مصممة المجوهرات نادين كارلوس غصن لـ"هي": رحلتي مذهلة و"كارل لاغرفيلد" أثبت جدية موهبتي
أثرت حياة التنقل التي عاشتها مصممة المجوهرات "نادين كارلوس" غصن في إغناء وتنوع أفكارها وتميز ذوقها الذي ترجم بالقطع المبتكرة التي تحاكي تجربتها الخاصة في الحياة. وهي تعتبر نفسها إنسانة محظوظة ، فجمعت في دراستها بين عشق الفن والاقتصاد. ونالت التشجيع والدعم الأكبر من أفراد عائلتها، وخصوصا من والدها رجل الأعمال اللبناني "كارلوس غصن" الذي علمها كيف تهدف إلى التميز، وإلى كسر الحدود. كما أسست علامتها الخاصة (NGFJ) NADINE GHOSN FINE JEWELRY، وجذبت تصاميم مجوهراتها أبرز الأسماء العالمية التي تزينت بقطعها الراقية، مثل "كارل لاغرفيلد" الذي اعتمد العقد بشكل سمّاعة أذن في عرض "فندي" لخريف 2017 في باريس، وغيره من النجوم أمثال "ريهانا"، و"بيونسيه"، والمغني "فاريل ويليامز".. وحصلت على "جائزة التصميم المبتكر" ، وانتقلت من نجاح إلى آخر في مسيرتها المهنية. وتعمل المصممة غصن على دعم الحرف اللبنانية المحلية، فهي من جذور لبنانية – برازيلية، وترعرعت في أجواء يسودها تعدّد ، كما أنها تحرص على أن تكون تصاميمها وفيّة لمبادئ الصّناعة الحرفيّة. "هي"الثّقافات كان لها معها هذا الحوار الذي تعرفت فيه أكثر إلى هذه المصممة الاستثنائية بأفكارها وتصاميمها وأحلامها..
ما الذي أخذك إلى عالم المجوهرات؟
لقد كنت شغوفة بالمجوهرات طوال حياتي. فعندما كنت في الثالثة من عمري، كنت أطلب الإكسسوارات لكل مناسبة، وأتزين بها دائماً. ومع الوقت بدأت أملك مجموعات كاملة من الأقراط والأساور المصنوعة من الخرز البلاستيكي، إضافة إلى ساعة "سواتش" صغيرة لم اكن استغني عنها ابداً. وبدأ هذا التعلق بالإكسسوارات ينمو أكثر وأكثر إلى أن وصلت إلى مرحلة شعرت فيها بأنه لا بد من رسم تصاميمي الخاصة، ودفعني شغفي إلى التّعمّق أكثر في دراسة علم المجوهرات في معهد الأحجار الكريمة الأمريكي، وإطلاق علامتي الخاصّة NGFJ.
حصلت على شهادتين في الاقتصاد والفنون من جامعة "ستانفورد"، كيف جمعت بين الاختصاصين في حياتك المهنية؟
كان الاقتصاد بمنزلة العمود الفقري لفهم الأعمال وديناميكيات العالم، بينما الفن كان ولا يزال شغفي الحقيقي، لذلك جمعت بينهما.. اعتقدت أن الاقتصاد سيمنحني إمكانية كسب ما يكفي من المال لدعم رغبتي وحبي للرفاهية. لذلك دمجت بين الاختصاصين. ومع بداية حياتي العملية وأثناء إدارة عملي الخاص، استفدت من مزايا كل اختصاص، وطبقتها على تفاصيل عملي بطريقة متناغمة ومفيدة جدا.
أنت معروفة بتميزك وإبداعك في أفكار تصاميم المجوهرات المبتكرة. هل تقتصر أعمالك على الأفكار غير التقليدية؟
أعتبر قطع المجوهرات التي أصممها بمنزلة أطفالي،وهي امتداد لذوقي وتجاربي. أحب أن أجعل الأفكار العادية استثنائية. فعندما كنت طفلة صغيرة، كنت دائما مختلفة، ولم أتأقلم أبدا بمحيطي، لذلك غيّرت المدارس واللغات والأصدقاء، وهذا ما أجبرني على تكوين شخصيتي الخاصة متأثرة بمزيج من التجارب. كل هذه التجارب عززت وجهة نظري التي كانت مختلفة تجاه الكثير من الأمور، ولكن الاختلاف في تقديم التصاميم يعتبر قوة عظمى، وأنا فخورة بها!
اعتمد "كارل لاغرفيلد" القلادة على شكل سماعة الأذن من تصميمك في عام ٢٠١٧. أخبرينا عن هذه الخطوة.
لقد كنت محظوظة جدا، لأن كل المشاهير الذين اختاروا قطعي تعرفوا عليها بالصدفة. لقد رأى "كارل لاغرفيلد" القلادة في متجر "كوليت" وبمجرد استلامها، ارتداها في كل مناسبة على مدار ثلاثة أشهر متتالية، وهو ما وفر لي مقاعد الصف الأمامي في عروض FENDI و CHANEL! لقد كانت تجربة مجنونة وجامحة، بالنسبة لمصممة شابة جديدة، وكانت أفضل طريقة للشعور بالتشجيع والتحفيز.
ما مصدر وحي تصاميمك؟
أستوحي تصاميمي من الأشخاص والتفاعلات والأشياء اليومية التي نواجهها ومن السفر والعواطف والثقافات، فكلها لها تأثير قوي على ما أفعله.
لقد فزت بجائزة التصميم المبتكر، ثم انتقلت من نجاح إلى نجاح. أخبريني عن رحلتك؟
لقد كانت رحلتي مذهلة، خاصة لأنه في البداية لم يعتقد أحد أنني قادرة على اختراق هذا المجال، حيث المنافسة شرسة. واليوم أشعر بالكثير من الامتنان لكل حافز وتجربة حصلت عليها طوال مسيرتي المهني، فلقد كان الحظ بالتأكيد شريكا في طريقي، خاصة واني بدأت مسيرتي المهنية لوحدي، وتلقيت الكثير من المساعدة والدعم من الأصدقاء والمحررين الذين ساندوني وشاركوا قصتي. وحتى اليوم، يتفاجأ الناس عندما يسمعون أنني لا أملك فريقا للترويج والدعم الإعلامي، فأنا أترك لأعمالي الدور لتخبر عني وعن موهبتي!
من المرأة التي تصممين لها؟
أصمم لجميع النساء، ولكن في الأغلب ما وجدته هو أن الأشخاص المفكرين المستقلين الذين يبحثون عن شيء أكثر تميزا ينجذبون بقوة إلى تصاميمي!
أنت من محبي الطعام، كيف أثر ذلك في تصاميمك؟
في عائلتي كنا نجتمع دائما لتناول وجبات الطعام. فثقافة الطعام هي ثقافة التواصل والمجتمع والمشاركة، وهي من القيم التي تلهمني. أنا من عشاق الطعام (على الرغم من أنني لا أطبخ)، ولكني أعتقد أن الطعام يربطني بثقافة ومعتقدات البلاد التي أزورها، لذا من الطبيعي أن تلهمني قصص الطعام وألوانه وأشكاله ونكهاته وحتى تاريخه، فأستوحي منها وأطبق تفاصيلها بطريقتي الخاصة على تصاميمي.
كيف أثّر التنقل والعيش بين طوكيو وباريس ونيويورك وهونغ كونغ على تصاميمك؟
أردد دائما أنني لا أفكر خارج الصندوق، بل أعتقد أنه لا يوجد صندوق! واؤمن بأن التميز هو مفتاح النجاح، والخبرة في الحياة كما التنوع في الأماكن التي نعيش فيها تنعكس على الذوق اجمالاً. فلم أكن أضع عملي في أي إطار، بل كنت أترك العنان لمخيلتي لأرسم ما أفكر فيه دون تردد، وكان دائما عملي يتطور ويتشكل باستمرار، ولا يزال حتى اليوم.
ماذا عن دعمك للحرف اللبنانية المحلية؟
عندما بدأت علامتي التجارية، أتذكر أنني أتيت بزيارة إلى لبنان لإعادة التواصل مع جذوري. لم أعش قط في لبنان، لكن والديّ من أصل لبناني. كنت أعلم أيضا أن الحرفية مذهلة في لبنان، ولم تكن حينها لدي خلفية عن حرفية المجوهرات، لكني تعرفت إلى القدرة المحلية في تنفيذ المجوهرات بدقة وإتقان ومهارة. وعندما بدأت عملي في تصميم المجوهرات استعنت باليد الحرفية اللبنانية لتنفيذ بعض تصاميمي... ولكن اليوم يتم تصنيع معظم قطعي في إيطاليا، لكني مستمرة في تنفيذ أحد المشاريع مع الحرفيين اللبنانيين المحليين، ومما لا شك فيه أني أريد أن تكون تصاميمي وفيّة لمبادئ الصّناعة الحرفيّة.
ما مشاريعك المستقبلية؟
لدي الكثير من المشاريع في الأفق، ولكن الكثير منها لم يكتمل تكوينها بعد، أحدث مشروع لي كان مع الفنان الكندي DRAKE. لقد أكسبني التعامل معه نقاطا رائعة، لأنه الفنان المفضل لإخوتي. وقد تأثرت وسعدت لتقديم تصميمي لشخصية مثله.
هل من نصائح للمرأة عند اختيار المجوهرات؟
المجوهرات شخصية للغاية، لذلك أنصح المرأة دائما بأن تختار التصاميم التي تعكس شخصيتها، وتحاكي مختلف الأجيال، وهذا أحد الأسباب التي تجعلني أعمل فقط في صياغة الذهب من عيار ١٨ قيراطا، بالإضافة الى الأحجار الكريمة. فتصاميمي تتأثر بروح العصر في اللحظة التي تتجاوز فيها اختبار الزمن.
لأي هوايات تميلين؟
أحب الطبيعة والرياضة الخارجية، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجة التي تجلب لي السعادة. وأميل إلى الهوايات التي تحمل المغامرة في طياتها كالتسلق والغوص.
كيف تصف نادين غصن شخصيتها؟
أشعر كأني من البدو الرحل لأنني قضيت سنوات عمري في السفر والتنقل للإقامة من بلد لآخر، والتواصل مع مدن وثقافات جديدة، فأصبحت قادرة على التأقلم مع أي مكان، ولكني لا أنتمي إلى أي مكان! أحب تنفيذ الأشياء الإبداعية، والتعرف إلى الأشخاص والثقافات والاتجاهات والتصاميم الجديدة. ويسعدني أن أكون فنانة أو مدربة للحياة، ويتطلب كلاهما مجموعات مختلفة من المهارات التي أملكها.
ما الأحجار الكريمة المفضلة لديك؟ وما الألوان الأقرب إلى قلبك؟
الأوبال هو حجر ميلادي، لذا فإنني أميل إلى الانجذاب إليه. أنا شخصيا أحب الياقوت الأزرق ومتغيرات الألوان وتدرجات ألوان قوس قزح الذي يمكن أن يوفر جمالا استثنائيا لأي قطعة مجوهرات. لكن الحجارة التي أختارها دائما هي الألماس، فهو فريد من نوعه، ولا جمالاً يضاهيه.
ما القطع المميزة التي صممتها لأفراد عائلتك؟
نظرا لأن جميع القطع الخاصة لها لمسات مميزة، فقد قمت مع أفراد عائلتي بمطابقة الأساور بتصميم قلم الرصاص مع تذكاراتنا الخاصة المنقوشة عليها. إنها قطعة موحدة، ولكنها فريدة من نوعها، ويمكن نقلها بشكل فردي إلى الجيل التالي.
ما مقدار التشجيع الذي تحظين به من عائلتك؟
لا أقول سوى أن إخوتي هم أعظم المشجعين لي.
كل فتاة هي أفضل صديقة لوالدها، ماذا عن علاقتك بوالدك؟
علمني والدي كيف أهدف إلى التميز وإلى كسر الحدود. فهو ذو شخصية فضولية وتقدمية للغاية، منذ صغره غرس فينا أخلاقيات العمل القوية، والدافع نحو الاستقلال المالي الذي يؤدي إلى قدر أكبر من الحرية، وخصوصا للإناث.