تشارلز ليندبرغ: مبتكر الساعات في مجال الملاحة الجوية
تشارلز ليندبرغ شخصية هامة في مجال المجوهرات والساعات. وقد سجّل، إلى جانب إنجاز المعبر الجويّ الاستثنائيّ الذي جعله بطلاً، لحظة تاريخية في مجال صناعة الساعات بإطلاقه مجموعة ساعات مخصّصة للطيارين. في الواقع، بات في العام 1927 أوّل شخص يعبر المحيط الأطلسي بمفرده على متن طائرة. مَن سجّل مدّة الرحلة من أميركا إلى فرنسا كان جون هاينمولرضابط الوقت الرسمي للرابطة الوطنية للملاحة الجوية؛ كما أنه أبلغ المراسل الأميركي في مطار "لو بورجيه"بوقت القيام بالمهمّة. لم يملك ليندبرغ على متن الطائرة سوى بوصلة وبعض الأدوات الأخرى. وفي وقتٍ لاحق، نتج عن صداقة ليندبرغ وهاينمولر، الذي كان يشغل منصب رئيس شركة "لونجين فيتناور كو" ووكيل عامّ لدار "لونجين" في الولايات المتحدة الأميركية، تعاوناً ناجحاً تمثّل في إطلاق ساعة يد تسهّل جميع الحسابات التي تجري خلال الرحلات.
في الواقع، كانت شركة "لونجين" في ثلاثينيات القرن الماضي مختلفة عن التي نعرفها اليوم. ففي ذلك الحين، كانت علامة أساسيةلجميع الروّاد في مجال الطيران، وارتكزت مهمّتها على الاكتشاف، وأصبحت ساعاتها منذ القرن التاسع عشر معروفة بدقّتها الاستثنائية. في العام 1919، اختار اتحاد الطيران الدولي هذه العلامة العريقة لتكون المورد الرسمي له، مطلقاً بذلك شراكة أسفرت عنها أدوات ملاحة استثنائية، يمكننا أن نراها اليوم في متحف "سانت إيمييه" السويسري.
مرّأقلّ من عشرين عاماً منذ أن طلب ألبير سانتوس دومون من صديقه كارتييه أن يصنع ساعة تسهل مراجعتها من دون إخراجها من الجيب. وقد طوّرت دار "لونجين" أيضاً أدوات ملاحة أخرى، من بينها السيديروغرافلتحديد زاوية الساعة في التوقيت العالمي وذلك من خلال دورانٍ بسيط أو إضافة صغيرة. ومع ذلك، كانتحويل الساعات إلى درجات ودقائق قوسية عملية معقّدة، فقرّر تشارلز ليندبرغ تبسيطها.
وبهدف تحقيق ذلك، صمّم ميناءً ذا أرقام تقليدية ومؤشرات تدلّ على الساعة. أمّا إطار الساعة، فتمّ تقسيمه إلى 15 قسماً ليمثّل النطاق الزمني. وهكذا بات الوقت يُقرأ بالدرجات والدقائق القوسية. وسمح القرص الداخلي المتحرّك للميناء بالمزامنة مع الثواني المركزية، فتحدّد فوراً الدقائق القوسية. قد يَصعب فهم ذلك نظرياً، لكنّ تعديل الساعة بحسب توقيت غرينيتش ووضع الإطار الخارجي بما يتناسب مع التوقيت الفعلي، أمرٌ سهلٌ للغاية عملياً.وارتكز مبدأ تشغيل الساعة على دراسات القائد فيليب فان هورنويمز الذي كان خبيراً في عالم الطيران وفي الأسطول الأميركي آنذاك، كما أنّه تعاون مع دار "لونجين" بين عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.
رسمياً، وصلت الساعة الشهيرة إلى الأسواق في العام 1932. بلغ قطر الهيكل في النسخة الأصلية 48 ملم، غير أنّ هذا الحجم تمّ تقليصه إلى 34 ملم في أربعينيات القرن الماضي. وفي 21 مايو من العام 1987، لمناسبة مرور 60 عاماً على إطلاق رحلة الطيران الأولى فوق المحيط الأطلسي، ابتكرت دار "لونجين" في"لو بورجيه" نسخةً جديدة مصغرة من الموديل الشهير. وقد تمّ تزويد زاوية الساعة العصرية بحركة أوتوماتيكية ذات أسطوانتين. فضلاً عن ذلك، تميّز التاج في النسخة الجديدة بثلاث وضعيات، وسمح بلفّ القرص الداخليّ بالاتجاهين وبتعديل الوقت عبر إيقاف الثواني، إلى جانب التعبئة اليدوية الممكنة. وعند الساعة الرابعة، يوجد زرّ يشغّل سحّاب ظهر الهيكل للاستمتاع بأجزاء الحركة التي يحميها الزجاج.
وفي العام 2017، احتفالاً بمرور 90 عاماً على رحلة المحيط الأطلسي، قدّمت "لونجين" ساعة Lindbergh Hour Angle Watch 90th Anniversary. كانت نسخة حديثة من الساعة التي صمّمتها الدار بعد المغامرة وفقاً لتعليمات الطيار ليندبرغ نفسه. يتميّز هذا التصميم المصنوع من التيتانيوم والفولاذ بعيار L699 داخل هيكل الساعة بقطر47.5 ملم. الميناء الفضي المصقول يظهرالوقت وفقاً لنظام تعقّب الدقائق وللأرقام الرومانية المطلية على حدّ سواء، فضلاً عن مقياس 180 درجة لحساب خطوط الطول. والجدير بالذكر أنّ المؤشرات التي كان يتّبعها لينبيرغ آنذاك،أي وجود ربع أكبر وقياس إضافي لزاوية الساعة لتحديد خط الطول على الارتفاع، ما زالت متّبعة حتى يومنا هذا. وبالحديث عن الإصدار الخاصّ، إنه يتميّز بإطار خارجي قابل للدوران، وهو مصنوع من 90 قطعة مع سوارجلدي وتاج كبير الحجم يمكن استخدامه أيضاً في حال اعتماد قفّازات، تماماً كما أوصى ليندبرغ إلى دار "لونجين".
ما زالت ساعة Longines Lindbergh Hour Angle واحدة من الساعات المفضّلة لدى محبّي الدار السويسرية، كما أنّها واحدة من أبرز القطع التاريخية الموجودة في متحف الدار في سانت إيمييه. إنّ ساعة Longines Lindbergh Hour Angle الحديثة هي إصدار مثالي من النسخة الأصلية التي صمّمها ليندبرغ والتي حصلت على براءة اختراع في وقتٍ لاحق. تأتيبهيكل كبير يبلغ قطره 47.50 ملم، ولا عجب في ذلك لأنهاعتُمدت لأغراض مدنية ومهنية، فوق بزّة جلديّة سميكة أو جاكيت. أمّا الإطار الخارجي والقرص المركزيالأساسيان لإجراء التصحيحات المطلوبة، فهما ثنائيّا الاتّجاه، وتظهر على الميناء العقارب نفسها المستقاة من النسخة الأصلية.