جولة على أجمل مجوهرات مارلين ديتريش
عندما كانت مارلين ديتريش لا تزال طفلة، كانت والدتها تملك متجراً للمجوهرات في أكثر شوارع برلين أناقة، وربما بدأ شغفها بالخواتم والأساور والأقراط والقلائد منذ ذلك الحين. ولم يكن للممثلة والمغنية الأمريكية الشهيرة المولودة في ألمانيا مارلين ديتريش (واسمها الأصلي ماري ماغدالين ديتريش) عندما كانت طفلة أدنى فكرة عن ما ستملكه لاحقاً من مجوهرات ثمينة تجمعها قطعة تلو الأخرى. وقد ساهمت هذه الجواهر إلى جانب إطلالاتها الجذابة وملابسها الفخمة والقطع الرجالية التي عشقت ارتداءها، في ترسيخ صورة متألقة لها في مخيلة الجميع.
كانت تملك مجوهرات من صنع أسماء مشهورة مثل "بول فلاتو" و"كارتييه" و"فولكو دي فيردورا" و"فان كليف أند آربلز" اشترتها بنفسها (يقال إنها في الثلاثينيات كانت تكسب 350 ألف دولار في السنة) أو حصلت عليها كهدية من مختلف عشاقها ومعجبيها. ومن بينها، بروش بشكل وردة من البلاتين والماس قدّمه لها المخرج "جوزيف فون ستيرنبرغ" الذي بدأ مسيرته المهنية اللامعة بفيلم "الملاك الأزرق" (1930) وتابعها مع عظماء السينما. ومن الجدير بالذكر أيضاً السوار الساحر والباهظ الثمن والمرصع بالياقوت والماس من دار "فان كليف أند آربلز"، والذي قدمته لنفسها هدية عام 1937 ووضعته في العديد من المناسبات العالمية وحتى أثناء العمل.
نظراً لتعلّقها الكبير بمجوهراتها، اعتادت مارلين في الكثير من الأحيان وضع شرط في عقود الأفلام لتتمكن من أن تختار بنفسها ومن مجموعتها الخاصة المجوهرات التي ستتمم إطلالاتها في المشاهد. ومع ذلك، انفصلت في النهاية عن العديد من تلك المجوهرات، ويمكننا القول إنه كان انفصالاً مؤلماً، لأنها باعتها بعد سنوات من التقاعد من خلال دار "كريستيز". كان ذلك في عام 1987 عندما عرضت دار المزادات الشهيرة مجوهرات مارلين ديتريش في مزاد لبيع قطع ثمينة تنتمي إلى أيقونة السينما العالمية الحقيقية. كان للخبر صدى كبير في المقام الأول للأهمية التاريخية لهذا المزاد المرتبط باسم شخصية بهذه الأهمية، شخصية كانت امرأة ساحرة ونجمة تألقت في سماء العالم بين الحربين العالميتين. وثانياً، كان الجميع يتساءل عن سبب اتخاذ النجمة الهوليوودية هذا القرار ببيع مقتنياتها الثمينة في مزاد، وكان ردها الرسمي بأنها لم تعد ترغب في التعلق بهذه المقتنيات المادّية. وقد بيعت بعض مقتنيات ديتريش الثمينة من دار "كريستيز" في عام 2019، أي بعد 32 عاماً، في مزاد لدار "كامبي ميلانو".
ومن ضمن أجمل المجوهرات التي تم بيعها في المجموعة، نجد تلك التي خلدت بها الممثلة الألمانية نفسها في عام 1933. وهو عدد مبالغ به من الأساور يروي شغفها الكبير بالمجوهرات في صورة رمزية. لا ننسى طبعاً سوار "جارتيير" الجميل والنحتيّ والنفيس من "فان كليف أند آربلز"، وهو من أرقى قطع ديتريش وأكثرها تميزًا، نظراً لتصميمه الحديث وحجمه الكبير ووزن أحجاره بالإضافة إلى تاريخه. يتكون السوار المصنوع على أيدي صائغي "فان كليف أند آربلز" الماهرين، من نمط مرصع بأحجار الماس الدائرية والمستطيلية المحاطة بقرص كبير مرصع بالياقوت ذي قصة الوسادة. يذكّر هيكلها بتصميم الصفير والماس الذي قدّمه دوق وندسور إلى "واليس سيمبسون" كهدية زفاف، كما أنه يستمد إلهامه من عالم الموضة وخطوط رباط العروس. اشترت مارلين ديتريش هذا الرمز للفخامة والجرأة بنفسها عام 1937، بعد أن أصبحت الممثلة الأعلى أجراً في هوليوود، وصار على الفور من جواهرها المفضلة. كان السوار قطعة مثالية بنزعته الأرستقراطية بعيداً عن الأسلوب الملفت المبتذل. تم تصويرها بهذا السوار على معصمها عدة مرات خلال لحظات خاصة ومناسبات اجتماعية وحفلات رسمية، وفي عام 1950 وضعته في تصوير فيلم "رهبة المسرح" للمخرج ألفريد هيتشكوك.
بمرور الوقت، أصبح أحد رموز إبداع دار "فان كليف أند آربلز"، وفي عام 2020 تمت إعادة تصوّر سوار "جارتيير" مع موديل "روبي آن سين" المميز بهيكلية ضخمة من الذهب الأبيض والذهب الوردي والبلاتين مع ماس وياقوت بورمي لعيار إجمالي يساوي نحو 84.74 قيراط، وذلك في موجة لونية تتراوح بين الأحمر الزاهي والأرجواني، لتأثير لوني مضيء استثنائي.
عموماً، نستطيع القول إن مجوهراتها المفضلة كانت الأساور، بالنظر إلى مجموعتها. ومن بين أثمن مجوهراتها، يجب أن نذكر القطعة المميزة من دار "ترابرت أند هوفر-موبوسان" التي تتميز بزمردة بقطع كابوشون وعيار 127 قيراطاً. كما أن المجوهرات الياقوتية المتنوعة التي فازت بقلبها تضم أيضاً عقداً مذهلاً بقيمة هائلة نجده في العديد من صورها. بشكل عام، لم تكن خياراتها رزينة على الإطلاق، فكانت الخواتم والقلائد والأساور مفعمة دائماً بالبهرجة والمبالغة، بما يتماشى تماماً مع شخصيتها الأبدية السحر.