ماذا حدث لتاج سانت إدوارد St. Edward’s Crown الأصلي؟
من المقرر أن يقام حفل تتويج الملك تشارلز الثالث King Charles III ملك بريطانيا، في كاتدرائية, وستمنستر في العاصمة البريطانية لندن، في يوم ٦ مايو ٢٠٢٣، وفي حين أن مصادر مطلعة من قصر باكنغهام، تحدثت عن قيام الملك تشارلز بإدخال العديد من التعديلات على حفل تتويجه المرتقب (بحيث يكون أقصر وأقل تكلفة بالمقارنة بحفلات التتويج الملكية السابقة ولا يتضمن مظاهر بذخ مبالغ فيها ويتضمن تمثيل للطوائف الدينية الرئيسية في المجتمع البريطاني) حتى يتماشى الحفل مع طبيعة العصر ورؤية الملك تشارلز، فيما يتعلق بالنظام الملكي البريطاني الحديث إلا أن حفل تتويج الملك تشارلز لن يخلو من مراسم التتويج الملكية البريطانية التقليدية والتي كانت دائما جزء رئيسي من حفلات التتويج الملكية البريطانية، وأهمها مراسم تتويجه ملكا لبريطانيا بوضع تاج سانت إدوارد St. Edward’s Crown على رأسه وهو التاج الذي استخدم لتتويج العديد من الملوك البريطانيين (وأحدثهم والدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II، ومن قبلها جده الملك جورج السادس George VI) ولكن ما قد لا يعرفه الكثيرون أن تاج سانت إدوارد الذي سيستخدم في تتويج الملك تشارلز والذي استخدم قبلها في تتويج والدته وجده، ليس تاج سانت إدوارد الأصلي الذي يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر وإنما نسخة طبق الأصل من التاج.
قصة تاج سانت إدوارد الأصلي...تاج ملوك بريطانيا
وفقا للمؤرخين فإن تاريخ تاج سانت إدوارد الأصلي يعود تاريخه إلى عهد الملك إدوارد المعترف Edward the Confessor والذي حكم إنجلترا خلال الفترة من 1042 حتى 1066 وكان آخر الملوك الأنجلو سكسونيين لإنجلترا، وكانت من أشهر أعماله تأسيس دير وستمنستر والذي أصبح فيما بعد يعرف بكاتدرائية وستمنستر وهي المكان الذي دفن فيه بعد وفاته، أعلنه الفاتيكان كقديس في القرن الثاني عشر على يد البابا ألكسندر الثالث Pope Alexander III ولقب بالمعترف لتمييزه عن القديسيين الآخرين الذين حصلوا لقب شهداء قديسين من قبل الفاتيكان، بعد قتلهم.
في حين أن تاج سانت إدوارد الأصلي يعود تاريخه إلى عهد الملك إدوارد المعترف إلا أن الظهور الحقيقي للتاج كان في القرن الثالث عشر، قبل أن يستخدم تاج سانت إدوارد الأصلي في تتويج جميع الملوك الإنجليز من بعده، بداية من الملك إدوارد الأول Edward I في عام 1274 وحتى تشارلز الأول Charles I في أوائل عام 1626.
ماذا حدث لتاج سانت إدوارد الأصلي
في عام 1649، في أعقاب الحرب الأهلية الإنجليزية والتي شهدت إعدام الملك تشارلز الأول، قامت حكومة أوليفر كرومويل Oliver Cromwell لتي تولت مقاليد الحكم بعد إعدام الملك، وأعلنت إنجلترا جمهورية، وقامت بتفكيك وإذابة وبيع جميع مجوهرات التاج البريطاني، وعلى رأسها تاج سانت إدوارد على وجه التحديد لكونه رمز للملكية البريطانية حيث أزليت الجواهر التي زينت التاج قبل أن يتم صهر جسم التاج، المصنوع من الذهب.
تاج سانت جيمس الجديد.....رمز الإمبراطورية البريطانية
في عام 1660، تمت استعادة النظام الملكي البريطاني، وأعلن تشارلز الثاني King Charles II ملكا للبلاد، ووقتها بدأت حكومة تشارلز الثاني في إعادة صنع مجموعة مجوهرات التاج البريطاني، بما في ذلك تاج سانت إدوارد، والذي قام صانع المجوهرات وخبير المعادن الملكي روبرت فاينر Robert Vyner، بإعادة صنعه بحيث يكون صورة طبق الأصل من تاج سانت إدوارد الأصلي.
تاج سانت إدوارد الجديد الذي قام روبرت فاينر بصنعه يزن 2.23 كجم، وهو مصنوع من الذهب عيار 22 قيراط ومزين بأكثر من 440 حجر كريم وحجر شبه كريم، بما في ذلك عدد 345 حجر زبرجد، 12 ياقوت أحمر، 6 أحجار من الياقوت الأزرق، واستخدم التاج في مراسم تتويج تشارلز الثاني في عام 1661، واستخدم في تتويج شقيقه الأصغر وخليفته جيمس الثاني James II، في عام 1685.
منذ ذلك الحين لم يتم استخدام تاج سانت إدوارد لتتويج ملوك بريطانيا، واختار ملوك بريطانيا خلال تلك الفترة ارتداء تيجان تتويج صنعت خصيصا من أجلهم، حتى قام جورج الخامس George V(جد الملكة إليزابيث الثانية) بإحياء تقليد استخدام تاج سانت إدوارد لتتويج ملوك بريطانيا، بعدما اختاره ليكون تاج تتويجه ملكا لبريطانيا، في حفل تتويجه في عام 1911، وارتدائه من بعده، الملك جورج السادس في حفل تتويجه في عام 1937، ثم ارتدته الملكة إليزابيث الثانية في حفل تتويجه في عام 1953، ومن المقرر أن يواصل تشارلز الثالث هذا التقليد عندما يرتدي تاج سانت إدوارد في حفل تتويجه في مايو في هذا العام.
تاج تتويج الملكة كاميلا Queen Camilla
أما تاج تتويج الملكة البريطانية القرينة، فلا يوجد تاج ملكي واحد مخصص لذلك الغرض، على غرار تاج تتويج الملك البريطاني، فغالبا ما كانت الملكات القرينات ما يخترن في الماضي صنع تيجان تتويج لهن لارتدائها في حفلات تتويج أزواجهن ملوك لبريطانيا، بدلا من ارتداء تاج التتويج الخاص بالملكة القرينة السابقة، إلا أن الملكة القرينة كاميلا، اختارت أن ترتدي تاج تتويج الملكة ماري Queen Mary، في حفل تتويج زوجها ملكا لبريطانيا، بدلا من صنع تاج تتويج جديد خصيصا من أجلها، وتم الكشف عن ذلك من خلال بيان رسمي صدر عن قصر باكنغهام، وذكر البيان أن قرار الملكة كاميلا ارتداء تاج تتويج الملكة ماري قد جاء بهدف الحفاظ على "الاستدامة والكفاءة"، وبالتزامن مع ذلك تم الكشف عن أن تاج تتويج الملكة ماري قد تم رفعه في موقعه في قاعة عرض مجوهرات التاج البريطاني في برج لندن، لإجراء التعديلات اللازمة على التاج (وتتضمن تعديل قياس التاج ليلائم الملكة كاميلا)، وإعداده لتقوم الملكة كاميلا بارتدائه في حفل التتويج.
قصر باكنغهام كشفت أيضا عن أن الملكة كاميلا لن تزين التاج الذي سترتديه في حفل تتويج زوجها الملك تشارلز، بماسة كوه نور Koh-i-Noor المثيرة للجدل والتي زينت تيجان تتويج العديد من الملكات القرينات البريطانيات (أحدثهن الملكة إليزابيث الأم Queen Mother والدة الملكة إليزالبيث الثانية) ووفقا لما نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية فإن ذلك القرار قد جاء لتجنب الجدل المثار حول الماسة والتي تتنازع عدة دول على ملكيتها، من بينها الهند، وتؤكد أن بريطانيا قد انتزعت ملكية الماسة بشكل غير شرعي من خلال حملاتها الاستعمارية.