كيف اخترقت العملات النقدية عالم المجوهرات؟
تبهرنا دور المجوهرات العالمية بتصاميمها المبتكرة والمتجددة التي تنسجم مع حياة المرأة العصرية وذوقها. وعلى الرغم من التغيرات الكبيرة التي تأتي بها الصيحات الجديدة، إلاّ أنّ المصممين يعودون في كثير من الأحيان إلى الماضي، وإلى فترات وحقبات سابقة. فعلى الرغم من مضي عشرات السنين على حركة الآرت ديكو Art Deco الفنية مثلاً، إلاّ أنّ دوراً كثيرة تعيد إحياءها عبر تصاميم متجددة تناسب نمط حياتنا اليوم. ومؤخراً، تبرز موضة قطع المجوهرات المرصعة بالعملات النقدية، إذ نراها في الأساور وأقراط الأذن والعقود والقلائد والخواتم. ويناسب هذا النوع من قطع المجوهرات إطلالة المرأة العصرية حيث يمكن تنسيقها مع الملابس غير الرسمية والملابس الرسمية وفي مختلف المناسبات. في هذا الموضوع، سنتحدّث عن كيفية اختراق العملات النقدية عالم المجوهرات.
عودة إلى ما قبل الميلاد
تشير الدراسات إلى أنّ علم المعادن وصناعة المجوهرات قد بدآ في الوقت نفسه في بلاد ما بين النهرين حوالى العام 3500 قبل الميلاد. وبسبب عدم وجود شكل رسمي للعملات، كانت المجوهرات تُستخدم كعملات غير رسمية قبل البدء باستخدام العملات المعدنية. وفي الحقيقة، لم تُصك العملات المعدنية الأولى ذات الوزن والحجم والشكل القياسي حتى العام 650 قبل الميلاد.
ووفقاً لما يقوله الخبراء، فقد أحدثت العملات ثورة في عالم التجارة لسهولة حملها، كما أنّها كانت منتشرة. وقد اهتم الإنسان خلال تلك الفترة بقيمة هذه العملات المالية وجانبها الجمالي أيضاً. ولذلك، يُلاحظ مدى التفنن في تفاصيلها. وكان نوع التفاصيل ونمط الزخارف يختلف بين مملكة وأخرى، وكان يتم تصميم العملات المعدنية لتخليد ذكرى الفنون والثقافة والقادة المحليين.
عملات معدنية على هيئة مجوهرات
توضح إحدى الدراسات أنّ الممارسة التي تقضي بوضع العملات المعدنية على شكل جواهر معدنية تعود إلى روما القديمة. وتبيّن هذه الدراسة أنّه بينما كان الناس يسافرون حول العالم، كانوا يصنعون العملات المعدنية التي حصلوا عليها من أسفارهم كتذكارات رائعة يمكن نقشها بعد ذلك واستخدامها لترصيع السلاسل والخواتم. ويوثّق هذا التقليد مدى الاهتمام بالثقافة كما أنّه يعكس الأذواق السائدة في تلك الفترة.
وبحسب مؤرخي العملات وعلماء الآثار، فإنّ الإغريق كانوا أوّل من أحيا ذكرى الشخصيات النسائية على عملتهم، إذ تظهر آلهة أمثال هيرا وأرتميس وأفروديت وأثينا وأخريات على العملات القديمة. وتؤكد هذه الظاهرة مدى اهتمام اليونانيين بآلهتهم وتقديرهم لدورها على مر القرون المتعاقبة.
حركة الإحياء الأثري
إلاّ أنّ الانتشار الأكثر حداثة وجاذبية لقطع المجوهرات المرصعة بالقطع النقدية في القرن التاسع عشر، وذلك بفضل حركة "الإحياء الأثري". وتشير دراسة إلى أنّ القطع النقدية الأثرية الهلنستية والمصرية وغيرها المكتشفة من الحفريات وعمليات التنقيب أثارت افتتان الجمهور والخبراء في عالم الفنون.
وفي ذلك الوقت، عمل صائغ المجوهرات البارز كاستيلاني Castellani على دمج العملات القديمة والعتيقة في إبداعاته لإضافة عناصر فريدة ونادرة إلى تصاميمه لتلبية هذا الاهتمام الجديد. وبفضل كاستيلاني Castellani، كشفت دار بولغاري Bvlgari الإيطالية النقاب في ستينيات القرن الماضي عن تصاميم لها دمجت فيها شخصيات عديدة نذكر منها يوليوس قيصر والملك جورج الثالث في مجوهراتهم في الستينيات.
ارتفاع في الأسعار
بسبب عرض العملات النقدية المحدود في السوق، ارتفعت أسعار قطع المجوهرات المرصعة بالعملات النقدية، حيث كانت تصل إلى مستويات عالية جداً. كذلك، كانت بعض الشخصيات المنقوشة صورتها على العملات النقدية تُعتبر مثيرة للجدل. أمّا اليوم، فباتت الأمور أسهل بكثير، إذ تتوفّر المجوهرات المرصعة بالقطع النقدية في مجموعات عدد كبير من الدور العالمية التي تقدّم أحجاماً وأشكالاً مختلفة ومتنوعة تلبّي أذواق النساء.