الرئيس التنفيذي الجديد لدار Chaumet "تشارلز ليونغ" لـ"هي": يسعدني جدا العودة إلى "شوميه" وهي اليوم أكثر جمالا مما كانت عليه حين غادرتها
البندقية: Adnan Alkateb
في قلب مدينة البندقية الإيطالية، حيث يلف الجمال كل زاوية، وداخل مبنى "سكوولا غراندي دي سان روكو" الأيقوني والمعروف بكنزه الهائل من لوحات الرسام الشهير "تينتوريتو" التقيت القيادي الشاب "تشارلز ليونغ" Charles Leung الرئيس التنفيذي الجديد لدار المجوهرات الفرنسية العريقة "شوميه" Chaumet، قبل الحفل الكبير الذي شهد الكشف عن أحدث مجموعات مجوهراتها الراقية. وبعد اللقاء بساعات حضرت إلى جانب أصدقاء الدار الآتين من كل أنحاء العالم، أمسية متلألئة، تألقت فيها الممثلة والنجمة البريطانية الساحرة "إيميليا كلارك"، والعارضة الكندية "كوكو روشا" وغيرهما، وعبّرت "شوميه" في تلك المناسبة عن تكريمها لفنون الأداء مع مجموعتها "شوميه آن سين" Chaumet en Scène الجديدة المستوحاة من عروض الموسيقى والرقص والسحر. وعرضت قطعها المصممة بإبداع خالص، والمصنوعة بحرفية متفوقة، والمرصعة بأحجار باهرة الأحجام والألوان واللمعان، تحت أسقف تزيّنها لوحات عظماء عصر النهضة.
"ليونغ" عمل من قبل لدى الدار لنحو 12 سنة أشرف خلالها على أسواق معيّنة، ومن ثم على المبيعات الدولية، قبل أن يغادرها لتولّي الرئاسة التنفيذية لدار المجوهرات "فرد" الذي ودّعها رسميا في شهر أغسطس الماضي. "ليونغ" الحائز ماجستير في إدارة العلامات التجارية الفاخرة، والذي حقق إنجازا كبيرا حين صار أول رئيس تنفيذي آسيوي لعلامة تملكها مجموعة "إل في إم إتش" LVMH يكـــمـــل حـــمـــل شعــلـــــة صـــاغـــهــــا وأضـــاءهـــــا فــــــريــــــــق "شوميـــــه" على مــــدى الســـنــــوات القلــيـــلـــــة الأخــيــــــرة، ويــزيدها سطــوعا بـنسمة إبداعه وحكمته واندفاعه.
أخبرني أولا عن دار "شوميه" بكلماتك، وانطلاقا من رؤيتك لها. ماذا يعني لك هذا الاسم؟
"شوميه" علامة في غاية الجمال، وهي اليوم أكثر جمالا حتى مما كانت عليه حين غادرتُها. يسعدني جدا أن أعود إليها، خصوصا في هذه السنة المهمة، والتي نجرّب فيها أشياء جديدة كثيرة. بداية، نقيم أول فعالية مجوهرات راقية للدار خارج فرنسا. وثانيا، صمّمنا ميداليات الألعاب الأولمبـــيــــة، وهي خـــطــــوة ذات معـــــنى ودلالــــة وقيــمــــة كبيرة بالنسبة إلينا، لأننا قبل أكثر من قرنين صممنا وأنتجنا تاج "نابليون"، ولعبنا دائما دورا كبيرا في تاريخ فرنسا، وما زلنا جزءا من حاضرها. والآن، مع هذا الحدث المهم الذي تنظّمه البلاد، يلمع اسم "شوميه"، ونحافظ على مكانتنا ككنز وطني، وجزء راسخ في التراث الوطني. "شوميه" ليست عالقة في الماضي، بل هي جزء حيّ من الحاضر!
ما الذي تغيّر في "شوميه" منذ تعيينك رئيسا تنفيذيا لها؟
أعتقد أن ما تغير هو عقلية الفريق بأكمله، مع إحساس جديد بالتحرر. فكل شيء ممكن، وحان الوقت لنفتح أذرعنا أمام المستقبل ونحتضنه. وفي النهاية، سأبذل دوما أقصى جهودي لأقدم أفضل عمل يمكنني تقديمه، والاعتناء بما ائتمنت عليه.
ماذا عن تجربتك السابقة في العمل لدى "شوميه"؟ وما كانت مهامك وقتها؟
عملت إلى جانب الرئيس التنفيذي السابق "جان-مارك مانسفيلت" لأكثر من عشر سنوات، وأسست حضورنا في بعض الأســـواق بمــفـــردي، فكنــــت مثلا أول من فتح سوق الصين لدار "شومـــيـــــه"، وبـــــعــدها سنــغــافــــــورة، وأستراليا، وكوريا. أما في النصف الثاني من قصتي الأولى مع "شوميه"، فكنت مسؤولا عن المبيعات الدولية، وأشرفت على كل فرق الأسواق المختلفة، بما في ذلك الشرق الأوسط.
ذكرت تصميم "شوميه" لميداليات الألعاب الأولمبية، كيـف وقع الاختيار عليكم لتصميم هذه الرموز التكريمية العالمية لهذا الحدث المهم؟ وما أهمية هذا المشروع بالنسبة للدار؟
أتى القيّمون على الألعاب الأولمبية إلينا مباشرة، لكنني متأكد من أنهم قبل ذلك أخذوا في عين الاعتبار أسماء أخرى أيضا. قد يكون اختيارنا عائدا إلى علاقة "شوميه" بــفـــرنــســـا وتـــاريــخــهـــا وتـــراثــهــــا، ونــحـــن فــــــخـــورون جدا بهذه الفرصة، التي جذبت إلينا في الواقع عملاء جددا، وعملاء كانوا قد سمعوا باسمنا، ولكن أصبحوا مهتمّين باكتشاف عالم "شوميه"، لأنها صممت هذه الميداليات.
ويجدر بي أن أذكر أنها المرة الأولى التي يُطلب فيها من علامة مجوهرات تصميم الميدالية الأولمبية، والأمر تأكيد جديد على تميزنا كلّما مثلنا فرنسا في المناسبات الوطنية داخل البلاد وخارجها. فحتى في الآونة الأخيرة، حين زارت مثلا السيدة الأولى السابقة "كارلا بروني" الرئيس الصيني، ولاحقا الملكة البريطانية الراحلة، كانت متزينة بمجوهرات من "شوميه" في الزيارتين.
ولا تزال مجموعة "جوزفين" تلخّص عراقة هذه العلاقة التاريخية بين دار "شوميه" والتراث الفرنسي؟
نعم، في حكاية "نابليون" و"جوزفين" أدّينا دورا كبيرا، ومجموعة "جوزفين" اليوم مهمّة للغاية، بل هي الأكثر أهمية لدينا. لكن هناك مجموعة خلفها تزداد أهمية، وتصعد بسرعة كبيرة، وهي "بي ماي لوف"، التي أعرف أنها محبوبة جدا في الشرق الأوسط. لعل رواج "بي ماي لوف" ونجاحها يعودان إلى جمالياتها العصرية، وقابلية جمعها وخلطها مع قطع أخرى، وعدم ارتباطها بمناسبة معيّنة، بل بحس الانتماء، وحتى بموضوع الطبيعة، لأنها مستوحاة من عالم النحل. وهناك طبعا فئة تباع تصاميمها بسرعة كبيرة، وهي المجوهرات الراقية.
بالنسبة إلى المجوهرات الراقية، كيف تنظر إلى وجود عدد كبير من علامات الأزياء في هذا المجال؟
بفضلها، يزداد أكثر فأكثر عدد الأشخاص المهتمّين بالمجوهرات الراقية، إذ لدى دور الأزياء قاعدة عملاء ضخمة وقنوات مكثفة ومبتكرة للتواصل مع عملائها ومعجبيها. فتفتح هذه الدور أبواب عالم المجوهرات الراقية أكثر، وهو ما يجذب انتباه الناس، ويجعلهم يريدون اكتشاف المزيد ومعرفة المزيد، ومن ثم يأتون إلى الأسماء العريقة واللاعبين الأصليين مثلنا، وهو ما يعتبر جيّدا للجميع. لكن لا شك في أن هذا الواقع يزيد المنافسة في سوق الطلب على الأحجار الكريمة الاستثنائية.
فلنتحدث عن مجموعة المجوهرات الراقية الجديدة من "شوميه". ما كان مصدر إلهامها؟ وبماذا تتميز؟
سأقول قبل كل شيء إن هذه الفعالية تعني لي الكثير، لأنه الحدث الأول المخصص للمجوهرات الراقية والذي يجري تحت إشرافي منذ تعييني رئيسا تنفيذيا لدار "شوميه". أما المجموعة، التي تضمّ في فصليها نحو 70 قطعة فريدة، فتحمل اسم "شوميه آن سين" Chaumet en Scène، أي "شوميه على المسرح"، في تحية أولى منّا إلى فنون الأداء، وبصورة خاصة الموسيقى والرقص والسحر! فنحن ننظر إلى المجوهرات على أنها إرث قيّم وشكل من أشكال الفن، ولذا قررنا البحث عن إلهامنا في أشكال أخرى من التعبير الفني، بعد فترة طويلة من النظر إلى عالم الطبيعة. حاولنا فعل شيء مهمّ للدار، شيء فنّي، مبني على العواطف وأيضا على الخداع البصري. فترى بعض القطع، وتتساءل كيف يمكن أن تبدو كما هي؟
وما يــبــــرز في هذه المجــمـــوعــــة أيضا، إلى جانب حكايتها والإبداع في تصميمها، هو أحجارها المدهشة التي كرّس قسم الأحجار لدينا جهدا كبيرا لإيجادها والعثور على جـواهر رائعة ذات ألوان كثيفة مدهــشــــة وماسات فائقة الشـــفـــافية. وبســبــــب أحــجـــام أحــجــارها الكبيرة، نجد أن أسعارها أعلى بعض الشيء من أسعار المجموعات السابقة.
هل تتألف المجموعة من أطقم متكاملة؟
في المجموعة قطع مختلفة الفئات والأنواع، من ساعات، وأســــاور، وأقــــــراط أذن، وخواتــــــم، فيما تبقى طبعا العقود محور التركيز الأساسي. نعم، هناك أطقم متكاملة تخبر كل قصة بشكل تامّ، وللزبون الحرية في شراء طقم كامل أو جزء واحد منه أو أكثر، لأن الكثير من العملاء لا يرغبون في اعتماد كل القطع معا، ويفضّلون تنسيقها على طريقتهم.
من يقف خلف تصميم مجوهرات "شوميه"؟ وهل تدخّلتَ شـخــصيـــــا في مـــراحـــل الــعمل على قطع "شوميه آن سين"؟
لدينا استوديو ثابت للتصميم، دون وجود اسم مصمم نجم واحد، فنفضّل أن يبقى التركيز على اسم الدار. أما بالنسبة إلى دوري في هذه المجموعة، فقد اطّلعت على المرحلة الأخيرة من إنتاجها. فيتطلب إنجاز مجموعة المجوهرات الراقية بين 18 و24 شهرا، ولم أكن هنا حين بدأ العمل عليها، بل وصلت رسميا في الأول من يناير 2024. وكان أعضاء الفريق قد أطلعوني على القطع، وطلبوا مني التوقيع على قرار إقامة فعالية إطلاقها في مدينة البندقية، وسألوني في لفتة جميلة ومحترمة منهم إذا كنت أريد نقل الحفلة إلى مكان آخر، بعد أن كان الرئيس التنفيذي السابق "جان مارك مانسفيلت" قد وافق على ذلك. فقلت لهم: "لا تقلقوا، إن "جان مارك" على حق، ففكرة البندقية رائعة!".
هذه خطوة جميلة منك أيضا وتظهر احترامك لهم.
هو خيار جيد، ولو لم يكن خيارا جيدا، لأوقفته. في نهاية المطاف، عليّ فعل ما هو جيّد ومنطقي للشركة؛ وما ليس كذلك، حتى لو أتى مني أنا، فلن أوافق عليه.
ماذا عن أصداء المجموعة حتى الآن؟
نحن فخورون جدا بها. ما زلنا في اليوم الثاني منذ كشف النقاب عنها، وقد بعنا حتى الآن عدة قطع منها، على الرغم من أن الكثير من عملائنا المدعوين لرؤيتها لم يصلوا بعد.
من أين يأتي معظم عملاء "شوميه" الكبار؟
لدينا قاعدة عملاء عالمية كبيرة تمتدّ عبر الشرق الأوسط، وأستراليا، وسنغافورة، والصين، واليابان، وتايوان، وهونغ كونغ، وأوروبا، والولايات المتحدة.
لــــو كان علــيــــك تلــخــيـــــص هـــــذه الـمــجـــمـــوعــــة بـثـــلاثـــــــــــة مصطلحات، فماذا تكون؟
الحركة: اللــغــة البــصــــريـــــة لــهـــذه الـــقـــطـــــع تتـــحـــــدث بـــــوضـــــــوح عن الموسيقى والرقص والسحر.
الخداع البصري: تحت الضوء، تبدو الكثير منها كأنها على وشك القفز والتحرك.
الفن: نكرّم هنا ثلاثة من فنون الأداء، ونقدّم تحية نفيسة إليها، مستمدّين إلهامنا منها. ففي النهاية، إن كل الفنون مترابطة، وصياغة المجوهرات، وخصوصا الراقية منها، هي بحد ذاتها شكل من أشكال الفن.
ما الاحتفالية الكبرى التالية لدار "شوميه"؟
بعد خمس سنوات، سنحتفي بمرور 250 عاما على تأسيس الدار، بإرث 250 عاما، وبأرشيف 250 عاما. فريقنا منهمك الآن في التحضير لهذه المناسبة البالغة الأهمية، ولكنني طبعا سأناقش كل ما نقدمه مع مالكي الشركة قبل المضي قدما والتنفيذ.
هلا أخبرتنا قليلا عن حياتك الخاصة، كيف يبدو اليوم النموذجي بالنسبة إليك؟
أعيش حياتي كأي إنسان عادي، وأمضي معظم يومي في اجتماعات العمل ومع فريقي. ولذلك، إن فريق عملي هو عائلتي في باريس، حيث أعيش وحدي. عائلتي موجودة في هونغ كونغ، لديهم حياتهم هناك، ولم يرغبوا في مرافقتي إلى فرنسا. وأزورهم بشكل مستمر، خصوصا بعد انتهاء الجائحة وعودة السفر إلى ما كان عليه سابقا؛ وبسبب طبيعة عملي، أسافر كثيرا إلى آسيا ودائما ما أمرّ بهونغ كونغ.
متى غادرت حياتك في هونغ كونغ؟ وما أجمل ذكريات طفولتك فيها؟
بقيت في هونغ كونغ إلى أن بلغت الـ23 من عمري. الذكريات كثيرة، لكن ما يرسم حتى اليوم ابتسامة على وجهي هو حين كان والدي يأخذني من المدرسة، ويشتري لي المثلجات في طريق العودة إلى المنزل.