قصة كفاح من تونس إلى العالم.. عزالدين عليا أسلوب متميّز وخط فريد من نوعه
إسم لامع في عالم تصميم الأزياء، وإسم لافت في عالم الموضة بالمجمل، متمرد، جريء، وله قواعده الخاصة التي إستطاع أن يحققها دون الإكتراث لأي قواعد عالمية، أو أي قيود منتشرة، إنه التونسي العالمي عزالدين عليا. البداية كانت من باريس عاصمة الموضة العالمية، ليحقق عليا شهرته الواسعة في الثمانينيات والتسعينيات، فكان حينها من بين أبرز الأسماء المميّزة والفارضة نفسها بقوة في ساحات تصميم الأزياء والموضة بالمجمل. ولد عليا في تونس عام 1940، درس في مدرسة الفنون الجميلة، ومن بعدها هاجر إلى باريس، ليبدأ في تأسيس حلمه من الصفر. من تونس إلى باريس، حكاية كفاح ونجاح لرجل قصير القامة، عملاق الموهبة، غيّر معايير الموضة العالمية، وفرض نفسه بجدارة على جميع المقاييس.
البداية من باريس.. ثورة في عالم الموضة وقواعد ذاتية
بعد إنتقاله إلى باريس، سنحت الفرص لعليا في التعامل مع أهم دور الأزياء العالمية، مثل Dior، Thierry Mugler، وإكتسب الخبرات الكافية، ليقوم بنفسه بتأسيس مشغله الخاص به والذي كان يطمح إليه. تخصص في تصميم الملابس الراقية، وصناعة الأزياء الفخمة، محدثاً تغييراً لافتاً في عالم الملابس الرائجة، بعيداً عن ما كان منتشراً من أزياء مريحة لا تبرز قوام المرأة، كالثورة التي أحدثتها CHANEL في أزياء المرأة عامةً، قام عليا بثورة يمكننا القول أنها ثورة مضادة كلياً، معتمداً على الأزياء الضيقة، التي تلتصق بجسد المرأة، وتبرز قوامها، إعتقاداً منه بأنه في هذه الأزياء تبرز أنوثة المرأة وتتوهج.
هذه الثورة التي أحدثها عليا في تصاميمه الخاصة، والتي ما لبث أن إنتشرت إنتشاراً كبيراً، لم تكن النقطة التحويلية الوحيدة التي إعتمدها، بل جرأة هذا المصمم، وتمرده، دفع به إلى عدم الإلتزام بالعديد من القواعد الأساسية في عالم الموضة والأزياء، أولها الروزنامة السنوية لموعد إنطلاق المجموعات الخاصة بمواسم السنة. قليلة هي مشاركته في أسابيع الموضة العالمية، فلعليا أسبوع الموضة الخاص به، عندما يكون جاهزاً للإبتكار وتصميم الأزياء الخاصة بكل موسم، يبدأ بالعمل والمثابرة، وعندما يصبح جاهزاً، يُطلق مجموعته دون الإلتزام بالمواعيد السنوية، التي وفق رأيه هي مواعيد غير منطقية، ومربكة. كان يتلقى طلبات الأزياء الراقية في مشغله في باريس ويعرض الألبسة الجاهزة في التاريخ الذي يناسبه دون الالتزام بالروزنامة الرسمية للنقابة الفرنسية المعروفة والمتداول بها عالمياً.
تكريمات وجوائز.. وإنجازات لم يسبقه أحد عليها
كُرم الراحل عليا كثيراً، وإستلم جوائز عديدة، كأفضل مصمم أزياء، ولكن التكريم الأكبر هو من قبل محبيه، من مصممين أزياء كانوا يصفونه بالرجل الخلوق والمحترم، ومن عارضات أزياء، عبروا مراراً وتكراراً عن كم المحبة والإحترام الذي يكنه هذا المصمم لهنَّ، وكان البعض يناديه "بابا"، كونه كان رؤوفاً، محباً وعطوفاً يعامل الجميع بإحترام وخوف ومحبة، بعيداً عن عمل هذه المهنة المُضني والمتعب.
في عهد عليا يمكننا القول، إستطاعت الفتاة العربية أن تبرز على منصات عروض الأزياء، فهو من أدخل الفتاة العربية وجعلها محط أنظار الجميع، وأثبت للعالم أن هذه المهنة ليست حكراً على أحد، وليست مربوطة لا بعرق، ولا لون ولا جنسية، لتكون حينها العارضة فريدة خالفة أو عارضة أزياء عربية تعرض أزياء Haute Couture لدور أزياء عالمي وراقي. بالإضافة إلى هذا الإنجاز، قام عليا بدعم فتاة أخرى، وأقحمها في عالم عرض الأزياء، وهي المغنية الأميركية غريس جونز، التي تشتهر بقوام جسدها الرياضي والضخم نسبياً. والقائمة تطول، طبعاً بالإضافة إلى تعاونه الدائم مع العارضات الأبرز في تلك الحقبة، ناعومي كامبل، وليندا إيفانجيلستا، وسيندي كروفرد، وغيرهنَّ.
لُقب ب"المعلم".. مشاهير من العالم إعتمدنَّ تصاميمه
لُقب عليا بالمعلم، ليس كونه مصمم بارع ولافت، بل لأنه كان فعلاً معلماً، هو ينسج ويحيك بيديه، وليس بأيدي الآخرين أو المساعدين، ويتتبع كل صغيرة وكبيرة في القماش والتطريز والألوان، ويقص ويخيط ويضبط نماذجه الأولى بعناية فائقة، وبدقة عالية. هو المشرف الدائم، والدؤوب في عمله، والذي يتعامل مع كل تصميم كأنه تصميمه الأول والأخير.
من الأسماء التي تعاونت مع عليا، وإعتمدت تصاميمه، ريهانا، ليدي غاغا، مادونا، كيتي هولمز، فيكتوريا بيكهام، تشارليز ثيرون، تينا تيرنر، ميشال أوباما، جانيت جاكسون، وغيرهنَّ كثر. التعامل معه كان مرناً، ومميّزاً، فهو يتسم بأخلاق عالية، موهبة لافتة، وحرفية ومهنية تجذب إليه جميع نساء العالم.