كما ذكرت سابقا أعمال أدخلتني إلى قلوب الناس مثل فيلم "أحلى الأوقات"، وشخصية "علا عبد الصبور".
ما أجمل هدية تلقيتِها في يوم الحب؟
قلب من الخشب المطلي باللون الأحمر، أهدتني إياه ابنتي ليلى في يوم الحب قبل سنتين.
يقولون إن حبّ الأولاد هو الأسمى، كيف تصفين علاقتكِ بابنتيكِ ليلى وعاليا؟
هو الأسمى بالتأكيد، لأن أولادنا جزء منّا ونسخ مصغرة عنّا بكل ما لذلك من معنى. أنا أم لابنتين أرى في كل منهما نفسي وأنا صغيرة، فأرى في ليلى وفي عاليا أمورا تشبهني كثيرا مثل العناد نفسه أحيانا. لذلك أحاول أن تكون تربيتي لهما تربية جديدة لي أيضا. الأمر ليس سهلا أبدا، بل هو صعب للغاية، والمسؤولية كبيرة بقدر كبر العاطفة والحب.
أما بالنسبة إلى علاقتي بابنتيّ، فشأني شأن أي أم تخاف عدم تواجدها مع أولادها دوما، وشأن أي أم تعمل وتشعر بأن عملها يبعدها عن أولادها. أحاول أن أكون حاضرة معهما قدر الإمكان خارج ساعات العمل، ولا شك في أن الإحساس بالذنب يراودني أحيانا. لكنهما أكبر سنا اليوم، وصرت أتحدث إليهما عن الموضوع بصراحة أكبر، وأقول لهما إنني أريدهما أن تكونا فخورتين بي، لأنني أعمل ولا أختار بين عملي وعائلتي، بل اخترت الأمرين. وأعتقد أنهما في النهاية ستأخذان هذا النموذج قدوة في حياتيهما، لذلك أدعو الله أن أستطيع غرس حس المسؤولية فيهما حين يتعلق الأمر بالعمل، وأن تكونا عنصرين فعالين في مجتمعهما. إن علاقتنا في الواقع مبنية على الصراحة، وأنا أقول لهما دائما كلاما أكبر من سنهما.
كيف تنمين حبّ وتقدير الذات لديهما؟ وما القيم التي تحاولين زرعها فيهما؟
لم أتكلم معهما يوما بطريقة تنتقص من قدرهما، ولا أستسهل توجيه الاتهامات لهما، بل أحاول قدر المستطاع ألا أنتقدهما أبدا، وأن أبقي كلامي بنّاء، حتى حين أرى أخطاء، إذ أعرف أن الخطأ أمر طبيعي. لكن كلها محاولات، لأنه ما من أم مثالية، وأسعى جاهدة إلى عدم التسبب لهما بأي أذى عبر كلامي.
أما أهم القيم بالنسبة إلي وأسماها، فهي الإحساس بالآخر. وذلك يعني أن تكون أفعالنا إيجابية، ليس فقط من أجل مصلحتنا الخاصة أو مصلحة من في دائرتنا الصغيرة، بل في خدمة الآخرين أيضا. والحمد لله إن ابنتيّ اليوم تعلّمان في عطلة نهاية كل أسبوع أطفالا يتامى، وقد بنتا معهم علاقات جميلة، وقد لاحظتُ كيف غيّرتهما هذه التجربة.
تمكين المرأة قضية مّهمة لكِ، ما النصيحة التي توجهينها للنساء في الوطن العربي؟
أعتقد أنها قضية مهمة لكل امرأة. لكن الله قد أعطاني منصة أتحدث عبرها، فأوصل رسائلي من خلال الأدوار التي أؤدّيها مثل "علا". أعبّر عن كل الرسائل التي أريد إيصالها إلى الجمهور من خلال "علا"، لأن الكوميديا برأيي أسرع وأسهل طريقة لدخول قلوب الناس وعقولهم. لذلك أُكنُّ احتراما كبيرا للكوميديين والنصوص والأعمال الكوميدية العميقة، لأنها الوسيلة الأسرع لتغيير مشكلة ما في المجتمع.
أما النصيحة، فهي كلمة لا أحب استعمالها، لأن لكل امرأة حياتها وطريقتها. لكن لو كان هناك شيء واحد أريد أن أقوله لكل نساء العالم العربي، فهو: أنتن أقوى بكثير مما تعتقدن. وأجمل ما فينا أننا نغلّف كل هذه القوة التي نملكها بطيبتنا وعذوبتنا وطريقتنا الشرقية، لكن ذلك لا يعني أننا لسنا قويات، بل على العكس. وأحمد الله أننا نعيش اليوم في زمن نرى فيه كل هذه الطاقات النسائية تتفجر واحدة تلو الأخرى.