عالم المجوهرات والذكاء الاصطناعي

عالم المجوهرات والذكاء الاصطناعي.. ثورة نلقي نظرة عليها

سهى حامد
27 أغسطس 2024

في فن تصميم المجوهرات الإبداعي، تبقى اللمسة الإنسانية أساسية لا يمكن الاستغناء عنها. حيث يضفي المصمم على كل قطعة خيالا وعاطفة وحرفية يدوية تحوّل المواد الخام إلى قطع فنية يمكن التزين بها. وبينما يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تعزز هذه الصفات، لا بد أن تبقى عاملا مساعدا للفنان لا أن تكون بديلا له. في هذا المشهد المتطور يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مختلف جوانب صناعة المجوهرات، بما فيها تبسيط العمليات المختلفة في مراحل الإنتاج والتوزيع، وهو ما يُسهّل على المصممين التركيز على الجانب الإبداعي.

الصور من أرشيف "هي" تظهر فيها عارضة ابتكرها الفنان "خوزيه سوبرال" JOSÉ SOBRAL باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحت اشراف مدير قسم الأزياء "جيف عون" JEFF AOUN.

الصور من أرشيف "هي" تظهر فيها عارضة ابتكرها الفنان "خوزيه سوبرال" JOSÉ SOBRAL باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحت اشراف مدير قسم الأزياء "جيف عون" JEFF AOUN.

الصور من أرشيف "هي" تظهر فيها عارضة ابتكرها الفنان "خوزيه سوبرال" JOSÉ SOBRAL باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحت اشراف مدير قسم الأزياء "جيف عون" JEFF AOUN.

بإمكان صنّاع المجوهرات الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مراحل العمل المختلفة. تبدأ استخداماته بعد أن يأتي الفنان بفكرة لتصميم ما، فيستطيع تسخير الخوارزميات لتوليد مفاهيم تصاميم متنوعة بسرعة عالية، وبذلك فإنه يوفر الوقت الثمين لاستكشاف الكثير من الأفكار، كما قد يلعب دورا في إثراء رؤيته الإبداعية. كما يسمح الذكاء الاصطناعي بتوسيع آفاق التصميم من خلال تسهيل إجراء الأبحاث حول أساليب التصميم المختلفة والتأثيرات الثقافية المتنوعة.

أما في المرحلة ما بعد التصميم، فيمكن أتمتة (برمجة آلية) المهام المتكررة، مثل إنشاء تنويعات لونية، وتعديل الأبعاد وتكرار الأنماط. هذه المهام التي كانت تستهلك الوقت في السابق، يمكن التعامل معها الآن بكفاءة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعزز الانتاجية الإجمالية. ونتيجة لذلك، يمكن للمصممين تكريس المزيد من الوقت للابتكار والحرفية، لنضمن بذلك بقاء جوهر الإبداع البشري في جوهر العمل.

يمتد دور الذكاء الاصطناعي في عالم المجوهرات، ليشمل مجال التصنيع، حيث يكون عامل الدقة في غاية الأهمية. هنا تتفوق الآلات التي تعمل بواسطته في مهام مثل القطع والتلميع وترصيع الأحجار الكريمة. وهو ما يضمن صناعة عالية الجودة مع تقليل الهدر. كما تلعب أنظمة الذكاء الاصطناعي دورا محوريا في مراقبة الجودة، حيث تتولى فحص قطع المجوهرات بسرعة بحثا عن العيوب بمستوى من الدقة يفوق الطرق التقليدية، ويؤدي هذا التآزر بين الذكاء الاصطناعي والمهارات البشرية إلى إنتاج مجوهرات استثنائية مع تعزيز الاستدامة في ممارسات التصنيع.

الصور من أرشيف "هي" تظهر فيها عارضة ابتكرها الفنان "خوزيه سوبرال" JOSÉ SOBRAL باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحت اشراف مدير قسم الأزياء "جيف عون" JEFF AOUN.

الصور من أرشيف "هي" تظهر فيها عارضة ابتكرها الفنان "خوزيه سوبرال" JOSÉ SOBRAL باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحت اشراف مدير قسم الأزياء "جيف عون" JEFF AOUN.

الصور من أرشيف "هي" تظهر فيها عارضة ابتكرها الفنان "خوزيه سوبرال" JOSÉ SOBRAL باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحت اشراف مدير قسم الأزياء "جيف عون" JEFF AOUN.

ولا ننسى دور الطباعة ثلاثية الأبعاد في هذا العالم الجميل، فهي تفتح مجالا جديدا من الإمكانيات الإبداعية في تصميم المجوهرات. فتسمح هذه التقنية بابتكار تصميمات معقدة وفريدة من نوعها قد يصعب تحقيقها بطرق الصياغة التقليدية. كما تعزز الطباعة ثلاثية الأبعاد الاستدامة من خلال الحد من نسبة هدر المواد، فتوائم التعبير الإبداعي مع ممارسات الإنتاج المسؤولة.

فضلا عن ذلك، لا يمكن المبالغة في أهميـــــــــة الشـــــــــفافية في سلسلة إمــــــــــداد المجوهرات، خاصة في عصر يتزايد فيه اهتمام المستهلك بالمصادر الأخلاقية. وقد برزت تقنية سلسلة الكتل، "بلوك تشاين"، أداة قوية في هذا الصدد، حيث تسمح بالتتبع الدقيق لكل جوهرة، بداية من منشئها، ووصولا إلى القطعة الأخيرة في محلات البيع بالتجزئة. وهذا ما يتيح للعملاء تتبع رحلة مجوهراتهم، والتأكد من أنها تراعي الشروط الأخلاقية المسؤولة. هذه الشفافية تبني الثقة وتشجع الممارسات المسؤولة في صناعة المجوهرات بجميع مراحلها.

تشهد أيضا تجربة المستهلك، في التسوق عبر الإنترنت، تحولا عميقا بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، فتعمل توصيات التسوق المخصصة، المدفوعة بتحليل الذكاء الاصطناعي لبيانات العملاء، على تعزيز التفاعل وزيادة المبيعات. كما توفر "روبوتات الدردشة" CHAT BOTS المدعومة بالذكاء الاصطناعي الدعم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. كما يستمر "الواقع المعزز" AR في إحداث ثورة في طريقة تفاعل العملاء مع المجوهرات. من خلال السماح للزبون بـ"تجربة" القطع افتراضيا عبر أجهزتهم، وبذلك يعالج "الواقع المعزز" أحد التحديات الكبيرة للتسوق عبر الإنترنت، وهي عدم القدرة على تجربة المنتج فعليا. تؤكد هذه الميزة التفاعلية رضى العملاء، كما أنها تعزز زيادة الثقة في قرارات الشراء، وهو ما يعود بالنفع على تجار التجزئة في نهاية المطاف من خلال زيادة المبيعات وتقليل المرتجعات.

الصور من أرشيف "هي" تظهر فيها عارضة ابتكرها الفنان "خوزيه سوبرال" JOSÉ SOBRAL باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحت اشراف مدير قسم الأزياء "جيف عون" JEFF AOUN.
الصور من أرشيف "هي" تظهر فيها عارضة ابتكرها الفنان "خوزيه سوبرال" JOSÉ SOBRAL باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحت اشراف مدير قسم الأزياء "جيف عون" JEFF AOUN.

وأخيرا تســـــــــتفيد دور المجوهـــــــــرات من الذكاء الاصطناعي بالترويج لمنتجاتهم، وقد لجأت أكثر من علامة تجارية إلى إنشاء حملات تســـــــــويقية غامرة هدفت إلى مخاطبة المستهلك على مستوى أعمق، بهدف خلق عاطفة خاصة، وتعزيز تجربته بشكل عام. مثلا طورت "ديفيد موريس" حملة إعلامية جمعت بين عارضة حقيقية وعوالم خيالية طورتها خوارزميات الذكاء الاصطناعي، لتعكس مصدر إلهام مجموعاتها المختلفة. وفي أسلوب مبتكر لسرد قصص مجموعاتها يتابع الفيديو رحلة العارضة وهي تدخل علبة مجوهرات الدار لتسير من عالم إلى آخر، فتتغير حليها في كل مشهد لتعكس العالم الجديد.

وهكذا نرى أن الذكاء الاصطناعي يمكن تسخيره لإعادة تشكيل صناعة المجوهـــــــــرات من خـــــــــلال تعزيز قدرات التصميم، وتحسين دقة التصنيع، وتحسين سلاسل الإمداد، وتوفير تجربة شخصية للمستهك. لا تتعلق هذه التطورات التكنولوجية بالفاعلية فحسب، بل إنها تعيد تعريف جوهر تجربة المجوهرات. ومن خلال تبنّي استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقـــــــــة مدروســـــــــة تضمـــــــــن الصناعة أن يبقى الإبداع والحرفية الفنية في الواجهة، ممهدة الطريق لمستقبل تتعايش فيه التكنولوجيا والابداع بانسجام.