معرض "كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة" يسلط الضوء على الإلهام الفني
لطالما كان الفن الاسلامي مصدراً للالهام بالنسبة للفنانين من حول العالم، وفي بداية القرن العشرين عاشت دار كارتييه لحظات ابداعية خاصة مستوحاة من الفن الاسلامي، حيث تأثرت تصميمات الدار باللوحات الفنية والمخطوطات من الهند وبلاد فارس، وفي تلك الحقبة شهدت المعارض الكبرى للفن الإسلامي انتشاراً واسعاً واهتماماً كبيراً بالأعمال الفنية، وخاصة اللوحات والمخطوطات الفارسية والهندية، وساهم ذلك في انتشار الموضة الفارسية في باريس، وقد كان لدى لويس كارتييه حفيد مؤسس دار كارتييه اهتماماً كبيراً بهذه التقاليد الفنية التي اكتشفها في سوق الفنون بباريس، وخلال رحلاته سعى للعثور على مصادر جديدة للإلهام وأثرت هذه الرحلة على مكتبة دراسات دار كارتييه، حيث تم إثراءها بآخر المؤلفات المتعلقة بالفنون والهندسة المعمارية الإسلامية.
وتشكلت مكتبة دار كارتييه كمصدر غني وثري للأنماط الفنية التي يستخدمها المصممون في الدار، وفي فترة العشرينات من القرن العشرين، قام لويس كارتييه بتجميع مجموعة شخصية من القطع الفنية الإسلامية وجعلها متاحة لفريق المصممين، وفي عام 1911 سافر شقيقه جاك كارتييه إلى الهند لتعزيز العلاقات واستكشاف سوق اللؤلؤ في منطقة الخليج العربي، وهذه الرحلة فتحت أبواباً جديدة للدار لاستكشاف أنماط الهندسة المعمارية والأعمال الفنية والأدب، وتأثرت الدار بتلك التجارب واستوحت منها أساليب تعبيرية حديثة.
افتتاح معرض "كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة"
وإحتفاءاً بهذه الرحلة الابداعية تم افتتاح معرض "كارتييه، الفن الإسلامي ومنابع الحداثة" في متحف اللوفر أبوظبي بحضور معالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، ويستمر المعرض من 16 نوفمبر 2023 إلى 24 مارس 2024 وقد تمت اقامة المعرض بالتعاون مع متحف الفنون الزخرفية ومتحف اللوفر بدعم من دار كارتييه، ويسلط المعرض الضوء على تأثير الفنون الإسلامية في تصميمات كارتييه منذ بداية القرن العشرين وحتى الوقت الحاضر.
وقد تم تنظيم المعرض بتعاون مشترك بين جوديت هينون رينو كبيرة الأمناء ونائبة مدير قسم الفن الإسلامي في متحف اللوفر بباريس، وإيفلين بوسيمي كبيرة أمناء قسم المجوهرات القديمة والمعاصرة في متحف الفنون الزخرفية السابقة، وبمساعدة فاخرة الكندي مساعدة أمين متحف أول، ويستند المعرض إلى مشروع سابق نُظم بالتعاون مع متحف دالاس للفنون ومتحف الفنون الزخرفية بعنوان "كارتييه والفن الإسلامي: بحثاً عن الحداثة" في عامي 2021-2022، بدعم من دار كارتييه.
رحلة استكشافية مع أكثر من 400 قطعة فنية
يأخذ المعرض زواره في رحلة استكشافية عبر أقسام متنوعة، حيث يتم عرض أعمال فنية تم جمعها من مجموعات متحف اللوفر أبوظبي ومتحف الفنون الزخرفية ومتحف اللوفر باريس ومقتنيات دار كارتييه، ويتم استعراض أساليب الإبداع التي تم اعتمادها من خلال أكثر من 400 قطعة فنية مختلفة، بما في ذلك روائع الفن الإسلامي والمجوهرات واللوحات والرسومات والقطع الفنية المصغرة والمنسوجات والصور الفوتوغرافية والمواد الأرشيفية، ويتم أيضاً عرض قطع فنية معارة من متحف الفنون الجميلة في باريس وغيرها من المؤسسات، ما يعزز التجربة الفنية للزوار ويعرض لهم تنوع وغنى الفن الإسلامي.
تجربة فريدة في معرض كارتييه
ويقدم معرض "كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة" تجربة مثيرة للزوار في متحف اللوفر أبوظبي، حيث تحتوي المساحة التفاعلية التي تقع بالقرب من القاعات الرئيسية للمتحف، على شاشات رقمية كبيرة تعرض عملية تجميع القطع الفنية الرئيسية لدى دار كارتييه والمصادر التي استلهمت منها إلهامها، و يُمكن للزوار الاستمتاع بمشاهدة أنماط متحركة في غرفتين غامرتين ذات طبيعة لا متناهية، مما يوفر تجربة بصرية ساحرة بزاوية 180 درجة داخل هذا العالم الرقمي، وقد صمم سينوغرافيا المعرض ستوديو التصميم "ديلر سكوفيدو + رينفرو" في نيويورك.
وستتزين واجهة المتحف أيضاً بعروض ضمن هذا المعرض، بما في ذلك أعمال فنية وصور فوتوغرافية تأخذ الزوار في رحلة عبر تجارب جاك كارتييه من مرسيليا إلى أغرا، ومن بومباي إلى مسقط، ومن دبي إلى المحرق.
ويقدّم المعرض برامج ثقافية وتعليمية متنوعة، بما في ذلك جلسات حوار مع منسقي المعرض، وعروض أفلام وثائقية مع جلسات نقاش، وجولات مرشدة، وبرامج تدريبية، وعطلة نهاية أسبوع عائلية، وكتيّب للأنشطة.
وتعتبر دار كارتييه من الداعمين الكبار لمتحف اللوفر أبوظبي، حيث شاركت سابقاً في معرض "10 آلاف عام من الرفاهية" عام 2019، حيث تم عرض مجموعة من الأعمال الفنية المميزة من مقتنيات كارتييه، وأضاف المتحف أيضاً عملاً فنياً بعنوان "سحابة عِطر"، وهو تركيب عطري تم تصميمه بواسطة خبيرة العطور في كارتييه "ماتيلد لوران" وشركة "ترانس سولار كليما" للهندسة، وقد وفر هذا العمل الفني للزوار فرصة فريدة للاستمتاع برحلة حسية مذهلة، حيث يدعوهم للصعود على سلم حلزوني والانغماس في سحابة عطرية.
اكتشاف الروابط بين كارتييه والفن الاسلامي
وقد أعرب مانويل راباتيه مدير متحف اللوفر أبوظبي، عن رؤية المتحف في توسيع آفاق الزوار من خلال تقديم مجموعة فريدة من الأعمال الفنية والتجارب الثقافية الملهمة في أبوظبي، ومن خلال معرض "كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة" يتاح للزوار اكتشاف روابط جديدة بين الثقافات واكتساب فهم أعمق للحداثة، كما يتاح لهم فرصة الاستلهام من الجوانب الرائعة للفن الإسلامي والهندسة المعمارية ومجوهرات كارتييه، حيث يعتبر هذا المعرض برهانًا على الشراكة الناجحة والمستمرة بين متحف اللوفر أبوظبي ودار كارتييه.
أما المنسقتان للمعرض جوديت هينون رينو وإيفلين بوسيمي، فأشارتا إلى أن المعرض يعكس نتيجة خمس سنوات من البحث في الأرشيفات والرسومات والصور الفوتوغرافية لاكتشاف الروابط التي تربط بين إبداعات كارتييه والفن الإسلامي، وتحديد المصادر التي استمد منها الفنانون إلهامهم، ليوفر المعرض فهماً عميقاً لعملية الإبداع ويأخذنا في رحلة لاستكشاف المصادر التي ألهمت الفنانين لتصميم قطع مجوهرات فرنسية مبتكرة، كما يساعدنا المعرض على فهم أهمية اكتشاف الفن الإسلامي في بداية القرن العشرين وتأثيره على إنتاج الروائع الفنية في أوروبا وانطلاق ظاهرة جديدة في عالم الموضة.
وقام غيليم أندريه القائم بأعمال مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي، بالتأكيد على أهمية التأثير المتبادل بين الثقافات في قصة لوفر أبوظبي، واستخدم معرض "كارتييه، الفن الإسلامي ومنابع الحداثة" كمثال حي على ذلك، حيث يوضح كيف يستمر الماضي في أن يكون مصدر إلهام للحاضر، وأشار إلى تقدير الزوار لفنون الإسلام وجمال زخارفها على مر السنين، حيث يتيح المعرض للزوار فرصة للاستمتاع بأعمال فنية لم يسبق عرضها من قبل والتأمل في العملية الإبداعية التي تجمع بين تراث الفن الإسلامي والابتكارات الإبداعية في باريس في القرن العشرين، ويعتبر هذا المعرض فرصة رائعة للتفاعل مع مجتمع المصممين المتنامي في الإمارات العربية المتحدة.
و أشار بيير رينيرو مدير الصورة والأسلوب والتراث في كارتييه، إلى دور الفن الإسلامي في تأثير أسلوب كارتييه الإبداعي منذ بداية القرن العشرين، وأكد أن هذا التأثير لا يزال مستمراً حتى اليوم بفضل الأنماط الهندسية والتشكيلات المتنوعة الناتجة عنها، حيث يسلط المعرض الضوء على لغة كارتييه المميزة ويبرز أهمية المجوهرات في المجال الفني، كما يوفر المعرض فرصة لاكتشاف الروح الريادية لكارتييه والدور الذي لعبته الدار في نشأة الحداثة في بداية القرن العشرين.
مقتنيات رائعة في معرض "كارتييه، الفن الإسلامي ومنابع الحداثة"
ومن أبرز مقتنيات اللوفر أبوظبي المعروضة على هامش المعرض لوحاً عاجياً منحوتاً مع مخطوطات (1334-1339، القاهرة، مصر)، وطَبقاً مزخرفاً بورق الساز الأزرق وأزهار التوليب المنقطة والورود (قرابة 1580، إزنيق، تركيا)، وإناءً زجاجياً على شكل مصباح مسجد من تصميم جوزيف بروكار (1871، باريس، فرنسا)، بينما تشمل الروائع المُقدمة من متحف الفنون الزخرفية حوضاً لتيودور ديك (1863، باريس، فرنسا) وغلاف كتاب"الرباعيات"لعمر الخيام (1912، باريس، فرنسا).
وتتضمن أبرز القطع المُعارة من متحف اللوفر باريس جزءاً من لوحة فسيفساء ذات زخارف هندسية (القرن الرابع عشر - القرن الخامس عشر)، وثلاثة مربعات خزفية من لوحة حائط (1550 - 1600، دمشق، سوريا)، ومقلمة يُقال إنها تخص ميرزا محمد مونشي، ومقلمة باسم الشاه عباس (أواخر القرن السادس عشر - أوائل القرن السابع عشر، الدكن، الهند)، وعلبة حليّ (القرن التاسع عشر، إيران).
وتساهم دار كارتييه بأعمال فنية خاصة بما في ذلك مشبك "معيَّن" (كارتييه باريس، 1912)، وحقيبة أدوات زينة ذات زخرفة مستوحاة من خزفيّات إزنيق (كارتييه باريس، 1927)، وعلبة سجائر "فارسيّة"(كارتييه باريس، 1924)، وقلادة هندوسية (كارتييه باريس، 1936).