جاد حبيقة لـ"هي": أعشق إبداع والدي وأسعى إلى التطوير بأسلوبي الخاص
برز المصمّم جاد حبيقة نجل المبدع العالمي جورج حبيقة كمدير إبداعي للدار بعدما أضاف لمسات جديدة إلى عالم الموضة، وهو الذي كان يعمل على تطوير العلامة التجارية منذ سنوات، إذ ترعرع بين أقسام الدار منذ صغره، وراقب تفاصيل العمل خطوة بخطوة، وولد عنده شغف كبير بإضفاء لمساته الخاصة وذوقه الشبابي على التصاميم، وقد شارك والده في إبداع مجموعاته للعرض في باريس خلال أسابيع الموضة الباريسيّة في السنوات الأخيرة. ومؤخرا اختير جاد حبيقة بين أكثر الشباب إبداعا وابتكارا في الشرق الاوسط، تحت سن الـ 30 عاما لعام 2023. وجاء اختياره ضمن 14 مبدعة ومبدعا من لبنان يحتلون قائمة "فوربس" FORBES الشرق الأوسط.
عُيّنت مديرا إبداعيا لدار جورج حبيقة، وبدأت تظهر كوجه شبابي مبدع لهذه الدار العريقة، كيف تصف تجربتك وموقعك الآن؟
لا بد أن أشير بداية إلى أني ترعرعت في دار جورج حبيقة، وأمضيت سنوات طويلة بين أحضانه، واختبرت الكثير من الأمور في جميع الأقسام من التصميم إلى التطريز والعروض وغيرها، فتأثرت بكل هذه التفاصيل، واكتشفت تقنيات تطور العمل مع الوقت في دار حبيقة وغيرها من دور الأزياء العالمية أيضا. وبدأت أشارك في الأفكار والأمور قبل أن أتخذ قرار دراسة تصميم الأزياء. وساعدتني موهبتي في الرسم على التعبير بشكل واضح عن الأفكار التي كانت تدور في بالي. وكنت حينها أستوحي أفكاري من النجمات العالميات والعربيات اللواتي أثرن في تشكيل ذوقي الفني، وأطلق العنان للكثير من الأفكار المستوحاة من البيئة التي تربيت وتأثرت بها.
من أي أساس أكاديمي انطلقت؟ وبرأيك هل الخبرة العملية هي الأهم في هذا المجال؟
سافرت إلى فرنسا، واخترت التخصص في تصميم الأزياء في مدرسة ÉCOLE DE LA CHAMBRE SYNDICALE DE LA COUTURE PARISIENNE، لأكتشف المزيد عن عالم تصميم الأزياء وتنفيذها. وكنت متمردا في دراستي لأني كنت أرغب في توجيه الأمور على طريقتي الخاصة بعيدا عن أسلوب دار حبيقة، باختصار كنت أحلق خارج الصندوق انطلاقا من نظرتي الخاصة لمفهوم الأزياء وأناقة المرأة. وبعد التخرج تدرجت في دار "الكساندر فوتييه" ALEXANDER VOTIER، وكانت تجربة مميزة للغاية تعلمت منها الكثير، وتعرفت من خلالها إلى مختلف مهام وخطوات العمل من أصغرها إلى أهمها. واكتشفت الفرق بين طرق العمل المختلفة. ورجعت بعدها إلى لبنان محملا بالكثير من الأسئلة والاستفسارات، لأتعرف إلى دار حبيقة من منظار مختلف دون أن تكون عندي النية للمشاركة في العمل، إلى أن وجدت موقعي المناسب في العمل.
تعمل اليوم مع الوالد وتتقاسمان مسؤوليات المجموعات واستراتيجيات العمل على حدٍ سواء، كيف تنظر إلى المزج بين الجيلين؟
بدأت خطواتي الجدية في العمل حين بدأت أدخل إلى استوديو التصميم في الدار، لأتعرف إلى كيفية سير العمل وأفكار الفريق ورؤيتهم المستقبلية للعلامة. كما تعرفت إلى استراتيجيات العمل المتبعة وقارنتها برؤيتي الخاصة، ووصلت إلى قناعة بأنه يجب أن أدمج ما بين رؤيتي الخاصة ورؤية الوالد للمحافظة على روح الدار. وفي عام ٢٠١٨ اعترضت على تصاميم مجموعة خريف وشتاء ٢٠١٩، لأني شعرت بأنها لم تقدّم أي جديد بتفاصيلها، فطلبت الإذن من والدي لأغيرّها، وشجعني على توضيح رؤيتي الخاصة إيمانا منه بموهبتي. فأطلقتها بعد شهر واحد فقط، ولاقت أصداء خيالية! فجرى اختيار جميع القطع من قبل أشهر النجمات العالميات أمثال الممثلة "ليلي كولينز" LILY COLLINS، و"كاردي بي" CARDI B، وماجدة الرومي وغيرهن كثيرات، وظهرت التصاميم في أهم المناسبات على السجادة الحمراء بكل قوّة. وكانت هذه المجموعة الأولى الخاصة بي، وبعدها جاءت المجموعة الثانية التي استوحيتها من زيارتي لجزيرة سردينيا، وتحديدا من ناسها وفنانيها وإطلالاتهم. فأنا أؤمن بأن كل شخص يرتدي أي قطعة أزياء يحاول أن يوصل رسالة ما عبر إطلالته!
ماذا تعلمت من الوالد تحديدا؟ وماذا أخذت منه؟
أشير أولا إلى أن شخصيتي مختلفة عن شخصية والدي الذي أخذت منه الكثير، فوالدي يتمتع بشخصية قوية فريدة لا يتأثر بمحيطه، لأنه متمسك بقناعاته، أما أنا لكوني تربيت بأجواء محصنة بالحب والحماية، أطلب من والدي دائما أن يعلمني كيفية العيش بأسلوب مريح في الحياة بعيدا عن التوتر والقلق. كما أعشق إبداع والدي بأفكاره المميزة الجريئة والمحافظة في الوقت نفسه، فهو يحرص على رقي التصاميم الذي يصممها. يجمعنا شغف وعشق المهنة، ومهما اختلف أو تشابه أسلوبنا، نتفق دائما على أن نقدم الأجمل والأرقى.
ما المواصفات التي دعمت موقعك في الدار بالنسبة للوالد؟
يؤمن والدي بقوة بموهبتي وبرؤيتي الخاصة لعملي، ويحترم شغفي بعالم الأزياء، ويحب حماسي واندفاعي على الرغم من أني أبالغ أحيانا، أما والدي، فحماسه لعمله منظم ومرتب.
ما الذي تريد التعبير عنه من خلال التصميم؟ وكيف تنظر إلى عالم تصميم الأزياء؟
منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها العمل على الأزياء. أردت أن أعزز دور ومكانة المرأة. وأحرص في المسار الجديد لعلامة الدار على أن تجد كل امرأة بمختلف مراحل عمرها زيّا يحاكي ذوقها وأناقتها وراحتها ورقيها في الوقت نفسه. هذا التوجه بدأ يأخذ مكانه مع المحافظة على روح الدار الأساسية. لذلك أعمل يدا بيد مع والدي في كل مجموعة نقدمها لندمج عصرية التوجه وكلاسيكية التوقيع.
هل تعتبر نفسك محظوظا، لأنك تدرجت على يد الوالد واكتسبت الكثير من خبرته؟
لا أستطيع أن أنكر أبدا أني محظوظ، تربيت بأجواء مميزة بين أحضان والدين يدعمانني دائما، ويحرصان على سعادتي، كما أني محظوظ بنمط تفكير والدي. أما مهنيا، فموهبتي هي الأساس قبل مسألة الحظ، لأني لو لم أكن موهوبا لما استطعت أن أتواجد في هذا المجال.
تم اختيارك من قبل "فوربس الشرق الأوسط" بين أكثر الشباب إبداعا وابتكارا في الشرق الاوسط، تحت سن الـ ٣٠ عاما لعام ٢٠٢٣، بماذا تخبرنا عن هذا الأمر؟
إنه لشرف كبير لي اختياري من فئة الشباب المبدعين تحت سن الثلاثين، وهذا الأمر هو بمنزلة تكريم وتشجيع الشباب للمزيد من الإبداع والعطاء في كل مجال يبدعون فيه.
ما مصدر الوحي عندك؟
هناك رسالة نوجهها في كل مجموعة نعمل عليها، ونستوحيها من الناس وأزيائهم وشخصياتهم، كما أن هناك تفاصيل صغيرة في الحياة قد تكون مصدر وحي، كالطبيعة وجمالها، والسفر ومشاهده، وغيرها من الأمور التي نواجهها في الحياة.
ما أبرز الصعوبات في هذه المهنة؟
مهنة تصميم الأزياء مثل غيرها من المهن التي تتضمن الكثير من الصعوبات المتوقعة منها وغير المتوقعة، في بداية انطلاقتي وبعد إطلاق أول مجموعتين لي في الدار، واجهنا على مدى سنتين تحديا استثنائيا، وهو فيروس الكورونا الذي غيّر نمط الحياة والعمل، وكان تحديا كبيرا في حياتي المهنية، لكن الحياة تستمر ولا بد من مواجهة أي نوع من صعوبات تواجهنا.
كيف تنظر إلى العروس بفستان الزفاف؟ وهل تفكر في تصاميم عرائسية استثنائية؟
فستان العرس هو فستان الحلم لكل صبية ولا بد أن يحاكي ذوقها الخاص وكلاسيكية المناسبة، أحب أن أستمع إلى العروس لأتعرف إلى ذوقها، وأشاهد كيف يتحول حلم الفستان إلى حقيقة، أشعر بأني أستطيع أن أقدم الفستان الثاني لسهرة العرس، الفستان الذي يحرر العروس من بعض التفاصيل المعقدة.
ماذا عن بعض الأسرار بين الأب والابن؟
أحب أن أمضي وقتا طويلا برفقة الوالد نتكلم ونناقش الكثير من الموضوعات، هذا الأمر يسعدني كثيرا، لأن والدي يعرف كيف ينصت إلي جيدا ويفهمني، وألقى الدعم الكبير منه. ونفشي بالكثير من الأسرار لبعضنا بعيدا عن مسمع والدتي! وأحب كم أنه إنسان منطقي ومنفتح بتفكيره، لذلك يعلمني كيفية السيطرة على مشاعري، لكني أحيانا أنتقد طيبة قلبه الزائدة.
هل تفصلان بين العلاقة المهنية والأبوية في العمل؟
أفصل نهائيا بين الأمرين، فنحن شركاء في العمل، وهدفنا واحد، ولا أراه في العمل كوالدي أبدا.
يلفتنا أسلوبك الخاص من ناحية اللوك والإكسسوارات التي تعبر عن الجرأة والإبداع واللمسات العصرية، أخبرنا المزيد عنه؟
لي أسلوبي الخاص في تقديم نفسي بالأزياء التي اختارها نتيجة تجاربي في الحياة، فأختار الأزياء التي تشبهني والتي تنسجم مع شخصيتي وتُمدني بالراحة بالدرجة الأولى، لأني كثير الحركة، ولا يمكنني أن أتقبل أي قطع غير مريحة.
ما طموحاتك؟
أنا أعمل بكل جد وإصرار وإبداع، وأترك الأمر عند هذا الحد لأواجه نتائجه فيما بعد من دون أن يشكل عندي الطموح أي ضغط أو قلق. فإذا لم أكن سعيدا باللحظة التي أعيشها فلن أتمكن من الإبداع ومن حب الحياة ورؤية جمالها ونعمها!
ما مشاريع الدار المستقبلية؟
هناك الكثير من المشاريع التي نسعى إلى إنجازها بشكل متقن لنطلقها في الوقت المناسب. الأحلام كبيرة والإصرار على تحقيقها أكبر.