10 حقائق عن حجر الكهرمان
اكتشف الإنسان الأحجار الكريمة قبل ملايين السنين، وكان حجر الكهرمان أو العنبرهوأوّل حجر على الإطلاق يُستخدم في المجوهرات. في الماضي، كان امتلاك هذا الحجر الثمين امتيازاً يتمتّع به أصحاب النفوذورمزاً للمكانة الاجتماعية المرموقة. وإن حجر الكهرمان الثمين والمدهش هو من البقايا المتحجّرة الأكثر جذباً لاهتمام الإنسان عبر السنين، وما زال يُستخدم حتى اليوم لأغراض زينية في مختلف أنواع المجوهرات. إليك 10 حقائق مثيرة للاهتمام حول هذا الحجر المدهش ذي الأصول القديمة.
استُخدم مصطلح "كهرمان" في الماضي على أنه مرادف للراتنج الأحفوري، وشكّل هذا الغموض مصدر سوء فهم وحيرة. على وجه الخصوص، في الأدب الأوروبي القديم، كان يُستخدم المصطلح في معنى تقييديّ للغاية بهدف تحديد "السكسينيت"، وهو العنبر البلطيكيالأهم والأكثر تنوعاً وفقاً لعلم الأحجار الكريمة. وما زال هذا المعنى شائعاً حتى يومنا هذا، وقد يُعزى ذلك إلى أهميته التجارية في التاريخ الأوروبي. لكن حالياً في الأوساط العلمية، يشير مصطلح "عنبر" أو "كهرمان" إلى أي راتنج أحفوري وأنواعه وفقاً لأصوله الجغرافية.
من منظور علميّ بحت،يُعرفالكهرمانبالراتنج المنبعث من الصنوبريات، لا سيما صنوبر Pinus Succinifera الذي يتحجّر مع الزمن، والذي يتصلّب في بعض الحالاتحابساً في داخله بقايا الحيوانات والنباتات، خاصّة الحشرات. ويشكّل تصلّب الراتنج وتحوّله إلى كهرمان، عملية خاصّة من التحجّر تسمح بدراسة مفصّلة للخصائص التشريحية للكائنات الحيوانية والنباتية المحفوظة داخلها والتي عاشت في فترات بعيدةتُقدّر ما بين 24 و40 مليون سنة. ويوفّر ذلك معلوماتهامة تساهم في فهم التطوّر البيولوجي والجيولوجي على كوكبنا.
العنبر شفّاف، ويتراوح لونه بين الأصفر والبرتقالي والأحمر والبني والأزرق والأخضر. وقد وُجدت أقدم الرواسب وأشهرها على طول سواحل بحر البلطيق، في شبه جزيرة سمولاند، بينما وُجدت رواسب مهمة أخرى موزّعة بين بولندا ولتوانيا ولاتفيا وروسيا والدنمارك وألمانيا والسويد ورومانيا. هناك بعض الرواسب أيضاً في ميانمار والصين واليابان وكندا والولايات المتحدة الأميركية والمكسيك - والتي كانت تُعرف في حضارة المايا–وإسبانيا وفرنسا ولبنان وإيطاليا. الكهرمان الإيطالي موجود بشكل أساسي على طول مجرى نهر سيميتو، ومن هنا يأتي اسم "سيميتيت".
إنّ أصل مصطلح amberبالانجليزية غير مؤكّد، لكن يبدو أنه مشتقّ من الكلمة العربية "عنبر" التي تعني المادة العطرية. ومع ذلك، يخلط العرب ما بين العنبر والعنبر الرماديّ الذي تفرزه الحيتان ويُستخدم في قطاع التجميل.
يقدّر علماء الآثار أنّ تجارة هذا الحجر في الماضي قد حصلت على طول ما يُسمّى بطريق العنبر، والتي تمتدّ من ساحل البلطيق إلى البحر الأبيض المتوسّط، وقد بدأت في العصر الحجري الحديث. لم تكن طريق العنبر اعتيادية، بل شكّلت شبكة أراض ومسارات نهرية ربطت شمال أوروبا بجنوبها. استُخدم الكهرمان منذ عصور ما قبل التاريخ، وشكّل في أزمنة لاحقة تميمة تعالج أمراض عدّة، واستُعمل في عدد من التقاليد والعادات، وكان يتمّ وضعه في المقابر.
ذُكر أصل العنبر في الكثير من الأساطير. على سبيل المثال، وفقاً للأساطير اليونانية، قاد فايثون، ابن هيليوس (إله الشمس)، عربة من النار وحده نحو السماء، ولكن بسبب عدم خبرته، تسبّب بأضرار جسيمة في الأرض، فقام زيوس بالتخلّص منه على ضفاف نهر Eridano. حزنت شقيقات الشابّلوقت طويل إلى أن حوّلهنزيوس إلى أشجار حور وتحوّلت دموعهنّ الكثيفة إلى كهرمان ساطع. الرائع في هذه الحكاية الخرافية أنها تخبر عن الأصل النباتي للكهرمان وعن وارتباطه الوثيق بالشمس. في الواقع، أطلق الإغريق على هذا الحجر اسم "إلكترون"، وهو مصطلح يؤكّد على أنّ هذا الحجر كان يُعرف بخصائصه المكهربة عند الاحتكاك، ومن هنا ظهر مفهوم "الكهرباء" الحديث.
يتمتّع حجر العنبر بخصائص فيزيائية مختلفة، إذ أنه يطفو على سطح المياه المالحة، ويطلق رائحة البخور عند احتراقه. وساهم ذلك في نشر الإيمان بقدراته العلاجية، لا سيما من الأمراض العصبية والتنفسية. في الأساطير الصينية القديمة، يقال إن هذا الحجر نتاج تحوّل روح النمر بعد موته، ومن هنا أتت التسمية الصينية" hu-po" والتي تعني "روح النمر".
الكهرمان هو حجر رقيق إلى حدّ ما، لذلك يمكن نحته وبمجرّد صقله، تتّخذ القطع الثمينة منه اللون الشفّاف بتدرّجات البنّي والذهبي، بينما تصبح القطع الأقل قيمة بلون أصفر شاحب ضارب إلى البنّي. عند تعرّض هذا الحجر الكريم للضوء فوق البنفسجي، يصبح فسفوريّاً، ويتّخذ بحسب أصله الجغرافي وميض الألوان ما بين الأزرق والأصفر، وما بين الأخضر والأحمر.إن اللون ليس نتيجة صبغة الحجر بل نتيجة تأثير بصريسببه انكسار شعاع الضوء.
حالياً، يتم استعمال%15 فقط من إجمالي الكهرمان المستخرج،في صناعة المجوهرات وإنتاج القطع الزينية. بينما تُستخدم النسبة المتبقية، والتي غالباً ما تكون بقايا، في صناعة الأدوية وإنتاج الدهانات.
من المثير للاهتمام أن نرى كيف أنالكهرمان، الذي عبر تاريخ الأرضوالبشرية، قد ساهم في انتشار العولمة في مجال التجارة والثقافة، وهو ما شهد طريق العنبر عليه.